صفحات سوريةعلي العبداللهلؤي حسينمصطفى اسماعيل

مقالات لكتاب سوريين تناولت جنيف 2

 خريطة طريق لما بعد “جنيف 2″/ معتز حيسو

كيف يستقيم أو ينجح مؤتمر «جنيف 2» في ظل استمرار سياسية الاعتقالات والملاحقة والمضايقات، التي لا تقف عند حدود الناشطين وأصحاب الرأي، بل تطال شخصيات تساهم في التحضير للمؤتمر، وبالتأكيد فإن بعضاً منها سيشارك في المؤتمر فيما لو تم عقده. مع اقتراب مؤتمر «جنيف 2» تزداد وتيرة الحراك الدولي لتذليل المصاعب التي تعيق انعقاده. ورغم الحديث عن توافق دولي بين الروس والأميركان، إلا أن هذا لا ينعكس بشكل واضح على كثير من المواقف الدولية والإقليمية، في وقت تتزايد فيه حدة المواجهات العسكرية.

إن تجليات التناقض الدولي تبدو واضحة في مواقف الدول الإقليمية بخصوص تعاملها مع الأزمة السورية. من هذه الزاوية، يمكننا تحديد تداعيات امتناع الولايات المتحدة عن توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا وكذلك تقاربها مع الجمهورية الإيرانية، في سياق آليات اشتغال العربية السعودية التي تميل سياساتها إلى التشدد والتصعيد العسكري في سوريا، وهذا يدلل ظاهرياً على خلعها العباءة الأميركية. لكن المواقف السياسية للعربية السعودية تنطلق من دواعي الحفاظ على مصالحها ودورها الإقليمي تحت المظلة الأميركية. من هذا المنظور ترى العربية السعودية أن السياسة الأميركية الحالية في سوريا وتقاربها مع إيران، تمهّد الطريق إلى ازدياد النفوذ الإيراني، وتحديداً في حال تمكنت من المحافظة على قدرتها النووية. وهذا يشكل من وجهة نظرها خطورة على استقرار منطقة الخليج، وتراجع دور المملكة إقليمياً.

ويتجلى الموقف السعودي من الأزمة السورية من خلال زيادة دعمها لبعض المجموعات السلفية الجهادية، واشتغالها على تشكيل (بديل عشائري عن الجيش الحر) والضغط على مكونات الائتلاف السياسية والعسكرية. ويندرج هذا التحوّل في سياق تصعيد حدة المواجهات لتعديل موازين القوى الميدانية، وإعاقة الحل السياسي، وتأخير انعقاد مؤتمر جنيف، لتحقيق مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة. وهذا لا ينطلق من تمسّكها بمصالح الشعب السوري وقضاياه العادلة. بل يتحدد انطلاقاً من تمسّكها بدورها الإقليمي والحد من تراجع علاقتها مع الأميركان لصالح القوة الإيرانية التي أرعب الغرب بها سابقاً حكام الخليج العربي. فالسياسات السعودية الأخيرة تندرج في سياق إظهار قدرتها على إعاقة السياسات الأميركية الجديدة.

أما في ما يتعلق بسياسة بعض الحكومات الإقليمية والدولية وتحديداً القطرية، فإنها تعمل بعد فقدانها الأمل بإسقاط النظام بالقوة العسكرية، من منظور جديد، يقوم على إعادة ترتيب أوراقها وحساباتها بما يتوافق مع المعطيات والمتغيرات السياسية الإقليمية والدولية والميدانية.

إن عرضنا لبعض التناقضات والتحولات السياسية الدولية والإقليمية، يشكّل مدخلاً لفهم صعوبة مواقف العديد من فصائل المعارضة، بخصوص الحل السياسي والمشاركة في مؤتمر «جنيف 2»، ذلك نتيجة تعرّضها لمزيد من الضغوط من قبل الدول الضالعة في الأزمة السورية.

إن تحول الصراع السوري إلى صراع دولي وإقليمي أصبح من نافلة القول. وهذا ينعكس على آليات اشتغال معارضات تدّعي تمثيل «المعارضة والثورة والشعب» لكنها بالكاد تمثّل نفسها، كونها لا تمتلك من قرارها شيئاً. فواقع الحال يدلل على أن معارضة الخارج تعاني من التفتت والتشتت والعصابية وغياب العقلانية السياسية، بينما تصر السلطة على عدم الإصغاء لصوت (الإنسان) السوري. وكلا الأمرين ينعكسان بأشكال مأساوية وكارثية على المجتمع السوري. ويشكّلان إهانة لشعب تتحكم بمصيره قوى كونية لا ترى في الصراع إلا مصالحها.

فالمعارضات السياسية الخارجية (الائتلاف الوطني) لها حسابات سياسية خاصة تتحدد في كثير من الأحيان من منظور ديني مذهبي، فئوي وجهوي، وحتى شخصي، وهذا يتنافى مع الرؤية السياسية المنهجية. وبنفس الوقت يزيد من حدة التناقض بين المعارضة الخارجية والداخلية، وضمن مكونات المعارضة الخارجية، وأيضاً داخل المعارضة الداخلية. كذلك يزيد من حدة التناقض بين الفصائل السياسية والمجموعات المسلحة. فالاستقواء بالخارج والاحتكام إلى العنف واستمرار انقسام الائتلاف على ذاته يهدد بانهياره، ومع هذا يصر قادته على ادعاء تمثيل «الثورة، المعارضة والشعب». وهذا لا يعبّر بالمطلق عن رؤية سياسية عقلانية، ويناقض الواقع الموضوعي القائم على التنوع السياسي الذي يصل حدود التناقض. وإذا كان للمعارضة من دور في وضع ملامح سوريا الديمقراطية المدنية التعددية، فإنه لن يكون إلا باحتضان شعبي. لكن السوريين يرفضون الآليات والسياسات القهرية، وكذلك من يحاول احتكار تمثيلهم.

وهذا يفترض من المعارضة أن تتحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والوطنية، وترتقي لحرمة دماء السوريين. فالشعب فقط من يقرر بنية النظام السياسي المستقبلي وأشكال تجلياته. ومن المؤكد أنه لن يقبل بإعادة إنتاج الاستبداد. ومع هذا فإن ممارسات غالبية فصائل المعارضة السياسية والمسلحة تُفصح عما يكتنفها من استبداد وتخلف وثأرية. في وقت يشهد فيه المجتمع السوري انتشار العصبيات العشائرية والمذهبية والطوائفية وثقافة التخوين والتآمر والاستئصال. وهذا يدلل على أن الطريق إلى الديمقراطية إن لم يكن مسدوداً فإن دونه الكثير من المصاعب.

ففي هذه اللحظة بالذات، يجب على المعارضة الخاضعة للقوى الخارجية أن تخلع عباءة الولاءات الإقليمية والدولية. تحديداً بعد انكشاف ما تحضّره هذه الأطراف لسوريا والسوريين. وإذا لم تُدرك هذه الأطراف مخاطر رهانها على التدخل الدولي، فإن هذا يشكّل جريمة بحقها وبحق الشعب السوري. وإن كانت تدرك، فإن العودة إلى العقلانية السياسية خيارها الوحيد. فالتراجع عن سياسات الارتهان والارتجال والثأرية، وإعمال مبضع النقد والنقض لكل السياسات السابقة يشكّل ضرورة وطنية.

إن القوى الدولية والإقليمية وصلت إلى طريق مسدود، فالقتل والدمار لم يحقق مشروعها بالقدر والشكل الذي تريد، رغم أن دمار البنية التحتية وتفتيت النسيج الاجتماعي يخدم مصالحها ومصالح إسرائيل. في هذه الحالة، لم يبق أمامها إلا إنجاز تسوية سياسية تضمن التوازنات والمصالح الدولية والإقليمية في المنطقة، وتُحلحل الأزمة السورية التي كان لكثير من الحكومات الغربية والإقليمية الدور الأساس في إيصالها إلى ما وصلت إليه.

فالمعارضة الموجودة في الخارج تعاني تناقض وانقسام بين مكوناتها السياسية والعسكرية، وبينها وبين الفصائل السلفية الجهادية الرافضة لأي حل سياسي، وكذلك تُخوّن معارضة الداخل لأنها من وجهة نظرها مرتهنة للنظام وتعمل في كنفه. بالتأكيد ما زالت بعض الأطراف تمارس نشاطها السياسي في كنف السلطة، لكن الجزء الأكبر من معارضة الداخل يتمتع بعقلانية سياسية وصلابة وطنية وبتاريخ سياسي مشرّف لا يمكن أن يطاله أحد بالتخوين أو حتى بالتشكيك، وهذا يؤهلها للمشاركة في رسم ملامح سوريا المستقبل. لكن من يمارس سياسية التأجيج والتحريض والعنف لا يحق له أن يزايد على أي مواطن سوري في الداخل. فالذي يعيش الأزمة ويكتوي بنيرانها ليس كمن يتابع مجرياتها من الخارج، هذا إن كلف نفسه عناء المتابعة، ولن يلهيه جمع المال والاهتمام بالقضايا الشخصية والمتاجرة بدماء السوريين. فالسوريون في الداخل لهم الكلمة الفصل، ولا يحق لأي جهة سياسية أن تحتكر تمثيلهم. إن المعارضات السورية، فرّقتها الخلافات السياسية، والمصالح والولاءات، والقمع المركب. فالرهان على الخارج، وادعاء تمثيل الشعب و«الثورة» غير مقبول. وإذا كان من المحال توحيد المعارضة سياسياً. فإن التوافق على برنامج سياسي ديمقراطي، يجب أن يشكّل الحد الأدنى لمن سيشارك في جنيف. فالمعارضة مطالبة بتوحيد جهودها، والتنسيق المشترك، والدخول في حوارات واسعة وعميقة لصياغة رؤية موحدة لكيفية الخروج من الأزمة، والانتقال إلى نظام سياسي ديمقراطي يحقق العدالة الاجتماعية.

لكن تجاوز التناقضات التي تعاني منها المعارضة دونه الكثير من الصعوبات،كونها نتاج تاريخ سياسي طويل. وهذا يُنذر بصعوبة التوافق السياسي، وتحديداً في ظل استمرار الضغوط الدولية وتمسّك البعض بضرورة التدخل الخارجي والحل العسكري، وهذا يحوّلها في سياق تراجع العقلانية السياسية إلى إحدى معوّقات الحل السياسي. هذه العوامل وغيرها تزيد من إمكانية إفشال المؤتمر ليبقى الصراع مفتوحاً على الدمار.

■ ■ ■

فالمطلوب من النظام والمعارضة السياسية في الداخل والخارج، والأطراف الإقليمية والدولية العمل على إنجاح مؤتمر «جنيف 2» بشكل يلبي حقوق السوريين المشروعة بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية، القومية، الإثنية، الدينية والمذهبية… وهذا يحتاج إلى:

ــ التوافق على تشكيل هيئة انتقالية (وطنية، تكنوقراط) ذات صلاحيات كاملة تقود مرحلة انتقالية ضمن جدول زمني محدد. من مهامها تشكيل لجان متخصصة لصياغة دستور يؤسس إلى مرحلة تكون فيها الحقوق والحريات الأساسية العامة والخاصة مُصانة، ويحدّد شكل النظام السياسي (يفضل أن يكون نظام برلماني) وهوية الاقتصاد (يفضل أن يكون اجتماعي يحقق العدالة في العمل والتوزيع) وقانون أحزاب وإعلام وانتخابات، ومتابعة عمل اللجان والإشراف على الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وعرض نتائج عمل اللجان على الاستفتاء الشعبي.

ــ إيقاف مصادر التمويل والدعم العسكري واللوجستي، وتكثيف التعاون الدولي تحت مظلة الأمم المتحدة لإخراج المجموعات الجهادية التكفيرية وإيقاف الصراع بشكل كامل ومتزامن.

ــ نزع عباءة الولاءات الدولية والإقليمية ورفض أي تدخل خارجي. والالتزام بالقضايا الوطنية العليا (وحدة الجغرافيا السورية في سياق ارتباطها بعمقها العربي، ووحدة المجتمع السوري).

ــ العمل على توفير مناخ ملائم للحوار: الإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصير المخطوفين، التوقف عن نهج الاعتقال السياسي الذي يستهدف السياسيين والناشطين السلميين وأصحاب الرأي، ضمان حق التعبير عن الرأي بالأشكال والآليات السلمية، ضمان إيصال المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية إلى كافة المناطق، رد المظالم لأصحابها، ومحاكمة المتورطين في عمليات القتل والاختطاف والتعذيب والنصب والسرقة…، إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بما يتلاءم والمصالح الوطنية العليا، تأمين عودة جميع السوريين إلى بلادهم، والعمل على حل مشكلة اللاجئين والنازحين، وتأمين عودتهم إلى مدنهم وقراهم وإيجاد مساكن لهم.

ــ إن الاستعصاء السياسي وتناقض مواقف قوى المعارضة من الأزمة وآليات التغيير، واستمرار اعتماد بعض أطرافها على العنف وسياسية الولاء والتبعية والمراهنة على الخارج، وادعاء «الائتلاف الوطني» تمثيل «الشعب والثورة والمعارضة» يقف حائلاً أمام مشاركتها في وفد موحد لا يكون فيه سلطة لطرف على آخر. وهذا يستوجب إنشاء تحالف يضم القوى الوطنية التي ترفض الطائفية والعنف والتدخل الخارجي وتتبنى برنامج تغيير ديمقراطي يضمن حقوق السوريين في الحرية والكرامة والعدالة. ومن المفيد طرح هذا المشروع في حوار مفتوح يشمل كافة القوى السياسية والمنظمات الشبابية والنسائية، والمهتمين في الشأن العام. ويجب أن تطرح نتائج الحوار في مؤتمر جنيف.

ــ الإقرار بأن نتائج مؤتمر جنيف لن تكون نهاية الأزمة، بل بداية حل يحدد أشكاله النهائية الشعب في حوار وطني سوري داخلي، ينطلق من ضرورة الحفاظ على التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية ويساهم في تجاوز الجراح والمآسي والأحزان والأحقاد.

ــ من منطلق الحفاظ على وحدة سوريا وإيقاف تداعيات الانقسام على المجتمع السوري، يجب رفض الحكومة المؤقتة التي أعلنها «الائتلاف الوطني» ورفض تشكيل أي كيان سياسي أو حكومة أو أمارة، كونها تساهم في زيادة انقسام وتفتيت المكونات الاجتماعية والسياسية، وتهدد كيانية الدولة وتخدم المصالح الخارجية وتُعيق مؤتمر «جنيف2». فخلف هذه التشكيلات تكمن نزعة أحادية إقصائية تسعى لاحتكار تمثيل الشعب والمعارضة. قد يكون من الصواب تأخير انعقاد المؤتمر إلى حين توفير المناخ السياسي المناسب، لكن شرط ألا يكون الهدف إجهاضه أو توليده قسرياً. ورغم خطورة الأدوار الإقليمية ومصالح الدول الإستراتيجية (النفط والغاز والسلاح) لكن لا يجوز التغاضي عن المأساة السورية وتداعياتها الإقليمية والدولية تحت أي من الذرائع. إن الأزمة السورية تستدعي كافة الجهود لمنع المزيد من الأفغنة أو الصوملة. فالأيديولوجية المتطرفة، ليس ضمن حساباتها بناء سوريا الديمقراطية الموحّد. وانتصار إيديولوجيتها يقوم على الجرائم ضد الإنسانية وعلى أنقاض سورية المدمَّرة.

* باحث وكاتب سوري

الأحبار

روسيا وتجويف جنيف 2/ علي العبد الله

كرر وزير خارجية روسيا السيد سيرغي لافروف، في تصريحات متعددة، الدعوة الى وضع محاربة الارهاب على سلم اولويات مؤتمر جنيف2، ودعا الى تحالف بين النظام والمعارضة لمحاربة الارهابيين.

ماذا تريد روسيا والى اين تدفع بالملف السوري؟.

تسعى روسيا الاتحادية الى تجويف المؤتمر الدولي للسلام حول سوريا المعروف بـ “جنيف2 “عبر فرض أجندة خاصة تخرجه عن سياقه وعن الوظيفة المحددة له، ففي الوقت الذي توافق المجتمع الدولي عبر قرار مجلس الامن رقم  2118 على وظيفة جنيف2، ونص على تنفيذ بيان جنيف1 وتشكيل هيئة حاكمة كاملة الصلاحيات بما في ذلك الصلاحيات المتعلقة بالجيش وأجهزة الأمن، يريد السيد لافروف تحديد هدف آخر للمؤتمر فقد قال في مقابلة له مع قناة روسيا 24 يوم 14/12/2013 :” ستكون (لاحظ ستكون أي انه ليس اقتراحا بل مسلمة) محاربة الإرهاب في قائمة الموضوعات التي سيناقشها مؤتمر جنيف 2″، ولم يكتف بإقحام بند على جدول اعمال المؤتمر بل حدد خطة عمل لتنفيذه ايضا قال:”عندما نناقش أجندة جنيف نضع هذه المسألة في المقام الأول، ونقول إنه ينبغي تكوين تحالف بين الحكومة والمعارضة الوطنية ضد الإرهابيين الدخلاء الذين تقاطروا من جميع أنحاء العالم إلى سوريا، بوصفها كعكة شهية، لتنفيذ مخططاتهم الشريرة”. ورأى:”في سوريا تتبلور حاليا الظروف التي بات على جميع الوطنيين السوريين في ظلها أن يدركوا ما الأهم بالنسبة لهم، هل هو القتال إلى جانب أولئك الذين يريدون أن يحولوا سوريا إلى خلافة، أم أن يتحدوا ويعيدوا لوطنهم شكله الذي كان يفاخر به على مدى عقود كبلد متعدد الديانات والقوميات وكدولة علمانية يشعر الجميع براحة العيش فيها”. أي ان مهمة جنيف2 من وجهة نظر موسكو قيام اتحاد السوريين ليعيدوا لبلدهم “شكله الذي كان يفاخر به على مدى عقود كبلد متعدد الديانات والقوميات وكدولة علمانية يشعر الجميع براحة العيش فيها”، بلا ثورة ولا حرية ولا كرامة كلها اشياء زائدة بلا قيمة امام الافتخار ببلد يعيش ابناؤه منذ عقود بصمت يشبه صمت القبور بسبب القمع والإرهاب الرسمي ناهيك عن الفساد والإفساد، انسوا ان الشعب خرج من اجل الحرية والكرامة وبذل الدم والغالي والنفيس لبلوغهما. والطريف في ما ذهب اليه السيد لافروف انه لم يشمل قوات حزب الله ولواء ابو الفضل العباس وكتائب ذو الفقار وعصائب اهل الحق وجنرالات فيلق القدس الايراني الذين تجاوز عددهم عشرات الالاف (بين 40 و100 ألف في حين قدر عدد الجهاديين بـين 3300 و 11000) في عداد القوى الوافدة التي تقاتل في سوريا، هو غير معني إلا بـ “الجهاديين” الذين يريدون اقامة خلافة في سوريا، اما هؤلاء فليسوا وافدين ولا ارهابيين انهم جزء أصيل من الشعب السوري، وهم أيضا مع العلمانية التي يدعونا لاستعادتها.

ما تخطط له موسكو وتسعى اليه هو تحويل الانظار عن جرائم النظام ووضع محاربة الارهاب على سلم اولويات المؤتمر والانغماس في معالجة وجود ” الجهاديين” أو الارهابيين ( هو وجود مرفوض من معظم ابناء الشعب السوري) والتغاضي عما حصل الى الان من قتل( اكثر من 150 الف شهيد) وجرح( قدرتهم منظمات الامم المتحدة بـ 500 ألف جريح) واعتقال( قدروا بـ 200 الف معتقل) وإخفاء( عددهم غير معروف) والمقابر الجماعية، والمجازر وتدمير البيوت فوق ساكنيها( حوالي المليون منزل) ودفعهم الى النزوج من بيوتهم ومدنهم وبلداتهم وقراهم( حوالي خمسة ملايين) والهجرة( حوالي ثلاثة ملايين) وتدمير حياتهم الاسرية والاجتماعية، وجعل المؤتمر منطلقاً لإعلان الحرب الشاملة على “الارهابيين”. تريد موسكو تحويل مؤتمر جنيف2 الى منصة لإطلاق تحالف من النظام والمعارضة المعتدلة، علما انه وصف المعارضة  منذ اليوم الأول للثورة بالإرهاب، لمحاربة الارهابيين والتكفيريين، واعتبار ما عدا ذلك تفصيلا لا قيمة له ولا مكان له على سلم اولويات المؤتمر.

لا تعتبر روسيا ما فعله النظام ارهابا، ولا اشتراك  قوات حزب الله ولواء ابو الفضل العباس وجنرالات فيلق القدس الايراني ومرتزقة روسا واوكرانيين وكوريين شماليين وطيارين اجانب ارهابيين يسعون وراء حصة من الكعكة الشهية، سوريا بحسب وصف لافروف، بل هم محاربون من اجل حرية الشعب السوري وخلاصه.

لم تتوقف بركات روسيا ونجمها السيد لافروف وهداياه للشعب السوري، الذي انتظر من المجتمع الدولي موقفا عادلا يساعده في وقف اراقة الدماء ويدعمه في مسعاه للخلاص من الاستبداد والفساد، عند اقحامه بند محاربة الارهاب على جدول اعمال مؤتمر جنيف2 بل ذهب بعيدا فيها الى درجة تحديد نتائج المؤتمر ايضا قال في مقابلة أجرتها معه وكالة”ريا – نوفوستي” يوم 20/12/2013: “الآن ليس فقط في النقاشات الخاصة، وإنما حتى في التصريحات العلنية لبعض شركائنا الغربيين، تبرز فكرة أنه في حال وصول الجهاديين والإرهابيين، الذين ينمو تأثيرهم بصورة مطردة في سوريا، إلى سدة الحكم فسيطبقون الشريعة وسيذبحون الأقلية ويحرقون الناس فقط لأنهم أصحاب عقائد أخرى”. وأضاف:”في هذه الحالة فإن بقاء الرئيس الأسد في منصبه يعتبر أقل خطورة على سوريا من تسلمها من قبل الإرهابيين”.

شكرا للسيد لافروف على هداياه العظيمة وعلى كبير كرمه، لكن هذا ليس خيار الشعب السوري الذي مازال يطالب بالحرية والكرامة ومازال يرى في بقاء النظام تحت أي صفة او اعتبار انتقاصا لحريته وكرامته وضد ارادته وطموحه، ومع انه لا يرى غضاضة في محاربة الارهاب، بل انه يعتقد انها معركته القادمة لا محال لأنه لن يتخلص من استبداد وارهاب ليسلم قياده لاستبداد وارهاب اشد سوادا، لكنه لا يمنحها اولوية على تنفيذ بنود جنيف1 والدخول في مرحلة انتقالية تنهي دور النظام تبدأ بتنفيذ بنود السيد كوفي انان الست وتشكيل هيئة حاكمة كاملة الصلاحيات.

المدن

الإخفاق المحتم لـ “جنيف 2″/ لؤي حسين

كان الأمل من مؤتمر «جنيف 2»، إذا ما أريد له أن يكون مفتاحاً لحل الأزمة السورية أو إدارتها، أن يحقق أمرين رئيسين يكونان بين المقومات التي يجب بناؤها أولاً، كيما تستعاد إمكانية حل الأزمة تالياً. الأول رفع الشرعية من جانب الدول والأطراف السورية المشارِكة في المؤتمر عن استخدام السلاح والعنف في الصراع الدائر، مما يمكّن من تحقيق وقف إطلاق نار وتهدئة في مناطق من البلاد، ولو أنها قد لا تتجاوز أربعين في المئة من جبهات القتال. وهذا سيعطي بالضرورة الشرعية للصراع في حقله السياسي السلمي.

الأمر الثاني، وضع الأساس الواضح لتشكيل هيئة حكم انتقالية تتألف من هيئة حكومية ومن موقع رئاسة الجمهورية، تتشكل في شكل ائتلافي بين السلطة والمعارضة والجهات السياسية الأخرى، تتوزع بينها السلطات والصلاحيات بحيث يحول هذا التوزيع دون تمكّن أي من الأطراف من الانقلاب على الاتفاق، وأن تشعر غالبية السوريين بأنها ممثَّلة بقدرٍ ما في هذه السلطة الحاكمة، التي عليها أن تحكم لفترة انتقالية محدودة، تنقل الواقع السوري من حالة الاستبداد والعنف إلى حالة من الديموقراطية والسلم.

كان هذا الأمل مبنياً على تقدير أن روسيا والولايات المتحدة، الدولتين الأكثر سيطرة على مسارات الأزمة السورية، تعيان حجم الأخطار والأضرار التي ستنجم عن هذا النزاع، بخاصة مع بداية واضحة لتفتت الكيان السياسي السوري، وتحوّل مناطق فيه إلى إمارات حربية متبدلة، وتحول سورية، ذات المكانة الإقليمية الفائقة الأهمية، إلى دولة فاشلة في محيط من الدول غير المستقرة، بل بعضها غير ناجزة.

ولكن، وعلى رغم أن هذه الأخطار باتت ظاهرة بوضوح لمعظم المراقبين، فإن الدولتين يبدو أنهما لا تدركان تماماً حجم هذه الأخطار، أو أنهما مستهترتان بتبعاتها على مصالحهما، المباشرة أو غير المباشرة، وتراهنان على السيطرة على ذلك في الوقت المناسب، مع أن مسارات هذه الأزمة وتعقيداتها تخرج عن السيطرة أكثر وأكثر مع كل يوم يمضي، من دون المباشرة الجدية بسبل حل الأزمة. وقد تكون كل منهما تكابر في إظهار مخاوفها، وتنتظر من الأخرى أن تشكو مخاوفها أولاً وتطلب التعاون لوقف تفاقم الأزمة.

والآن وبعد عجز الدولتين عن عقد اجتماع ثنائي بخصوص الأزمة السورية، بعد الاجتماع اليتيم في موسكو في 7 أيار (مايو) الماضي، حين أعلنتا اتفاقهما على عقد «جنيف 2»، يبدو أنهما ارتضتا الآن تعليق النتائج المفترضة لـ «جنيف 2» تحت غطاء المباشرة بعملية تفاوضية، من خلال الذهاب إلى المؤتمر في الموعد الذي أعلنته الأمم المتحدة في 22 كانون الثاني (يناير) المقبل، والتنازل عما كانوا يقولونه، مع الأمم المتحدة، من ضرورة العمل لإنجاح المؤتمر ولو تم تأخيره.

فالمؤتمر إن عقد في موعده المعلن لن يخرج عنه سوى إعلان المباشرة بعملية تفاوضية هزيلة بين أطراف سورية، لن تفضي إلى أي شيء: هزيلة لأنها ستجرى بين وفدٍ للنظام ذي مرجعية ثابتة وواضحة، لكنه مسلوب الإرادة، وبين طرف سوري آخر ليس له قوام ثابت أو مرجعية واحدة، بل سيكون متبدلاً ومتحولاً خلال الفترات المقبلة وفقاً للظروف المتقلبة ولمتغيرات الميدان، كذلك فهو مسلوب الإرادة.

سيتضمن إطلاق أو شرعنة العملية التفاوضية تحميلها الآمال التي كانت معطاة لمؤتمر «جنيف 2»، من وقف نار، ولو جزئياً، ومن إنجاز تسوية سياسية انتقالية. وستمتاز هذه العملية عن المؤتمر بأن زمنها مفتوح، يمكن تغذيته وإعطاؤه الحيوية عبر تغيير وتبديل في الوفد المعارض بين مرحلة وأخرى، بالتالي لن تجد موسكو وواشنطن أي حرج في لعبة المكابرة التي تلعبانها.

الخلاف الواقع بين الدولتين، منذ أعلن باراك أوباما أن على بشار الأسد أن يرحل، خلاف على من سيهيمن على الحُكم في سورية، وقد تحول، في ما بعد، إلى خلاف على حصة كل منهما في هيئة الحكم التي ستلي، أو ستشارك، السلطة الحالية. أما الأطراف الدولية الأخرى فاقتصر دورها على تصنيع الأزمة السورية وتفعيلها بما يخدم الصراع الروسي- الأميركي هذا. كذلك كان حال النظام السوري ومعارضته، تلك التي تم تشكيلها في الخارج، وكذلك المعارضة الداخلية. وسيبقى هذا الدور لجميع هذه الأطراف مرهوناً باستمرار غياب إعلان اتفاق روسي- أميركي واضح وصريح، يضع هذه الأطراف في مواجهته.

هذا هو الحال، وهذا جانب من مآلاته إن عقد المؤتمر في كانون الثاني. ولا يغير من واقع الأمر شيئاً إلا أن تكف روسيا والولايات المتحدة عن الادعاء أنهما تلعبان دور الوساطة بين أطراف الأزمة، محلياً ودولياً، وأن تتفقا على طبيعة وصايتهما المشتركة على المستقبل السوري. وهذا يتطلب منهما الإقلاع عن تعنتهما، وإدراك أن آثار الأزمة السورية ستستمر تمدداً وإيغالاً في دول الجوار، لتتعداها قريباً إلى دول ومناطق أكثر بعداً من مصر وتركيا، وأن على كل منهما التنازل عن بعض مطامحه للآخر. فعلى موسكو أن تدرك أن واشنطن ستبقى تعطل المباشرة بحل الأزمة ما لم تحظ بحصة ما في إدارة النظام السوري، وعلى واشنطن إدراك أن موسكو لن تباشر المساهمة في حل الأزمة ما لم تقر لها بحصة أكبر من حصتها.

هذا جانب من واقعنا ومصيرنا كسوريين. وسنقبل بمرارته بعد أن أخفقنا في إبقاء صراعنا داخل حدودنا، ولأننا لم نحسن الاستثمار في انتفاضتنا التي بدأناها منذ نحو الثلاث سنوات، ولم نعرف كيف نحافظ عليها لبضعة أشهر، حتى نتمكن من تجذيرها. ولم يكن من سوء حظنا فقط أن يكون لدينا نظام موغل في استبداديته، بل زاد من سوء الحظ افتقاد العالم زعامات تاريخية تدرك أخطار إعطاء الشرعية للنزاع المسلح، بخاصة في بلد يخلو تقريباً من منظمات عمل مدني ومن أحزاب سياسية، وتؤمن بأن السلم العالمي يبنى أولاً في المجتمعات المحلية.

علينا كسوريين أن نرى الأمور على حقيقتها، علّنا نتمـكن من الاستعداد لاستعادة دورنا في حل أزمتنا. هذا الدور الذي أُبعدنا عنه الآن، ليقتصر على أن نكون مجرد مراقبين للمقتلة السورية.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى