صفحات العالم

مقالات تناولت مهمة الابراهيمي


.. وانهارت الهدنة الهشة!!

يوسف الكويليت

ليس ذنب عنان والإبراهيمي، والجامعة العربية، وغيرها أن تسجل فشلها في حل أزمة سوريا، لأن السلطة هي من خلقت العراقيل وتمسكت بالخيار العسكري ورفضت خيار الحوار بديلاً عن استخدام القوة، وهذا الأمر ثابت في سياستها وغير قابل للتغيير، ورد الفعل الشعبي جاء مضاداً، ومن أجل ذلك نشأت المعارضة، ومن رحمها ولد الجيش الحر، والنظام الدولي لا يريد تطويق المشكلة والمساهمة في حلها، أو احتوائها بحيث لا تسير باتجاه يغير أفق السياسة في المحيط السوري كله..

فقد حاول النظام استفزاز تركيا وإدخالها معمعة الحرب لتوسيع دائرتها، وهو يفهم أن تركيا لها حسابات دقيقة وحذرة أن تجر إلى وضع لا تريده، رغم قوتها العسكرية والمادية الهائلة، ثم إن أعضاء حلف الأطلسي يرفضون مثل هذه التطورات لأن أرباحهم مجهولة، والمجازفة ممنوعة..

الأمر مع لبنان أسهل حيث إنه بؤرة صالحة للتفجير لوجود حزب الله وعناصر لبنانية لا تخفي تحالفها مع النظام، غير أن الفرقاء يفهمون معنى السقوط في حرب بالنيابة عن سوريا، وهي مخاطر لا يريد أي مدرك أن تعود الحرب الأهلية لسبب لا يدخل في المصلحة الوطنية..

عملية الهدنة لا يمكن أن تنجح، لأن السلطة من مهامها الأساسية ديمومة التقاتل وإشغال الجيش بالحرب حتى لا يدخل في نزاع مع السلطة قد تؤدي إلى قيام انقلاب من داخل النظام يراه خياراً موضوعياً للخروج من الأنفاق المظلمة التي وضعها الأسد وأغرق الطائفة وأنصارها في موقف معقد مع أكثرية شعبية، ثم إن النظام ذاته يطرح أن الهدنة قد تعطي الجيش الحر موقفاً أفضل على الأرض بانضمام عسكريين ومدنيين إليه يعزز مواقعهم على الأرض، بينما روسيا قد ترى في الهدنة مخرجاً من واقع قد يتطور إلى وضعها في الموقف الأضعف، مبررة أن الهدنة ربما تقود إلى حل سياسي يجعلها سيدة المواقف، وتسجل فوزاً على دول حلف الأطلسي، وخلق موقع لها على الأرض العربية..

كل لديه حساباته، لكن لا يوجد في الأفق موقف وسط يؤدي إلى التراضي والتوافق، فكل المؤشرات تجعل النظام رافضاً لأي شريك يغير معالمه ومسيرته ومعنى ذلك فرهان الحسم بالقوة هو المسيطر على رؤية السلطة، لأن مطالب ما بعد الهدنة، لو استمرت، يعني تغييراً شاملاً في بناء الدولة ومؤسساتها، وهذا ما لا يتفق ورؤية الحكم، وحتى الابراهيمي الذي أدخل الهدنة كخيار وحيد قد يؤدي إلى هدنة طويلة، كان غير متفائل لأسباب يعرفها، ولذلك لا نقول إن المشروع انهار، بل لم يكن لوجوده أصلاً قيمة في كل العمليات المطروحة..

وإذا كانت القوى الكبرى تتحرك بسلبية عدا روسيا التي أخذت الموقف باتجاه التصعيد ورفض أي تغيير على الأرض، فالموقف العربي أكثر ضعفاً، بل ويراعي حسابات أمريكا وأوروبا أكثر من اتخاذ قرارات مستقلة، وغالباً ما تكون الرسائل محذرة من خلق واقع جديد قد لا يتفق مع الرؤية المطروحة، وربما يهدد أمن المنطقة، وهي رؤى قد لا تصل إلى التفسير الحقيقي لما سيئول إليه الوضع بعد رحيل الأسد..

منقول عن “الرياض” السعودية

ماذا بعد فشل هدنة الإبراهيمي في سوريا؟

سعد بن عبدالقادر القويعي

ليس غريباً، أن نصف مهمة الأخضر الإبراهيمي بمواجهتها أزمة ذريعة، بعد عجزه عن إقرار مجرد هدنة، والتي فشلت كما كان متوقعاً لها. فالنظام السوري لا يريد أن تُكف يده عن استخدام آلة القتل العسكرية ضد الشعب السوري، ومكوناته، – باعتبار – أنه يروج لفكرة تعرض بلاده إلى مؤامرة إرهابية، وأن ما يحدث على أرض الواقع ليس ثورة شعبية، بينما في حقيقة الأمر – لدينا -، أن المؤامرة على سوريا، هي التي تتعرض للتدمير.

النظام السوري في ورطة، إلا أنه سيستفيد من مبادرات دولية كهذه؛ لأنها ستمنحه مزيداً من الوقت؛ لإطالة أمد القضية، والتباطؤ في تنفيذ القرارات الدولية، وستعطيه الفرصة تلو الفرصة في محاولات الإجهاز على الثورة. وفي اعتقادي، أن أمراً كهذا ليس مقدوراً عليه بحسب المعطيات على الأرض، إذ إن صراع الإرادات في هذا الجانب ليس في صالح النظام، ومن دلالات ذلك: إصرار الانتفاضة الشعبية السورية على الإطاحة بالنظام.

إيران سبب رئيس في الأزمة، والنظام السوري يحظى بدعم سياسي، وعسكري، واقتصادي كامل من إيران، وروسيا، ومع هذا، فهو يأمن العقوبات الدولية؛ مما يزيد في حدة المواجهات الإقليمية، ويؤدي إلى اتساع الصراع، ودخول مرحلة جديدة. فالساحة السورية، تتلاطمها مصالح إقليمية عديدة، وهو ما عبرت عنه – الأستاذة – صافيناز محمد أحمد، ومنها: مصالح إيرانية، ترغب في الحفاظ على حليفها السوري – كحائط صد -؛ لحماية طموحاتها في دور إقليمي معترف به من قبل الولايات المتحدة، وفي برنامج نووي، يمكنها من دخول نادي الكبار، الذي يمتلك قوة الردع التي – من خلالها – تصبح إيران رقماً مهماً، تعترف الدول الكبرى بمصالحه الإقليمية. وهناك – أيضاً – مصالح لتركيا، التي ترغب في الخروج من دور الموازن الإقليمي، الذي ظلت تلعبه لسنوات في مواجهة كل من: إيران، وإسرائيل، إلى دور المهيمن الإقليمي صاحب النظام – الإسلامي العلماني – المعتدل، – خاصة – بعد ثورات الربيع العربي، والتي تسعى؛ لتسويق نموذجها في الحكم على شعوب تلك الثورات، وتستجيب في الوقت نفسه لمطالب الحليف – الأمريكي الأطلسي -، الذي يساند مطلبها الدؤوب في الانضمام للاتحاد الأوروبي، – بالإضافة – إلى ذلك، هناك المصالح الخليجية، التي ترى في النظام السوري داعماً لإيران، مصدر إثارة الأقليات الشيعية في الخليج، – لاسيما – في البحرين، وحثها على مناهضة أنظمتها الحاكمة، أضف إلى ذلك: مصالح عراقية، تترجمها الحكومة الطائفية في بغداد، التي تسيطر عليها إيران، في دعم واضح لبشار الأسد بالمال، والسلاح، والنفط، ويعول عليه النظام السوري في كسر حدة العقوبات المفروضة عليه، بحيث أصبحت عقوبات فاقدة للتأثير، – ناهيك – عن تعاطيات القوى الكبرى المحكومة بمصالحها، ليس – فقط – بينها، وبين الدولة السورية بنظامها القمعي – الحالي -، أو نظامها المستقبلي في حالة نجاح الثورة في إزاحة بشار، ونظامه من واجهة العمل السياسي السوري، بل – أيضاً – محكومة بمنظومة العلاقات البينية، التي تتطلب إبداء مرونة في مواقف، وتصلبا في مواقف أخرى، وهو ما يترجم في الوقت الراهن على أرض الواقع، بين الموقف الأمريكي، من جهة، والموقفين – الروسي والصيني -، من جهة أخرى، من الأزمة ذاتها.

ما سبق من مبادرات باءت بالفشل، جعلت دول العالم أكثر قناعة، بأن منح الفرص للنظام السوري، يعني مزيداً من القتل، وسفك الدماء، وارتكاب المجازر الوحشية. فالنظام يبدو أنه لم يستوعب الأزمة – بعد -، متوهماً أنه سينتصر في نهاية المطاف، بعد أن أصبحت سوريا ضحية ما بين السياسات الدولية – منذ نهاية الحرب العالمية الثانية -، وإعادة خلط الأوراق الدولية المتناحرة على مصالحها في الوقت الراهن. ومع هذا، فإن ثقتنا بنصرة الثورة السورية كبيرة – بإذن الله -، وسيأتي هذا النصر من داخل رحم النظام، أو من خارجه؛ ليؤدي إلى حسم أسرع مما يتوقع الكثيرون. وإذا كان هناك من يراهن على نجاح مهمة الأخضر الإبراهيمي، فإنني أقول: إن سوريا ليست بحاجة إلى مبادرات دولية ميتة، بقدر حاجتها إلى ضمير إنساني، يصحح مسار الأوضاع المأساوية، وعندما يستيقظ هذا الضمير، سندرك – حينئذ – أن الشعب السوري، قد دفع ثمناً غالياً جداً من جراء ما يحدث.

الجزيرة

لافروف يدفن الابرهيمي بعد أنان؟!

    راجح الخوري

كان النظام السوري قد شنّ اكثر من ستين غارة جوية على المدن والأرياف عندما وقف سيرغي لافروف والاخضر الابرهيمي في موسكو ليشنّا غارة سياسية على المعارضة السورية، بدت اكثر تدميراً من القنابل الفراغية والبرميلية والصواريخ الروسية التي تلقيها مقاتلات “الميغ”!

فبعد سقوط اكثر من 35 الف قتيل وتدمير نصف سوريا، انهى لافروف المحادثات مع الابرهيمي بالقول: “ان عليهم في الغرب التعود على فكرة انه يصعب تحقيق اي نتيجة من دون حوار مع الحكومة”، بما يعني العودة الى الكلام الذي رفضه المعارضون منذ عام ونصف عام اي ادفنوا قتلاكم وتعالوا الى محاورة النظام، بينما يقول هؤلاء انهم لن يحاوروا القتلة!

عندما اعلن الرفيق سيرغي هذا الموقف ادرك الابرهيمي، ربما، انه سيكون الضحية الثالثة التي سيدفنها الروس والصينيون وممثلهم الخشبي لافروف، الذي سبق له ان دفن نبيل العربي و”المبادرة العربية” وكوفي انان ونقاطه الست، لكن الابرهيمي الذي اعلن انه يقوم بمهمة مستحيلة “عاند” ورد بالقول ان فشل الهدنة التي دعا اليها لمناسبة الاضحى لن يضعف  تصميمه على مواصلة جهوده “لأن سوريا مهمة وشعبها يستحق الحصول على دعمنا”، وليس هناك في الواقع من يدري أين يكون الدعم عندما يتحدث الابرهيمي عن “حرب اهلية” وهو ما دفع حمد بن جاسم الى الرد عليه بالقول: “هذه  ليست حرباً أهلية بل حرب ابادة برخصة دولية”!

اكبر دليل على ان لافروف يريد دفن الابرهيمي دعوته الى ارسال “مراقبين” الى سوريا ومعارضته القوية لفك أسر مجلس الامن لانتداب قوات “حفظ سلام” رغم فشل المراقبين العرب وعقيدهم الدابي والدوليين وجنرالهم روبرت مود. ولكن الابرهيمي الذي بدأ مهمته من دون اي خطة يبدو الآن وبعد سقوط اكثر من اربعة آلاف قتيل منذ بداية عمله وكأنه لا يملك غير الانشاء لوصف الوضع فيقول انه خطير جداً جداً وانه يزداد سوءاً، وهذا ليس خافياً على احد!

ان القراءة الباردة في فصول المأساة السورية الملتهبة تقود الى ثلاثة واهمين كبار في دائرة الازمة، أولهم النظام الذي يقاتل شعبه تحت شعارات محاربة الارهاب مفترضاً انه يمكن العودة الى المستحيل اي السيطرة وحكم البلاد، وثانيهم روسيا التي تشتري مزيداً من الوقت للقتل مفترضة انه يمكن العودة الى مؤتمر جنيف الذي ترى انه يؤمن نافذة  لبقاء بشار الاسد حتى سنة 2014 على الاقل، وثالثهم التنظيمات المعارضة المنقسمة سياسياً والمشرذمة عسكرياً حين ترى انه يمكن تحقيق انتصار كامل على نظام عسكر طائفته بعدما أعدّ العدة منذ زمن للانتقال عند الحشرة الى الجبال واعلان دولته، وهناك واهم رابع هو الابرهيمي الذي يطارد سراب الدم في “مهمة مستحيلة” !

النهار

ماذا بعد انهيار الهدنة؟

رأي القدس

لم نعلق الكثير من الآمال على هدنة عيد الاضحى التي توصل اليها السيد الاخضر الابراهيمي من خلال اتصالاته المكثفة مع السلطات السورية والمعارضة المسلحة التي تريد ازاحتها من الحكم، ولكننا كنا نأمل، مثل الكثيرين غيرنا، بفترة التقاط للانفاس، ووقف لاعمال القتل والدمار لبضعة ايام حتى يتمكن السوريون، من الاحتفال بالعيد لبضعة ايام بعيدا عن السيارات المفخخة وقصف الطائرات والمدفعية الثقيلة والصواريخ.

انهيار هدنة السيد الابراهيمي، او بالاحرى عدم الالتزام بها، كان متوقعا، خاصة ان نوايا الطرفين لم تكن صافية، فالنظام يريد استمرار حلوله العسكرية، والمعارضة المسلحة بفصائلها كافة تعتقد ان مواصلة القتال حتى اطاحة النظام هي السبيل الوحيد لتحقيق اهدافها.

الامور عادت الى وضعها الطبيعي، بل لم تحد عنه في الاساس، حيث استمرت الخروقات للاتفاق وبطرق اكثر عنفا ودموية، حيث تؤكد المصادر المستقلة سقوط اكثر من 250 شهيدا حتى كتابة هذه السطور في اليومين الماضيين فقط، اي منذ اعلان التوصل الى هذه الهدنة.

لا نعرف ما هي خطة السيد الابراهيمي للايام المقبلة، وما اذا بقي في جعبته من حيل جديدة بعد فشل آخرها المتعلق بالهدنة، لكن ما نعرفه ان مئات الشهداء سيسقطون في الايام المقبلة، وعشرات الآلاف من السوريين سينضمون الى قوائم واحصاءات الامم المتحدة للاجئين.

السيد الابراهيمي ليس ذلك الشخص الذي يعترف بالفشل، ويسارع الى تقديم استقالته، وانهاء مهمته بالتالي، على غرار رئيسه الاسبق كوفي عنان، ولهذا نتوقع ان يواصل تنقلاته بين نيويورك والعواصم العربية والعالمية بحثا عن مخرج.

المحطة الاولى للسيد الابراهيمي، في جولته المكوكية الجديدة ستكون العاصمة الصينية بكين، ثم يطير بعدها الى موسكو، قبل ان يتوجه الى مجلس الامن الدولي في نيويورك لتقديم تقرير جديد عن زيارتيه يقال انه يتضمن افكارا جديدة.

مهمة الابراهيمي الجديدة في موسكو وبكين تتلخص في محاولة اقناع قيادتيهما بالتعاون مع مجلس الامن الدولي، والضغط على سورية ونظامها لتطبيق اتفاق مجموعة التواصل الدولية اثناء اجتماعها في جنيف قبل بضعة اشهر الذي ينص على انتقال سلمي للسلطة.

فرص فشل هذه المهمة اكبر بكثير من فرص نجاحها، لان الجانبين، الروسي والصيني، مصممان على دعم النظامين السوري والايراني معا، ومنع اي تدخل عسكري دولي، وعرقلة اي جهود في مجلس الامن الدولي يمكن ان تشرع مثل هذا التدخل.

المؤلم ان دوامة القتل وسفك الدماء ستستمر في سورية التي تحولت الى ميدان صراع للدول العظمى، وللدول الاقليمية في آن، والضحية هو الشعب السوري بشقيه، المؤيد للنظام او المعارض له.

لا نعرف ما اذا كان علينا ان ننتظر الى العيد المقبل حتى نحلم بمشروع هدنة جديدة؟ لا نعتقد، فلا احد يستطيع ان يتنبأ بالحال الذي ستكون عليه المنطقة، ناهيك عن سورية، بعد اسابيع او اشهر، الامر الوحيد المؤكد ان السيد الابراهيمي سيعود الى تقاعده المريح قبل حلول العيد المقبل بكثير.

أزمة الإبراهيمي في سورية

الياس حرفوش

ليس معروفاً ما هي الدوافع التي حملت الأخضر الإبراهيمي على قبول مهمة الوساطة في الأزمة السورية بعد إعلان كوفي أنان فشله في ذلك. فالرجل ليس جديداً على العمل الديبلوماسي وليس من مصلحته أن يختم تاريخه بتجربة فاشلة، كما اصبح منتظراً أن تنتهي مهمته في سورية. خصوصاً أن الإبراهيمي من اكثر العارفين بصعوبة التعاطي مع النظام السوري وصعوبة الحصول على تنازلات منه، يمكن أن تؤدي إلى وضع حد لإمساك هذا النظام بالمفاتيح السياسية والأمنية في سورية.

كانت خطوة الإبراهيمي بالدعوة إلى الهدنة خلال عطلة عيد الأضحى أول تمرين له في التعاطي مع الأزمة. كان الجميع مدركاً أن هذه الهدنة لن تتحقق، لكن المبعوث الدولي اعتمد على الجانب «الإنساني»، معتقداً أن هذه المناسبة الدينية يمكن أن توقظ ضمائر الطرفين إلى وقف القتل. والنتيجة كانت أن الهدنة لم تنفذ وبقيت معدلات القتل على حالها.

الآن يقول الإبراهيمي انه يأسف لأن الهدنة لم تنجح. لكن هذا الفشل هو مؤشر مهم إلى طريقة تعاطيه مع الأزمة السورية، من دون خطة واضحة تسمح له بالتقدم. فهو يجول على العواصم ويجتمع مع المسؤولين ويسمع آراءهم، وكلها باتت معروفة، سواء من الذين يدعمون النظام أو الذين يدعمون معارضيه. لكنه لا يملك ما يعرضه عليهم لمحاولة تحقيق اختراق في الجدار المسدود الذي وصلت هذه الأزمة إليه، لأن الأمم المتحدة نفسها، التي يعمل الإبراهيمي لديها، ويجول على العواصم باسمها، لا تملك أي تصور للحل، بسبب الانقسام القائم في مجلس الأمن والذي يمنع التفاهم على مخرج يرضي كل الأطراف.

وفي موسكو امس أعاد الإبراهيمي تكرار ما سبق أن قاله خلال زيارته إلى بيروت، عندما أشار إلى خطورة النزاع في سورية وحذر من انه يمكن أن «يحرق الأخضر واليابس». فقد اعترف امس أن الوضع في سورية «يتجه من سيء إلى أسوأ»، وتحدث في الوقت ذاته عن الحاجة إلى تغييرات حقيقية وليس تجميلية، وإلى إصلاحات جدية لا شكلية، من دون أن يشير إلى المسؤول عن منع هذه التغييرات والإصلاحات. مع انه أدرى الجميع بذلك.

لا تحتاج الأزمة السورية إلى من يطلق الأوصاف عليها وإلى من ينبه إلى خطورتها. كلنا نعرف ذلك من خلال أخبار القتل وصور الجرائم والدمار التي تصلنا كل يوم. ما تحتاجه هذه الأزمة هو موقف دولي واضح يجبر الطرفين على وقف هذا الاستسهال المخيف لتدمير بلدهم وقتل أهلهم. صحيح أن الابراهيمي يتحدث الآن عن «أفكار جديدة» لديه لتسوية الأزمة، لكن حظ هذه الأفكار لا ينتظر أن يكون افضل من حظ هدنة الأضحى، في غياب موقف دولي يوقف هذه المجزرة المفتوحة، ويفرض التسوية الضرورية التي تقتضي تنازلات من الجميع. ومن الضروري أن يلعب الابراهيمي دوراً في ذلك، وخصوصاً خلال زيارتيه هذا الأسبوع إلى موسكو وبكين، وهما العاصمتان اللتان سمحتا بإنقاذ النظام السوري من الإدانة في مجلس الأمن. عليه أن يكون واضحاً بإقناعهما أن تمسك الرئيس السوري بالبقاء في السلطة هو الذي عطل مهمة كوفي أنان التي كانت تدعو إلى عملية انتقال سياسي «تلبي تطلعات الشعب السوري»، وإلى تنفيذ وقف لإطلاق النار تكون قوات النظام هي البادئة باحترامه، عبر وقف التحرك نحو التجمعات السكنية وإنهاء استخدام الأسلحة الثقيلة. وأن حل هذه العقدة هو وحده الذي سيسمح للأطراف الأخرى المؤيدة للمعارضة بالضغط عليها للسير إلى تسوية يمكن أن يحافظ ما بقي من النظام على موقع فيها.

الحياة

سوريا في الأسابيع المقبلة

    علي حماده

فشلت الهدنة التي اقترحها المبعوث الدولي – العربي الاخضر الابرهيمي لفترة عيد الاضحى، وتواصل القتال في طول سوريا وعرضها.

فشل مقترح الابرهيمي مع انه حظي في الساعات الاخيرة التي سبقت العيد بموافقة النظام في سوريا، ووافقت المعارضة و”الجيش الحر” عليه. غير ان كلا الطرفين لم يبد مقتنعا بهذه الهدنة التي سوّق لها المبعوث الاممي – العربي على انها خطوة يمكن البناء عليها لهدنة طويلة. ومع ذلك فشل الرهان وتبين ان الصراع في سوريا بوجهه العسكري سيسود في المرحلة المقبلة، ولا سيما ان ثمة معلومات تشير الى ان الدول العربية الداعمة ابلغت واشنطن والدول الاوروبية المعنية بقرب انتهاء التزامها موقف المراوحة الذي فرض في المرحلة المنقضية، تارة بحجة انتظار الانتخابات الرئاسية الاميركية، وطورا بحجة الخوف من رفع مستوى تسليح الثوار مخافة ان يقع سلاح نوعي (صواريخ ستينغر مضادة للطائرات واخرى متطورة مضادة للدبابات) بين ايدي جماعات اصولية متطرفة. وتضيف المعلومات المستقاة من مصادر دبلوماسية اوروبية رفيعة انه “تمت معالجة الموقف الاسرائيلي الذي كان يضغط على الاميركيين في الفترة المنصرمة مانعا واشنطن من المضي ابعد في دعم المعارضة. وقد جرى افهام الاسرائيليين ان نظام بشار الاسد ما عاد يشكل الضمان الذي شكله بالنسبة الى امن اسرائيل لسنوات طويلة، وخصوصا ان ثمة اقتناعا بدأ يترسخ في الغرب، بأنه كلما تأخر سقوط النظام زاد منسوب تغلغل الجماعات الاصولية المسلحة في سوريا، وصار من الصعب ضبطها لاحقا”. وبحسب المصادر عينها، فإن “المرحلة المقبلة ستتسم بتحول كبير على مستوى تسليح الثورة للتعجيل في اسقاط النظام، ونقل سوريا الى مرحلة جديدة يكون فيها للجيش النظامي الذي لم يتم استخدام وحدات عدة منه في اعمال القتل دور مركزي في ضبط الساحة، والحفاظ على استقرار البلاد في المرحلة الانتقالية”.

على المسرح الميداني، تستقر خطوط تماس في ظل عجز النظام عن حسم اي معركة من المعارك مع الثوار، فيما يعجز الثوار عن توجيه ضربة حاسمة في حلب تنهي وجود النظام في منطقة الشمال، وتهيئ لقيام منطقة عازلة بقوة الامر الواقع يحميها سلاح قادر على تحييد سلاح الطيران لدى النظام.

في هذه الاثناء تدرك موسكو انها عنصر رئيسي يحمي النظام ويؤخر سقوطه، لكنها تدرك ايضا ان ما يمنع السقوط هو احجام الدول الداعمة عن رفع مستوى تسليح الثوار. وهذا ما سيحصل في الفترة القريبة المقبلة وفق المعلومات الديبلوماسية الاوروبية المشار اليها اعلاه. اما الوساطة الدولية ومهمة الاخضر الابرهيمي فمعلقة ريثما يحصل تطور ميداني كبير كأن تسقط حلب بكاملها، وتتم تصفية اخر جيوب النظام في محافظة ادلب والقاطع الشمالي لمحافظة اللاذقية. واما في لبنان فأمر آخر.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى