صفحات مميزة

مقالات لكتاب سوريين تناولت “داعش”

 
أبعد من الموصل: نُذُر نهاية الحلم الأمريكي في العراق/ صبحي حديدي
لم يبالغ باتريك كوبرن، في الـ»إندبندنت» البريطانية، حين اعتبر أنّ سقوط مدينة الموصل، ثمّ زحف القوّات العسكرية المناوئة لحكومة نوري المالكي إلى ما بعد تكريت؛ هو «نهاية الحلم الأمريكي»، في العراق. وقد يضيف المرء أنّ تباشير تلك النهاية تشمل أيضاً ذلك النطاق الأوسع، الذي خطّط له «المحافظون الجدد»، وانخرط في تنفيذ خطواته الأولى فريق الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، بتنظير من أمثال إرفنغ كريستول، بول ولفوفيتز، ريشارد بيرل، وغاري شميت؛ وبمتابعة، على الأرض، في أمريكا وخارج المحيط، من أمثال ديك شيني، دونالد رمسفيلد، كوندوليزا رايس، إليوت أبرامز، ودوغلاس فايث.
خير للمرء أن ينتظر اتضاح الأمور، أكثر، وأفضل، في المشهد العراقي الراهن، وما إذا كان انتزاع مدينة مثل الموصل (ثاني مدن العراق، ومركز السنّة الأوّل)، وأخرى مثل تكريت (في قيمتها الرمزية، بوصفها مسقط رأس صدّام حسين)؛ سوف يتطوّر، بالفعل، إلى انتفاضة شعبية سنّية الطابع، تتجاوز «داعش» والعشائر والوحدات النقشبندية والضباط المنشقين. خير للمرء، أيضاً، أن يتأنى في قراءة الاحتمالات الاخرى للمشهد، كأنْ يكون المالكي هو الذي بيّت هذا الانهيار الدراماتيكي للوحدات الموالية، مما يجعله أقرب إلى انسحاب متعمد منظّم، يمكن ان يحقق للمالكي سلسلة أغراض كثيرة خبيثة.
بين هذه الأغراض، ثمة فرصة إحداث فتنة، في الموصل ومحيطها، بين مختلف الطوائف من جهة، والكرد والتركمان من جهة أخرى، وتحويل الفتنة إلى مواجهات مسلحة، تستدعي تدخّل قوّات الـ»بيشمركة» الكردية، وربما الجيش التركي، لحماية التركمان مثلاً. غرض آخر هو إطلاق يد «داعش» في المنطقة، كي تعيث فيها فساداً، وتكرر سيناريوهات مدينة الرقة السورية، فتحلل وتحرّم وتكفّر، وتزيد وطأة المخاوف الأهلية من شبح «الخلافة الإسلامية»؛ فضلاً عن تمكين هذا التنظيم من «اغتنام» أسلحة ثقيلة، يتعمد الجيش العراقي تركها في المخازن، وتتولى «داعش» نقلها إلى داخل وحداتها المقاتلة في سوريا. غرض ثالث هو مسارعة المالكي إلى استغلال الوضع، ومطالبة البرلمان العراقي بفرض قوانين الطوارىء، الأمر الذي سيتيح له سلطات استثنائية ضدّ جميع خصومه، وضدّ المجتمع بأسره.
وفي العودة إلى حلم أمريكا في العراق، كانت أولى علائم فضحه قد أتت من الأمريكي سكوت ريتر، الذي كان أشهر مفتّشي الـ»أونسكوم»، لجنة الأمم المتحدة التي كُلّفت بنزع أسلحة الدمار الشامل في العراق؛ قبل أن يتقدّم باستقالة مدوية، ويصدر كتابه الثاني، «الحرب على العراق»، مفنداً ذرائع بوش الابن في تبرير شنّ الحرب. ولقد سرد ريتر الحجج المضادة التالية: 1) لا توجد رابطة بين صدام حسين و»القاعدة»؛ و2) إمكانيات العراق، الكيميائية والبيولوجية والنووية، دُمّرت في السنوات التي أعقبت حرب الخليج؛ و3) المراقبة عن طريق الأقمار الصناعية كانت، وتظلّ، قادرة على كشف أيّ مراكز جديدة لإنتاج الأسلحة؛ و4) الحصار منع العراق من الحصول على معظم، وربما جميع، المواد المكوّنة لصنع تلك الأسلحة؛ و5) تغيير النظام بالقوّة لن يجلب الديمقراطية إلى العراق؛ و6) عواقب حرب أمريكا على العراق خطيرة للغاية، على الشرق الأوسط بأسره.
لكنّ بوش كان، في المقابل، بحاجة ماسة إلى هذه المغامرة العسكرية (التي سيقول إنها كانت «نبيلة وضرورية وعادلة»)، لأسباب ذاتية تخصّ إنقاذ رئاسته الأولى ومنحها المضمون الذي شرعت تبحث عنه، بعد مهزلة إعادة عدّ الأصوات في فلوريدا؛ وبالتالي صناعة ـ وليس فقط تقوية ـ حظوظه للفوز بولاية ثانية. وكان بحاجة إلى هذه الحرب لأنّ مصالح الولايات المتحدة تقتضي شنّها، لثلاثة أسباب ستراتيجية على الأقلّ: 1) تحويل العراق إلى قاعدة عسكرية أمريكية ضخمة وحيوية، تخلّص أمريكا من مخاطر بقاء قوّاتها في دول الخليج، وما يشكّله هذا الوجود من ذريعة قوية يستخدمها الأصوليون لتحريض الشارع الشعبي ضدّ الولايات المتحدة، وتشجيع ولادة نماذج جديدة من المنظمات الإرهابية على شاكلة «القاعدة»؛ و2) السيطرة على النفط العراقي، التي تشير كلّ التقديرات إلى أنه الآن يعدّ الإحتياطي الأوّل في العالم، أي بما يتفوّق على المملكة العربية السعودية ذاتها؛ و3) توطيد «درس أفغانستان» على صعيد العلاقات الدولية، بحيث تصبح الهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط، ومعظم أجزاء العالم في الواقع، مطلقة أحادية لا تُردّ ولا تُقاوم.
ولسوف يقول، ويعيد ويكرر، إنّ «العراق الحرّ ستحكمه القوانين، لا الدكتاتور. والعراق الحرّ سيكون مسالماً وليس صديقاً للإرهابيين أو تهديداً لجيرانه. والعراق الحرّ سيتخلى عن كلّ أسلحة الدمار الشامل. العراق الحرّ سيضع نفسه على طريق الديمقراطية». كولن باول، وزير خارجية بوش وسيّد الحمائم آنذاك، سوف يزيد في الطنبور نغماً: إنّ «ما نريده من العراق هو أمّة خالية من أسلحة الدمار الشامل، أمّة لها شكل تمثيلي في الحكم، تعيش بسلام مع جيرانها، لا تضطهد شعبها، وتستخدم ثروة العراق لصالح شعب العراق. أمّة لا تزال أمّة واحدة، لم تتشظّ إلى أجزاء مختلفة. ولسوف أضيف عنصراً ثانياً: مثال للمنطقة ولبقيّة أرجاء العالم. دولة مارقة ذهبت. مكان كان مصدراً للتوتر وعدم الإستقرار ولم يعد مكاناً للتوتر وعدم الإستقرار».
رمسفيلد، وزير الدفاع والقائد التنفيذي لفريق الصقور، عدّد سلسلة أهداف عامّة تسعى إليها الإدارة من وراء احتلال العراق، ثمّ اختصر الأمر في أعقاب سقوط بغداد على النحو التالي: «إعادة العراق إلى العراقيين»… ليس أقلّ! جيوشه على الأرض كانت منهمكة في إنزال أحمد الجلبي في الناصرية على حين غرّة؛ وفتح شوارع البصرة وبغداد أمام اللصوص والمشاغبين وناهبي المتاحف والبيوت والدوائر الرسمية؛ وحراسة مبنى واحد وحيد في بغداد كلّها: وزارة النفط العراقية!
في مستوى آخر، يخصّ التنظير الأعلى ذرائعية، نشر هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق و»حكيم» الدبلوماسية اليانكية، مقالة مسهبة بعنوان «دروس من أجل ستراتيجية مخرج»، اعتبر فيها أنّ «الحرب في العراق لا تخصّ الشأن الجيو ـ سياسي بقدر ما تدور حول صدام الإيديولوجيات والثقافات والعقائد الدينية. ولأنّ التحدّي الإسلامي بعيد النطاق، فإنّ الحصيلة في العراق سيكون لها من المغزى العميق أكثر ممّا كان لفييتنام؛ إذْ لو قامت، في بغداد أو في أيّ جزء من العراق، حكومة على شاكلة الطالبان أو دولة أصولية راديكالية، فإنّ موجات الصدمة سوف تتردّد على امتداد العالم المسلم. والقوى الراديكالية في البلدان المسلمة، أو الأقليات المسلمة في البلدان غير المسلمة، سوف تتجاسر في هجماتها على الحكومات القائمة. ولسوف تتعرّض للخطر السلامة والاستقرار الداخلي في كلّ المجتمعات الواقعة ضمن نطاق الإسلام المتحزّب»…
ولقد كُتب الكثير في وصف انقلاب السحر على الساحر الأمريكي، بينها رأي الرئيس الأمريكي الحالي، باراك أوباما: هذه الحرب، الأطول من الحربين العالميتين الأولى والثانية، والأطول من الحرب الأهلية الأمريكية، جعلت أمريكا أقلّ أماناً، وأضعفت نفوذها في العالم، وزادت من قوّة إيران، وعزّزت حركة «طالبان» وكوريا الشمالية وتنظيم «القاعدة»… ما لم يقله أوباما هو أنّ هذه هي الحال الكلاسيكية التي أخذت تنتهي إليها جميع حروب الإمبراطورية الأمريكية المعاصرة، بوصفها أسوأ مَن يستخدم الجبروت العسكري، وبالتالي أردأ مَن يتعلّم دروس التاريخ.
ومن شِيَم التاريخ أنه لا يتخلّف عن تلقين الدرس، حتى إنْ أبطأ أو تأخر، وسواء تعرّجت به الطرق أم استقامت…

٭ كاتب وباحث سوري يقيم في باريس

 

العراق على طريق سورية؟/ ميشيل كيلو
سأل أحد المثقفين السوريين صديقاً عراقياً عن مآل الأحوال في العراق، فأجابه بسؤال: ألا ترى كيف نسير بخطى حثيثة على طريقكم، أما الدليل فواضح للعيان، ذلك:
– أن رئيس وزرائنا، نوري المالكي، يمارس السياسة، كبشار الأسد، بمنطلقات طائفية مشبعة بحقد مذهبي، يتوهم أنه قادر على حلّ مشكلات الماضي في حاضرنا، وعلى الرغم منه، كما أن المالكي مسؤول، بصورة مباشرة، عن تحويل مطالب شعبية محقة إلى حرب طائفية منظمة، تشنها سلطته، بجيشها وأجهزة قمعها، ضدّ من قدموها إليها من أهل الأنبار. يكرر المالكي، ما فعله بشار في سورية، حين حول مطالب وصفها، هو نفسه، بالمحقة إلى حرب طائفية ضروس ضد شعبه، بحجة أنه خاضع للأصولية والإرهاب، ولا يستحق الحياة.
– أن المالكي فرز العراقيين إلى جبهتين متناحرتين: شيعة موالون وسنة معارضون، وبدأ الحرب ضد “المعسكر” المعادي، لكي يؤجج العداء بين أبناء الشعب الواحد، وسط اصطفاف إقليمي، سبقه بشار الأسد إليه، وضع العراق في سلة إيران التي تخترقه، جيشاً وحكومةً وشعباً، وسمح لقواتها الرسمية و”الشعبية” بدخول بلاد الرافدين لخوض حرب تدافع فيها عن مصالح مشروعة ضد جهةٍ عراقية تهددها. بذلك، اقتدى المالكي بما سبقه الأسد إليه، وحوّل مطالب داخلية محقة إلى صراع خارجي، اعتبره الخارج سانحةً، تجيز له التدخل فيه، وحرفه عن طابعه الداخلي، الخاص، المتصل بطلب حقوق شعبية من الحكومة العراقية.
” تلفت النظر السرعة التي اجتاز العراق بها درباَ استغرق قطعها في سورية ثلاثة أعوام ونصف العام، كأنما يجب الإسراع في تدمير المشرق العربي، لأغراض في نفس من سارعوا إلى دعم المالكي، وتسليح الجيش العراقي بما كانوا ينكرون حقه في الحصول عليه”
– أنه استخدم، بصورة متزايدة، طرق الحرب التي اعتمدها الأسد ضد شعبه، بعد شقه إلى معسكرين متعاديين، يدعم الخارج الإيراني أحدهما، ويعينه على خوض صراع مذهبي الطابع، تطبق فيه، أكثر فأكثر، أساليب ووسائل يستخدمها نظام الأسد المذهبي والفئوي في سورية: من القتل الجماعي، إلى المجازر ضد المدنيين من مختلف الفئات والأعمار، إلى استخدام مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة، بما فيها البراميل المتفجرة والصواريخ البعيدة المدى، إلى تطويق المدن والتجمعات البشرية الكبيرة وحصارها، وقطع الماء والكهرباء عنها وتجويعها، إلى اقتحامها بالقوات الخاصة، وأخيراً إلى تدمير المدن والقرى على رؤوس ساكنيها، والفتك بالخارجين منها، وتحويلهم إلى مشردين داخل العراق، وقريباً، كما أخشى، إلى لاجئين في الخارج.
تلفت النظر، هنا، السرعة التي اجتاز العراق بها درباً استغرق قطعها في سورية ثلاثة أعوام ونصف العام، كأنما يجب الإسراع في تدمير المشرق العربي، لأغراض في نفس من سارعوا إلى دعم المالكي، وتسليح الجيش العراقي بما كانوا ينكرون حقه في الحصول عليه، وخصوصاً الطائرات السمتية المتطورة، من طراز أباشي المعدل، والتي طالما رفضوا بيعها له قبل المعارك الأخيرة.
والآن: هل المطلوب من لحاق العراق بسورية، ومن حرب المدن هناك، والتي بدأت منذ شهرين، استكمال تدمير المشرق الذي يشهد تصاعداً واسعاً في إرهاب الدولة، وأجهزتها الطائفية والفئوية، المافيوية الطراز والمهمات، وإرهاب حلفائها وخصومها من الأصوليين؟ وهل ستطول الحرب، وتمتد من المتوسط إلى الخليج العربي وحدود إيران، بدل أن تذهب إلى الخليج، مع ما يضمره امتدادها من ضراوةٍ في صراع القوى الإقليمية والدولية، ومن دمار مراكز حضاريةٍ تاريخيةٍ، وقضاءٍ على فرص تقدم شعبي سورية والعراق، بما لهما من ديناميكيةٍ داخليةٍ نشطة، وخبرة تاريخية في بناء دول متقدمة وكبيرة، أم أن تدمير سورية والعراق سيكفي لتغيير بنية المنطقة العربية الاستراتيجية برمتها، وطبيعة علاقاتها مع “إسرائيل” وبقية بلدان الإقليم؟ وهل يتحول ما يجري إلى بداية حرب مذهبيةٍ إقليمية الطابع دولية القيادة والنتائج، تورط إيران، وربما روسيا، في مأزق عميق، لن تكون نهايته لصالحهما، مهما بذلا من جهد، بالنظر إلى أنها ستتكفل باستنزافهما فترة طويلة، وستعطي خصومهما الوقت الكافي لإنتاج الوضع الذي يريدونه داخل المنطقة العربية، وما وراء حدودها؟
بدل أن يبتعد المالكي، عن السياسات التي تبناها الأسد في سورية، ويلاقي الشعب العراقي في منتصف الطريق، اعتمد نهجها بحماسة وطبقها باندفاع، على الرغم من النتائج الرهيبة التي ترتبت عليها، في الفترة القصيرة الماضية، بالنسبة إلى سورية، وستترتب عليها في العراق: الدولة التي انخرطت عقدين في حروب خارجية عبثية، ولن تفضي أية حرب داخلية تخوضها إلا إلى مزيد من دمار مجتمعها ودمارها هي. وبعد أن قطع تدمير سورية شوطاً مهماً، يدخل العراق، منذ أشهر، إلى وضعٍ سوري، تبينت بعض مفرداته، ويتّحد المشرق في محنةٍ، يعلم الله وحده إلى أين ستقوده، تمد أميركا فيها نظام المالكي بأسلحةٍ نوعيةٍ، ترفض تقديم بعضها إلى من يقاتلون نظام الأسد، ربما خشية إسهامها في تقصير أمد الحرب، أو إنهائها.
أليس في هذا كله ما يستوجب مواجهة شعبية سورية/عراقية مشتركة، ومنسقة، للقتلة الرسميين والإرهابيين الأجانب في البلدين الشقيقين؟
العربي الجديد
شماعة “داعش” / بشير البكر
تنظيم “داعش” هو الوحش الخفي والظاهر، الذي يعرفه الجميع، ولا يستطيع أن يحيط به أحد. هناك سوء تقدير لحجمه، ومبالغة في الوقت نفسه. لم يرسم له أحد صورة حقيقية حتى الآن، لا العرب، ولا الغرب، ولا حتى العجم. ربما كان تقاطع المصالح وراء تعميم هذه الوضعية الهلامية.
هناك تقديرات متداولة عن قوة هذا التنظيم، أغلبها متحرك، لا يستقر على حال. الأمر الوحيد الثابت هو أنه خليط غير متجانس من المقاتلين القادمين من بلدان عربية وأجنبية، لكن الأوروبيين وحدهم الذين أعطوا أرقاماً تقريبية لعدد المقاتلين، الذين التحقوا به من أوروبا، وهم قرابة ثلاثة آلاف، ولكن، لم يأخذ أحد هذه الإحصائية التقريبية على أنها قاطعة ونهائية.
طالما أن “داعش” يحارب في الصحارى، ويختار أهدافاً لا تقترب من المصالح الحيوية، فإن ضرره غير مأخوذ على محمل الجد، ولذا، لم يتحرك طرف دولي للوقوف على الأضرار التي ألحقها بالثورة السورية، فهو، على سبيل المثال، استولى على المدينة السورية الوحيدة التي تحررت من سيطرة النظام بالكامل، أي الرقة، ويحارب منذ حوالي سنة أطراف المعارضة السورية المسلحة كافة، الإسلامي وغير الإسلامي، ولم يتدخل أحد لمساندة السوريين من أجل إبعاده عن أراضيهم، على الرغم من أن السبب الأول لإعلان السوريين الحرب عليه، هو من أجل نفي صبغة التطرف عن ثورتهم.
ليس من المبالغة القول إن “داعش” أعاق إنهاء وجود النظام السوري في مناطق شمال سورية وشرقها، في ريف حلب ودير الزور والحسكة، حتى أن قطاعاً واسعاً من السوريين بات على قناعة راسخة بأن “داعش” يتبع كلياً الأجهزة السورية والإيرانية، ويعمل وفق الأجندتين، السورية والإيرانية.
ثمة روايات كثيرة عن علاقة تنظيم القاعدة بالنظامين، السوري والإيراني، ومنها ما يذهب بعيداً في القدم إلى حرب أفغانستان، وهناك معلومات مؤكدة أن النظامين استخدماه، مرة، في صورة مباشرة، ومرة كواجهة، وقد حفلت روايات العائدين من أفغانستان، عبر الأراضي الإيرانية، بعد هزيمة حركة طالبان في 2001، بأسرار مثيرة عن دور الأجهزة الإيرانية في رعاية مقاتلي هذا التنظيم، خصوصاً من الجنسيات السعودية واليمنية. وبدوره، لعب النظام السوري ورقة التنظيم ضد الاحتلال الأميركي في العراق، وكانت خطة الأجهزة السورية قائمة على إنهاك الأميركيين في العراق، من أجل إشغالهم عن إزعاج النظام السوري، انطلاقاً من الأراضي العراقية، ولهذا السبب، أفرج عن آلاف المعتقلين الإسلاميين من سجونه، وأرسلهم إلى العراق من أجل مقاتلة الأميركيين، وقد تطوع شيوخ دين بإصدار فتاوى، تعتبر أن مهادنة النظام السوري واجبٌ، يبرره قتال الأميركيين في العراق. وما قضية “فتح الإسلام” في لبنان، ومعارك مخيم نهر البارد، إلا أحد فصول هذه اللعبة الاستخباراتية الجهنمية التي أجادتها أجهزة أمن النظام السوري، بحرفية عالية، وباعت واشترت بمقتضاها سنوات طويلة.
وفي السياق ذاته، هناك من ذهبت به الظنون إلى اعتبار “داعش” خيمة كبيرة، تقف في ظلها أطراف كثيرة، وهي تتجاوز تنظيم القاعدة الأم بقيادة أيمن الظواهري، إلى “دواعش”عدة، سورية، إيرانية، سعودية، وهناك من يجزم بأن المسؤول السابق للاستخبارات السعودية، الأمير بندر بن سلطان، استطاع، منذ سنوات، اختراق التنظيم، ولعب دوراً مهماً خلال تسلمه الملف السوري، من أجل تقوية الجناح السوري داخل القاعدة.
القسط الأكبر من الريبة في سلوك هذا التنظيم نابع من أدوار أداها على الساحة السورية في الأعوام الماضية، فإلى يومنا هذا، لم يسجل أنه خاض معركة واحدة ضد النظام، بل إنه دأب على احتلال المناطق التي حررتها الثورة من النظام.
إلى حين انفجار الوضع في العراق، ودخول “داعش” على خط الاحتجاجات، لم يكن أحد يعتقد أن تنظيم أبوبكر البغدادي يمكن أن يظهر على الساحة بهذه القوة، لكنه غافل الجميع، وركب موجة الاحتجاجات في العراق في اللحظة المناسبة، بعد أن نضج الوضع ضد رئيس الوزراء، نوري المالكي، وعلى الرغم من أنه ليس الطرف الرئيسي المحرك للوضع الميداني، لكن الأطراف المحلية والإقليمية والدولية العاجزة، صاحبة مصلحة في أن ترمي فشلها على ظهر “داعش”، وكما تمت “شيطنة” الثورة السورية، يدأب إعلام المالكي والأطراف الإقليمية والدولية في نسب التحركات الاحتجاجية في العراق إلى “داعش”.
الحراك العسكري الذي بدأ في العراق، قبل أيام، هو نتيجة حراك سلمي، انطلق في المناطق السنية في نهاية عام 2012، وكانت مطالب التحركات الشعبية تصب كلها في وقف سياسة التمييز، المطبقة ضد هذه المناطق بشكل منهجي، منذ احتلال العراق عام 2003، لكن المالكي كابر، واتجه إلى التصعيد، وهو، منذ أشهر، يشن حملة عسكرية على الفلوجة، بذريعة محاربة “داعش”، ووصل به الأمر إلى استعارة نموذج الموت الذي عممه بشار الأسد، عن طريق البراميل الجوية. وتؤكد ردود فعل المالكي أن منتهى طموحه كان أن تتحول الانتفاضة السلمية إلى انتفاضة مسلحة، لكي ينسبها الى “داعش”، ويضع نفسه في نادي دعاة “الحرب على الإرهاب”.
يقف خلف المالكي الإيرانيون والأميركيون، على حد سواء، وهم، اليوم، يتخذون الموقف نفسه من الحراك القائم ضده، لكن تطورات الأيام القليلة الماضية برهنت على أنه لا يكفي أن تكون طهران وواشنطن معه، لكي يكون النصر حليفه، بل على العكس، وقع ضحية حسابات خاطئة، ولم يتعلم من دروس الخيار الانتحاري الذي سار به الأسد في سورية، وكانت الطريق إلى الحل التوافقي أقصر، وأقل كلفةً بما لا يقاس، منها إلى الحرب.
العربي الجديد
سوريا بين الأفغنة والصوملة/ رياض نعسان أغا
أحد الكتاب الصوماليين اعترض على المقاربة بين ما يحدث في سوريا وبين ما حدث في الصومال، ورأى وضع سوريا أخطر بكثير، ولكن الأخضر الإبراهيمي استعاد المقاربة وهو يودع مهمته الفاشلة معتذراً عن الفواجع التي انتهت إليها، منذراً بعتمة طويلة في النفق الذي ستدخل فيه المنطقة. وربما يعترض كاتب أفغاني أيضاً عن مقاربة مع ما حدث في أفغانستان مع ما يحدث في سوريا على رغم أن «طالبان» تتجدد اليوم مع اقتراب ظهور دولة «داعشستان»، وقد بدا الامتداد المفاجئ لـ«داعش» في العراق دون مقاومة تذكر أمراً غامضاً تحار التحليلات في فهمه وتفسيره. والعجب أن تسلم الموصل لـ«داعش» كما سلمت الرقة دون مقاومة! وقد فسر المعارضون السوريون استسلام الرقة لـ«داعش»، وعدم مقاومة النظام لظهورها بأنه محاولة ذكية من النظام لتمكين الإرهاب كي يظهر بديلاً عن النظام العلماني مما سيعزز حضور النظام، ويرشحه للبقاء والالتحام بالمجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب، وقد اعتقد كثير من المحللين أن النظام هو الذي مكن هذه التنظيمات المتطرفة كي يخلط الأوراق ويوجه الأنظار إلى أنه يقاوم إرهاباً وليس ثورة شعبية ذات مطالب مشروعة.
والواضح أن النظام نجح في ذلك، فقبيل مفاوضات جنيف ظهر طرح دولي على المعارضة السورية يقترح تحالفاً بينها وبين النظام لمقاومة الإرهاب، وسمعنا عن دعوات للجيش الحر تقترح عليه أن يتوقف عن معاداة النظام وأن يلتحق به لمكافحة الإرهاب، وحين رفض التحول إلى حرب أهلية، وشكك في موقف هذه التنظيمات التي لم تحارب النظام ولم يحاربها، توقف عنه الدعم من أصدقاء سوريا. وانهمرت عشرات آلاف البراميل المتفجرة فوق المدن والقرى في قصف يومي عشوائي، بينما لقيت المجموعات المتطرفة دعماً عسكرياً واضحاً مع تفكك وانهيار مبرمج في صفوف المعارضة المعتدلة على رغم أنها وافقت على الحل السياسي وبناء مرحلة انتقالية حسب مؤتمر «جنيف 2» الذي لم نلحظ فيه جدية حتى من قبل من صاغوا بياناته ومن دعوا إليه
وسر الغموض الذي يجعل التحليلات فيما يحدث غائمة أن قوى «داعش» لم تظهر فجأة، وأن تسليحها لم ينزل عليها من السماء، وبالتأكيد لم تفاجأ بها قوى المجتمع الدولي ومخابراته المنتشرة حتى في أصغر أحياء سوريا والعراق، وليس مقنعاً الاعتقاد بأن «داعش» أقوى من أن تخترقها تلك القوى، وأنها مستقلة في قرارها، وليس لها نصير قوي يمدها بالسلاح والعتاد والأموال، وهنا يبرز السؤال المحير «ما سر هذا الدعم الذي تلقاه داعش؟ وما المخطط الذي يتم تنفيذه؟ ولمصلحة من ستظهر دولة دينية في قلب الشرق الأوسط؟ وهل سيعترف بها أحد؟».
ولم يعد مقنعاً أن يقال: إن امتداد هذه الدولة إلى العراق يخدم النظام السوري أو يخدم المالكي أو إيران، فهؤلاء جميعاً سيكونون من الخاسرين حتى لو هادنوا دولة «داعش»، وحتى لو خاضوا حرباً مستقبلية مكلفة معها. وأما القول: إن الولايات المتحدة هي التي تدعم «داعش» فهو اتهام يحتاج إلى فهم أعمق، فالولايات المتحدة جربت ذلك حين أسست حركة الأفغان العرب لمساعدتها في طرد الروس من أفغانستان، وحين دعمت بشكل خفي حركة «طالبان» (وهذا ما أكدته بشكل صريح هيلاري كلينتون مؤخراً في تصريح منشور) ثم ما لبثت الولايات المتحدة أن حاربت «طالبان» بقوة، فهل يعقل أن تكرر خطيئتها وهي تعلم أن إعادة المارد إلى القمقم ليست بسهولة إخراجه؟ وقد يرفض رأيي بتبرئة الولايات المتحدة من دعم «داعش» من سيطلبون تفسيراً لصمت الولايات المتحدة الطويل الذي جعل سفيرها في سوريا يعلن عجزه عن الدفاع عن سياستها ويقدم استقالته، وهذا سيوقعني في حيرة تشبه حيرة الفلاسفة المؤمنين في مسألة المسيّر والمخير، فهل قويت «داعش» رغماً عن الغرب كله؟ وهل سيغامر العالم بإظهار دولة دينية سنية في أخطر مناطقه بين دولة إسرائيل اليهودية ودولة إيران الشيعية التي يمتد نفوذها إلى جنوب لبنان مروراً بسوريا؟ هل هو في صالح العالم ظهور دول دينية تتصارع في الشرق الأوسط على بوابة تركيا التي تنعكس عليها هذه الأزمات بشكل مباشر وهي عضو في «الناتو»؟ وهل تضحي الولايات المتحدة بصداقاتها التاريخية مع السعودية وبعض دول الخليج فتميل إلى إيران علانية وتدعم نفوذها الشيعي بهدف تحويل اهتمام المنطقة من الصراع العربي الإسرائيلي إلى صراع سني شيعي مفتعل؟
وفي جحيم التطورات المريعة في المنطقة تكبر معاناة السوريين المشردين، وتصبح قضيتهم ثانوية وهامشية، وتتوجه الأنظار اليوم إلى العراق، وتنضم إلى قوافل النازحين السوريين قوافل جديدة من النازحين من الموصل وغيرها من المدن التي غزتها «داعش»، وسيجد الأكراد والأتراك أنفسهم مضطرين للدخول في عمق الصراعات التي تهدد أمن المنطقة كلها، وسيكون الخطر المحتمل أكبر في لبنان والأردن. وأما سوريا فالخطر الأكبر فيها أن يطالها مشروع التقسيم الذي بت أخشى أن يكون توسع «داعش» بداية عملية له لرسم خريطة جديدة، يكون نصيب السنة فيها دولة الإرهاب التي يحاربها العالم كله، ونصيب الباقين دولة شيعية يقودها «حزب الله» السوري الذي سيحل محل حزب «البعث» في القيادة وستحل محل شعارات العروبة والرسالة الخالدة، والوحدة والحرية والاشتراكية رايات مذهبية سترجع بالشام إلى صراعات القرن السابع الميلادي!
ويبدو أن الأحداث المأساوية الراهنة تجاوزت أفكار مسارح العبث واللامعقول، وكثيراً ما أجدني أسائل نفسي: هل فقدت الأمة حكمتها؟ ومن ذا الذي يقود وعيها إلى هذه الهاوية؟ وكيف يمكن أن تخوض أمتنا صراعات طائفية ومذهبية بين سنة وشيعة، بين عرب وفرس وترك وكرد، والعالم يتحدث عن العولمة وعن القرية الكونية وعن قيم الديمقراطية والتعددية والتنوع الفكري والثقافي؟ أين العقلاء في العالم كله ولمَ يصمتون عن الانحراف الخطير في أهم مواقع العالم تأثراً وتأثيراً؟ وكيف تم القضاء على جوهر مطالب الشعب السوري؟ وهل تكون عقوبة الشعب السوري لأنه طلب الحرية والكرامة أن يقتل ويعتقل مئات الآلاف من أبنائه وأن تقسم سوريا ويشرد الملايين، وتدمر كل البنى التحتية، وتصير سوريا أرضاً خراباً؟
لقد بتنا نخشى أن يستمر الصمت الدولي وتستمر الحرب المجنونة، فلم تعد هناك مبادرات للحلول، ولم يقدم النظام أية مبادرات إيجابية من طرفه تعبر عن مراجعة وطنية، فحتى العفو الذي صدر مؤخراً تم تفريغه من مضمونه حين اشترط أن يسلم المحكومون أنفسهم لأجهزة الأمن.
واليوم تبحث غالبية الشعب السوري عن مخرج من المستنقع الآسن الذي رميت فيه سوريا، وعن حلول ممكنة مقبولة تنقذ ما تبقى أو ما يمكن إنقاذه، ولكن ما يحدث من تصعيد في المنطقة كلها يجعل الطريق معتمة بل هي تدخل في نفق أشد ظلماً وظلاماً.
الاتحاد

 

اجتياح داعش ام ثورة سنية؟/ فادي . أ . سعيد
كان اختيار داعش عشية انطلاق كأس العالم لانطلاق حملتها باتجاه شمال وغرب العراق “ضربة معلم” تذكّر بحملات الاعتقال التي كان يشنها النظام السوري عشية كل حدث دولي او اقليمي كبير!
هذا التوقيت إضافة لفرار الجيش العراقي من وجه جيش داعش، الذي يذكّر بفرار هذا الجيش بمجرد سقوط بغداد إبان الغزو الامريكي لها، يشير الى احتمال اتفاق مبطن بين قيادات في الجيش العراقي وقيادات داعش التي يشكل بعثيون سابقون بعض اهم قياداتها، كما الرجل الثاني فيها الذي قبض عليه قبل ايام في الموصل.
وفي الوقت الذي تتقدم فيه قوات داعش باتجاه بغداد يشير ناشطون الى ما يشبه انفجار المناطق السنية العراقية التي عانت ضغطاً كبيرا وطويلا من سياسات المالكي الذي أقصى السنة وتجاهل الكرد الذين استغلوا الفرصة فاستولوا على المنشآت الحساسة في كركوك الجوهرة المشتهاة من الكرد العراقيين..
ظلم كبير في مستويات سياسية واقتصادية :
الظلم الكبير الذي عاناه سنة العراق من نظام المالكي وساسة التمييز والتهميش للسنة في ولايتيه الاولى والثانية لم يذهب سدى، فلا شيء يفنى في قوانين المجتمع كما في قوانين الفيزياء. والحصار والتضييق تحوّل الى ما يشبه ثورة مسلحة يعدّ لها مئات من العراقيون منذ ما يقرب من سنة بدأت في تظاهرات سلمية واسعة في المناطق السنية، ولا ننسى انتفاضة العشائر السنية في الانبار ضد المالكي التي قابلها المالكي باعتقالات واسعة في صفوف السنة وقصف بعض المناطق السنية المتمردة عليه وبترشيح نفسه لولاية ثالثة!
مصادر سياسية عراقية استنكرت الضجة الاعلامية العربية والدولية التي تصوّر الثورة السنية على انها اجتياح داعشي، واوضحت أن أربعة فصائل مسلحة غالبيتها من السنة توحدت جهودها في العمليات الأخيرة وشاركت في تحرير المدن العراقية وإطلاق سراح قرابة ثلاثة آلاف معتقل في سجون حكومة “المالكي”. وتضيف المصادر أن العملية أطلق عليها من قبل “المجلس العسكري لعشائر الموصل” اسم “انتفاضة العزة والكرامة”.
والفصائل هي : “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) ، و”المجلس العسكري لثوار العشائر/ قطاع الموصل”، و”جيش رجال الطريقة النقشبندية” وهم من البعثيين ويتبع لعزت الدوري، و”جيش المجاهدين”.
“بيجي” او الموت: موارد داعش
حاصرت خمسين سيارة لداعش اضخم مصفاة نفط في العراق مصفاة بيجي التي تزود مدن العراق باكمله بالمشتقات النفطية، وقال عناصر من داعش انهم جاؤوا للسيطرة على المصفاة وردد بعضهم ” بيجي او الموت”!
بنت داعش اقتصادها من الاستيلاء على آبار النفط والمصانع ومن الخوات الشهرية التي كانت تتقاضاها من اصحاب المصانع والمعامل والورش وكان تردد اصحابها في الدفع لداعش يؤدي إلى القتل او تفجير المنشأة. كذلك كان هناك ضريبة جمركية على كل شاحنة تجارية تعبر حواجز داعش … الامر الذي جعل رواتب داعش عالية بالنسبة لبقية التنظيمات الاسلامية في العراق وسورية، الامر الذي جعل آلاف الشباب العاطلين عن العمل ينتسبون إليها وسط تنامي عدد العاطلين والفقراء والمهمشين نتيجة سياسات المالكي….
ضباط بعثيون في قيادات داعش:
وليد جاسم العلواني نقيب في الجيش في عهد صدام. رئيس المجلس العسكري لداعش.
العميد الركن محمد الندى الجبوري مسؤول اركان المجلس العسكري في تنظيم داعش، وهوعضو قيادة فرقة حزب البعث، قتل في عام 2008 في الموصل.
أبو فيصل الزيدي من اكثر أصحاب البغدادي في السيدة زينب، وهو عميل البعث السوري ومخابرات لنظام.
أبو علي الخليلي كان ضابطا في التنظيمات الفلسطينية في العراق أيام صدام، ومن “فدائيي صدام”، وبعد عودته إلى سوريا نسق مع مخابرات علي مخلوف المسؤول في امن الدولة ليقود عملاً في العراق.
حجي بكر(سمير الخليفاوي) وهو مساعد البغدادي، والمشرف على داعش فرع سوريا، عقيد طيار في النظام العراقي السابق وعضو شعبة في تنظيمات الانبار، قتل في بداية عام 2014.
أبو مهند السويداوي،عدنان لطيف السويداوي، عقيد بعثي من جيش صدام اعتقل لصلته بعزت الدوري، عضو في المجلس العسكري لتنظيم داعش.
عدنان إسماعيل نجم عقيد في الجيش السابق معروف بصلاته التنظيمية في حزب البعث قبل عام 2003. كانت كنيته أبو أسامة البيلاوي. من الأنبار. عضو المجلس العسكري لداعش.
كل هؤلاء وما يزيد عن عشرين ضابطا عراقيا يعملون في قيادات داعش والقاعدة بعد سقوط نظام صدام حسين بتوجيه من المخابرات السورية وقيادة بعث العراق وعزت الدوري، إضافة لمئات العناصر الذين هربوا من سجون العراق وانضموا الى التنظيم تحت انظار نظام المالكي…
تردد في مواجهة داعش ام استدراج لها؟
الموصل، صلاح الدين، ديالى، الانبار، محافظات اربعة احتلتها داعش جزئيا بسرعة البرق وسط ذهول العراقيين والعالم وصمت امريكي وتردد. لكن الخطير ان داعش استولت على طائرات هيلوكبتر واعتقلت اكثر من الفي عنصر من الجيش العراقي في قاعدة سبايكر وهي قاعدة تعود للفرقة 16 ومهمتها حماية خطوط النفط…
ايران لم تبدِ اي رد فعل، لكن اوباما مازال مترددا حتى وهو يقول ان هناك تحركا عسكريا امريكيا محدودا سيحدث في العراق لكن هذا التحرك لن يكون بريا…
لاشك ان اجتياح داعش يكشف عن فضيحة دولية مضمونها صفقة ايرانية امريكية لتسليم العراق للنفوذ الايراني بدليل ان وحدات من الجيش سلمت مواقعها بكامل اسلحتها الثقيلة لداعش فضلا عن هرب وحدات اخرى امامها، وبدليل ان حلف اطلسي يقول منذ ساعات ان لا دور له في العراق!
حرب داعش الآن في العراق وقبلها في سورية تبدو مناسبة جداً لأفضل موضوعات السياسة الدولية في العشر سنوات الاخيرة، أي “مكافحة الارهاب”. فهل يستغل اوباما والروس والايرانيون واوروبا الاحداث الاخيرة كي يتفقوا ويشنوا حملتهم الاخيرة على الإرهاب فتكون الحجّة الكبيرة لتسوية خلافاتهم ويهيئوا الارضية لحل في سورية على جثث داعش وجثث السوريين الابرياء؟
هل سيدفع اوباما ثمناً على مجمل ادائه في سورية والعراق ام يتم تكريمه من قبل شركات السلاح والبترول عن أدائه هذا؟
كاتب سوري

 

بغداد وأربيل وبينهما “داعش”/ هوشنك أوسي
تزامُن احتلال «داعش» محافظة الموصل العراقيّة، مع زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني لتركيا، وبدء المفاوضات المباشرة بين واشنطن وطهران في جنيف، ليس محض صدفة. ذلك أن الاختراق السوري – الإيراني لتنظيم «داعش» الإرهابي، لم يعد يختلف عليه اثنان. فكيف لرئيس الوزراء العراقي، والقائد العام للجيش والقوّات المسلّحة، نوري المالكي، أن يرسل الجيش والتعزيزات العسكريّة لمحاربة «داعش» في الأنبار، ويفسح المجال لها لاحتلال الموصل، عبر إصدار الأوامر لقادة الجيش والشرطة بالانسحاب وعدم مواجهتها، إلاّ إذا كان القرار قد اتخذ في طهران؟!. وعليه، أرادت طهران إرسال رسائل عدّة، عبر إفساح المجال أمام استيلاء «داعش» على الموصل، منها:
1- تحذير تركيا من خطورة الضلوع في بيع نفط كردستان، بمعزل عن بغداد – طهران، والإشارة إلى الأكلاف التي يمكن لتركيا أن تدفعها، في حال توفيرها أي نوع من الغطاء أو الدعم الإقليمي، لانفصال كردستان عن العراق. بدليل أن «داعش» احتجزت نحو 80 مواطناً تركياً، بينهم القنصل، بعد اقتحام القنصليّة التركيّة في الموصل.
2- إبلاغ أميركا والغرب بأن إيران شرطي المنطقة، التي يمكنها أن تلجم الإرهاب أو تطلق له العنان، وتغرق المنطقة به، إذا لم تستجب واشنطن وبروكسيل والغرب عموماً للمطالب الإيرانيّة.
3- تحذير كردستان العراق من أن صمت وصبر طهران على الطموحات والمشاريع السياسيّة والاقتصاديّة المتّجهة نحو الانفصال، له حدود، وهو على وشك النفاد. وأن «داعش» يمكن أن تصل إلى زاخو، آخر نقطة من كردستان على الحدود مع تركيا، في حال استمرّت قيادة الاقليم بمعاندة المالكي.
في المقابل، يمكن لهذه اللعبة الإيرانيّة الخطرة، أن تمنح كرد العراق، ليس فقط الحجّة الدامغة والدليل القاطع على تورّط بغداد في استهداف الإقليم الكردي، عبر «داعش»، بحيث «ينقلب السحر على الساحر» ويفرض الكرد سيطرتهم العسكريّة على المناطق المتنازع عليها، التي كان من المفترض أن تعود تابعيّتها لإقليم كردستان، بموجب تفعيل المادة 140 من الدستور العراقي. ذلك أن الكرد، سنة 2003، بسطوا سيطرتهم على كركوك وقضاء سنجار، إلاّ أنهم انسحبوا منها، كونهم أرادوا حلّ هذه المشكلة في سياق دستوري. والمادة 140 من الدستور العراقي واضحة بهذا الخصوص. وكان من المفترض تطبيق هذه المادّة نهاية 2007. وهذا ما عرقلته الحكومات العراقيّة المتعاقبة. وعليه، فمسألة محاربة «داعش» وتحرير المنطقة من مجاميعها، يمنح كرد العراق فرصة ذهبيّة لفرض سيطرتهم العسكريّة على المناطق المتنازع عليها.
ثمّة رأي مفاده أن المالكي، ومن خلفه طهران، يريدان استنزاف إقليم كردستان، عبر وضعه في مواجهة مباشرة مع «داعش»، مع استمرار فرض الحصار الاقتصادي على الإقليم، وحرمانه من مخصصاته من الموازنة العراقيّة العامّة، أو اختبار القدرة العسكريّة التي يمتلكها الإقليم الكردي، كإجراء استباقي لأي عمل عسكري يمكن ان تقوم به بغداد ضد أربيل. وثمّة رأي آخر، يقول: إن كرد العراق، لن يكتفوا باستثمار أزمة الموصل، وتحريرها من «داعش» وحماية الإقليم الكردي وحسب، بل سيتجاوزون ذلك إلى كسب سنّة العراق، إلى جانب زيادة الضغوط المحليّة والإقليميّة والدوليّة على بغداد وحكومة المالكي.
غالب الظنّ أن أحداثاً دراماتيكيّة ستشهدها المنطقة، هي التعبير الأصدق عن صراع الاجندات والولاءات، ستجلب معها مفاجآت واصطفافات، بات فيها كرد العراق رقماً صعباً لم يعد بالإمكان تجاهله أو تجاوزه أو التحايل عليه. وكدليل على التداعيّات الإقليميّة لاحتلال «داعش» للموصل، عقدُ القيادة التركيّة اجتماعاً موسّعاً حول ذلك، ومطالبتها باجتماع عاجل لحلف الناتو بهذا الخصوص، وتهديد داوود أوغلو، بالردّ على «داعش» في حال تعرّض الرهائن الأتراك لديها بأذى. وبما أن إيران باتت ضالعة في أشكال التوتّر والأزمات التي تشهدها سورية والعراق ولبنان ومنطقة الخليج واليمن، فأي حدث جديد في المنطقة، يملي علينا البحث عن إيران فيه. وإذا ثبت ضلوع طهران في احتلال «داعش» محافظتي الموصل ونينوى، فغالب الظنّ أن الهدف منه ضرب السنّة بالسنّة، والكرد بالسنّة والعكس، وخلط الأوراق، ورفد أزمات المنطقة بالمزيد. ولعل أبرز النتائج الخطرة لهذا التكتيك الإيراني الجهنّمي، هو استيلاء «داعش» على كامل محافظات نينوى والموصل وكركوك العراقيّة، وضمّ محافظتي ديرالزور والرقة السوريتين إليها، بغية تشكيل «دولة العراق والشام» العائمة على بحر من النفط. وهذا ما لن يسمح به الكرد وتركيا، ولا العالم بأسره. يبدو أن يوم انقلاب السحر الإيراني على صاحبه، قد اقترب.
* كاتب كردي
الحياة
“داعش” في العراق: حرب أوكرانيا الثانية/ نائل حريري
ما زلنا نحتفظ في ذاكرتنا بمشهد مدينة بغداد وهي تنهار بلا أدنى مقاومة في التاسع من حزيران العام 2003، ومشهد آخر لمدينة الرقة السورية وهي تسلم تسليماً إلى كل من «حركة أحرار الشام» و«جبهة النصرة» ومنها إلى تنظيم «داعش» بالدرجة نفسها من اللامبالاة. تتكامل الصور مع مشهد الجيش العراقي وهو ينسحب من مدينة الموصل باتجاه إقليم كردستان العراق، بالتزامن مع أوامر بقصف المدينة جواً، وطلب من البرلمان العراقي إعلان حالة الطوارئ في البلاد. إلا أن البرلمان فشل في عقد جلسة لذلك.
كان ذلك متوقعاً، فالعراق يكاد يكون النموذج الأكثر تطابقاً مع سوريا، حيث يعمل تنظيم «داعش» في أماكن متفرقة، بالتوازي مع ثورة شعبية انطلقت بشكلها الأوضح من الأنبار ومنحت غطاء سياسياً في بدايات هذا العام لبدء معارك «كسر العظم» بين العشائر والتنظيم الوليد، في حين أن قوات المالكي نأت بنفسها تماماً كما فعل النظام السوري، منتظرة استمرار تصفية الأطراف في ما بينها، ومكتفية بالقصف الجوي عن بعد (الذي نستطيع الآن الجزم بأنه لم يكن يستهدف تنظيم «داعش» على الإطلاق ولم يؤد إلى أي انحسار للسلطة الداعشية). كان الهم الأكبر للمالكي آنذاك هو الحصول على التفويض الشعبي على الطريقة السورية «للضرب بيد من حديد»، وكانت العشائر العراقية تعيش النموذج السوري ذاته، حيث تحارب على جبهتين في آن واحد: تنظيم «داعش» من جهة، وقوات المالكي من جهة أخرى. بالنسبة للمالكي نفسه كان الطرفان محصورين في خانة واحدة باعتبارهما يمثلان «المتمردين السنة» في وجه «السلطة الشيعية»، لذلك لم يعرض أبداً أي صيغة من صيغ التحالف أو التعاون مع هذه العشائر ضد داعش موقتاً بانتظار أي تسوية سياسية لاحقة، وفضل تسويق المسألة على أنها خطر «داعشي» في الأعين الإعلامية، بغض النظر عن وجود أطراف أخرى سوى داعش تم إجمالها ضمن صورة الإرهاب المتمدد بناء على خلفيتها الإسلامية السنية.
ويبدو أن توقيت الحدث ليس أقل تشكيكاً من الحدث ذاته، إذ يجتمع البرلمان العراقي يوم الخميس ـ قبل انتهاء انعقاد دورته بأيام ثلاثة ـ لإقرار فرض حالة الطوارئ التي قد تغير من وجه العراق لفترة قادمة، وهو الأمر الذي يعني استغلال المالكي آخر أنفاس البرلمان في الحصول على التفويض الذي لطالما سعى إليه منذ أشهر. ولا يمكن التعويل على أن فرض حالة الطوارئ هو العنصر الأهم في الحرب ضد داعش، إذ إن هذه القوات لم تكن تنتظر الغطاء القانوني طيلة الأشهر الماضية التي قامت فيها باستهداف مناطق عدة كانت على رأسها الأنبار والفلوجة والرمادي، بل قد تكون أهم البنود التي يتضمنها النص المزمع إقراره في نص قانون الطوارئ متعلقة بإعادة تفعيل قرار مجلس الأمن 1546 العام 2004 الذي يندرج تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، وينص على الاستعانة بقوات متعددة الجنسيات تعمل بالتعاون مع السلطة المتمثلة بالحكومة الموقتة آنذاك، مع تعديل بسيط هو أن إعلان حالة الطوارئ سيضع السلطة بأكملها في يد رئيس الحكومة، بدلاً من سلطة الحكومة الموقتة. إنها عودة صريحة إلى عراق 2004 الموقت، وليست على الإطلاق عودة للسيادة كما تدعي الحكومة العراقية.
وبغض النظر عن إقرار البرلمان فرض حالة الطوارئ، فإن الأحداث الحالية لن تسير بالعراق في اتجاه فرض سطوة وهيبة العراق واستقلال قراره في محاربة الإرهاب كما يحاول إعلام السلطة في العراق تصوير المسألة، بل إن ذلك سيسير بالاتجاه المعاكس تماماً، خصوصاً مع موقع إيران من المعادلة وأنباء عن عرضها تقديم الدعم اللازم لمكافحة الإرهاب على الأراضي العراقية. سيفرض هذا الواقع بلا أدنى شك نموذجين اثنين لا ثالث لهما: إما النموذج السوري الذي يتضمن انخراط قوات إيرانية غير رسمية في الحرب على أرض العراق كما هو حال الكتائب المتفرقة في سوريا وعلى رأسها لواء أبي الفضل العباس، أو النموذج الأوكراني الذي يتضمن دخولاً رسمياً لجيش الدولة الإيرانية لفرض احتلال على المناطق الحدودية، والتبرير بضرورة حماية الشريط الشرقي ذي الأغلبية الشيعية من محافظات العمارة والناصرية جنوباً حتى واسط وبابل وكربلاء شمالاً وصولاً إلى النجف، خصوصاً إذا تطورت المؤشرات باتجاه انتقال التوتر بشكل متسارع متجاوزاً محافظة صلاح الدين ـ حيث توجد «داعش» حالياً ـ إلى محافظة بغداد المجاورة لها، حيث تقف على حدود المحافظات ذات الأغلبية الشيعية، الأمر الذي سيخلق المبرر الأكيد لإيران في تدخلها العسكري، ويؤسس في الوقت نفسه لتحويل المسألة من حرب ضد «داعش» أو ضد الإرهاب إلى حرب طائفية سافرة تعتمد سياسة أساسية هي الحفاظ على توتر الحرب واختناقها في المحافظات ذات الأغلبية السنية، وعند هذه النقطة فقط تتوضح تماماً أهمية إقرار حالة الطوارئ في البلاد بالنسبة للمالكي في تلك المحافظات.
مرة أخرى تثبت «داعـش» أنـها ورقـة رابحـة عابـرة للحدود، وهذه هي النقطة الأهم والكبرى التي جعلت منها تهديداً يفوق «جبهة النصرة» والتنظيمات الجهادية الأخرى في سوريـا، وجذبت أنـظار المجتـمع الدولي في فتـرة قياسـية اعتـماداً على أن أولويته الوحيدة كانت «احتواء الحرب داخلياً» دون تفكير جدي في إنهائها بأي وسيلة سياسية. لقد استغلت دول إقليمية عديدة ملف «داعش» لتبييض صورتها في أحداث كانون الثاني الماضي وجمع كتائبها المخـتلفة تحت لواء مكافحـة الإرهاب الداعشي (بما فيها جبهة «النصرة» ذاتها)، لكن ثمة أطرافاً مقابلة ليست عاجزة عن ممارسة اللعـبة ذاتها بالاتجاه المعاكس، واستخدام الحرب على «داعش» كغطاء لأوراقهـا السياسـية على طاولـة التفاوض القادمة، التي لن تكون كطاولة «جنـيف 2» ولن تسمح بالتعامل مع ملف الشرق الأوسط عبر إحياء تلك المسارات المنقرضة. لن تكون «الهـزة» التي يتلقاها المجتمع الدولي في العراق أقل فداحة وضرراً للجهود السياسيـة مـن الهـزة التي تلقـاها من قبل في أوكرانيا، ومن الآن فصاعـداً ثمة واقع جديد لم يكن ليتشكل لولا «اللامبالاة» التي كرسها المجتمع الدولي تجاه قضايا الشرق الأوسط في المقام الأول.
السفير

 

سوريا وفورة «داعش» العراقية/ فايز سارة
لا يحتاج الى تفكير كبير امر الربط بين فورة داعش في العراق مع تطورات القضية السورية في بعديها المحلي والخارجي. فمنذ وقت طويل، صارت القضية السورية قضية خارجية ذات بعد اقليمي دولي، وخرجت عن ان تكون قضية سورية صرفة، ليس لان النظام ومنذ انطلاقة الثورة السورية اسبغ عليها بعداً خارجياً بتوجيه الاتهامات المباشرة الى قوى اقليمية ودولية تتدخل بالوضع السوري، وتشارك في ما يحدث من تطورات في الداخل السوري، انما زاد على ذلك باستدعاء تدخلات خارجية. فاستعان بمساعدات ايرانية متعددة التخصصات، قبل ان يجلب ميليشيات حزب الله اللبناني وميليشيات شيعية اخرى للقتال ضد الشعب السوري، ثم استعان بالحماية السياسية الروسية والصينية لتأمين وحماية موقفه في الامم المتحدة وخاصة في محلس الامن، وكان ذلك فاتحة لتدخلات من اطراف اقليمية ودولية تدعم ثورة السوريين وان يكون بسوية وبفعالية اقل مما يتلقاه نظام الاسد من حلفائه.
وبطبيعة الحال، فلم يكن التطرف الاسلامي ممثلاً بالقاعدة واخواتها ليظهر في سوريا بعيداً عن التدخلات الخارجية المباشرة وغير المباشرة بالتعاون مع نظام الاسد وحلفائه، فقد ساهم نظام نوري المالكي بدفع مئات من عناصر القاعدة الى سوريا بعد تنظيم هروبهم من سجون العراق ولاسيما من سجن ابو غريب بالعملية المعروفة في صيف العام 2013، وسمحت مخابرات ايران بتسلل عناصر القاعدة من افغانستان الى سوريا عبر العراق، فيما مررت المخابرات الروسية متطرفي الشيشان الى الاراضي السورية، وقام المالكي بدعم استخباري ايراني بتزويد منظمات التطرف الاسلامي ولاسيما دولة العراق والشام بالأموال والاسلحة، فيما دعم نظام الاسد تلك الجماعات ولاسيما «داعش» بعدد من ضباط وعناصر مخابراته وشبيحته الذين اندسوا وسط تلك الجماعات وربطوها باستراتيجية النظام في مقاومة الثورة وقواها وباظهار ان الثورة السورية انما هي «ثورة المتطرفين والارهابيين» الى جانب اشاعة العنف والقتل والتهجير في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والتي شكلت المجال الوحيد لوجود ونشاط «داعش» واخواتها.
لقد عملت «داعش» كل ما بوسعها لتنفيذ تلك الاستراتيجية، والدلائل ماثلة على الارض من دير الزور في الشرق الى الحسكة الى الرقة وبعض مناطق ريف حلب وغيرها، ومع التغييرات الاخيرة في الموقف الدولي في دعم المعارضة السورية ضد الارهاب المزدوج الذي يمارسه نظام الاسد وجماعات التطرف في سوريا، ما كان لمعسكر النظام وحلفائه، الا ان يتحركوا خاصة في ضوء ما يواجهه نظام المالكي من احتمالات الخروج من سدة السلطة في العراق، وهكذا كانت فورة «داعش» في العراق اداة مباشرة في تحقيق مصالح مشتركة للأطراف المساندة لنظام الاسد وحلفائه الاقربين في طهران وبغداد.
فـ«داعش» يهمها ان تبدو بصورة المتمدّد في العراق بعد تمددها في شرق سوريا الذي بات يحتاج دعماً لوجستياً توفره المناطق الاقرب في غرب العراق، والمالكي بحاجة الى اشاعة الخوف في العراق من تمدد «داعش» العراقية، والامر يشمل كل خصوم المالكي من الاكراد في شمال العراق الى العرب السنّة في غرب العراق الى الشيعة المعارضين لاستمرار المالكي في رئاسة الحكومة، وتمدد «داعش» بالطريقة التي تم فيها، يعطي الملكي فرصة اعلان حالة الطوارئ في العراق ويبقيه على رأس السلطة ولو الى حين، وايران مستفيدة ليس من بقاء حليفها واداتها نوري المالكي على رأس السلطة فقط، بل من دعم استراتيجية حليفها نظام الاسد في دمشق، وهي مستفيدة من «تطرف سني» تبرر من خلاله سلوك تطرفها الشيعي ممثلاً بنظام ملالي طهران وادواتها في لبنان والعراق.
وسط تلك المعطيات، جاء تمدّد «داعش» بدعم من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وثمة تقارير كثيرة، اشارت الى دور مباشر للمالكي في دعم «داعش» وتزويدها بالمال والسلاح وتسهيل تحركاتها في اقليم الانبار، وصولاً الى تواطؤ في تسليمها مناطق ذات اهمية استراتيجية سياسية وامنية واقتصادية في المنطقة، وكلها حيثيات، جعلت «داعش» تأخذ مظهر القوة الصاعدة، التي تنافس الجيش العراقي واية قوى محلية يمكن ان تدخل معها في مجابهة او قتال محتمل. غير ان الاخطر من ذلك هو فكرة الوصل بين «داعش» العراقية واختها السورية، مما يعني احتمال تشكيل قوة متطرفة على مساحة واحدة تمتد في عمقَي العراق وسوريا، وهذا اذا تم الاعلان عنه، سيكون بمثابة تطور كبير في حجم ووزن «داعش» التي باتت على يمين القاعدة وأكثر تطرفاً وخطراً من الاخيرة.
ويفرض واقع الحال بعد ما حصل، التدقيق في المغزى العام لتمدد «داعش» في الحيزين السوري والعراقي سواء من حيث الاسباب والدواعي، وكذلك الاهداف، وقوى وديناميات الدعم المحلي والاقليمي والدولي في سياق توصيف الحالة وتمهيداً لإعادة تقويم السياسات حيال «داعش» ومثيلاتها واهدافها والقوى التي تدعمها، ووضع استراتيجية مواجهة، والاهم من ذلك توفير ارادة سياسية جدية وفعالة لمواجهة التطرف وما ينتج عنه من ارهاب مزدوج، يختلط فيهما ارهاب الدولة مع ارهاب الجماعات، وهو امر لم يتم رسمه على هذا النحو في السابق، وما لم يتم ذلك، فإن الوضع في عموم المنطقة وفي الابعد منها، ماضٍ الى كارثة حقيقية ستواجه العالم كله.
المستقبل

 

أحداث كاشفة في العراق وسورية/ ميشيل كيلو
كشف الحدث السوري، ويكشف ما يشهده العراق منذ شهرين، عن منطويات الواقع في المشرق العربي، التي أنتجها نظام سياسي، يستند إلى تكوينات ما قبل مجتمعية، تتمثل من خلال طوائف مغلقة ومتحجرة، حدثتها السلطات الحاكمة أمنياً، وشكلت منها أجهزة قمع كلية الصلاحيات، أمسكت بالدولة، من جهة، وأعادت إنتاج المجتمع، ليكون على صورتها ومثالها، من جهة مقابلة، وغدت نواة صلبة لنظام فئوي، تولت مراكز القرار فيه، فلا عجب إن أبدت مقاومة ضارية ضد ثورة الحرية، التي أطلقتها قطاعات واسعة من شعب سورية، والمطالب العادلة التي قدمتها قطاعات واسعة من العراقيين، الذين تعرضوا لمعاملة مجحفة وتمييزية، بعد الاحتلال الأميركي، وتسليم السلطة إلى موالين لإيران وأميركا، فاسدين وعديمي الكفاءة.
ومثلما رد النظام السوري على مطالب شعبه الإصلاحية بالعنف، بعد أن اتهمه، زوراً وبطلاناً، بالأصولية، ردت حكومة المالكي، من جانبها، بالعنف على مطلب المساواة في المعاملة والعدالة في توزيع الثروة، واتهمت من قدموه بالأصولية، واعتبرت قتلهم وتدمير قراهم ومدنهم “حرباً ضد الإرهاب”، على الرغم من تحذيرات متكررة، وجهها العراقيون إليها تقول: إنهم لن يبقوا ساكتين على البطش بهم. واليوم، يخوض النظامان، السوري والعراقي، حربين منظمتين ضد شعبيهما، ويعرض الأسد العون على المالكي، الذي كان قد أمده بعون ملموس، عسكري ومالي، مباشر وغير مباشر، طوال ثلاثة أعوام ونصف من الحرب ضد الشعب السوري. ولا غرابة، أيضاً، في أن يتحالف بشار الأسد مع نوري المالكي ضد ما يسميه الإرهاب، أي ضد رفض شعبي العراق وسورية إرهاب نظامي دمشق وبغداد. وللعلم، فإن الأسد يدعم المالكي لأن الأخير أسهم في إنقاذه، ومنع سقوطه نهاية عام 2012، حين أرسل مرتزقة عراقيين إلى سورية، لمشاركة حزب الله ومرتزقة إيران، في الدفاع عنه قبل ساعات قليلة من سقوطه، كما كشف حسن نصر الله في واحد من تصريحاته. أما كيف سيساعد الأسد نظام المالكي، الذي ينهار بسرعة، فهذا أمر يبقى سراً صعب الفهم، ما دام نظامه نفسه غارقاً حتى أذنيه، في الحرب ضد شعبه، وليس قادراً على مساعدة نفسه إلا بشق الأنفس، ناهيك عن مساعدة غيره.
يرد نظاما سورية والعراق بالطائفية على الحرية، وإذا كان صحيحاً أن من يقاتلهما تنظيمات أصولية، فهذا ليس شهادة، بل هو إدانة قاطعة لهما، إذ كيف لنظام ثوري /علماني/تقدمي/وحدوي، مقاوم، أن لا ينتج بعد خمسين عاماً من انفراده بالحكم وإدارة الشأن العام، غير الأصولية القاعدية، التي لم يكن لها أي وجود على الإطلاق، قبل استيلائه على السلطة في سورية؟ وما هذه التقدمية/العلمانية/ الوحدوية/ الثورية،التي لم تنتج غير نقيضها؟ وماذا يجب أن يكون حكمنا على نظامٍ انحدر بمجتمعه إلى دركٍ من التعصب والتزمت، جعل خياره الوحيد قاعديا وأصولياً؟ أخيراً، هل يستحق نظامٌ كهذا أن يستمر في السلطة، إن كانت الحرب الطائفية نتاجه الوحيد؟ وماذا يمكنه أن يفعل، بعد الآن، غير ما يفعله منذ ثلاثة أعوام ونصف العام، ردا على مطالبته بالإصلاح: إبادة مجتمعه، ومنعه من استعادة هويته الحقيقية مجتمع مواطنين لدولةٍ يتساوون أمامها في الحقوق والواجبات، ترفض التمييز بينهم، أو إنكار حقوقهم، أو إقصاءهم عن الشأن العام.
لا هدف لسياستي النظامين السوري والعراقي غير تحويل مطالب إصلاحية إلى حرب طائفيةٍ، ضحيتها الشعب المطالب بحريته وبالعدالة. وإذا كان الأصوليون يقاتلون النظامين لدوافع مذهبية وطائفية، فإن قتالهم هذا يضعهم خارج ثورة الحرية، ويجعل أنشطتهم جزءاً من حربٍ طائفيةٍ، يعاقب النظامان والإرهابيون، من خلالها، من طلبوا الحرية لجميع مواطنيهم بلا استثناء، بمن في ذلك المنتمون إلى أجهزة القمع السلطوية، والتنظيمات الأصولية.
ليست الأصولية جزءاً من ثورة الحرية، بل هي نقيضها، الذي يساعد النظامين في القضاء عليها. وقد آن الأوان لكي تنظم قوى الحرية نفسها، وتستعيد المبادرة لمجتمعٍ ثار من أجل العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية وحكم القانون ودولة مواطنة معادية لأي شكل من أشكال العنف أو الاقتتال أو الصراع الطائفي أو الفئوي، ترى في الإنسان ذاتاً حرة تتعرف بحريتها، وليس بأي انتماء طائفي، أو فئوي أو طبقي … إلخ. وإذا كان النظامان الطائفيان في سورية والعراق قد نجحا في تغييب ثورة الحرية، فإن نجاحهما يلزم أنصارها باستعادة رهاناتها وجعلها البديل للطائفية ونظمها، التي لم تنتج غير الانحطاط المجتمعي والإنساني، السياسي والروحي، الذي يفرض علينا مواجهتها بكل تصميم، ومواجهة من يقاتلها باسم طائفيةٍ، لن تنتج بدورها غير المزيد من الموت والدمار والانحطاط.
أيها الديمقراطيون والعلمانيون في سورية أولاً، والعراق ثانياً، يا أنصار الحرية: وحدوا صفوفكم، واتحدوا، فالمعركة لم تنته بعد، وربما كانت في بدايتها.
العربي الجديد

 

“داعش” وخارطة “حدود الدم”/ هوشنك بروكا
في تموز 2006 نشرت مجلة القوات المسلحة “ارميد فورسز جورنال” (AFJ) الأميركية تقريراً تحت عنوان “حدود الدم: كيف يبدو الشرق الأوسط أفضل”. التقرير رغم نشره على شكل مقال، إلا أنه دراسة استراتيجية محكمة، حازت على اهتمام واسع في أميركا والعالم. يتحدث كاتب الدراسة رالف بيترز (وهو من مواليد عام 1952، عمل ضابطاً بالجيش الأميركي حتى وصل لمنصب نائب رئيس هيئة الأركان للاستخبارات العسكرية الأميركية في وزارة الدفاع) عن ضرورة إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط وتقسيم دوله إلى دول أو دويلات جديدة. الكاتب يدعو في هذه الدراسة التي وُصفت ب”الأخطر استراتيجياً”، إلى “تصحيح الحدود الخاطئة” في الحوض الإسلامي واستبدالها بحدود أخرى “صحيحة” يسميها ب”حدود الدم”.
بحسب رالف تعد حدود إفريقيا والشرق الأوسط “أكثر الحدود الدولية تحكميةً وعشوائيةً وتشوها وظلماً في العالم”. “الحدود” الدولية الراهنة القائمة بين دول الشرق الأوسط وإفريقيا، بحسب واضع “خريطة حدود الدم” هي السبب، لا بل هي كلّ المشكلة في صناعة “الجمود الثقافي” و”اللامساواة” و”اللاعدالة” و”التطرّف الديني” بين شعوب المنطقة.
على الرغم من ضعف هذه النظرية، التي تحيل كلّ مشاكل المنطقة إلى “الحدود”، إلا أنّ تنبؤ الكاتب بحلول “خارطة الدم” محّل الخرائط القائمة في المنطقة، ولو بشكل جزئي، بات قاب قوسين أو أدنى من التحقق.
قد يكون من السابق لأوانه التنبؤ مع الكاتب في “خارطة حدود الدم” ب”شرق أوسط أفضل”، خصوصاً في ظلّ صعود الإرهاب والحركات الإسلامية المتطرفة في المنطقة، إلاّ أنّ ما بات شبه مؤكداً هو أنّ الحدود الحالية التي “لم تتوقف عن صناعة الكراهية بين الشعوب” على حدّ قول بيترز لم تعد “حدوداً مقدسّة” كما كانت.
على العكس من خليفة أسامة بن لادن، زعيم “القاعدة” أيمن الظواهري الذي عجزت استراتيجيته عند حدود “سايكس ـ بيكو”، فسمى سوريا بأنها “الولاية المكانية” ل”جبهة النُصرة” بقيادة أبو محمد الجولاني، والعراق بأنه “الولاية المكانية” ل”دولة العراق الإسلامية”، نجد “بن لادن الجديد” أبو بكر البغدادي زعيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، الذي وصفته مجلة التايم ب”أخطر رجل في العالم”، قد تجاوز هذه الإستراتيجية القاعدية. ولعلّ أبرز ما يدلّ على ذلك هو عملية تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” التي قام بها الأربعاء الماضي على الحدود العراقية السورية، معلناً عن “تحطيم حدود سايكس بيكو”، المرسومة قبل حوالي قرنٍ من الزمان، و”إزالتها” من على الخريطة و”محوها” من القلوب.
ما حدث في العراق في الأيام الأخيرة بعد “غزوة الموصل” هو أكثر من مروع. “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، لم تعد دولة من نسج الخيال، وإنما هي الآن “دولة متحركة” عابرة للحدود التقليدية التي وُضعت ما بين عامي 1915 و 1916، بعد مفاوضاتٍ سرية بين الديبلوماسييَن فرانسوا بيكو الفرنسي ومارك سايكس البريطاني، وبمصادقة مباشرة من روسيا القيصرية على اقتسام “الهلال الخصيب” بين كلٍّ من بريطانيا وفرنسا. “داعش” يتحرك الآن وفق استراتيجية باتت واضحة، يريد بسط سيطرته على أراضٍ واسعة تضم 6 دول هي العراق والكويت والأردن وسوريا ولبنان وفلسطين، كما تداولت العديد من الصفحات على شبكة الانترنت خريطة لتصور الدولة التي يسعى لإقامتها التنظيم الشقيق ل”القاعدة”.
بغض الطرف عن التفاصيل، إلا أنّ ما يجمع بين الخارطتين؛ خريطة دولة تنظيم “داعش” و “خريطة رالف بيترز”، هو اتخاذهما من “الدم” أساساً و”آيديولوجيا” للتقسيم في المنطقة. الخريطة المنشورة من قبل أحد أبرز الكتاب الإستراتيجيين في أميركا، والتي وُصفت قبل أقل من عقدٍ من الزمان بأنها “مؤامرة أميركية” لتقسيم المنطقة وفقاً لمصالحها، تتحوّل الآن ما بين العراق وسوريا على يد “داعش” إلى شبه واقع معاش.
“داعش” خرج من كونه “مشروعاً للإنتحار” أو تفجير نفسه في الدول، ليتحوّل بعد تمدده في العراق وسوريا إلى مشروع “دولة” تمشي على الأرض.
“داعش” أثبت في عملياته الأخيرة عبر تنفيذه لهجمات مدروسة ومحكمة مكّنته من تحقيق تقدم سريع في المحافظات السنية العراقية خصوصاً في نينوى وصلاح الدين والأنبار، أنه بات يتحرّك بعقل “دولة” أكثر من تحرّكه بعقل جماعة إرهابية أو تنظيم سرّي يخطط لتفجيرٍ هنا وآخر هناك.
“داعش” ما قبل “غزوة الموصل”، لم يعد “داعش” ما قبلها.
“داعش” في العراق، كما في سوريا ليست وحدها. فلولا الحاضنة الجغرافية والإجتماعية والسياسية ل”داعش” لما كان لهذا الأخير أن يتمدد بهذه السرعة الفائقة في المحافظات السنّية العراقية. المتتبع لأخبار قيام وقعود قادة “الحراك السنّي” في العراق وتصريحاتهم على الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى في الأيام الأخيرة، سيلحظ دون بذل عناء كثير، أنّ “داعش” بشكلٍ أو بآخر “يمثّلهم”. فهم لا يتوانون عن الإدلاء بتصريحات (كما صرّح “الثوار” السوريون من قبل) مفادُها أنهم “مستعدون للتحالف مع الشيطان ضد النظام الشيعي المدعوم من إيران”. إن دلّ هذا على شيء فإنّه يدلّ على أنّ سوريا ستعيد نفسها في العراق، وأنّ حرب الجميع ضد الجميع المستمرّة منذ حوالي 40 شهراً في سوريا سيُعاد صناعتها في العراق أيضاً.
وما سوف يعزز من وجود “داعش” في المنطقة ك”شبه دولة” عابرة للحدود هو الموقف الدولي المتذبذب والمتفرج، وعلى رأسه الموقف الأميركي، الذي جاء مؤخراً على لسان الرئيس باراك أوباما، الذي قال بصريح العبارة أن “لا تدخل عسكرياً بدون توافق الساسة العراقيين على حل أزماتهم”، وهو ما لن يحصل على أية حال.
أوباما الحائز على جائزة “نوبل للسلام” لم يخرج بقواته من العراق كي يعود إليه مرّة أخرى، ويغرق أميركا في حروب خاسرة.
صحيحٌ أنّ عدم الإستقرار في المنطقة لا يخدم المصالح الأميركية بشكلٍ خاص والغربية بشكلٍ عام، لكنّ الصحيح أيضاً هو أنّ الغربَ ليس مستعداً أن يتورط في حربٍ طائفية مدمّرة لها أول (بدأت قبل 1400 سنة) وليس لها آخر.
الأرجح أن السيناريو السوري سيتكرر أو يُعاد أو ربما يُطوّر صناعته في العراق. أما الموقف الأوروبي والأميركي مما بات يُسمى ب”ثورة أهل السنة” في العراق ضد “النظام الشيعي” فلن يكون بأحسن من موقفهم من “الثورة السنية” ضد “النظام العلوي” في سوريا.
الموقف هنا وهناك يمكن اختزاله في المقولة الشعبية القائلة: “أنا ما دخلني.. فخّار يكّسر بعضو”!
أميركا خسرت العراق استراتيجياً. من ربح العراق بعد سقوط نظام صدام حسين عملياً هو إيران. إيران التي “فازت” بالعراق ستصّر على استراتيجيتها في تحويل “العراق الشيعي” إلى حديقة خلفية لها، ولن تتنازل عنه بأي ثمن. هي ستدافع عن “شيعية” العراق قدر دفاعها عن “علوية” سوريا، وستدعم نوري المالكي قدر دعمها لبشار الأسد. إيران لن تتراجع عن عمقها الإستراتيجي في العراق قيد أنملة. ما يمكن التفاوض عليه ربما يكون في جيوب أخرى نائية لها كاليمن أو البحرين في أحسن الأحوال.
بالدم أسقط “داعش” وأخوانه وأخواته سوريا كلّها في “خارطة الدم” التي رسمها زعيمها، وبالدم سيسقط “داعش” على الأرجح العراق كلّه أيضاً في الخريطة ذاتها والدم ذاته.
“داعش” دولة دموية، عابرة للحدود، حدودها هي من الدمّ إلى الدم!
ايلاف
تنظيم دولة العراق والشام: عوامل مساعدة على التمدد/ محمد إقبال بلّو
انطاكيا ـ «القدس العربي»: في أوائل نيسان/أبريل 2013 أعلن أبو بكر البغدادي في تسجيل صوتي نشر على «يوتيوب» عن اندماج جبهة النصرة بدولة العراق الإسلامية، وإلغاء مسمى جبهة النصرة تماماً ليحل مصطلح الدولة الإسلامية في العراق والشام كمعبر عن التنظيمين الجهاديين، وهو ما أطلق عليه الناشطون فيما بعد اختصاراً تنظيم (داعش).
إلا أن أبو محمد الجولاني قائد جبهة النصرة نفى علمه بما تطرق إليه البغدادي ورفض الاندماج مع دولة العراق. وفي تسجيل صوتي له أعلن مبايعة تنظيم القاعدة وزعيمه الظواهري، رغم أن التنظيمين بقيا في حالة ودية بل واشتركا في العديد من العمليات العسكرية ضد النظام السوري في مواقع متعددة.
وخلال فترة قصيرة سيطر عناصر التنظيم على مساحات واسعة من المناطق التي حررها الجيش السوري الحر وانتزعها من قوات النظام السوري، وامتد نفوذهم في ريف حلب وريف إدلب ودير الزور والرقة وبعض مناطق ريف حمص.
ظهر الكثير من قادة التنظيم في سورية، مثل عمر الشيشاني القائد العسكري البارز والذي لقي محبة واحتراماً في البدايات وقبل أن يبدأ التنظيم بالتدخل بكافة مناحي الحياة الاجتماعية وفرض القوانين على المواطنين والتضييق عليهم، بالإضافة للتفرغ لمحاربة فصائل الجيش الحر وقتل وخطف قادته على أنهم مرتدون.
كما ظهر منصب الوالي وبرز من خلال ذلك المنصب أبو الأثير الذي عين والياً على حلب، وأسرف في سن القوانين والأمر بالاعتقالات والإعدامات، حتى أصبح تنظيم داعش مصدر رعب وقلق للمواطنين وحتى قادة الجيش الحر بدأ الرعب يدب في قلوبهم ووجدوا أنه لا بد لهم من محاربة التنظيم، خاصة بعد ابتعاده عن الجبهات وعن قتال النظام السوري الذي جاء التنظيم لأجل قتاله حسب ما ادعى.
واعتمد التنظيم في قياداته على العنصر الأجنبي والسوري معاً، وذلك بغية الإقلال من اعتراضات السوريين التابعين للتنظيم فنجد قائداً عسكرياً أجنبياً كالشيشاني، ووالياً سورياً كأبي الأثير.
وحسب الخبير بالجماعات المتطرفة الدكتور محمد الشواف فإن تنظيم داعش في سوريا كان عبارة عن «خلطة سرية تبنتها إيران في البداية لتحقيق التمدد باسم السنة» ويقول الشواف لـ»القدس العربي»: «لقد دعمت إيران تنظيم داعش بشكل غير مباشر وكان هدفها قتل السني بسني متطرف وهذا ما نجحت به، إن إيران تقوم ببلورة الهلال الشيعي من خلال داعش وذلك بصنعها لواجهة محسوبة على الإسلام والسنة بالتحديد».
ويضيف الشواف: «لقد راقت هذه الفكرة لدول غربية وإقليمية فقاموا باختراق داعش أيضاً وساهم الموساد الإسرائيلي في هذه الاختراقات، بأشكال غير مباشرة ومن وراء الكواليس وذلك إلى درجة تقديم الدعم خاصة فيما يتعلق بما سمته داعش محاربة «المرتدين»، لاسيما أن هؤلاء يشكلون خطراً على الصهاينة».
وحصل تنظيم دولة العراق والشام على التمويل بوسائل متعددة منها تقديم الدعم له من مختلف داعمي التيارات الجهادية في العالم، ومنهم شخصيات ورجال أعمال وأغنياء، كما استطاع فرض الضرائب على النشاطات الاقتصادية في المناطق التي سيطر عليها بوصفه دولة يحق لها جباية الضرائب، كالذي قام به في بعض المدن مثل الرقة مؤخراً ومطالبة الأهالي دفع فواتير المياه والكهرباء وغير ذلك.
من جانب آخر استطاع التنظيم السيطرة على العديد من حقول النفط في شمال شرق البلاد، وبدأ باستثمارها بشكل فعلي ويؤمن من خلال بيع النفط مئات آلاف الدولارات يومياً، واستطاع التنظيم بمعارك مركزة السيطرة على المعابر الحدودية التي فقد بعضها مؤخراً كمعبر تل أبيض وجرابلس والسلامة في معاركه مع كتائب الجيش الحر والجبهة الإسلامية في ريف حلب الشمالي، والتي أجبر خلالها على الانسحاب من الريف الشمالي، رغم زرعه لبعض الخلايا التي قامت بأعمال نسف وتفجير متعددة لحواجز الحر بعد انسحاب قوات التنظيم، وقد أمنت المعابر مصدر تمويل جيد بالنسبة للتنظيم، فامتلاك النفط والمعابر الحدودية يعني امتلاك اقتصاد قوي أشبه باقتصاد دولة حقيقية. والغريب أن تنظيم داعش لم يشتك يوماً من نقص التمويل أو التسليح كباقي الفصائل العسكرية في سوريا، ويعود ذلك إلى تلقيه مبالغ هائلة من مصادره المختلفة، والذي يمكنه من شراء السلاح الذي يستطيع بواسطة استخدامه الحصول على غنائم كثيرة من خلال معارك فرضت عليه أو اصطنعها.
ومن الجدير بالذكر إن التنظيم شارك في بعض المعارك مع كتائب الحر في بدايات تأسيسه في سوريا، وبالتحديد المعارك التي تنتج عن الانتصار فيها الكثير من الغنائم، إذ كان يهدف إلى الحصول على السلاح والذخائر لا لمحاربة النظام السوري بل لتقوية تسليحه وتمكينه من إقامة الدولة التي ينشدها.
وقد انطلت هذه اللعبة على عدد من فصائل الحر، إذ شهد العديد من الناشطين على صفقات بيع سلاح بين قادة من الحر وتنظيم الدولة خاصة ما يتم الاستيلاء عليه في المعارك، وكان التنظيم يدفع أسعاراً مشجعة جداً لقادة الحر ما يدفعهم لقبول الصفقة، إلى أن أعمل التنظيم سلاحهم نفسه في رقابهم.
القدس العربي

 
وماذا عن كركوك؟/ صبحي حديدي
يجوز للتقديرات أن تتباين، في قليل أو كثير، حول خفايا ما يجري في العراق اليوم؛ وما إذا كان الحراك العسكري يقتصر على «داعش»، أم هذه ضمن تحالفات أخرى محلية، عشائرية ونقشبندية، سنّية غالباً؛ أم أنّ الجوهر يشير إلى انتفاضة شعبية واسعة النطاق، متعددة القوى والمطالب؛ أم، أخيراً، أنها جزء من تخطيط خبيث يستهدف، في نهاية المطاف، خدمة نوري المالكي، وإلهاء العراقيين عن تحالفاته السياسية الهشة، وعن حكومته الغارقة في الأزمات.
ما لا يجوز، ولا يبيحه المنطق البسيط، هو تجاهل الحقائق الصلبة على الأرض، وخاصة تلك التي لا تقتضي إبداء هذا التقدير أو ذاك، بقدر ما تفرض تفحّص المعطيات ذاتها، بأناة وتدقيق، وضمن حدود كافية من القراءة الموضوعية. كركوك ـ في هذا الشرط العسكري والسياسي المتفجر، والآن إذْ تقترب الاعمال العسكرية من تخومها، بل تتوغل في ضواحيها وأطرافها ـ هي بين أبرز تلك الحقائق. فهذه المدينة تعتبر «أورشليم الأكراد»، لأنهم استوطنوها منذ آلاف السنين، وشهدت الكثير من فصول تاريخهم القديم والوسيط والحديث، والعاصمة (شبه الحتمية، بحكم الجغرافيا والتاريخ والثروات…) لأية دولة كردية مستقلة قادمة.
إلى هذا أو ذاك من الأسباب، تُضاف حقيقة اقتصادية كبرى: أنّ منطقة كركوك هي أقدم مواقع استخراج النفط العراقي، وأغزرها؛ ويعلم الجميع اليوم أنّ احتياطيها يبلغ 10 مليارات برميل، على الأقل. وليس مستبعداً، بالتالي، أن ينخرط الأكراد أنفسهم في اقتتال داخلي من أجل السيطرة على المدينة وثرواتها النفطية الهائلة. ومن المعروف أنّ أيّ طور من الوئام بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، «الحزب الديمقراطي الكردستاني» و»الاتحاد الوطني الكردستاني»، يخفي خلافات حادّة وجوهرية دفعتهما في الماضي إلى مواجهات مسلحة دامية، أسفرت عن الكثير من الخسائر البشرية والخراب المادي.
غير أنّ ملفّ كركوك لا ينتهي هنا في الواقع، لأنّ تركيا طامعة بدورها في ثروات المنطقة، خاصة وأنها تعتبرها أبرز الخطوط الحمر التي لا تسمح للأكراد بتجاوزها. والأتراك لهم ذرائعهم التاريخية والثقافية التي تجعلهم يبررون أطماعهم في المنطقة، لأنّ كركوك تضمّ أكثر من 350 ألف تركماني (أنقرة تتحدّث عن مليون!)، يعودون في أصولهم إلى الأرومة التركية ذاتها، بل ويعتبرون كركوك عاصمتهم التاريخية أيضاً! وفي كلّ حال، إذا كانت تركيا لا توافق أبداً على مبدأ قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق، فإنها بالتأكيد لن تسمح للكيان الكردي الحالي بحيازة أرض تحتوي على ثروات خرافية تجعل من الأكراد قوّة اقتصادية عظمى على صعيد إقليمي. كما أنها، من باب أولى، لن تسمح بوقوع المدينة تحت سيطرة تحالف يضمّ «داعش» أو سواها من التنظيمات الجهادية المتشددة.
والتاريخ يسجّل أنه، منذ سنوات، وحتى قبل سقوط نظام صدّام حسين، لم يكفّ زلماي خليل زاد (المندوب الأمريكي إلى مؤتمرات المعارضة العراقية، والذي سيصبح سفيراً لواشنطن في بغداد، بعد الاحتلال) عن التشديد، خاصة في حواراته مع الأكراد، على أنّ واشنطن لن تسمح للقوّات الكردية بأيّ تحرّك عسكري خارج مناطق السيطرة الحالية. ومن جانب ثانٍ، تمنى خليل زاد ألا يعرقل الأكراد الخطط العسكرية التي تتمّ بتنسيق أمريكي ـ تركي داخل الأراضي العراقية.
ونعرف ـ من تجارب الحروب كافّة، ومن حروب الولايات المتحدة خصوصاً وتحديداً ـ أنّ كسب الحرب لا يعني البتة كسب السلام: السلام بمعناه الأعرض المركّب، الذي يتجاوز وقف إطلاق النار وانتهاء الأعمال العسكرية، والذي لا يعني ما هو أقلّ من استثمار نتائج الحرب لصالح القوّة الظافرة، في المستويات الجيو ـ سياسية والاقتصادية في البدء، ثمّ في المستويات الأخرى التالية، المباشرة وغير المباشرة. وهكذا، على صعيد النفط والديموغرافيا والجيو ـ سياسة، فضلاً عن اعتبارات أخرى كثيرة، محلية وإقليمية؛ ليس غريباً أن تبدو كركوك، اليوم، بمثابة نقطة الأوج، في تشييع كامل مشروع الاحتلال الأمريكي للعراق، إلى… مزبلة التاريخ!

 
القادم الأكثر شؤماً/ فواز حداد
فات النظام السوري في غمرة بقائه المحموم في السلطة، أن عدوّه داعش لا الشعب، ليس هذا من قصر النظر، بل جراء عقلية تنحو إلى الاستئثار بالسلطة. اعتبر كل من له الحق في مساءلته، ليس شريكه في الوطن، ويتحتم إلغاؤه من أية معادلة سياسية، فحاز الشعب قصب السبق من عداوته.
لم يُخف النظام استعداده للتعاون مع الشيطان للتخلّص من الاحتجاجات الشعبية، إلا بتصعيد الردّ إلى الحدود القصوى، أحدها، ترك داعش تسهم بدمويتها في إرهاب الناس، فاضطروا إلى اللجوء لمن يخلّصهم من جرائمها، ولم يستثنوا النظام الذي لم تكن جرائمه أقل، كانت أكثر وأوسع لا تقف عند حدود. قد تظنّ الأنظمة أنها المنقذ الجبار، وهذا ليس ببعيد عنها، فالمخطّط هو الاستفادة من جرائم داعش، وها هو الشعب يذوق الأمرّين، ويكفر بالحرية والثورة والإسلام معاً تصنع سياسات حافة الهاوية المصائب التي تحيق بأبطالها الملهمين الذين يعتقدون ألا بديل
لهم، فلا يرون أبعد من بقائهم في السلطة، فيضعون البلاد في قلب الخطر. خطر داعش الداهم، لم يكن مفاجئاً، أعلنت عنه مراراً وتكراراً، فهي دولة العراق والشام، وأكدته بجرأتها الضاربة بجميع الاعتبارات السياسية والدينية، ولم توفّر السوريين من تأويلاتها العقابية المتشدّدة، المستنكرة من الناس البسطاء المتدينين وغير المتدينين، بموجب أشد الفتاوى انحرافاً، وتطبيقاتها الأشد وحشية، قطع يد السارق، وأصابع المدخنين، صلب المخالف، واعتقال الناشط العلماني، والناشط الإغاثي، وإحالتهم إلى المحاكم الشرعية لمجرد الشبهة في التدين، والإعدامات بالمفرق والجملة. لم ينج منها المسلمون الذين يفهمون دينهم على أنه دين الرحمة، لا القتل. قائمة انتهاكاتها، لا تعد ولا تحصى.
مع هذا اختلقت بيئات حاضنة، بفعل انسداد الأفق السياسي سواء في العراق أو سورية، بلغ تعنّت المالكي في سبيل تصفية خصومه السياسيين أنه وصمهم بالإرهاب، بينما الإرهاب الداعشي يستفحل. كذلك ابتلي السوريون بهم، مع الكارثة المستمرّة منذ ثلاث سنوات ونصف، عايشوا أوضاعاً تمت إلى عالم الرعب الخالص. بينما كان النظام بالاستنكاف عن محاربتها، قد شجّعها على احتلال المناطق المحرّرة، وترك الحبل لها على الغارب، فاستولت على النفط واستغلّته. تفاهم النظام معها على اقتسام عائداته، بينما رفض التفاهم مع المعارضة على طاولة المفاوضات في جينيف.
الاعتقاد، وربما ما زال، أن الغرب سيطلب من النظام فيما بعد التخلّص من داعش مع مكافأة ثمينة، الاعتراف به مقاتلاً ضد الإرهاب، وهذا ليس مستبعداً. الغرب لا تهمّه الحرب الدائرة في سورية، ولا من سينتصر، يهمّه أكثر ألا تتوقف، مادام أن الأطراف يقتلون بعضهم بعضاً ويستنزفون حزب الله وإيران. فالغرب لم يلتفت جدياً إلى خطر داعش، بل اتّخذها مبرّراً لعدم تزويد المعارضة بالسلاح، لئلا تصل إلى أيدي جماعات إسلامية متطرّفة. بينما كان تسليح المعارضة سيساعد على الحد من خطرها، مع العلم أن داعش لا ينقصها السلاح الثقيل ولا الحديث!
في الأساطير هناك وحش خرافي يلتهم كل ما يقع في طريقه من الأحياء. في بلاد الشام، الواقع أمرّ وأدهى، الوحش داعش يلتهم البشر والمدن، لا ضمانة أن الوحش سيتوقف عند أبواب الأنظمة ولا يمسّها بسوء. المناورات الذكية لا تربح الجولات كلها، والواقع ليس أسير مخطّطات المخابرات. الأنظمة التي أسهمت بتوليد الإرهاب، وهادنته وساومته جاء دورها، نفد عهد السلام المتبادل، الذي جرى التواطؤ عليه. والغرب سيتضرّر أكثر مما يتصوّر على غفلته التي كانت عن سابق تصور وتصميم.
إذا بقي الحال هكذا، فالشعوب أكثر المتضرّرين، سيحلّ محل الأنظمة الفاسدة، أنظمة لا تقلّ عنها إجراماً. وربما اقترب اليوم الذي أوشكنا فيه على أن نصبح من مواطني داعش. ولم يعد من قبيل التنبؤ، في حال رحيل النظام، العيش تحت ظلال الخلافة الداعشية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى