صفحات الناس

مقالات تناولت “داعش” والناس

 

أربعة سيناريوات لزمن الخلافة في سوريا/ فـداء عيتانـي

ان الفكرة التي سيقت بسذاجة حول تعاون داعش مع النظام السوري ومع ايران تبدو سطحية للغاية، فداعش اولا ليست هي القاعدة، انها اشد خطرا من تنظيم القاعدة الرسمي في سوريا “جبهة النصرة”.

وداعش استفاد من كل شيء، من الدعم الاميركي، ومن التسهيلات التركية الامنية، ومن الدعم المالي السعودي والقطري والخليجي عامة، واستفاد من فشل الثورة المدنية، واستفاد من الدعم العراقي بترحيل المقاتلين الى سوريا (مثل الهروب المفتعل من سجن المطار في بغداد)، ومن تسهيلات إيرانية كبيرة في مرور المقاتلين عبر أراضيها، واستفاد من تسهيلات قدّمها النظام السوري بإطلاق المعتقلين الاسلاميين من السجون لديه، فخرج من المعتقلات أهمّ القياديين في التنظيمات الاسلامية المتشددة والمجاهدة في سوريا.

كما استفاد من الصراع اليائس بين المواطنين وبين النظام، واكتسب شهرة واسعة ودعاية مجانية أمّنها له النظام السوري وحزب الله اللبناني. وعملياً عقد داعش تحالفاً مع النظام السوري ومع القوات الايرانية في سوريا، فلم تحاربه ولم تتعرض مناطق سيطرته للقصف العقابي.

وأكثر ما استفاد منه هو كثرة الكلام الغربي حول دعم الثورة ووجوب رحيل النظام، وقلة الفعل المترافقة مع هذا الكلام، والتي أدّت الى إحباطات كبيرة بين صفوف المواطنين والثوار السوريين.

العراق ولبنان

لم يكد يتلقى تنظيم الدولة الاسلامية الضربة القاسية بطرده من المناطق المحررة في حلب وإدلب، حتى عاود التأقلم مع واقعه الجديد. عاود الانتشار في الرقة والمناطق الشرقية من أرياف محافظة حلب. ولاحقاً ومع بداية الازمة بين السنّة والحكومة في العراق استغلّ تنظيم الدولة الاسلامية الفرصة، وانقضّ على دير الزور، ووصل مناطق تواجده على طرفي الحدود، ولم يمانع على الاطلاق في المشاركة بتوجيه صفعة قاسية لإيران على الاراضي العراقية، عبر المشاركة في طرد الجيش العراقي وتصفية آلاف من المجندين ومن الطائفة الشيعية، قبل أن يحاول إحكام سيطرته على المناطق العشائرية ذات الطبيعة السنيّة، ويعلن “دولة الخلافة” من الموصل.

العشائر السنيّة من ناحيتها اعتمدت سياسة الاستفادة من التنظيم، وتركِهِ تهديداً بوجه حكومة نوري المالكي، ولوّحت بأنها لن تتصدى له طالما أن المشكلة السياسية غير محلولة، وأن المسألة لا تكمن في انتشار الارهاب بل في عدم الوفاء بالالتزامات تجاه أبناء العراق من السنّة.

عاد التنظيم ليشكل تهديداً في الشمال السوري انطلاقاً من صيف العام 2014، فاستعاد نفوذه، وبقي العديد من القوى المحلية بين السكان مؤيدة للتنظيم الاكثر تشدداً.

ومنذ منتصف صيف العام 2014 أصبح للتنظيم حضور في لبنان عبر المناطق الشرقية من الحدود اللبنانية السورية، حيث فشلت سياسة حزب الله والنظام السوري بضرب الثورة هناك، في منطقة القلمون، لا بل نجحت في تحويل المقاتلين الى تأييد أكثر الاجنحة تشدداً، وانتشرت بين المواطنين السنّة في لبنان أسباب عدة تحملهم على تأييد جبهة النصرة وداعش في قتالهما ضد “الشيعة” من حزب الله وحلفائه من المسيحيين.

وحتى اليوم لم توضع سياسة متكاملة محلية أو إقليمية أو حتى دولية، لضرب تمدد الدولة، بل على العكس، فإن كل المعطيات على الارض وفي السياسات المعتمدة في سوريا والعراق وحتى لبنان، تشير الى أن التنظيم سيكون في المشهد المستقبلي للمنطقة إلا إذا…

البناء على الفشل

بعيداً من العوامل السياسية الكبرى، وفي خضم التجمعات السكانية والبؤس الذي يسود منطقة الشرق الاوسط ثمة رفض للواقع الحالي. ومع انفجار الثورات في المنطقة العربية تحوّل هذا الرفض الى قوة طاردة للأنظمة، إلا أنها وبفعل تجذر الانظمة في مناطق وجودها، فشلت الثورات في القضاء عليها (حتى اليوم) وعاش الناس حالاً من الخيبة، الخيبة من الافق المستقبلي، ومن استحالة الوصول الى الديموقراطية والتنمية، والحد من انتشار الفساد.

في هذه اللحظة سيكون الحلم أو الوهم الديني موجوداً، هو هنا محمولاً على أيدي الجهاديين الذين يرفضون الواقع ويرفضون المستقبل، ويقودون الناس الى التاريخ، الى الماضي كما يتوهمونه، ماضي السلف الصالح، وهو لبّ الايديولوجيا السلفية، وطريق الوصول الى هذا التاريخ هي عبر السيف، أي الجهاد والقتال. وبالتالي فإن إغراق المنطقة بالدم هو الحل الوحيد طالما أن الواقع الحالي مرفوض وهناك استحالة في التقدم نحو مستقبل أفضل.

بهذه الطريقة سبق أن نبتت القاعدة، ولاحقاً طالبان، والتكفير والهجرة، والدولة الاسلامية في العراق، وجبهة النصرة، والدولة الاسلامية في العراق والشام، كلها نبتت على فشل الانظمة الحالية في الاجابة على الاسئلة المحورية في حياة الشعوب، وعلى فشل الانظمة في التوافق مع متطلبات العصر، وعلى خيبة الناس من قوى التغيير السياسي في مجتمعاتها.

ويمكن التحدث لساعات عن الفشل في منطقة الشرق الاوسط، من هزيمة السلطنة العثمانية الى اليوم، وشل قدرة الشعوب العربية على الحياة والتطور والتنمية، وضغط القضية الفلسطينية، وحكم الشعوب وقمعها بحجة تحقيق كل ما تقدم، إلا أن الانظمة التي قادت المنطقة كانت أعجز من أن تقدّم لمواطنيها الحد الادنى من الخدمات العامة.

العراق

سيكون العراق مرة أخرى محل تنازع بين القوى الرئيسية في الصراع، وبغض النظر عن حجم الضربات التي وجهتها الولايات المتحدة الى داعش، أو تلك التي سيوجهها التحالف الدولي لاحقاً، فإن انتشار المد الجهادي سيتواصل، مع حلم المواطنين هناك بالحصول على دولتهم، وطالما أن مطلب الاقاليم حظي بشعبية واسعة، فكيف بمطلب بناء دولة إسلامية (سنيّة).

بالطبع هناك تناقض بين زعامات العشائر وبين داعش، وستنفجر هذه التناقضات الداخلية في أية لحظة، إلا ان ضرب الدولة الاسلامية في العراق من الخارج من دون حل المشكلات السياسية لن يكون أكثر من تأخير نمو السرطان في الجسم العراقي. ولكن يستحيل القضاء على هذا السرطان في العراق بالسياسة الامنية وحدها، هذا الحل سبق أن تم اختباره وفشل لدى أول نكسة سياسية.

وفي المحصلة، فإن العشائر العراقية معروفة ببراغماتيتها وحتى بنفعيتها، ولن تجد حرجاً في ترك الدولة الاسلامية تتحكم بمناطق شاسعة من العراق تمتد من الشمال الى الوسط والاطراف الغربية، طالما أن الدولة تحفظ للعشائر استقلالها النسبي.

وفي الحالة العراقية فإن جزءاً من المطلوب قد أنجز، اي إسقاط نظام صدام حسين. وما زالت الدولة الاسلامية تعمل بين ما يمكن تصنيفه كلاسيكياً بـ “الثورة المضادة”، والعوامل المناهضة لها أبعد من الاكثرية الشيعية، إنها ايضاً الاكراد في الشمال، ودولة ايران القوية في كل محيطها، سواء مباشرة أو عبر “دويلة” الحرس الثوري التي اخترقت الجسم العراقي من أقصاه الى أقصاه، اضافة الى مؤسسات الدولة العراقية، التي يظهر أنها ما زالت قادرة على الحياة والتجدد ولو نسبياً.

سيناريوات سوريا المعقّدة

الحالة السورية هي الاكثر تعقيداً اليوم، والنزاع هناك مختلف ومنفصل عن الحالة العراقية تماماً، وبالتالي إن كان أساس العلاج هو العامل السياسي، إلا أن أساليبه مختلفة بالكامل.

في سوريا ولأول مرة تعددت التنظيمات الجهادية حتى باتت اكثر من خمسة، أغلبها يتبع “كتاب الاسلوب” الخاص بتنظيم القاعدة، من الدولة الاسلامية، الى جبهة النصرة لأهل الشام، مروراً بأحرار الشام وجيش الاسلام وغيرها من التنظيمات.

وسأتجاوز قليلاً لأقول إن تنظيم الاخوان المسلمين في سوريا والذي باتت أغلب كوادره في الخارج، لم يكن يرى في جبهة النصرة ولاحقاً الدولة الاسلامية، إلا منظمتين عسكريتين يمكنهما تحقيق الانتصار على أن يعود هو للتحكم بالمسارات السياسية.

إلا أن الخليط الاسلامي غير قادر على التعايش مع بعضه، فقد فشلت التحالفات المعقودة بين الاطراف الاسلامية، وأغرقت هذه الاطراف بعضها والاسلام المعتدل بفتاوى التكفير، وأحد الاسباب التي دعت أبو بكر البغدادي الى الاسراع في تنصيب نفسه خليفة على المسلمين هو أن يسبق غيره ويعلن دولته، كون الحديث المنقول عن الرسول محمد يفيد بأنه في حال وجود أميرين للمؤمنين يُقتل التالي أو المتأخر.

في الحالة السورية يمكن رسم عدد من السيناريوات:

الاول هو استقرار النظام وهزيمة تدريجية للقوات المحلية المنتفضة، وفي هذه الحالة سنرى داعش يسيطر على المناطق التي سبق أن كانت بيد الثوار، وسيلجأ المقاتلون الى هذا التنظيم، ويذوبون فيه، وستشكل الاكثرية السنيّة حاضنة له، يمكن عندها ان يتقاسم التنظيم جزءاً من الاراضي مع النظام في ظل نزاع متواصل على المناطق التي يرغب النظام باستعادتها، بعد ان تخلى في العامين 2012 و2013 عن القرى والارياف والمناطق السنيّة ذات الاهمية المتدنية.

سيعيش النظام السوري عندها دور الضحية، مطالباً العالم بمساعدات من أجل إغاثة المواطنين ومكافحة الارهاب، مع استعداده لتقديم تسهيلات لداعش لتتحرك غرباً، وسيحصد هو المساعدات لمحاربة الارهاب.

السيناريو الثاني: ثبات حالة الاستنزاف واستطالة الحرب الاهلية، وسيكون عندها دور الدولة الاسلامية متواصلاً كما حاله الآن، وستستمر في حصد تأييد العديد من المناطق السورية ذات الاغلبية السنية في ظل انسداد الافق لحلول سياسية ونهائية للحرب الدائرة، وسيكون دور الدولة كما هو الآن، أي مواصلة تحرير المناطق المحررة، والسيطرة على الامكانيات الاقتصادية والموارد البشرية، واستخدام تكتيك الفرشة المائية في تفادي الضربات عبر التمدد الى المناطق او الانحسار منها بحسب الحاجة، مع مواصلة ضرب الغريم الفعلي، أي القوى التي تنشد إسقاط النظام وبناء دولة علمانية.

السيناريو الثالث: بحال قدرة القوى المحلية على ضرب النظام السوري والبدء بتحقيق انتصار، فإن ايران وسوريا ستقدمان تسهيلات إضافية لداعش، ويمكن المراهنة على بعض الفصائل السورية، وخاصة في الشمال السوري وفي الجنوب، بعد إعادة دمجها وتدريبها وتنظيمها، وإقناع قادتها بأنهم قوى تحرير وطنية وليسوا دويلات أو إمارات حربية صغيرة، عندها يمكن المراهنة على هذه القوى بمحاربة داعش وصولا الى إنهائها كتنظيم دويلاتي مبني على جيش من المجاهدين ويملك قدرات مالية ضخمة، وتحويلها الى حالة أمنية ساكنة او متحركة تحت الضغط والنار. لا شك أن هذا السيناريو سيستغرق أعواماً للسيطرة على داعش كما لخلق حد أدنى من الاستقرار في سوريا نفسها.

السيناريو الرابع: اعتماد ضربات جوية غربية مترافقة مع هجمات أرضية يشنها المقاتلون المحليون ضد داعش، وهذا السيناريو سيطرح المشكلة الرئيسية وهي أسباب استفحال داعش وانتشاره وتأييد السكان المحليين له، ومجيء آلاف من المقاتلين من أنحاء العالم للانضمام إليه.

إذ سيكون من الخسارة إضاعة كل تلك الاموال على داعش الذي سيحصد المزيد من التأييد بين السكان المحليين، ويجد أسباباً إضافية لتصفية مقاتلين محليين مع كل ضربة يوجهها الغرب والقوى العربية المتحالفة معه ضده. والانظمة المحلية التي ستضرب داعش تشبه بشار الاسد الى حد كبير بنظر السوريين، وهي سبّبت بتحوّل الثورة السورية الى الحال التي نشاهدها اليوم، وضربُ النتيجة سيعمّق الاسباب التي تعيد تغذية التنظيم مجدداً، وبأشكال أكثر تطوراً وخبرة، بينما ستُستَنزف قوات الجيش الحر والمقاتلون المحليون الذين لا يمتلكون اليوم كفاءة قتالية.

عارضٌ جانبي سيتأتّى من ضرب داعش من دون اعتماد خطة سياسية لإجراء تعديل في واقع النظام السوري وتوازنات القوى هناك. سيعمد داعش الى التمدد نحو جبهات أخرى ساكنة، وسيضرب في النقاط الاسهل، أي لبنان أولاً، وربما الاردن تالياً، سيوجّه بعض الصواريخ نحو إسرائيل لكسب عطف وتأييد جمهور عريض يرى فيها العدو الاول، وقد يحاول تنفيذ عمليات ثأرية في دول غربية على الرغم من أنها ليست ضمن الاستراتيجية الفعلية للتنظيم.

ما يجمع الحالين السورية والعراقية كما باقي المنطقة العربية وتلك المناطق التي تضخ المقاتلين والإمكانيات لداعش وللتنظيمات القاعدية الاخرى هو انسداد أفق التطور المستقبلي. ولا يمكن تخيل علاج ناجح من دون حلول سياسية للقضايا الرئيسية في المنطقة العربية، التي في النهاية ستبقى تشكل قلب ما يعرف بالعالم الاسلامي، وستبقى تصدّر أشكالاً من القتل المجاني مع فقدان الأمل بالحراك السياسي السلمي وإمكانيات التغيير المستقبلية.

إن تنظيم القاعدة والدولة الاسلامية هما آخر الدواء بالنسبة للمنطقة حيث ينتشران، وهما سمٌّ وانتحار، إلا أنهما المشروع السياسي الوحيد في المنطقة اليوم.

داعش هي ما بعد الحداثة بالنسبة للاسلاميين.

موقع لبنان ناو

 

 

 

 

تخلخل القاعدة والحلم بالخلافة الإسلامية عاملان يدفعان الشباب الجهادي نحو «الدعوشة/ عبد الله مولود

نواكشوط – «القدس العربي»: بيعة لـ«داعش» في المنطقة الوسطى المنشقة عن تنظيم «القاعدة»، وبيعة أخرى للخلافة الإسلامية تؤدي طقوسها «كتيبة عقبة بن نافع» في تونس وهي إحدى كتائب قاعدة المغرب الاسلامي، وشباب سلفيون من جنسيات مختلفة متحمسون في شمال إفريقيا وفي منطقة الساحل للخلافة، يضغطون ويضغطون على أمرائهم لمبايعة خلافة البغدادي، دول تحضر وتستعد لمواجهة تمدد هذه الخلافة التي ازداد التعاطف معها قوة بعد استهدافها من طرف التحالف العسكري الدولي في العراق وسوريا.

هذه هي الصور التي تتراءى للمراقبين المتتبعين لتمدد الدولة الإسلامية نحو منطقة شمال إفريقيا ونحو المنطقة الساحلية؛ هاتان المنطقتان الجاهزتان لاستقبال الفكر الجهادي السلفي المتطرف الذي هو نسخة من الفكر الداعشي، والمزدحمتان بآلاف الشباب السلفي المتحمس للجهاد والذي يدفعه خطاب المبشرين بالخلافة الإسلامية الآتية حسب الآثار الدينية المتداولة.

 

«داعش» نسخة القاعدة الثانية

 

حول هذا التمدد يقول محمد محمود أبو المعالي الباحث الموريتاني المتخصص في قضايا الجماعات الإسلامية لـ «القدس العربي»..»الواقع أن «داعش» كنسخة ثانية من القاعدة بدأ يتمدد بسرعة في منطقة شمال إفريقيا، ووصل هذا التمدد فكريا بشكل مبكر منذ ظهور هذه الحركة».

ويضيف أبو المعالي مؤلف كتاب «القاعدة وحلفاؤها في أزواد؛ النشأة وأسرار التوسع» الصادر للتو عن مركز الجزيرة للدراسات «مع ظهور «داعش» بدأت المجموعات الشبابية السلفية تؤازر الدولة الإسلامية وحين بدأت حربها مع «جبهة النصرة» كان التوجه العام لمجموعات الشباب هو دعم «داعش» في مواجهة جبهة النصرة».

 

تحمس الشباب للدوعشة

 

«وبعد انشقاق قيادة المنطقة الوسطى في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وهي كلها في الجزائر، يضيف الباحث، وإعلانها البيعة لـ»داعش» تمدد حضور الدولة الإسلامية تنظيميا، ولوحظ أن شباب المناطق الأخرى في تنظيم «القاعدة» ظل يؤكد عبر المنتديات الجهادية وعبر صفحات التواصل على الأنترنت تأييده لـ»داعش»، مع تمني البيعة ودعوة القادة للإسراع ببيعة البغدادي».

وأوضح «أن التحريات أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن التوجه العام لدى التيار الجهادي في شمال إفريقيا وبخاصة الشبابي منه هو دعم «داعش» بدون تردد».

وحول مظاهر التمدد الأخرى يؤكد أن «داعش» حصلت على مبايعة كتيبة عقبة بن نافع في تونس وهي كتيبة من قاعدة المغرب الإسلامي لها حضور قوي جدا في أوساط العناصر النشطة في شمال مالي سواء تعلق الأمر بقاعدة المغرب الإسلامي أو بجماعة «المرابطون» أو بـ»أنصار المجاهدين» مضيفا «أن لكتيبة عقبة بن نافع حضورها القوي في أوساط السلفيين الجهاديين في ليبيا وفي مصر».

 

الظهور الكاسح

 

ويتوقع الباحث أبو المعالي «ظهورا قويا للدولة الإسلامية في شمال إفريقيا ، بما أنها تطور للفكر القاعدي وبما أنها نسخة ثانية منه» وسيكون ذلك الظهور، حسب رأيه، على حساب الحركات التقليدية كتنظيم القاعدة وغيرها.

وفي السياق نفسه يرى الصحافي الكاتب موسى ولد حامد «أن «داعش» أصبح موضة الآن بعد أن أخذ اللواء إثر ذوبان تنظيم القاعدة تحت الملاحقة الأمريكية والغربية».

ويؤكد «أن منطقة المغرب العربي ومنطقة شمال إفريقيا جاهزة فكريا لاستقبال «داعش» الذي لم يجد مشكلة في اكتتاب العناصر والإستحواذ على المجموعات الجهادية».

وحسب ولد حامد فإن «الدولة الإسلامية قد تواجه مشكلة في التنظيم في المنطقة الساحلية لكنها ستتغلب عليها بفعل ما اكتسبته من خبرة في سوريا والعراق».

 

تعاطف بعد التحالف

 

ويضيف «أن الجميع حتى الذين لا يحبون «داعش» يتعاطفون معه في مواجهته للولايات المتحدة وللتحالف العسكري الغربي». ويشير إلى أن «تنظيم القاعدة بدأ بعدد قليل من النشطاء في أفغانستان وبفعل معاداة الولايات المتحدة له انتشر في مواقع كثيرة في العالمين العربي والإسلامي».

وحول مظاهر التمدد الداعشي المسجلة حتى الآن، يؤكد الباحث محمد محمود أبو المعالي «أن منطقة المغرب العربي والساحل الإفريقي كلها موجودة على شفا هذا التحول الذي إن تكرس أكثر فإنه سيعطي جرعة جديدة من الحماس والنشاط للجماعات الجهادية المسلحة».

 

تأكيد الوجود

 

«كانت المنطقة الوسطى لتنظيم القاعدة، يضيف أبو المعالي، من أكثر المناطق ركودا وأقلها نشاطا، لكن عندما انشقت عن القاعدة وانضمت لـ»داعش» نفذت عملية اختطاف الفرنسي الفرنسي إيرفيه غوردي وقتله لأن هذه التنظيمات تثبت وجودها بالقيام بعمليات وأنشطة نوعية وأي مجموعة من القاعدة تنضم لداعش سيكون أول نشاط لها هو توجيه ضربات قوية ورسالة قوية تسجل به حضورها في المنطقة».

ويتابع قائلا «..في موريتانيا وشمال مالي هناك تيار جارف وكبير جدا في أوساط شباب التيار الجهادي للإلتحاق بداعش وترك القاعدة والظواهري باعتبار أن الزمن قد تجاوزهم، مع الاحتفاظ لهم بالاحترام والتقدير تاريخيا لكن الدعوة إلى تجاوزهم للالتحاق بجماعة البغدادي قائمة ونشطة لأن حلم الخلافة عاطفيا كان جذابا وشكل في حد ذاته يافطة دعائية جذبت الكثير من الشباب إلى ألوية داعش» حسب تعبير الباحث.

ويجزم عبد الله ممدو باه المحلل السياسي الموريتاني بأن تمدد «داعش لا محيد عنه، لأن تنظيم القاعدة في وضعية التلاشي تنظيميا، والجماعات المرتبطة بها في المنطقة المغاربية والمنطقة الساحلية، متفككة لا قيادة لها».

ويؤكد «أن الحدث الكبير الذي يستحق التوقف هو إعلان تنظيم بوكو حرام قبل فترة قليلة عن تأييده التام وتسليمه لخلافة البغدادي».

وقال «إن مواجهة القاعدة لا تتطلب ضربات عسكرية بإرادات مصلحية غربية متسرعة، وإنما تستلزم خطوات عديدة أخرى أكثر تأثيرا منها إحياء الوسط التأطيري الروحي الصوفي التقليدي المتسامح، وتمويل مشروعات تنموية حقيقية تقضي على البطالة والفقر التي هي حوافز الترامي في أحضان التطرف، ومنها القيام بمواجهة عسكرية منسقة تنظيرا وتخطيطا وتنفيذا مع البلدان المستهدفة».

 

بدء التنسيقات الدولية

 

مع تسجيل حالات التمدد الداعشي غربا، بدأت التنسيقات الدولية لمواجهة هذا التمدد ولقتل فراخه في بيضها؛ ومن ذلك ما أكدته مصادر مطلعة بخصوص «تركيز المباحثات التي تمت مؤخرا في باريس بين الرئيسين الفرنسي فرانسوا أولاند والموريتاني محمد ولد عبد العزيز رئيس الإتحاد الإفريقي على نشاط الجماعات المسلحة، والحرب التي يشنها التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، والاستراتيجية التي ستتخذها الدول الإفريقية وبخاصة دول الساحل والدول المغاربية لمنع تكوين جماعات إرهابية تنفذ خطط التنظيم الإرهابي لنشر الرعب والإرهاب.

وكان تنظيم موال لـ»داعش» قد أعدم أحد الرعايا الفرنسيين بعد اختطافه في الجزائر، مما دفع فرنسا إلى توسيع التحالف ضد «داعش» والتفكير في خطط لمنع تكوين جماعات إرهابية موالية له في دول الساحل الإفريقي.

ويرى أبو المعالي «أن توسيع التحالف العسكري الدولي نحو الساحل وشمال إفريقيا سيؤدي لاتساع نفوذ «داعش» وسيتطاير شررها الى كل مكان، حيث أثبتت التجربة في افغانستان أن القاعدة كانت بعد أحداث 11 ايلول/سبتمبر تضم بضع مئات من الشباب في افغانستان وبعد 12 سنة من شن الحرب عليها توسعت فهناك القاعدة في المغرب الاسلامي وفي اليمن وفي العراق وفي سوريا وفي الجزيرة العربية وفي نيجيريا هناك تنظيم بوكوحرام..لقد أصبحت القاعدة تنظيما عالميا بسبب تلك الحرب».

ومن ضمن التحضيرات لمواجهة تمدد «داعش» الذي تشير بياناته الى «تشكيل دولة الخلافة من المحيط الأطلسي الى نهر النيل» ما كشف عنه وزير الداخلية المغربي محمد حصاد مؤخرا من قلق مغربي إزاء وجود نحو 1200 مغربي يقاتلون في سوريا والعراق في صفوف الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، يضاف اليهم ما بين 1500 و2000 مقاتل مغربي من أوروبا، ويحتل المغاربة مواقع قيادية في هذين التنظيمين».

وجرت مؤخرا في إطار هذا الإنشغال الدولي بـ»داعش» مشاورات بين مسؤولين جزائريين وأمريكيين حول موضوع التصدى للتنظيم للحيلولة دون تغلغله فى المغرب العربي والساحل الإفريقي.

وتحدثت مصادر مطلعة إلى بدء واشنطن الإعداد لإحداث تحالف إقليمي في شمال إفريقيا من أجل مواجهة وصول «داعش» إلى شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، حيث ترغب واشنطن في تعاون جزائري أكبر في مجال الحرب التي تقرر شنها ضد منظمة البغدادى .. وهذا التعاون يشمل الجانب الأمني وأمور أخرى يجري التفاوض بشأنها.

 

بلمختار أميرا لـ»داعش» الساحل

 

وكان موقع «مالي-ويب» الإخباري قد أكد في تقرير أخير نقلا عن مصادر أمنية «أن قائد تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي مختار بلمختار على وشك أن يصبح أمير تنظيم «داعش» في منطقة الساحل الإفريقي».

وتحدث الموقع عن اجتماعات عقدت مؤخرا بين الجزائري بلمختار وبعض مبعوثي أبو بكر البغدادي في ضواحي مدينة أوباري الليبية من أجل تحديد دور هذا الجهادي في التنظيم الجهادي الجديد.

وبحسب الموقع فإن «إنشاء تنظيم «داعش» لإمارة تابعة له في منطقة الساحل الإفريقي ستكون له تداعيات كبيرة، حيث أنه سيزيد من قوة الجهاديين في المنطقة».

 

صحافيون اختطفوا وعذبوا لانتقادهم ممارسات «داعش» أو لامتناعهم عن مبايعة أميرها/ محمد واموسي

باريس – «القدس العربي»: اشترط تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» على الصحافيين الراغبين في ممارسة عملهم في المناطق الخاضعة لسيطرته الخضوع لقواعد قانونية صارمة وضعها التنظيم خصيصا للصحافيين في مقدمتها مبايعة أميره أبو بكر البغدادي بصفته خليفة للمسلمين وفق تعريفه. ومنذ سيطرتهم على مناطق شاسعة من محافظة دير الزور في سوريا وإلى غاية سعيه إلى احتلال مدينة كوباني الكردية السورية أو عين العرب وفق التسمية العربية مرورا باحتلال مدن بكاملها في العراق كالموصل والأنبار، سارع مقاتلو «داعش» إلى التنكيل بالصحافيين ومنعم من أداء عملهم الصحافي إلى حين القبول بترسانة من القواعد الجديدة الموضوعة خصيصا للصحافيين مكونة من 11 بندا وهي بالترتيب كما جاءت في المنشور الذي عمم على كثير من الصحافيين.

1 – يجب على الصحافيين والمراسلين الصحافيين مبايعة الخليفة أبو بكر البغدادي، وهم من رعايا الدولة الإسلامية، وملزمون بأداء قسم الولاء لإمامهم.

2- عملهم سيكون تحت الإشراف الحصري لمكاتب وسائل الإعلام التابعة للدولة الإسلامية في العراق والشام.

3- يمكن للصحافيين العمل مباشرةً مع وكالات الأنباء العالمية، مثل رويترز، وكالة الأنباء الفرنسية «أ ف ب»، واسوشييتد برس «آي بي» وغيرها، لكن عليهم تجنب جميع القنوات الفضائية العالمية والمحلية، وهم ممنوعون من تقديم أي مواد حصرية أو القيام بأي إتصال، بالصوت أو الصورة، مع هذه القنوات.

4- يحظر على الصحافيين العمل في أي شكل من الأشكال مع القنوات التلفزيونية التي تم وضعها على القائمة السوداء للقنوات التلفزيونية التي تحارب الدولة الإسلامية، مثل قنوات العربية، والجزيرة، وأورينت.

5- يسمح للصحافيين بتغطية الأحداث في المحافظات إما مكتوبة أو مع الصور دون الحاجة إلى الرجوع للمكتب الإعلامي للدولة الإسلامية في العراق والشام، ويجب أن تحمل المواد أو الصور المنشورة اسمي الصحافي والمصور.

6- لا يسمح للصحافيين بنشر أي ريبورتاج، طباعةً أو بثًا، دون الرجوع إلى المكتب الإعلامي للدولة الإسلامية في العراق والشام أولاً لإعطاء موافقته عليه.

7- يمكن للصحافيين أن تكون لهم حسابات خاصة بهم على وسائل التواصل الإجتماعي لنشر الأخبار والصور، إلا أنه يجب أن يكون لدى المكتب الإعلامي عناوين وأسماء هذه الحسابات والصفحات.

8- يجب أن يلتزم الصحافيون باللوائح عند التقاط الصور داخل أراضي الدولة الإسلامية في العراق والشام ، مع مراعاة تجنب المواقع الأمنية التي يحظر إلتقاط الصور فيها.

9- الموافقة بأن تقوم المكاتب الإعلامية لدولة العراق والشام بمتابعة عمل الصحافيين المحليين داخل أراضي التنظيم وفي وسائل الإعلام الرسمية، وإن تم رصد انتهاك للقواعد في مكان ما سوف يؤدي الأمر إلى تعليق عمل الصحافي ومحاسبته.

10- القواعد ليست نهائية وقابلة للتغيير في أي وقت حسب الظروف ودرجة التعاون بين الصحافيين والتزامهم بإخوانهم في المكاتب الإعلامية للدولة الإسلامية في العراق والشام.

11- يتم منح الصحافيين تصريحا بممارسة عملهم بعد تقديم طلب الترخيص إلى المكتب الإعلامي للدولة الإسلامية في العراق والشام.

وقد عقد مسؤولو المكاتب الإعلامية لـ»داعش» لقاء موسعا مع بعض الصحافيين والمراسلين الصحافيين في دير الزور انتهى بتوقيع بعضهم على وثيقة قبولهم بالقواعد الجديدة، بينما تحين البعض الآخر الفرصة للفرار إلى مناطق لا يسيطر عليها التنظيم أو إلى دول مجاورة.

وفي هذا الإطار يقول صحافي سوري فضل عدم ذكر اسمه الكامل ويدعى عمر، أن دافعه في مواجهة التحدي والبقاء في المناطق الخاضعة لتنظيم «داعش» هو توثيق الأحداث الجارية في الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم لإيمانه بضرورة بقاء الصحافي في عين المكان رغم خطورة ذلك على حياته من أجل نقل صورة ما يحدث في الداخل إلى الخارج وبالتالي وضع العالم في الصورة الحقيقية لما يجري ويدور.

وأضاف «عقد لقاء بين الصحافيين المستقلين وموظفي وسائل الإعلام من «داعش» من أجل تحديد كيفية ممارسة العمل الصحافي بعد سيطرة مقاتليها على محافظة دير الزور، وفي ذلك الاجتماع أبلغنا بقائمة شروط غير قابلة للتفاوض بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في مواصلة عملهم في المحافظة في مقدمتها مبايعة أبو بكر البغدادي».

ومعلوم أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أغلق مكتب «قناة دير الزور الفضائية» في مدينة دير الزور وصادر أجهزته كافة مباشرة بعد سيطرته على المدينة، في خطوة يهدف من ورائها إلى عدم السماح لأي صوت إعلامي يغرد خارج سربه.

وكانت رابطة الصحافيين السوريين قد أعلنت في بيان لها أن تنظيم «داعش» وضع شروطا وأحكاما للعمل الإعلامي بمدينة دير الزور، أولها الإعتراف بدولة الخلافة والمبايعة بيعة عوام لجميع الراغبين في الاستمرار في العمل الصحافي مع الالتزام بعدم استخدام كلمة «داعش» في كل ما ينتجون من مواد صحافية.

وأضافت الرابطة أن التنظيم اشترط أيضا الاعتراف بمصطلح الدولة الإسلامية، معتبرا كل تسمية أخرى كتنظيم الدولة أو ما يسمى بالدولة أو «داعش» مرفوضة تماما، كما يمنع التنظيم التعامل مع القنوات التلفزيونية بشكل قطعي، ويحظر المشاركة في المداخلات عليها.

وسمح مراقبو «داعش» في المكاتب الإعلامية التي تمارس رقابة على الصحافيين بإعطاء الصور والأخبار العاجلة للوكالات بشكل فوري، أما التقارير المصورة والمكتوبة ومقاطع الفيديو فيجب أخذ موافقة المكتب الإعلامي للدولة عليها قبيل إرسالها.

وحال الصحافيين في العراق ليس أحسن حالا من زملائهم في سوريا، فقد حذر المرصد العراقي للحريات الصحافية في أكثر من مناسبة من التهديدات التي يتعرض لها الإعلاميون في محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى من قبل مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» معلنا أن بعض الصحافيين، ممن نجحوا في مغادرة العراق إلى تركيا خوفا على حياتهم، أخبروا المركز أن لديهم معلومات وصفوها بالمخيفة عن صحافيين يعتقلهم مسلحو «داعش» في الموصل.

وبحسب المركز فإن عددا كبيرا من هؤلاء الصحافيين يتعرضون للتعذيب، بعدما اختطفهم المسلحون من بعض المناطق في محافظة صلاح الدين، بسبب انتقادهم لممارسات التنظيم أو لاتهامهم بالتعاون مع السلطات الحكومية أو رفضهم مبايعة أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين.

وفي هذا الإطار يقول هادي جلو مرعي نائب رئيس المرصد العراقي للحريات الصحافية «نتوفر في الظرف الراهن على لوائح بقائمة من أسماء صحافيين مهددين بالقتل في محافظة صلاح الدين، أسماؤهم مدرجة كأهداف بالنسبة لداعش، البعض منهم يرفض نشر أسمه أو صوره، في حين يوافق بعضهم على زيارة مقر المرصد في بغداد لتوثيق تجربته الشخصية ومعاناته ولحظاته العصيبة كما عاشها».

ومنذ سيطرة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروف اختصارا باسم «داعش» على مناطق واسعة من العراق، تلقى كثير من الصحافيين تهديدات مباشرة بالقتل بسبب عدم ترويجهم لدعوة التنظيم مبايعة زعيمه أبو بكـــر البغدادي خليفة للمسلمين، فيما اعتقل العشرات ومنهم من خضع لصنوف متعددة من التعذيب، ما اضطر عددا كبيرا من الصحافيين إلى الفرار إلى العاصمة بغداد خشية أن تطالهم أيدي مسلحي «داعش».

 

 

لماذا تتعاقب مبايعات «الدولة الاسلامية» في سوريا والعراق؟/ محمد اقبال بلو

انطاكيا – «القدس العربي»: انضمت في الآونة الأخيرة عشرات الفصائل المقاتلة في سوريا والعراق إلى تنظيم «داعش» وتم نشر العديد من الفيديوهات والبيانات المسموعة والمكتوبة يعلن فيها قادة فصــائل مقاتلة وزعماء عشائر مبايعتهم للتنظيم وأميره أبو بكر البغدادي.

وكان من أشهر هذه المبايعات هو «لواء داوود الإسلامي» في معرة النعمان، الذي خرج بكامل عتاده وعناصره من المناطق التي تسيطر عليها كتائب الثوار متجهاً إلى مدينة الرقة المعقل الأكبر لتنظيم «داعش» والذي يصفه البعض بعاصمة التنظيم الممتد على مساحات واسعة من الأراضي السورية والعراقية.

وازدادت في الأسابيع الأخيرة أعداد المنضمين إلى التنظيم تزامناً مع الضربات الجوية التي تشنها طائرات التحالف الدولي ضد «داعش». فقد دفعت هذه الضربات العشرات وربما المئات إلى ترجيح نظرية المؤامرة ضد التنظيم وبث الشائعات حوله فاتجه هؤلاء لمبايعته والقتال معه فيما وصفوه «عدواناً صليبياً على المسلمين».

ومن ضمن المبايعات التي حصل عليها التنظيم في الفترة الأخيرة قوى وفصائل إسلامية كانت تقاتل إلى جانب كتائب الثوار الأخرى في مواجهة نظام الأسد، كما انضمت مجموعات من العشائر لمبايعي التنظيم، وأعلنوا الولاء لأميره البغدادي والبراء من النظام السوري والثورة المطالبة بإسقاطه على حد سواء وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في محافظة الرقة ودير الزور والحسكة من الجانب السوري، وانتقلت العدوى إلى الجانب العراقي بانضمام عدد لا بأس به من العراقيين إلى صفوف التنظيم ومبايعة عدة عشائر له في مناطق الموصل وتكريت والرمادي.

وقد أعلنت عشيرة الحديديين في ريف حلب الشرقي مبايعتها لتنظيم «داعش» وأميره البغدادي في فيديو قام أبناء العشيرة بنشره على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال المتحدث باسم عشائر الحديديين في الفيديو «نحن أبناء عشائر الحديديين نعلن ولاءنا لله ولرسوله وللمؤمنين وإننا بعد أن سمعنا أن دولة الإسلام في الشام والعراق قدمت نفسها لخدمة الكتاب والسنة وحماية المسلمين من الأعداء الحاقدين، فإننا نعلن من الآن مناصــرتنا واستــعدادنا للتـضحية والفداء من أجل الدين والعرض والوطن، وإن الذين قدموا إلى بلادنا من المسلمين لمناصرتنا ومؤازتنا، هم أخوتنا يصيبنا ما أصابهم وعلينا محبتهم واحترامهم وشكرهم».

كما أعلنت قبل أيام فخوذ من عدة عشائر عربية في سوريا والعراق مبايعتها لتنظيم «داعش» وقد نشرت صفحات مؤيدة للتنظيم أسماء هذه العشائر وهي كالتالي: «قبيلة شمر (فخذ الوهب، فخذ القشعم)، قبيلة عنزة (فخذ الروس)، قبيلة العقيدات (فخذ الحسون، فخذ البو عز الدين، عشيرة العفادله)، عشيرة البوعساف، عشيرة الحويوات، عشيرة البوسبيع، عشيرة الهنادة، عشيرة طي، عشيرة المشاهدة، عشيرة البورجب، عشيرة الولده، عشيرة الشبل، عشيرة العبيد، عشيرة الناصر، عشيرة الجغايفة، عشيرة الدميم، عشيرة البوشعبان، عشيرة المراشدة، عشيرة المريع، عشيرة الكرابلة، عشيرة السلمان، عشيرة البوعبيد، عشيرة البومحل، وجهاء العانيين». وأعلن شيوخ هذه العشائر تأييدهم وبيعتهم لأبي بكر البغدادي، واصطفافهم إلى جانب جنود الدولة فيما وصفوه محاربة العدوان الصليبي عليها، وتعتبر هذه البيعة من أشهر البيعات التي حصل عليها التنظيم بعد إعلان انطلاق عمليات التحالف الدولي ضده.

وقد استغل التنظيم عمليات التحالف الدولي ضده ووظفها لخدمة مصالحه بضم عناصر جدد إلى قواته. وفي هذا السياق قال الإعلامي السوري المعارض عمار أبو شاهين أنه «منذ الإعلان عن بدء عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» في سوريا والعراق حاول التنظيم استغلال هذه الضربات إعلامياً لاكتساب مؤيدين جدد وضمهم إلى التنظيم، حتى إن بعض صفحات التنظيم قامت بنشر أخبار مفادها أن جــبهة النـصـرة والجبهة الإسلامية أوقفوا القتال مع «داعش» وتحالفوا معه ضـد التحـــالف الدولي وهذا ما نفته الجبهة الإسلامية في بيان رسمي على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي تويتر».

وأضاف أن «عشرات الشباب يرون في التنظيم النموذج الأمثل لما يعتقدون أنه خلافة إسلامية، ولكن بعد انضمامهم يكتشفون الحقائق المرعبة في ممارسات التنظيم من قتل واعتقال وتهجير لا تقنعهم». وأكد أبو شاهين أن المئات من هؤلاء ينتظرون الفرصة المناسبة للهرب والانسحاب من المستنقع الذي أوقعوا أنفسهم فيه.

ويعمل تنظيم «داعش» حالياً على توسيع بقعة سيطرته في الأراضي السورية والعراقية، فقد بدأ منذ أيام معركة السيطرة على منطقة عين العرب «كوباني»وحشد لها قوات وصفها ناشطون بالهائلة، وقال ناشط ميداني في منطقة عين العرب أن عناصر التنظيم تقوم باستخدام راجمات الصواريخ والمدفعية والدبابات في معركتها وأن القوات الكردية تواجه كل هذا بأسلحة خفيفة ومتوسطة ولا يوجد أي تكافؤ في القوى بين الطرفين، لكن ما يبقي البعض صامداً هو المامهم بجغرافية المنطقة وعقيدتهم في الثبات في الخط الأخير للمواجهة مع التنظيم.

في سياق متصل هناك المئات من عناصر التنظيم إنشقوا عنه وعادوا إلى أوطانهم أو إنضموا إلى فصائل مقاتلة أخرى في سوريا، وقد بث عدد منهم مقاطع فيديو على مواقع التواصل أعلنوا فيها براءتهم من التنظيم وأميره البغدادي. فقد نشر أحد أمراء «داعش» في ريف حماه وهو أبو ابراهيم المصري مقطع فيديو أعلن فيه انشقاقه عن التنظيم لرفضه ما يقوم به عناصره من ممارسات، وقال أن التنظيم «يقوم بتكفير إخواننا في الجيش الحر ويشيعون عنهم أنهم ينتهكون الأعراض وأنهم يداهمون ويغتصبون المهاجرين وهذا أمر لم يقع وأقسم بالله على هذا».

وأضاف «هؤلاء القوم قد فتحوا لنا مقراتهم وفتحوا لنا بيوتهم والأنصار من اخواننا في الجيش الحر يكرمون المهاجرين ويحمونهم بأرواحهم وأقسم بالله على هذا». وأعلن المصري في نهاية الفيديو انشقاقه عن تنظيم الدولة وانضمامه لجبهة النصرة.

يذكر أن عدة فصائل سورية مقاتلة تعمل على البحث والتحري عن الخلايا النائمة التابعة للتنظيم في مناطق سيطرتها، وقد أعلنت الجبهة الإسلامية في حلب وحماة عن اعتقال العشرات من أتباع التنظيم ووجهت إليهم عدة تهم بتدبير وتنفيذ تفجيرات طالت قادة عسكريين وتجمعات مدنيين وأسفرت عن مقتل العشرات.

 

 

القدس العربي

 

 

 

 

حرب من دون شهود” في مناطق سيطرة المتطرفين

فرانس برس

باتت المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في سورية والعراق التي تحفل بعمليات الخطف والإعدامات وكراهية الصحافيين الغربيين، مناطق يسودها تعتيم إعلامي يوقع المراسلين في حيرة من أمرهم.

وقال جان-بيار بيران، كبير مراسلي صحيفة ليبيراسيون الفرنسية “لا نعرف ماذا يحصل في الفلوجة (500 ألف نسمة) والرمادي والموصل (مليونا نسمة)، وهي مدن كبيرة وفق التصنيف الفرنسي”.

وأضاف بيران في تصريح لوكالة “فرانس برس”، على هامش تسلمه جائزة بايو-كالفادوس (فرنسا) للمراسلين الحربيين التي منحت السبت، “أنها حرب من دون شهود. التاريخ يتعرض للتزوير. والشهادات التي ستتوفر لاحقاً لن تكون لها القيمة ذاتها (للنقل المباشر الحيني). فالذاكرة تغير كل شيء”.

وحتى المصور البلجيكي المستقل، لوران فان در ستوك، الذي حصل مراراً على جوائز لتحقيقاته في سورية في 2012 و2013، والمعروف بشبكات علاقاته الميدانية، “لن يذهب” الى منطقة يسيطر عليها تنظيم “الدولة الاسلامية”.

وأقر جان-فيليب ريمي الصحافي في “لوموند” الذي أنجز تحقيق 2013 في سورية مع لوران فان در ستوك، بـ”فشل” التغطية. وأضاف “عندما يتحول الصحافي طريدة أو يستخدم في آلة دعاية، يصبح الأمر بالغ التعقيد”.

ومنذ آب/أغسطس، قطع تنظيم الدولة الاسلامية رؤوس أربع رهائن غربيين، منهم صحافيان أميركيان.

وقال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود” إن “تنظيم الدولة الإسلامية يبني قسماً من أسطورته على العنف الذي يمارسه على الصحافيين، والتعتيم على ما يحصل في الداخل”. وأضاف “للأسف لم يعد ممكناً تغطية النزاع إلا من خلال مصادر غير مباشرة”.

واعترف رئيس لجنة تحكيم جائزة بايو 2014 الصحافي الأميركي، جون راندال، الذي كان مراسلاً حربيّاً لصحيفة واشنطن بوست طوال ثلاثين عاماً، بأنه “يشعر بالتشاؤم الشديد”.

وقال “لا يقتصر الأمر على عدم قدرتنا على الذهاب الى أرض المعركة، بل إن هذه المجموعات المتطرفة باتت تتحكم في جميع وسائل الإعلام الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي”.

من ذلك أن “ريبورتاجا” أنجز في “الخلافة” التي أعلنها التنظيم المتطرف في سورية والعراق، بثّ على موقع “فايس نيوز” الإخباري في نيويورك. لكن هذا الشريط الوثائقي الذي أنجزه الصحافي البريطاني-الفلسطيني مدين ديرية أثار جدلاً.

وأكد لوران فان در ستوك “أنه شريط دعائي”. وأضاف أن الشريط يجعلنا “أحيانا نشعر أن تنظيم الدولة الاسلامية نفسه هو الذي يصور المشاهد”، و”هذا يعني أنه لم يسمح إلا لصحافيين يشاطرونه عدداً من القيم بدءا بالدين بالذهاب معه الى الميدان لتصوير الشريط”.

ومن اريتريا الى منطقة بلوشستان في باكستان مروراً بأفغانستان التي يتعذر الوصول إلى بعض مناطقها إلا بعد شهر من المشي، لا يعتبر “التعتيم الإعلامي” مسألة جديدة، كما تقول منظمة “مراسلون بلا حدود”. لكن “ثمة تحول أيديولوجي” كما يقول جان-بيار بيرين الذي نقل وقائع الحرب في أفغانستان منذ فترة الاحتلال السوفييتي.

وأوضح أن “التنقل مع مجاهدين لم يكن ينطوي على مخاطر تزيد عن تلك الملازمة للحرب كأن يقتلك الجيش السوفييتي أو ينفجر لغم تحت قدميك أو تسقط ضحية عمليات قصف. لكنه لم يكن يعني بالضرورة أن تتعرض للخطف والضرب والتعذيب والإعدام. لم يكن الصحافي يعتبر عدواً”.

ولاحظ جان-فيليب ريمي الظاهرة في الصومال. وقال “مررنا بمرحلة أولى كانت تنطوي على كثير من المخاطر، لكنها مخاطر مقبولة من نوع زعماء حرب أشرار يطلقون النار لسبب أو من دونه. لكن عندما ظهر البعد الأيديولوجي وبدأت حركة الشباب الإسلامية في التمدد، قالوا “لم نعد نريد التحدث إلا مع صحافيين من الأفضل أن يكونوا صوماليين، مسلمين، ونعرفهم منذ فترة طويلة”. إذاك انتهى كل شيء. ولهذا السبب، اختفت المقالات العميقة القيمة الجديرة بالقراءة”.

العربي الجديد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى