صفحات العالم

مقالات لكتاب عرب تناولت جنيف 2

هل تبدأ المقايضات بين أميركا وايران؟/ موناليزا فريحة

الحرب المفتوحة على “داعش” من الرقة في سوريا الى الانبار في العراق، وما يرافقها من مواقف، تثير شبهات في احتمال حصول مقايضات بين أميركا وايران قبل أيام من جنيف 2 المقرر مبدئياً أواخر الشهر الجاري، علماً أن الشكل النهائي لاية صفقة لن يتبلور قبل الاتفاق النووي الشامل المرتقب خلال ستة أشهر.

حتى الآن، لم تتعدّ مفاعيل اتفاق جنيف بعض جوانب البرنامج النووي الايراني وعقوبات مرتبطة به. مصالح واشنطن وطهران لا تزال متباعدة في أكثر من ملف. ومع ذلك، وجد الجانبان نفسيهما في خندق واحد في مواجهة تهديد المقاتلين الاسلاميين الذين يعتنقون فكر “القاعدة” في سوريا والعراق.

ففي العراق، يشهد الاميركيون من بُعد على انهيار نفوذهم في بلد أنفقوا فيه أربعة مليارات دولار وفقدوا 4486 جندياً وجندية. تؤرقهم أعلام”القاعدة” السود في مناطق من الانبار خسروا فيها وحدها ثلث ضحاياهم ، بما فيها الفلوجة التي خاضوا فيها معركتهم الاكثر دموية منذ حرب فيتنام. وهذا الوضع لا يلائم ايران ايضاً. فليس من مصلحة الجمهورية الاسلامية أن يضعف هؤلاء التكفيريون رئيس الوزراء نوري المالكي، بعدما اعادت معه العراق الى منطقة نفوذها.

وضع هذا العدو المشترك واشنطن وطهران في خندق واحد. وإذ تعهد الجانبان في الايام الاخيرة زيادة مساعداتهما للقوات العراقية لمواجهة “القاعدة”، فليس مستبعداً أن يتطور هذا التعاون لاحقاً الى ما هو أكثر من ذلك. فواشنطن تدرك تماماً أن المشكلة العراقية تكمن ايضاً في حكم المالكي واخفاقه في الانفتاح على السنة في تلك المنطقة، وقد لا تتوانى مستقبلاً في طلب الدعم للضغط عليه.

يبدو الامر أكثر تعقيداً في سوريا. الخطر نفسه يمثل تهديداً مشتركاً لكل من واشنطن وطهران، ولكن فيما باتت الاولى تقف ولو متأخرة في صف الاسلاميين الاكثر اعتدالاً، تعتبر طهران الداعم الرئيسي لنظام الاسد وعلّة صموده.

وعلى رغم هذا التباعد، لم تعد واشنطن تستبعد دوراً ايرانياً في جنيف 2. وكان لافتاً كلام جون كيري في القدس، وهو الاول من نوعه لمسؤول أميركي، عن امكان اضطلاع ايران بدور “بناء” ولكن محدود في مؤتمر السلام ، حتى وان لم تساند اتفاق جنيف 1. ومع قول مسؤولين أميركيين إنه يمكن طهران زيادة فرصها للمشاركة في مؤتمر السلام لسوريا، إذا أقنعت الاسد بوقف قصف حلب وتسهيل وصول المساعدات الانسانية ، يصير مشروعا التساؤل عما اذا كانت المقايضات بدأت بين أميركا وايران. وفي ظل فرضية كهذه تكثر الاسئلة عن حجم صلاحيات الرئيس حسن روحاني والوزير محمد جواد ظريف في الملفات الخارجية غير الملف النووي، وعمن تتخلى ايران في سيناريو كهذا؟ ومقابل ماذا؟ وقبل كل شيء، هل تمضي المحادثات النووية الى خواتيمها السعيدة؟

النهار

ما جدوى «جنيف 2»؟/ وحيد عبد المجيد

 ليس واضحاً بعد على أي أساس يستند من يعتقدون أن مؤتمر «جنيف 2»، المؤجل موعده إلى 22 يناير الجاري، يمكن أن يساعد في التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية التي ستكون قد دخلت شهرها الخامس والثلاثين عندما يحل هذا الموعد.

وليس مفهوماً لماذا لا يرون ما يراه الرئيس الفرنسي، وهو أن «هذا المؤتمر سيكون عديم الجدوى إذا كان سيُبقي الأسد رئيساً لسوريا» على حد تعبيره في تصريحات أدلى بها قبيل نهاية العام المنصرم. والمثير للانتباه أنه قال هذا الكلام في الوقت الذي عُقد اجتماع ثلاثي بين مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي ووفدي الولايات المتحدة وروسيا لبحث ترتيبات المؤتمر. وكان لافتاً أن ذلك الاجتماع جاء بعد ساعات على عرقلة موسكو إصدار مجلس الأمن بياناً رئاسياً – مجرد بيان – لإدانة غارات قوات الأسد على مدينة حلب، والتي كانت في يومها السادس حين صُرف النظر عن هذا البيان.

لذلك فالسؤال المنطقي الذي يثيره هذا الموقف الروسي؛ هو عن فائدة الذهاب إلى مؤتمر لا يمكن أن ينجح من دون تنازلات جوهرية يقدمها نظام الأسد وتساعد موسكو في انتزاعها إذا كان الكرملين يعرقل إصدار بيان لا تترتب عليه أية نتائج عملية! والحال أن الأمر لا يتطلب جهداً كبيراً أو فهماً عميقاً لإدراك أن الوقت الراهن هو الأسوأ للبحث في سبل حل الأزمة السورية.

وإذا كانت النتائج تترتب على مقدمات تؤدي إليها، فليس صعباً استنتاج أن الموازين الداخلية والدولية في اللحظة الحالية لا تسمح بأي حل سياسي معقول ناهيك عن أن يكون عادلا يحقق طموح الشعب الذي ضحّى بما يقرب من مئة وخمسين ألفاً من أبنائه بأرواحهم وأُصيب مئات ألوف آخرون وشُرد ملايين غيرهم بين الداخل والخارج. فقد تحول ميزان القوى على الأرض لمصلحة نظام الأسد وحلفائه الإقليميين الذين يقاتلون معه منذ منتصف 2013. فكانت معركة السيطرة على القصير في يونيو الماضي، والتي انتصرت فيها قوات النظام بدعم معلن من «حزب الله»، نقطة تحول رئيسية على المستوى الميداني. فقد أتاحت السيطرة على القصير إمكانات كبيرة لنظام الأسد للتحكم في المحور المركزي الممتد من دمشق إلى حلب، فضلاً على فروع عدة مهمة ميدانياً أهمها باتجاه الغرب نحو الساحل ومنطقة التمركز العلوي وباتجاه الجنوب إلى درعا.

لذلك أصبح نظام الأسد في أقوى وضع له منذ اندلاع الانتفاضة السورية، الأمر الذي انعكس في رفع سقف موقفه كما يظهر في خطابه السياسي خلال الأسابيع الأخيرة. فقد صار أكثر ثقة في نفسه وقدراته من أي وقت مضى، وعاد إلى الغطرسة الفجة التي كانت قد توارت قليلا بالتوازي مع تراجعه العسكري حتى منتصف 2013. وصار بإمكان الأسد وأركان نظامه التحدث بشكل مباشر عن عدم وجود أي مانع يحول من دون ترشحه لولاية جديدة حيث تنتهي فترته الرئاسية الحالية في منتصف يوليو القادم.

ولم يجد وزير الخارجية وليد المعلم، الذي سيرأس وفد النظام إلى «جنيف 2»، أي حرج في سؤاله الاستنكاري – الذي يستهزئ بالمجتمع الدولي برمته وليس بالشعب السوري فقط – عما يمكن أن يمنع مواطناً في أي بلد من الترشح للانتخابات! وكأنه لا يعرف أن أي مواطن ارتكب نزراً يسيراً من الجرائم التي يتحمل الأسد مسئوليتها لا يُحرم فقط من حقوقه السياسية كافة بل يُقدم إلى محاكمة جنائية أيضاً. فهذا هو حال من يقتل شخصاً واحداً أو يشترك في قتله فما بالك بمن يتحمل المسؤولية عن قتل نحو 150 ألف نفس، كونه شريكاً في هذه الجرائم كلها وفقاً لحالات الاشتراك الجنائي المعتمدة في قوانين العالم بأسره، وهي الاتفاق والتحريض والمساعدة.

ورغم أن نائب وزير الخارجية الروسي بدا حصيفاً عندما عبّر عن تبرمه من الحديث قبيل «جنيف 2» عن إعادة ترشيح الأسد، ودعا إلى عدم التصعيد، فسرعان ما التف رئيسه (وزير الخارجية) سيرجي لافروف على تصريحه عندما قال إن دبلوماسيين غربيين صاروا يرون بقاء الأسد أقل ضرراً من انتصار متطرفي «القاعدة» في سوريا.

ويعني ذلك أن التحول في ميزان القوى الداخلي يفاقم المعضلة الأكثر جوهرية أمام أي حل سياسي للأزمة، وهي موقع الأسد فيه وهل يمكن أن يكون له دور ترفض المعارضة بمختلف أطيافها أي حوار بشأنه، أم أن عليه إخلاء الطريق أمام آخرين في نظامه لبناء شراكة مع قوى المعارضة في إطار السلطة الانتقالية التي نص عليها بيان مؤتمر «جنيف 1» حتى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة.

وإذا كانت هذه المعضلة فرغَّت نتائج «جنيف 1» من مضمونها وأدت إلى صيغة فضفاضة تحتمل أكثر من تأويل بشأن مصير الأسد، وذلك في وقت كان نظامه أضعف مما هو عليه الآن، فكيف يكون الحال في «جنيف 2» بعد التحول الذي حدث في ميزان القوى الداخلي لمصلحته؟

المهم أن ذلك التحول يتزامن مع تغير يحدث في الميزان الدولي في الاتجاه نفسه، أي لمصلحة نظام الأسد نتيجة القلق الغربي المتزايد من تطور ميداني مواز جعل الجماعات الأشد تطرفاً هي الأقوى على الأرض. وكان هذا التطور هو غاية ما سعى إليه نظام الأسد منذ أن بدأ في دفع الثوار السوريين إلى التخلي عن سلمية انتفاضتهم عبر تشديد الضغط عليهم من خلال انتهاكات فظيعة تستثير الحمية دفاعاً عن العرض قبل النفس. كما سهَّل انتشار السلاح سعيا لتحقيق هدفين؛ أولهما تغيير طبيعة الصراع وتحويله من انتفاضة سلمية ضد نظام تسلطي متجبر إلى معركة مسلحة على نحو يُيَّسر له استخدام أقصى أشكال القمع وأقساها، وثانيهما إزالة الخط الفاصل بين الحق الذي تدافع عنه هذه الانتفاضة والظلم الذي يمارسه هو بشكل منظم ومنهجي، وأملا في استثارة قلق دولي من دخول تنظيم «القاعدة» وأتباعه المتطرفين على خط المعركة. وهذا ما تحقق بالفعل. فمن شأن هذا القلق الذي توسع في الأشهر الأخيرة أن يجعل الدول الغربية التي دعمت المعارضة أقل حماساً للضغط على نظام الأسد وحلفائه لتقديم التنازلات اللازمة لتعبيد الطريق الوعرة إلى حل سياسي.

وفي ضوء هذه المعطيات، وغيرها، ربما يكون مؤتمر «جنيف 2» أكثر فائدة في حالة تغيير طابعه ليركز على معضلة اللاجئين التي لم يعد ممكناً تحملها سواء إنسانياً أو سياسياً.

الاتحاد

إنقاذ النظام لم يؤهل إيران لـ”جنيف – 2″/ عبد الوهاب بدرخان

سقطت كل الادعاءات التي سيقت منذ منتصف 2012 تبريراً لتدخل “حزب الله” في القتال داخل سوريا. من حماية سكان شيعة ومسيحيين في قرى حدودية، وصولاً الى محاربة “التكفيريين” وارهابهم منعاً لامتداده الى لبنان. أما ذرائع مواجهة “المؤامرة على سوريا” أو “حماية ظهر المقاومة” و”الدفاع عن نهج المقاومة” فلم تكن سوى شعارات افتراضية فارغة من أي مضمون. الأكثر وضوحاً أن ايران أمرت “حزب الله” بإرسال مقاتلين لمؤازرة شبّيحة النظام، ثم بإدخال المزيد منهم واستقدام ميليشيات من العراق، عندما تأكدت أن النظام في خطر ويتوجب انقاذه.

نجح هذا “الانقاذ” جزئياً وشكلياً، لكنه لم يؤهل ايران لمقعد في المجتمع الدولي الذي سيلتئم في جنيف بحثاً عن حل سياسي للمعضلة السورية. وزير الخارجية الاميركي قال أخيراً إن ادارته منفتحة على أي مساعدة “مفيدة” يمكن أن تقدمها ايران من خارج مؤتمر “جنيف 2”. هذا موقف منطقي وواقعي لم يكن متوقعاً من واشنطن في ظل تهافتها على طهران، ثم انه ينطوي على اختبار كالمساهمة في وقف القصف بالبراميل المتفجّرة وتسهيل وصول المساعدات الانسانية. غير أن ايران لم تبدِ حماسة لمشاركة مشروطة، وكانت ترغب في أن تُدعى بصفتها دولة كبرى اقليمية، ثم إنها لم تبد استياءً بالغاً لاستبعادها. فالموقف الايراني غير المعترف ببيان “جنيف 1” هو نفسه موقف النظام السوري، إلا أن الأخير ذاهب الى “جنيف 2” مشترطاً عدم التطرق الى تنحّي بشار الاسد، وآملاً بالاعتماد عليه في ضرب الارهاب. واذا ما خابت آماله يصبح غياب ايران ذريعة لاحباط المؤتمر وطروحاته.

في أي حال يتصرّف النظامان السوري والايراني على أن “جنيف 2” ليس سوى استعراض ديبلوماسي، فالحرب ستستمر لأنهما يخوضانها كمواجهة مع السعودية، ولا بدّ من أن تسفر عن منتصر. أسوأ ما في “جنيف 2” بالنسبة اليهما أنه، في جانب رئيسي منه، يعيد الصراع الى حقيقته بين الشعب والنظام. وهذا لم يعد يناسبهما بعدما بذلا طوال الشهور الأخيرة كل جهد لإظهار أن الصراع هو مع الارهاب و”التكفيريين”، وأصبح ذكر التكفيريين عندهما مرادفاً لذكر السعودية، التي ألحّ وزير الخارجية الايراني ويلحّ على زيارتها، كما لو أن بلاده ورئيس الحرس الثوري فيها يقومان بمبادرة انسانية في سوريا.

بعد لحظات على التفجير الانتحاري المزدوج للسفارة الايرانية في بيروت كانت مصادر ايران تتهم اسرائيل، أما مصادر “حزب الله” فوجّهت الاتهام الى السعودية، وما لبث حسن نصرالله أن أكّده شخصياً. وبلغ الهوس البروباغندي حدّ تلفيق رواية تفترض أن تكفيريين دبّروا اغتيال الوزير محمد شطح، وهو ما تكرر طبعاً بعد التفجير الأخير في حارة حريك. ومع كل صيحة بـ”انها السعودية” يحولان عبثاً إبعاد الشبهة عنهما.

النهار

جنيف- 2″ … تفاؤل المتشائمين/ د. أحمد عبد الملك

في أول أيام العام الجديد 2014 برزت مواقف متناقضة حول «جنيف 2»، المؤتمر الخاص بالنزاع في سوريا! ففي الوقت الذي أعلن فيه الأمين العام لجامعة الدول العربية د. نبيل العربي أن نجاح مؤتمر «جنيف 2» غير مضمون، وأن جميع الفصائل المتقاتلة على التراب السوري قد أُنهكت، وأن دخول عناصر أجنبية إلى الصراع كالحرس الثوري الإيراني وعناصر «حزب الله»، يستلزم إيجاد حل سياسي للأزمة، أعلن وليد المعلم وزير الخارجية السوري أن بلاده متمسكة بمشاركة إيران في المؤتمر، وذلك لأسباب سياسية من الولايات المتحدة والمعارضة. وأضاف-في لهجة تهديد واضحة- «أن من يعتقد من المعارضة أنه ذاهب إلى «جنيف 2» لتسلم السلطة، نقول له كفى أوهاماً، فنحن نذهب لنرى من يرفض – من المعارضة – التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا ويرفض الإرهاب، ويعمل من أجل صنع سوريا المستقبل»؟! وتلك رسالة واضحة لكل من يتحدث عن نقل السلطة، أو التمهيد للانتقال السلمي للسلطة من يد الرئيس بشار، وهذا بحد ذاته كفيل بنسف المؤتمر قبل انعقاده. ولا نعلم كيف يعلن وزير الخارجية السوري – عبر استفهام استنكاري- عمن يتدخل في سوريا؟ وهو يدرك حجم العناصر الإيرانية وقوات «حزب الله» والقوات الإسلامية الأخرى على الساحة السورية؟

من جانب آخر أكد جورج صبرا رئيس المجلس الوطني السوري المعارض «رفض المعارضة أن يكون جنيف 2 منصة لتوظيف قوى الثورة في مواجهة مع بعضها بعضا، أو أن يسهم في الإيقاع بين صفوف الثوار السوريين وتقسيمهم إلى متطرفين ومعتدلين».

كما أشار إلى أن السوريين لا يرون في جنيف 2 فرصة حقيقية للخروج بحل سياسي لما تعانيه سوريا من دمار طوال ثلاث سنوات من الحرب، مشيراً إلى «سياسة البراميل المتفجرة التي يُلقيها النظام السوري على أبناء شعبه من أجل تدمير البلاد. وأكد أن الهدف الرئيسي للثورة هو إسقاط نظام بشار الأسد». ودلّل على تشاؤمه من عقد (جنيف- 2) كونه مشروعاً لاقتتال المعارضة ولتعميم الإرهاب داخل سوريا في جميع المناطق وإلى الدول المتجاورة. وإذا ما أضفنا عنصر التقاتل على الأرض، وتشعب الجماعات المتقاتلة، تبدو كفة التفاؤل بنجاح (جنيف- 2) ضئيلة للغاية وسط التعقيدات والتدخلات السياسية.

ويوم 6/1/2014 أعلن 40 عضواً من الائتلاف السوري المعارض الانسحاب بسبب خلاف حول الموقف من (جنيف- 2)، وهذا يعزز من كفة التشاؤم بنجاح المؤتمر.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن حصيلة غير نهائية عن أعداد القتلى جراء النزاع في سوريا في أول يوم من العام الجديد 2014، حيث أشار إلى أن عدد القتلى وصل إلى 130 ألف شخص منذ مارس 2011، وهم 46266 مدنياً (بينهم أكثر من 7 آلاف طفل) و52290 من عناصر قوات النظام والمجموعات المسلحة الموالية له، و29083 من مقاتلي المعارضة -من بينهم جهاديون- بالإضافة إلى 2794 من مجهولي الهوية، كما أشار المرصد إلى وجود أكثر من 17 ألف مُعتقل داخل سجون القوات النظامية، وأكثر من 6 آلاف أسير من القوات النظامية والمسلحين الموالين له لدى الكتائب المقاتلة.

بالطبع لم تتحدث الأرقام عن الأوضاع الاقتصادية المنهارة، ولا عن تدمر البنى التحتية في سوريا، والتي بدت مع دخول العام الجديد شبه متلاشية، ولا عن اللاجئين الذين قدرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين – التابعة للأمم المتحدة – عددهم بحوالي مليوني شخص، كما سجلت حالة نزوح كبرى لحوالي 4 ملايين داخل سوريا، أجبرتهم ظروف الحرب على النزوح من منازلهم وقراهم.

وبلغ حجم المساعدات الإنسانية نحو 13 مليار دولار حتى هذا الوقت، وقد دعت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون المساعدات الإنسانية الدولَ المانحة إلى الوفاء بالتزاماتها المادية، كما ورد في مؤتمر المانحين الأول. وفي الكويت أكد وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الصباح حرص دولة الكويت وعملها المتواصل مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لتمهيد الظروف المناسبة لعقد وإنجاح مؤتمر المانحين الثاني الذي يقعد يوم 15 يناير الحالي.

ويبدو أن المجتمع الدولي قد تأخر كثيراً في السعي لوقف النزيف على الأرض السورية، وذلك بفعل التدخلات الخارجية، و«ميوعة» الموقف الأميركي، وحرص موسكو

على بقاء الأسد في السلطة، دون أن تلتفت إلى معاناة الشعب السوري!. كما تم تحجيم تلك المأساة واختصارها في مسألة السلاح الكيماوي، الذي أصبح الهاجس الأول لدى منظمي جنيف 1.

وإذا ما تم عقد جنيف- 2 بنفس روح «التناطح» الأميركي الروسي، واختلال صفوف المعارضة، وتشتت وفدها إلى المؤتمر، والإصرار على دخول إيران- ولا ندري بأية صفة – إلى المؤتمر، فإن تفاؤل المتشائمين قد يخبو لدرجة الصفر.

كان من المفترض إنهاء الأزمة عندما ثبت للمجتمع الدولي استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية ضد شعبه! وهو ما يجعلنا نستحضر القرارات الدولية التي صدرت بحق النظام في العراق إبان حكم الرئيس صدام والملاحقات الدولية، والحظر الاقتصادي، وطلعات طائرات الشبح المخيفة وضربها للأهداف العراقية، وغيرها من وسائل العقاب، ومن ثم دخول القوات الأميركية إلى بغداد، لإسقاط النظام! ولكن يبدو أن هذا (الاستحضار) قد فات أوانه، وأن المأساة السورية قد تشعبت، والأرواح البريئة قد زُهقت، وحتماً ستدخل الأزمة نفقاً مظلماً عام 2014.

الاتحاد

جنيف والخيار البديل لنظام الأسد/ فردريك س. هوف

ترجمة: أحفاد الكواكبي

إذا قدمت المعارضة السورية لمؤتمر جنيف الثاني المحدد عقده في ٢٢ يناير ٢٠١٤ اقتراحاً معقولاً عن حكومة انتقالية بديلة عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، يمكن عندها أن يساهم المؤتمر في إنهاء حكم العائلة الفاشية الوحشية لسورية. وإن تقدمت المعارضة بلائحة وحدة وطنية تتضمن أسماء بارزه تتضمن علويين خدموا بكفاءة وإخلاص في مراتب مدنية وعسكرية عالية، لربما تطلق بذلك تفكيكاً سريعاً لنظام دمّر سورية ولم يجلب سوى المآسي والأحزان والآلام لكل السوريين، بما فيهم المجموعة التي ينحدر منها.

حالياً يمتطي نظام الأسد الميليشيات المشكلة والمدعومة من قبل إيران إلى سلسلة من الانتصارات التكتيكية شمالي دمشق. فقد تكبدت القوات السورية الموالية للنظام –والتي تتكون غالبيتها من العلوييين– خسائر فادحة خلال العامين الماضيين، وأنهكت بعض وحداتها. وتحتاج طهران إلى عشيرة الأسد-مخلوف للحفاظ على خيار ردع استراتيجي في لبنان ضد إسرائيل (حزب الله). ولكن ضمن صفوف الطائفة العلوية هناك تساؤلات مكروبة عن حجم التضحيات التي قدمتها وعن المعاناة التي لا تزال تطلب منها للحفاظ على العائلة الحاكمة وموظفيها. إن عدم وجود بديل جذّاب وذي مصداقية هو كل ما يربط هذا المجتمع (وبعض الأقليات الأخرى) بالنظام. وفي جنيف يمكن للمعارضة السورية أن تخفف وطأة تلك القيود. فهل ستفعل ذلك؟

ليست هناك أرضية للتفاؤل.الائتلاف الوطني السوري يمتلك جذوراً في الداخل هي ضحلة في أحسن الأحول، وقد سُمّي هذا الائتلاف ممثلاً شرعيا للشعب السوري، ويعتبر من قبل أولئك الذين يدعون أنفسهم أصدقاء الشعب السوري قائداً مركزياً للوفد السوري إلى جنيف، دون أن يتلقى الدعم الذي يحتاجه لإقامة بديل للحكومة داخل سورية. ويمكن تفهم أن الائتلاف، وبحساسيته لاتهامات بعدم الجدوى والتقصير والخلل وعدم احترامه من قبل الغرب، غير راغب في المخاطرة بطرح قائمة حكومة انتقالية قد تثير غضب الناشطين داخل سورية والذين تحملوا العبء الأكبر من وحشية النظام. وكمثله من الأحزاب السياسية في كل مكان، يجب أن يهتم الائتلاف بقاعدته، ولكن للأسف ولأسباب ليست كلها من صنع يديه لا يتمتع الائتلاف الوطني السوري بأية قاعدة شعبية.

وقد أبرزت الأحداث الأخيرة مدى تهميش التيار الوطني السوري الجدير بالاحترام في المعارضة، ويشهد بذلك قيام الولايات المتحدة بتعليق المساعدات غير الفتّاكة للجيش السوري الحر، فهناك مقاتلون تابعون لجبهة إسلامية، وهذه تشكلت مؤخراً من مجموعات إسلامية معارضة لنظام الأسد وغير مرتبطة بتنظيم القاعدة، كانوا قد سيطروا على بعض المعدّات غير الفتاكة التي زودت بها الولايات المتحدة الجيش السوري الحر، وهذا يعني أن أفراد الجبهة الإسلامية يتناولون الآن وجبات طعام جاهزة و يتواصلون مع بعضهم البعض باستخدام معدات دفع ثمنها دافعو الضرائب في الولايات المتحدة. كما أن اللواء القدير سليم إدريس، والذي أرادت الولايات المتحدة أن يمر عبره كل الدعم من أسلحة ومعدات للمعارضة السورية المسلحة، شهد القوات التي كان يأمل بقيادتها تغادر الجيش الحر إلى التشكيلات الإسلامية التي يغدق عليها داعموها الأسلحة والذخيرة والمال والطعام والمعدات الطبية وأجهزة الراديو والشاحنات الصغيرة. لقد انتهى عملياً المجلس العسكري التابع للائتلاف، ولم يعد هناك دور فعلي للوحدات المختلفة من الجيش السوري الحر المرتبطة بشكل فضفاض مع ذلك المجلس.

في جوهره، يعني هذا الوضع أن إدارة أوباما قد تميل الآن للتخلي عن تظاهرها الأخرق بدعم المجلس العسكري الأعلى، هذا الدعم الذي لم يرقَ إلى أية درجة مهمة، على الرغم من النوايا الحسنة لوزير الخارجية جون كيري ومن العمل الشاق لبعض عناصر الولايات المتحدة. وحتى إن رأت الإدارة الأمريكية الآن أن استمرار نظام الأسد وصعود الإسلاميين في المعارضة المسلحة هي تطورات تهدد الاستقرار الإقليمي، وبالتالي مصالح الولايات المتحدة، فإن كياناً خضع لتجويع تدريجي حتى الموت –ولكن مع جرعات دورية إنقاذية غير فعالة– سيكون إحياؤه تحدياً عملياتياً من المرتبة الأولى، وربما يكون هذا جهداً جيداً يستحق الأخذ به ولو كان السبب الوحيد ضعف التأييد الشعبي لأشكال الإسلام السياسي الواقعة خارج نطاق الإخوان المسلمين. ولكن القيام بما كان ينبغي القيام به عام 2012 أصعب بكثير الآن عام 2013. ويأتي كل ذلك على حساب الفئات الضعيفة من السكان في سورية.

لن تأرق إدارة أوباما لتهميش العناصر المسلحة التي دعمتها، بشكل غير فعال على أي حال. ولكن ما الذي يجب القيام به حيال جنيف؟ منذ أيار 2013، كانت الولايات المتحدة هي القوة الدافعة لعقد جنيف2؛ وقد تسارع دفعها في أعقاب اتفاق الأسلحة الكيميائية، الذي أعطى نظام الأسد ومؤيديه الخارجيين يداً حرة تفعل ما تريد بالمدنيين السوريين، طالما أنها لن تستخدم السلاح الكيميائي. بالطبع تعترض الإدارة الأمريكية على هذا التوصيف. ولكن أين أختفى التهديد الحقيقي بالقوة العسكرية الذي وعدت الإدارة الأميركية بإبقائه خلال عملية نزع السلاح الكيميائي؟ من وجهة النظر الأمريكية الرسمية، جنيف هو المكان الذي سيتم فيه تفعيل الانتقال السياسي في سورية، من حكم العائلة الفاسدة الوحشية إلى شيء أفضل؛ وبمعنى آخر، جنيف هو المكان الذي ستنتصر فيه ورقة الكيمياء الدبلوماسية على ما يحدث على أرض الواقع.

ويبدو أن هناك أمراً بارزاً يعرقل بعناد تلك الكيمياء الديبلوماسية: إيران وروسيا تدعمان وبقوة ذلك النظام، والذي حرضت استراتيجيته الطائفية الفاضحة على النمو السرطاني لمعارضة إسلامية مسلحة عنيفة. هذه المعارضة، في المقابل، تدفع من ساحة المعركة وتسقط الأهمية السياسية لأي شيء تفوح منه رائحة الاعتدال والوطنية اللاطائفية وقيم المجتمع المدني، وهي قيم يريد معظم السوريين أن تنعكس في حكمهم. إذا كان الهدف في جنيف تقويض السبب المسبّب لدمار سورية –وهو نظام الأسد– من خلال تقديم بديل يقبله الذين يصونون و يدعمون ذلك النظام، فقط لأن الإسلام المتطرف يبدو أنه البديل الآخر، فمن هو الذي سيقدم هذا البديل؟ هل هم ذوو الميول السياسية المعتدلة، الذين جعلهم فشلهم في حشد الدعم الفعال من الغرب وفي التجذر داخل سورية يهيمون للأسف على غير هدى ويفقدون المصداقية؟ أم أولئك الذين قرروا محاربة النظام باسم الإسلام دون انتظار إشارة من واشنطن؟

تلك هي المعضلة التي أوقعت إدارة أوباما نفسها فيها، فهي ترى الآن أنه كي يقوم مؤتمر جنيف٢ بوظيفة الانتقال السياسي المطلوب فإن على الإسلاميين غير المرتبطين بالقاعدة إما أن يأتوا بأنفسهم إلى سويسرا أو أن يفوّضوا الآخرين للقيام بذلك ولوضع لائحة تضم أسماء أعضاء هيئة الحكم الانتقالي الذي دعا إليه البيان الختامي لجنيف١ (حزيران ٢٠١٢) على طاولة المفاوضات في جنيف. وهذا يحتم على الجبهة الإسلامية أن توافق على إقناع العلويين والمسيحيين وغيرهم (وخاصة أولئك الذين تقاتلهم في الأجهزة الأمنية) بأن الانتقال السياسي في البلاد لن يُقاد من قبل الإسلاميين، ولا من قبل الائتلاف الوطني، وبالتأكيد ولا من قبل تنظيم القاعدة، ولكن من قبل الذين نجحوا في خدمة سورية بشكل لائق دون أن يلوّثوا أنفسهم بالدماء، ودون أن يثروا أنفسهم بالفساد أو يحطوا منها بالإجرام.

بالنسبة لإدارة أوباما، هذا تطور غير مريح للأمور، وهي ترى أن النهاية المثلى هي مغادرة العائلة الجشعة الحكم، ثم انضمام القوات المسلحة الحكومية والمعارضة معاً للقضاء على وجود تنظيم القاعدة في سورية. الإدارة الأمريكية ترى الوضع الحالي للنظام على درجة من الهشاشة تمكّن من جلبه إلى نقطة الانهيار، ولكن فقط إذا كان من شأن المعارضة أن تتوحد في جنيف حول اقتراحات معقولة للانتقال السياسي. غير أن على إدارة أوباما أن تعتمد الآن على قيام تحالف الإسلاميين بطرح، أو بإعطاء التفويض لآخرين من أجل طرح، جدول للحكم الانتقالي من شأنه أن يطمئن ألدّ أعداء الإسلام السياسي في سورية. ليس هذا بالأمر الذي تستطيع الإدارة الأمريكية تمريره بسهولة. فالإدارة التي تخلت عن المعارضة الوطنية السورية قد تكون قليلة أو معدومة الرغبة بالتواصل والتحاور مع الإسلاميين.

وكالعادة، في السياق السوري، ليس هناك إجابات سهلة أو حلول سحرية: السعي إلى الحوار مع الإسلاميين غير المرتبطين بتنظيم القاعدة؟ تقبل استمرار حكم سورية من قبل عصابة القتل الغارقة عميقاً في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية؟ تهنئة الذات بتطهير سورية من السلاح الكيماوي، مع الوقوف جانباً بينما تحترق سورية ويصرخ أبناؤها رعباً؟

إن بقاء النظام يضمن انعدام أي مستقبل متحضر لسورية. فالعصابة الحاكمة ليست بديلاً عن الإسلام السياسي في سورية، بل هي محفز التمزق الطائفي وسبب وجود تنظيم القاعدة بما يضمه من مقاتلين أجانب. نهج الإدارة الأمريكية لتغيير هذا النظام عبر جنيف مقامرة صعبة، ومع ذلك فلا يوجد لديها خيار آخر سوى اللعب بالأوراق التي قطعتها لنفسها.

موقع الجمهورية

النهار” تنشر رسالة بان إلى مونترو: جنيف 2 فرصة غير مسبوقة/ خليل فليحان

حدّد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون خريطة الطريق التي سيتبعها المفاوضون السوريون الممثلون للنظام، وآخرون للمعارضة في “مؤتمر جنيف حول سوريا” الذي عين موعد انعقاده في 22 من الجاري في مونترو بسويسرا، مع الاشارة الى أن المعارضة لم تتفق الى الآن على وفد موحد في انتظار ما ستقرره في 17 من الجاري.

وردت تلك “الخريطة” في الرسالة – الدعوة المؤرخة 6 من الشهر الحالي باللغة الفرنسية، وتلقاها وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عدنان منصور ووزراء خارجية 31 دولة أخرى مشاركة في افتتاح بان للمؤتمر، مع اعطاء الوقت للوزراء الراغبين في إلقاء كلمات موجزة عن مواقف بلادهم من المؤتمر والتشديد على السلام في سوريا.

استهل الامين العام رسالته بوصف الحجم الذي وصلت اليه الازمة السورية، فقال في مستهلها: “من الملزم التدخل بأقصى سرعة من أجل تفاوض يؤدي الى تسوية لمواجهة العذابات الانسانية المرعبة واتساع الدمار المادي في سوريا، حيث تراجعت حقوق الانسان الى درجة مخيفة، وباتت الحالة موسومة بخروق للقانون الدولي الانساني ومستمرة في الخراب، والنزاع معرض للاشتداد ولزعزعة الاستقرار في المنطقة بكاملها”.

وأضاف: “ان الطريق الذي يجب اتباعه لمثل هذه التسوية هو الاسترشاد ببيان جنيف الذي صدر في 30 حزيران2012 (الملحق 1) ووقعه اعضاء مجلس الامن بالاجماع بتبني القرار 2118 الذي كان قد صدر في 27 أيلول 2013. وطلب المجلس في هذا القرار تنظيم مؤتمر دولي حول سوريا في أفضل المهل لوضع بيان جنيف موضع التنفيذ. لقد جرت اتصالات تحضيرية (لهذا المؤتمر) منذ اطلاق مبادرة كل من وزيري خارجية روسيا الفيديرالية سيرغي لافروف واميركا جون كيري في السابع من ايار 2013”.

وتابع: “إني انظم في الوقت الحاضر مؤتمر جنيف حول سوريا، وانا مسرور بدعوتكم الى المشاركة في هذا الاجتماع الدولي الرفيع المستوى الذي يطبعه.

ان هدف المؤتمر هو مساعدة الافرقاء السوريين على وضع حد للعنف، والتوصل الى اتفاق شامل لتسوية سياسية تضع بيان جنيف بالكامل موضع التنفيذ، مع الحفاظ على السيادة والاستقلال ووحدة الاراضي السورية من دون أي نقصان”.

وفصّل في رسالته عناوين المفاوضات، فقال: “ان البيان يتضمن الخطوط الرئيسية والمبادئ المقررة للانتقال بواسطة السوريين، ويعرض عدداً من المراحل الاساسية تبدأ باتفاق حول السلطة الانتقالية مع صلاحيات تنفيذية كاملة مبنية على توافق متبادل. وكما ذكر البيان، ان الدوائر الرسمية يجب الحفاظ عليها او تعاد الى ما كانت عليه، بما فيها القوات المسلحة وأجهزة الأمن. وعلى مؤسسات الدولة وأجهزة خدماتها احترام حقوق الانسان وقواعد الأدبيات وبما يوحي الثقة للشعب، ووضعها تحت رقابة السلطة الانتقالية”.

وشرح تفاصيل متصلة بالمؤتمر، فأشار الى انه سيترأس الاجتماع الدولي الرفيع على مدى يوم في مونترو في 22 كانون الثاني 2014 ابتداء من الساعة التاسعة بالتوقيت المحلي. اما المفاوضات بين الفريقين السوريين فستبدأ في مقر قصر الامم المتحدة في جنيف في 24 منه، وسيتولى التسهيلات لها الممثل الخاص للامم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الابرهيمي. ويمكن ان تؤجل تلك المفاوضات بعد ذلك وتستأنف وفقاً لبرنامج العمل الذي سيتفق عليه. اما بالنسبة الى الاجتماع الدولي الرفيع فيمكن استئنافه وفقاً للحاجة.

ولفت الى انه لا يشك في ان المشاركين الدوليين (وزراء خارجية الدول الخمس الكبرى) في عدادهم الذين سيجتمعون في مونترو، “سيساهمون في دعم ذي مغزى للمفاوضات البناءة بين الفريقين السوريين. واني لمتأكد ان الجميع يبذلون قصارى جهدهم لتشجيعهما على التوصل الى تسوية شاملة تضع بيان جنيف موضع التنفيذ في اقرب وقت ممكن. وبالاضافة الى اشتراككم في الاجتماع الرفيع المستوى، قد يتضح انه من الضروري ان تقدموا مساعدتكم مجدداً بمقدار تقدم المفاوضات بين الفريقين السوريين”.

اما بالنسبة الى ممثلي النظام والمعارضة، فقال بان في الدعوة التي وجهها الى كل منهما: “بطريقة بناءة، التزم مجلس الامن بصورة جدية هذا المؤتمر، وشدد على وجوب التمثيل الكامل للشعب السوري، بحيث يقرّر الفريقان ان يضعا موضع التنفيذ بيان جنيف واجلال الاستقرار والتوافق وفق بيان جنيف وقرارات مجلس الامن ذات الصلة، وعلى الأخص القرار 1325 (2000) لجهة تأكيد المشاركة الكاملة للنساء”.

وأكد بان أن النزاع في سوريا ما زال ملتهباً منذ وقت طويل وأدى الى دفع ضريبة ثقيلة من الشعب السوري. ودعا الحكومة وجميع الافرقاء الى السماح للهيئات الانسانية بالذهاب الى المناطق التي أصيبت بالنزاع، من دون اي موانع وطلب توقف جميع الهجمات ضد المدنيين ووضع حد للعنف دون اي ابطاء وحض الافرقاء على وضع حدّ لاعمال الارهاب، مشدداً على ان مؤتمر جنيف “يقدم فرصة غير مسبوقة لبلوغ هذه الاهداف، واني لممتن لتعاونكم في هذه الورشة التي تهدف الى اعادة احلال الامن والتنفيذ العملي لانتقال السلطة وفقاً لبيان جنيف بطريقة مطابقة لتطلعات الشعب السوري”.

وتقع الرسالة في ثلاث صفحات، وطلبت من كل وزير التبليغ عن اسماء اعضاء الوفد والمستشارين.

النهار

إيران بين الأسد وسوريا/ طارق الحميد

نحن هنا أمام خبرين متناقضين؛ الأول يقول إن إيران على استعداد للتنازل عن بشار الأسد، لكن ليس النظام ككل، وخبر آخر يقول إن الرئيس الإيراني حذر نظيره الروسي من فشل مؤتمر جنيف 2 المقبل حول سوريا في حال عدم دعوة إيران إليه، فما معنى ذلك؟

الواضح أننا أمام عملية مفاوضات شاقة بالنسبة لمؤتمر جنيف 2 ليس الهدف منها إبعاد إيران كاملا عن المؤتمر بقدر ما هي محاولة لدفعها لتقديم تنازلات قبل عقد المؤتمر نفسه أهمها التنازل عن الأسد، خصوصا أن الأوضاع على الأرض في سوريا ليست بالسوء الذي تم تصويره سابقا فيما يتعلق بمشاركة «القاعدة» ومدى قوتها، خصوصا مع استطاعة الجيش الحر تحقيق انتصارات حقيقية ضد التنظيم الإرهابي، سواء داعش، أو من ناصرها، ومن اللافت هنا أن نجد تصريحا لوزير الخارجية التركي يتهم فيه نظام الأسد صراحة بالتعاون مع «القاعدة»، وهو أمر قيل من قبل، لكن أهميته اليوم أنه جاء على لسان وزير الخارجية التركي.

كل ما سبق يقول لنا إن الأمور الآن تعتبر مربكة للموقف الإيراني، وموقف الأسد بالطبع، خصوصا أن الحديث قبل أسابيع كان عن انكسار الجيش الحر وانتصار الأسد، إلا أن الأمور تبدلت، حيث ظهر أن قوة الأسد لم تكن إلا من خلال بروز داعش، واليوم اختلف الوضع، وعادت الأمور إلى المربع الأول الذي يقول إنه ليس هناك مكان للأسد في سوريا، ومن هنا كان لافتا ما نقلته وكالة رويترز عن دبلوماسي لم تسمِّه التقى كبار المسؤولين الإيرانيين مؤخرا حيث يقول إن الإيرانيين ربما يكونون مستعدين حاليا للتوصل إلى حلول وسط بما في ذلك تنحي الأسد، مضيفا «لا أعتقد أن هذا خط أحمر بالنسبة لهم»، ويشير الدبلوماسي إلى أن الإيرانيين «سيكونون على استعداد لرؤية بديل ما للأسد بشرط أن يكون هذا البديل جديرا بالثقة ولا يسبب فوضى»!

وعندما نقرأ هنا الخبر الذي نقلته وكالة الأنباء الإيرانية «إيسنا» أن روحاني أبلغ نظيره الروسي أن «مؤتمرا إقليميا لن يشارك فيه أطراف لهم نفوذ لن يتوصل إلى حل الأزمة في سوريا» يظهر لنا جيدا أن هناك محاولات لانتزاع تنازل إيراني حول مصير الأسد قبل انعقاد مؤتمر جنيف 2، لكن ما يجب أن يتنبه له الجميع ليس تنازل إيران عن الأسد وإنما الأهم هو دور إيران في مرحلة ما بعد الأسد، حيث استعدت طهران جيدا لذلك، مما يعني أن مستقبل سوريا سيكون مرهونا بالفوضى حتى لو رحل الأسد ما دام لم يجر التنبه لدور إيران بعده من الآن، وهذا أمر بالغ الخطورة ليس على سوريا وحدها بل كل المنطقة. فما يجب التنبه إليه جيدا هو أن القصة ليست قصة اعتدال إيران الآن من عدمه بل هي قصة المصالح الإيرانية التي ستقتضي في الأخير الاختيار بين الأسد أو سوريا ككل.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى