صفحات العالم

مقالات لكتاب عرب تناولت “داعش”

 

تفكيك خطاب البغدادي: العرب «ولايات داعشية»

رأي القدس

في خطابه الاخير قبل يومين الذي حمل عنوان «ولو كره الكافرون»، وبلهجة تراوحت بين التحدي والاحتفالية، اشار ابو بكر البغدادي زعيم تنظيم «داعش» الى مصر واليمن والسعودية وليبيا والجزائر باعتبار انها اصبحت «ولايات» في «دولة الخلافة المزعومة» التي كان اعلنها، وتعهد باستمرار «زحف المجاهدين حتى يصل روما».

وشمل الخطاب العديد من النقاط التي تستوجب التوقف عندها، لما تحمله من مؤشرات خطيرة:

أولا: حسب نص الخطاب فقد اعلن البغدادي قيام «ولايات جديدة للدولة الإسلامية وتعيين ولاة عليها، وكما نعلن قبول بيعة من بايعنا من الجماعات والأفراد في جميع تلك الولايات المذكورة وغيرها، ونطلب من كل فرد اللحاق بأقرب ولاية إليه، وعليه السمع والطاعة لواليها المكلف من قبلنا». وكانت جماعة «أنصار بيت المقدس» في مصر بايعت «داعش» قبل عدة ايام، فيما أعلن تنظيم «النصرة» الليبي في حزيران/ يونيو الماضي مبايعته للتنظيم.

من الواضح ان البغدادي يسعى الى توسيع «ساحة المعركة» بهدف حرف الانتباه عن الآثار التي لا يمكن تجاهلها لضربات التحالف الدولي، بدءا من فشله في احكام سيطرته على مدينة عين العرب أو كوباني شمال سوريا، الى تعثر تقدمه في عدد من الجبهات العراقية، وهو ما لا يتعارض مع حقيقة انه مازال يشكل خطرا وتهديدا كبيرين ليس فقط للعراق وسوريا بل لدول الاقليم جميعا.

وبغض النظر عن حقيقة مزاعم البغدادي بشأن تمدد التنظيم الى كل البلاد العربية التي ذكرها، فان خطابه يرسم خارطة جديدة للارهاب، وبالتالي الحرب المفترضة ضده. اذ بعد هذا الخطاب لن يستطيع المسؤولون في مصر وليبيا على الاقل ان ينفوا اي وجود لداعش على اراضيهما، ولن يستطيع الامريكيون ان يهربوا من حقيقة ان الارهاب، وان تعددت رؤوسه واذرعه ككائن وحش، الا انه اصبح رسميا يتحرك تحت عنوان واحد عريض، ما يعني ان الحرب ضده لا يمكن ان تقتصر على بلد دون آخر او جبهة دون اخرى مهما تباينت الاسماء.

ثانيا: اعاد البغدادي تذكيرنا بمدى مركزية «الطائفية» واولويتها سواء ايديولوجيا او عملياتيا بالنسبة لتنظيمه، عندما دعا الى مهاجمة المواطنين الشيعة في السعودية، لمجرد انهم شيعة. واستدعى هذا الطرح الهجوم الذي تعرضت له احدى الحسينيات في المنطقة الشرقية بالسعودية ابان الاحتفالات بعاشوراء.

ويكرس هذا الخطاب حقيقة ان الرجل يشن حربا عقائدية، تهدف الى ابادة من يسميهم بـ «الرافضة في العراق والنصيرية اي العلويين في سوريا»، تحت شعار واضح لا لبس فيه اعلنه في رسالة سابقة وهو (الدم الدم والهدم الهدم). كما طالب بمقاتلة الحوثيين في اليمن من المنطلق نفسه، اي على اساس طائفي، بل وطالب بـ «تفجير براكين الجهاد» ـ اي الحرب الطائفية ـ في كل مكان. وهكذا يؤكد البغدادي مرة اخرى ان مشروعه لا يحمل اي رؤية سياسية، الا الخراب والدمار والقتل الطائفي.

ثالثا: بالرغم من ذكره كلمة «اليهود» معطوفة على «الصليبيين» والتحالف الدولي المحارب لـ «داعش»، لم يأت «الخليفة المزعوم» على اي ذكر لتحرير فلسطين، ضمن خطط «خلافته» التوسعية التي وصلت الى ابواب روما (..). لكنه اعتبر ان «عودة الخلافة» قد اثارت «رعب اليهود». وليس واضحا اسباب هذا «الرعب» رغم ان «داعش» لم يهاجم الا الدول العربية، وفي مقدمتها تلك التي حاربت اسرائيل. وبينما اشار الى السعودية باعتبارها «أرض الحرمين»، لم يروعه ما يجري لـ «ارض أولى القبلتين وثالث الحرمين»، ولم يبرر التغاضي عن وجود كيان صهيوني غاصب بين «ولاياته» من العراق الى الجزائر؟

رابعا: على عكس خطابه السابق الذي حاول فيه ان «يجمل» الصورة الاعلامية للتنظيم، اذ نفى ان يكون أفتى بتكفير أهل الشام، واعلن تعاطفه معهم ضد النظام الذي اشار اليه بـ «النصيريين»، او المعارضة التي سماها بـ «اللصوص والسراق وقطاع الطرق» فان البغدادي بدا أكثر دموية في هذا الخطاب، اذ طالب بـ«حصد جنود الاعداء»، واشعال النيران تحت اقدامهم، وهو ما يشير الى عزمه تصعيد ارتكاب المجازر ربما للحفاظ على صورة «المنتصر»، في مواجهة استمرار الغارات الجوية.

واخيرا فالبديهي ان العرب الذين يواجهون هكذا عدوا واحدا طائفيا فاشيا اجراميا، حولهم بجرة قلم الى «ولايات داعشية»، يحتاجون الى تضامن حقيقي لمواجهته بحرب شاملة لا تقتصر على القصف او الاستخبارات، بل تتسع ساحاتها الى اسلحة الوعي والثقافة وتكنولوجيا المعلومات وتصحيح الفكر الديني. لكن هل بقي للمنطق او البداهة وجود في هذا الواقع العربي؟

القدس العربي

 

 

هل من تبديل في سياسة الولايات المتحدة إزاء تنظيم «الدولة»؟/ حسن منيمنة

يبدو أن البيت الأبيض، من خلال التسريبات الإعلامية كما عبر التصريحات شبه المباشرة، يعلن عن تبديل في المقاربة التي تعتمدها الحكومة الأميركية لمواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وذلك انسجاماً مع مطالب الحلفاء في المنطقة، وتحديداً المملكة العربية السعودية وتركيا، باتجاه السعي إلى التخلص من رأس النظام في دمشق، كجزء من الجهد المبذول للقضاء على تنظيم «الدولة». والواقع أنه من الصعب الركون إلى قناعة أن هذا التبديل سيتحقق، أو أنه لن تلحقه تبديلات أخرى تبطل مفعوله.

كانت تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما، قبيل إطلاق العملية العسكرية التي تستهدف تنظيم «الدولة»، قد جاءت لتثير قدراً من الاستغراب بل الاستهجان في الأوساط الإعلامية والسياسية في الولايات المتحدة، إذ هو أفاد يومئذ أنه لا خطة طويلة الأمد لديه لمواجهة هذا التنظيم، وذلك على رغم أن أعواماً كانت قد مرّت على اندلاع الأزمة السورية، وأسابيع طويلة على استيلاء تنظيم «الدولة» على الموصل وأجزاء شاسعة من العراق. وسارعت الآلة الإعلامية المساندة للبيت الأبيض للتأكيد على أن كلام الرئيس هو في شأن التفصيل لا الإجمال، حيث أنه عدة خطط مكتملة في إطار الدرس والفرز، وهو في سياق الاحتياط لرئيس يفضّل مصارحة الجمهور، بدلاً من إطلاق الوعود الواهية.

وبالفعل، فإن الرئيس نفسه بعد أيام قليلة بدّل اللهجة لتصبح قطعية وحازمة، فيما بدأت القوات الأميركية بتنفيذ خطة ظهرت لوهلة، لمن شاء التصديق، وكأنها مدروسة وهادفة. ولكن حتى مع اللهجة الصارمة التي اعتنقها الرئيس، كانت ثمة علامات استفهام، إذ أشار إلى أن هدف الخطة هو إضعاف تنظيم الدولة، وفي النهاية تدميره، مع التوضيح بأن المعركة طويلة. أي أن السعي الأولي ليس لتدمير هذا التنظيم، وأنه لا يجوز توقع النتائج الفورية.

والعبارة المضطربة، بشأن الخفض والإنهاك، كانت إرهاصاً بمقاربات متخبطة توالت في الأسابيع التالية. فتكاثرت الأسئلة التي بقيت من دون أجوبة وافية: هل الهدف طرد تنظيم «الدولة» من العراق، أو ملاحقته وتدميره في سورية؟ ذلك أن شحة الطلعات الجوية والضربات لم تكن تفيد بأن التنظيم سيواجه قوّة قاضية قادرة على تدميره. وما الداعي لاستهداف الأطراف المعادية لهذا التنظيم من التنظيمات الجهادية، وليس جبهة النصرة وحسب ذات العلاقة بتنظيم القاعدة، على رغم انكفائها عن الأعمال المعادية للولايات المتحدة، بل تنظيمات محلية أخرى. وما حقيقة تنظيم «خراسان» الذي وصفته التسريبات والتصريحات على أنه أخطر من تنظيمي الدولة والقاعدة، والذي لا يبدو أن أحداً في أوساط الجهاديين على علم بوجوده؟ وهل يمكن الحكومة الأميركية بالفعل ألا تدرك أن ضربها لهذه الأطراف سيحفّز النظام ويدفعه إلى السعي للاستفادة من الفرصة من جهة، وسيفقد التشكيلات الموسومة بالمعتدلة، والمتواققة في الرؤية مع الولايات المتحدة كل الصدقية وينقلها من خانة الثوار إلى خانة العملاء؟

والجواب عن السؤال الأخير، على رغم الغرابة، هو أن الحكومة الأميركية بالفعل كانت غافلة عن هذه النتائج البديهية. فلا الرئيس أوباما ولا كبار مساعديه من ذوي الخبرة بالشأن السوري ومتعلقاته، ولا هم بذلوا الجهد المطلوب لاستشفاف العواقب. النتيجة هي بالتالي تقييم سريع بعد أسابيع من الإضرار يؤدي إلى مراجعة واستدراك وإشهار النية للتصويب.

فالموقف المعلن اليوم هو بموازاة استهداف تنظيم «الدولة» بتطويق وتقويض للطغمة الحاكمة في دمشق، بما يرضي الحلفاء. ولكن ما يرضي الحلفاء يرفضه الخصوم. فليس ما يفيد أن روسيا على استعداد لمباركة هذا التوجه، أو أن أوباما متأهب لمناطحة موسكو. ثم أن الرئيس يواجه لتوّه في واشنطن معارضتين لحربه الجديدة في الشرق الأوسط. الأولى تأتيه من صميم قاعدته السياسية، أي من حمائم اليسار التقدمي، وتعتبر أنه، بغضّ النظر عن تجاوزات تنظيم «الدولة»، فمن الأصح عدم التورط بمغامرة عسكرية جديدة، وتحذّر من الانزلاق في توسيع نطاق المهمة، بل ترى أن كل تبديل أقدم عليه الرئيس في الأسابيع الماضية كان باتجاه الزج بالمزيد من الأعداد والعتاد في المعركة. أما المعارضة الثانية فمن خصومه السياسيين، من صقور اليمين المحافظ، في شقّه التدخلي الذي كان انكفأ أمام التململ الشعبي من حربي أفغانستان والعراق، إذ يرى هؤلاء أن اعتراضهم على الانسحاب السريع من العراق كان في محلّه، وموقفهم اليوم هو عدم تكرار الخطأ في أفغانستان، وإعادة جدولة خطوات الانسحاب وفق ما تقتضيه الأوضاع على الأرض، وكذلك الإقرار بأن المسألة في العراق وسورية تتطلب تدخلاً فعلياً، وليس مجرد ضربات من بعد، مهما كانت مؤلمة. وهذا الفريق لا يحظى اليوم بواسع التأييد في صفوف المواطنين في الولايات المتحدة، ولكنه يعتمد على النفور المتعاظم في الثقافة والمجتمع الأميركيين من تنظيم «الدولة» وكل ما يمت إليه بصلة، وهو النفور الذي أرغم الرئيس على التدخل بعد ذبح الصحافيين الأميركيين، للمطالبة بإرسال الجنود وخوض معركة فعلية.

ولا شك في أن المعركة تفرض نفسها، فعلى رغم أن الرئيس وضع خطوطاً حمراً لا يمكن تجاوزها بشأن إرسال الجنود، فإن مقتضيات الساحة تفرض عليه مساندة القوى البرية القليلة المتوافقة معه، ولا بد بالتالي من «خبراء» و «مدربين» في مهمات قابلة للتوسع.

وأوباما اليوم أعلن قراره المضي قدماً في مواجهة تنظيم «الدولة»، كما سبق أن أعلن عزمه على متابعة التسوية السلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وخطواته المترددة في هذه كما في تلك محكومة باعتبارات الناخب والحليف، وعلى رغم أنه في العامين المتبقيين من ولايته الثانية والأخيرة لم يعد عرضة للتهديد الانتخابي، فإنه يريد لنفسه سمعة قائمة على الصدقية، كي يتمكن من ممارسة أي نشاط بعد انتهاء دوره الرئاسي، أي أن ثمة ما يحبّذ عنايته بهذه القضية. إلا أن سلوكه المتذبذب بشأنها، وسجلّه في القضايا المشابهة، كما الضغوط التي يواجهها من أكثر من جبهة، لا تنبئ باستقرار الرؤية والقرار. وإدراك هذه الحال واجب على الحليف والخصم على حد سواء.

الحياة

 

 

 

 

هل اقتربت الحرب البرية ضد تنظيم الدولة؟/ عمر عاشور

دقة عسكرية

الكلفة السياسية

الحرب البرية

“هذه ليست عملية مكافحة إرهاب، هذه حرب تقليدية ضد عدو يمتلك مدرعات ودبابات ومدفعية، وهو غني ويسيطر على أراض وينوي الدفاع عنها، ولذلك يجب علينا النظر لهذه “الحرب” على أنها حملة عسكرية تقليدية”.. بهذه الكلمات عبر رئيس أركان الدفاع السابق والجنرال في القوات المسلحة البريطانية السير ديفد ريتشاردز عن رأيه في المواجهة التي تخوضها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

القائد العسكري البارز -الذي قاد قوات التحالف في جنوب أفغانستان ضد حركة طالبان بين عامي 2006 و2008- يصر على أن التكتيكات الهجومية على تنظيم الدولة عبر الضربات الجوية ستفشل في تحييده أو حتى احتوائه، ولذلك يرى وجوب الانخراط في حرب برية ضد التنظيم قوامها مائة ألف جندي على الأقل.

تصريحات السير ريتشاردز لها أثر واضح على النخبة السياسية البريطانية، فالرجل كان أول قائد عسكري في هذه المكانة الرفيعة يزف للسياسيين الغربيين الخبر غير السعيد، وهو أن الحرب على شبكة القاعدة ستفشل، وأن القضاء على المقاتلين الإسلاميين “غير ضروري ولن يتحقق”، وذلك فور توليه منصب قيادة أركان الدفاع في نوفمبر/تشرين الثاني 2010.

دقة عسكرية

عسكريا، ما صرح به الجنرال ريتشاردز في ما يخص الحرب البرية على تنظيم الدولة دقيق، أو على الأقل مدعوم من عدة دراسات عسكرية وتجارب تاريخية.

فيوجد ما يشبه الإجماع ما بين علماء دراسات الإستراتيجية العسكرية على أن ما يصطلحون على تسميته إستراتيجية “الهجوم غير المباشر” (أبرز أمثلتها المستخدمة من قبل التحالف الدولي هو القصف الجوي الإستراتيجي أو الصواريخ الموجهة) إذا واجه إستراتيجية دفاع مباشر (أبرز أمثلتها المستخدمة من قبل تنظيم الدولة هو الدفاع المتحرك والدفاع العميق بعد السيطرة المباشرة على الأرض)، فالطرف المدافع في الصراع المسلح ستكون له الغلبة -وإن كان أضعف- بشروط، بعضها على الأقل متحقق في حالة تنظيم الدولة.

أما تاريخيا فالفترة التي شهدت تراجع نشاط الدولة الإسلامية في العراق -إحدى خمس مسميات سابقة لتنظيم الدولة- بدأت في أواخر 2007 بعد أن أرسل الرئيس الأميركي السابق جورج بوش 32 ألف جندي إضافي للعراق، ليصل العدد الكلي للقوات الأميركية هناك بحلول أبريل/نيسان من العام نفسه إلى 150 ألف جندي، وهو ما عرف في الأوساط العسكرية والسياسية الأميركية بـ”التدفق”.

ولم تكن هذه هي القوة البرية الوحيدة المتواجدة في حينها، فإضافة إلى قوات الجيش العراقي النظامي كانت هناك قوات مجالس الصحوات التي بدأت في التشكل منذ تدهور العلاقة بين بعض العشائر السنية في الأنبار وديالى في نهاية 2005، وبحلول أكتوبر/تشرين الأول 2008 كانت هذه المجالس تضم أكثر من 54 ألف مقاتل ثم زادت بعد ذلك، مما مثل قوة عسكرية مساعدة للقوات الأميركية والقوات النظامية العراقية.

وكانت قوات “جيش المهدي” قد تم تحييدها في المواجهات بعد أن أعلن السيد مقتدى الصدر هدنة في أغسطس/آب 2007، ثم مددها في العام اللاحق، بمعنى آخر كان في عراق 2007-2008 أكثر من أربعمائة ألف مقاتل متوزعين ما بين الجيش الأميركي والنظامي العراقي ومجالس الصحوات يسعون للقضاء على العدو نفسه الذي يسعون للقضاء عليه في عراق وسوريا 2014.

ولم تنجح هذه القوة الكبيرة في القضاء على تنظيم الدولة في العراق، وإنما نجحت مرحليا في تقليص نشاطه عمليا والحد من نفوذه إستراتيجيا، أي بالمصطلح الذي استخدم حينها من عدة أجهزة أمنية غربية (down but not out) أو “سقط ولم يُقتل” فإذا قارنا القدرات والإمكانيات العسكرية لتنظيم الدولة في العراق” في 2007 والقدرات والإمكانيات المتاحة لتنظيم الدولة في 2014 نفهم لماذا يتشكك السير ريتشاردز في نجاح الحملة الجوية دون قوة برية كبيرة.

الكلفة السياسية

فإذا كان التقدير دقيقا عسكريا فإن الاستعداد لتحمل تكلفته سياسيا محل تردد لدى الكثير من السياسيين الغربيين، فالانقسام هذه المرة أكثر تعقيدا من مجرد يمين محافظ مؤيد لتطوير العمل عسكري ويسار تقدمي معارض لذلك، وبعض نماذج الانقسام الكلاسيكي ما زالت حاضرة.

فمن أبرز المعترضين على رأي السير ريتشاردز كان نيك كليج -نائب رئيس الوزراء وزعيم حزب الديمقراطيين الأحرار اليساري- الذي أصر على أن الموقف أكثر تعقيدا مما يصفه ريتشاردز، فهو يرى أن هذه ليست حربا تقليدية، وأن التعاون الدولي قد يثمر عن أدوات متعددة -أغلبها غير عسكري بالمعنى التقليدي- لمواجهة ما سماه قوات “اللادولة المتحركة”.

وإذا كانت الحرب العسكرية على تنظيم الدولة معقدة فإن التحديات التي يواجهها صانع القرار الغربي في بريطانيا وأميركا لا تقل تعقيدا، فالتناقض شديد بين العوامل السياسية والاقتصادية والمجتمعية التي لا تشجع على دخول حرب برية جديدة في الشرق الأوسط من ناحية، وبين التهديد الأمني الذي يمثله تنظيم الدولة للغرب من ناحية أخرى، التهديد لا يألو التنظيم جهدا في إبرازه كلما أتيحت له الفرصة.

فعلى الرغم من تحسن الأداء الاقتصادي نسبيا في 2014 فإن عجز الميزانية في الولايات المتحدة ما زال فوق الـ483 مليار دولار، وفي بريطانيا فوق الـ172 مليار دولار، أما سياسيا فما زالت جراح حملتي العراق وأفغانستان مؤلمة وحديثة العهد لكل من المؤسسات العسكرية الغربية والناخب الغربي.

وبحسب إحصائية أجرتها مجلة “ميليتاري تايمز” في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن 70.1٪ من الضباط والجنود الأميركيين يرفضون إرسال قوات برية للعراق أو سوريا، غير أن هذه النسبة تنخفض إلى 62٪ بين المواطنين الأميركيين بحسب إحصائية شبكة “سي إن إن” الأميركية التي أجرتها في الشهر نفسه، وتتقلص هذه النسبة لتصل إلى 28٪ في حالة استهداف تنظيم الدولة السفارة الأميركية في بغداد وتعريض حياة الدبلوماسيين الأميركيين هناك للخطر، أي أن 72٪ من عينة “سي إن إن” يؤيدون التدخل البري المباشر في تلك الحالة.

الحرب البرية

هل اقتربت الحرب البرية إذاً؟ عدة عوامل ستجيب عن هذا السؤال، فالحالة العراقية هي الأكثر ترشيحا لتدخل آخر مشابه لـ”تدفق” 2007، فحتى الآن يعتقد الكثير من العسكريين الأميركيين أن ما تحقق في فترة 2007-2008 كان انتصارا، وعلى رأسهم الجنرال ديفد باتريوس قائد قوات التحالف في العراق في تلك الفترة والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

وإذا استمر تصاعد التأييد لتدخل بري بين المواطنين الأميركيين ردا على حملة “الذبح على الهواء” التي يتبعها تنظيم الدولة في إستراتيجيته الدعائية فإن ذلك قد يخلق مناخا مناسبا لـ”تدفق” 2014.

غير أن عوامل أخرى ستؤثر في قرار إرسال قوات برية، منها احتمالات نجاح المصالحة الوطنية في العراق، والموقف العسكري من نظام بشار الأسد، وكذلك مدى فاعلية القوات الحليفة في العراق (الجيش النظامي ومجالس الصحوات والمليشيات الموالية وقوات البشمركة) وسوريا، والأخيرة تبدو الحلقة الأضعف في ما يخص الحليف المحلي على الأرض.

وربما المثال الأبرز على الأرض هو نتيجة المواجهة العسكرية بين قوات جبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة، وجبهة تحرير سوريا وحركة حزم المصنفين كثوار “معتدلين” وفق الولايات المتحدة.

ففي خلال أيام استولت النصرة على معاقل “المعتدلين” في قرى جبل الزاوية بريف إدلب، ويبدو أن هناك دعما محليا من بعض الأهالي الذين تضرروا من تصرفات بعض المنتسبين لجبهة تحرير سوريا.

وبمراجعة كافة هذه العوامل سيكون على صانع القرار الغربي اتخاذ قرار مصيري قد ينهي مستقبله سياسيا، ولا يقضي على التهديد الأمني إن أخطأ في التقدير.

الجزيرة نت

 

 

 

 

القاعدة» تنجب قَتَلَتَها.. وتصنع «سايكس بيكو» ذاتياً/ عبدالواحد الأنصاري

في ظل الضربة العسكرية التي شنّها العالم على تنظيم «داعش»، وظهور جنود أميركيين في صور يصرحون فيها بأنهم «لم يلتحقوا بالجيش الأميركي من أجل القتال مع «القاعدة» ضد «داعش» في الحرب الأهلية السورية».. وفي ظل ظهور عناوين ورايات مختلفة في العراق وسورية، مثل «حكومة العبادي»، «الجيش العراقي»، «العشائر العراقية»، «الدولة الإسلامية»، «مقاومة عزت الدوري»، «النقشبندية»، «إصلاح العراق»، «الصحوات»، «إقليم كردستان»، «نظام بشار»، «الائتلاف الوطني»، «الجيش الحر»، «أكراد الحسكة»، وأكراد «عين العرب».. وفي ظل الصراعات والتحالفات التي تجري على الأصعدة كافة بين منتمين إلى شتى الأطياف والتيارات في هذا المشهد المحتدم.. هل يمكن في الحقيقة أن يتم الفصل بين ما هو «داعش» عن جميع الأطياف والأشكال الأخرى وفك التداخل بينه وبينها؟ وبينما تضرب «الحرب القذرة» شرقاً وغرباً على ضفاف دجلة والفرات وفي الغوطة وحول جبال لبنان يتساءل الكثيرون، من أين أتى كل هؤلاء؟

ما «مأسدة الأنصار»؟ ما «القاعدة الأم»؟ ما «الجهاد الإسلامي المصري»؟ ما «الجهاد العالمي»؟ ما «الدولة الإسلامية»؟ ما «قاعدة الجهاد» وما «داعش»؟ أيهما خرج من رحم الآخر؟ وأيهما يريد أن يكون أب الجميع؟ ما «مجلس شورى المجاهدين»؟ «ما حلف المطيبين»؟ ما «لواء التوحيد»؟ ما «النصرة»؟ ما «الجبهة الإسلامية»؟ ما «أحرار الشام»؟ ما «صقور الشام»؟ ما «حركة حزم»؟ وما هي «مشمش»؟ ما «أنصار الشريعة»؟ ما «أنصار السنّة»؟ ما «أنصار الإسلام»؟ ما «أنصار الدين»؟ «ما أنصار بيت المقدس»؟ وهل كلهم طيف واحد؟ ما «الموقعون بالدماء»؟ ما الفرق بين «طالبان أفغانستان» و«طالبان باكستان»؟ ما الخلاف الدائر بين المصريين في «القاعدة» و«القاعدة» في مصر»، وما الفرق بينهما؟ ما الخلاف الدائر في قاعدة المغرب العربي بين الجزائريين القدامى والمصريين الجدد؟ هل كل هذه الأسماء تندرج تحت لواء «القاعدة الأم» أم هي ذات ارتباط بها كما ترى ذلك أكثر وسائل الإعلام؟ أيهما يخضع لبيعة الآخر، «القاعدة» أم «داعش»؟ ومن الذي بايع «داعش» من «القاعدة»؟ ومن الذي يعاديها؟ ومن الذي يظل محايداً مستقلاً بنفسه عنهما؟ ومن من المحايدين يميل إلى أحد الفريقين أكثر من الآخر، وهل الخلاف بين «داعش» وجميع الفصائل الأخرى أم بينها و«القاعدة» فقط، أم هي و«القاعدة» تختلفان مع كل الفصائل؟ وهل الخلاف بين هذه الفصائل مختلف بحسب كل منها على حدة؟ أم هو خلاف يرجع إلى إشكال وحيد؟ أين يستقر ويسيطر ويتحرك كل هؤلاء؟ ما الفروق بينهم في العقائد والمناهج والمسائل الفكرية والاستراتيجيات؟.. «كثرت الظباء على خراش».. و«اختلط الحابل بالنابل».. «الحياة» تقدم لقرائها رؤية «بانورامية» إلى خريطة هذا الواقع وملامحه، لعل ذلك أن يخفف من وطأة «الحيرة» الناتجة من «الكثرة» و«الالتباس».

شركة سيد قطب وعبدالله عزام «العالمية»… إرهاصات نزاعات «الورثة»

«القاعدة» (قاعدة الجهاد) هي التركة المشتركة لأفكار سيد قطب وأحلام عبدالله عزام الذي كان مؤسسها، والمسؤول عنها منذ منتصف الثمانينات في مقرها بيشاور (غرب باكستان)، فيما كانت قيادتها الميدانية حيث نقطة التجمع وحضور القادة العسكريين تابعة لأسامة بن لادن في خوست (شرق أفغانستان).

هكذا بدأت «قاعدة الجهاد» التي كان اسمها آنذاك «مأسدة الأنصار»، وهكذا كان الانطلاق، تحت سمع وبصر دول الخليج وباكستان وأميركا وكل حلفاء «الجهاد الأفغاني» ضد السوفيات.

اجتمع في «خوست» عبدالله عزام وتميم العدناني وأبومصعب السوري وأسامة بن لادن وأيمن الظواهري وأبوحفص المصري، لكن المصريين من هؤلاء كانوا قد جاؤوا من مصر وهم يشكلون تنظيماً مستقلاً، يتردد أن له علاقة بـ«التكفير والهجرة»، وأنه يدعى «حركة الجهاد الإسلامي المصري»، ثم صاروا يدعون إليه في أفغانستان باسم «حركة الجهاد العالمي»، التي تعد حركة أيمن الظواهري ومعه أبوحفص المصري تحت إمرة قائدها سيد إمام وحتى استقالة الأخير وتسلم الظواهري بدلا منه، وكانوا مستمرين في تنظيمهم نفسه أثناء انتقالهم إلى منطقة ترعرع ونشوء «قاعدة الجهاد»، وكانوا لا يزالون يعملون على استراتيجياتهم القديمة التي جاؤوا بها من مصر، محافظين أجندتهم التي وضعوها أعواماً عدة، ومستمرين عليها في أفغانستان منذ قدومهم، وبعد التحرير، حتى عام 1994، وبدايات ظهور حركة طالبان على الساحة الأفغانية ثم توليها للحكم بعد ذلك عام 1996.

وكان ابن لادن، قبل ذلك، أظهر دعوته إلى الجهاد، وتأسيسه لـ«القاعدة»، معلناً أن هدفه هو الدعوة إلى قتال أميركا لاسترداد القدس وتحرير بلاد المسلمين من القواعد الأميركية في الخليج والبحر الأحمر وعدن وبقية العالم الإسلامي، فكانت مجرد دعوة في بدئها للشعوب، وليست عملا عسكرياً، وحرّض من كان معه من شباب المجاهدين في أفغانستان على أن يقوموا بهذا الأمر، هم وجميع من كان معهم ممن جاؤوا إلى «المأسدة» وممن عادوا إلى أوطانهم، إضافة إلى من نبغ فيهم من قياديين، سواء أولئك الذين كانوا لا يزالون في أفغانستان، أم الذين عادوا إلى بلدانهم، أم أولئك المشاركون في الجهاد في البوسنة أو في الشيشان أو غيرها من البلدان، وأرسل من انضموا إليه إلى بلدانهم للدعوة إلى هذه الفكرة، فكرة وجوب إخراج الأميركيين من بلدان المسلمين وتهديد مصالحهم فيها.

وفي عام 1996 حصل اجتماع مهم بين أسامة بن لادن ورموز «الجهاد العالمي»، وكان ابن لادن هو ممثل «الأفغان العرب»، بيد أنه حتى ذلك الحين لم يكن الظواهري وأبوحفص وغيرهما من أقطاب «الجهاد العالمي» داخلين معه في هذه «القاعدة» بصورة نهائية، بل كانوا يؤسسون عملهم وفق رؤيتهم الخاصة، على رغم تحالفهم سابقاً مع «القاعدة» في العمل الجهادي، واشتراكهم في غرف عمليات واحدة، (مثلما يشترك الآن في سورية في بعض العمليات الجيش الحر مع الائتلاف الوطني مع أحرار الشام وجبهة النصرة في غرفة عمليات واحدة، على رغم أن كلاً منهم له كيانه المستقل).

وفي 1996 عُقد الاجتماع والنقاش بين أسامة بن لادن ومصريي «الجهاد العالمي»، وجرت بينهم بعض المفاوضات، وكانت استراتيجية «الجهاد العالمي» التي يمثلها أيمن الظواهري وأبوحفص المصري هي البدء بـ«ضرب الحكومات»، وليس «ضرب الأميركيين» ومصالحهم في البلدان الإسلامية، بيد أن هدف «الجهاد العالمي» من حضور الاجتماع كان توكيد الفتوى التي أصدروها بأولوية قتال الحكومات، فعارضهم ابن لادن معارضة شديدة، وأصر عليهم حتى غيروا استراتيجيتهم وفقاً لرؤيته المتعلقة بأن ضرب الأميركيين هو الهدف الأساسي، فتم الاتفاق على ذلك وتصدير فتوى عالمية بذلك، وأصبح هذا التوحد رسمياً معلناً في 1997.

بعد هذا التوحد الجديد بين «الجهاد العالمي» و«القاعدة»، وتبني «طالبان» لهم في أفغانستان، وقبيل الألفية الثالثة، بدأ ابن لادن خطواته العملية، وشرع في إرسال القياديين إلى شتى بقاع العالم تبعاً لـ«القاعدة الأم» لتكوين حركات تابعة للتنظيم، وضرب الأميركيين عسكريين ومدنيين، هم مصالح أميركا في العالم الإسلامي، واستمر في إرسالهم ذلك حتى بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، وكان من بين من أرسل من هؤلاء: عبدالعزيز المقرن إلى السعودية، يتبعه أنور العولقي في اليمن، وأبوعمر إلى الشيشان…

أما بداية القاعدة في العراق فكانت مختلفة، إذ كانت شبه ذاتية، لـ«مجاهدين» تابعين لأبي مصعب الزرقاوي، وتشاركهم الميدان حركات «أنصار الإسلام» و«أنصار السنة» و«جيش المجاهدين»، فأسس الزرقاوي (تلميذ أبي محمد المقدسي ورفيقه في سجون الأردن) عندما خرج من السجن هو ومن معه، تنظيماً اسمه «التوحيد والجهاد»، وكان قتالهم شديداً ضد الأميركيين في الأنبار وغيرها من المناطق المفتوحة في العراق، ثم تواصلوا مع أسامة بن لادن للاعتراف بهم، فطلبت منهم «القاعدة» البيعة، ووعد ابن لادن الزرقاوي بأنه سيدعمه بالرجال والمال، شرط «البيعة»، حتى يكسب الشرعية ويثق فيه شباب المسلمين، فتمت «البيعة»، وتم إقرار «التوحيد والجهاد» على اسم «القاعدة في بلاد الرافدين»، وأرسل إليهم ابن لادن أبا حمزة المهاجر (مصري)، الذي تولى الأمور بعد مقتل الزرقاوي، إلى حين تكوين «مجلس شورى المجاهدين» الذي جمع جميع من ينتسب إلى الجهاد السني من الفصائل المذكورة (باستثناء «أنصار السنة» في كردستان)، للاجتماع والتشاور والتنسيق في الحرب ضد الجيش الأميركي، (وهي فكرة مستلهمة من «مجلس شورى المجاهدين» في الشيشان، واستفاد من الفكرة نفسها مجلس شورى مجاهدي الشرقية في سورية (مشمش) الذي عقد لقتال النظام و«داعش» حالياً)، وبلغ عددهم آنذاك بحسب الإحصاءات 12 ألف مقاتل تقريباً، (بعد انضمام غالبية أطياف الجهاد السني إلى هذا المجلس، باستثناء أنصار السنة الأكراد).

وهنا، دخلت على الخط أسماء مثل أبي عمر البغدادي وأبي بكر البغدادي (اللذين لم يكونا ضمن «قاعدة الرافدين»)، وقد كانا يحضران ويشاركان في مهمات «مجلس الشورى»، وبعد ذلك عقد «حلف المطيبين» (وهو مستعار من اسم حلف قديم قبل الإسلام، عقده بنو عبد مناف للاستئثار بسقاية البيت وحجابته ورفادته وبقية ميراث آل قصي من جدهم)، الذي أعلنت بعده «الدولة الإسلامية في العراق»، فبايع أبوحمزة لأبي عمر البغدادي بمباركة أسامة بن لادن وخَلَفه أيمن الظواهري، وانتقل أبوحمزة من القيادة العامة لـ«القاعدة» ليصبح وزيراً حربياً لـ«الدولة»، مع أنه كان أقدم وأشد خبرة ومراساً، (وذلك من أجل الاتجاه إلى فكرة تأسيس دولة إسلامية يكون الخليفة فيها من قريش، ومن أجل هذا بويع بعده لأبي بكر البغدادي، للسبب نفسه)، وكان من بين القادة البارزين أبومسلم التركماني (أصبح وزير حربية «الدولة الإسلامية» بعد مقتل أبي حمزة في قصف أميركي)، وأبوعلي الأنباري، وغيرهما من القادات الذين لم تؤخذ البيعة لهم لأنهم ليسوا «قرشيين».

السعودية استبقت بإعدام المخربين .. وتفجير الأمن العام «بداية النهاية»

استبقت السعودية مقدم عبدالعزيز المقرن وتشكيله لخلاياه بإعدام من قاموا بتفجيرات العليا، ثم بعد مقدمه، وجهت المملكة لـ«قاعدة جزيرة العرب» ضربات قاصمة، خصوصاً بعد تفجير مبنى الأمن العام ومحاولة استهداف وزارة «الداخلية»، التي ينتشر بين بعض «الجهاديين» أن الذين قاموا بها كانوا مخترقين من استخبارات عظمى، فتم التسريب لهم بأن أحد الهدفين يزوره رئيس أركان الجيش الأميركي والآخر تدار فيه عمليات توجيه الطائرات الأميركية من دون طيار.

وبعد التعديل في توجه ابن لادن (انتقاله إلى استراتيجية ضرب الحكومات أولاً) لم يكن قد بقي لدى «القاعدة في جزيرة العرب» أي قدرة، ولذلك جاءت محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف بعمل وتدبير من «قاعدة اليمن».

عمروف أعلن الحرب على أميركا … والداغستاني ناهض «داعش»

انقسم المنتمون لتنظيم «القاعدة» في الشيشان إلى قسمين متنافرين، وذلك بعد إعلان زعيمه السابق دوكو عمروف العداء لأميركا وروسيا على السواء، إذ انشق عنه مبعوث بن لادن أبوعمر الشيشاني، مؤيداً رفاقه في حكومة الجهاد «أتشكيريا» الذين رفضوا توجه عمروف الجديد، ثم «هاجر» إلى سورية بعد اندلاع ثورتها، مؤسسا فصيلاً جهادياً تحت قيادته باسم «جيش المهاجرين والأنصار»، لينخرط بعدها مع تنظيم «داعش» مبايعاً له، الأمر الذي كان يعترض عليه بشدة عمروف بدعوى أن الخلاف بين «داعش» و«النصرة» فتنة بين «المجاهدين» لا ينبغي التورط فيها، لكن بعد مقتل عمروف وتولّي خلفه أبومحمد الداغستاني شؤون «قاعدة القوقاز» أعلن الأخير انحيازه إلى زعيم «القاعدة الأم» أيمن الظواهري ضد «داعش».

أما تنظيم «القاعدة الأم» (قاعدة خراسان)، فبعد الاحتلال الأميركي عام 2001 لأفغانستان استؤصلت القوة العسكرية لـ«القاعدة»، التي لم تكن إلا تابعة لـ«حكومة طالبان»، وأُخذ أكثر رجال القاعدة المصريين إلى باغرام وغوانتنامو، وأضحت الفلول والبقايا منهم خلايا مختبئة ومهددة، إما في أماكن سيطرة «طالبان أفغانستان»، أو متنقلة عبر الحدود بينها وبين مناطق «طالبان باكستان» الجبلية.

نجاح دعوي وفشل عسكري

بالعودة يسيراً إلى الوراء، فإن تنظيم «قاعدة الجهاد» في بداياته (من منتصف الثمانينات وحتى منتصف التسعينات) كان ناجحاً من الناحية الدعوية، إذ كان قادراً على جمع الأنصار والمتعاطفين من شتى الأطياف، لكنه لم ينجح من الناحية العسكرية بعد ذلك، ففي المغرب العربي اصطرع «القاعديون»، واستعدى بعضهم على بعض، وفي مصر اقتطفت حكومة «مبارك» جميع منتمي «الجهاد العالمي» (باستثناء بعض الفلول في سيناء أصبحوا بعد ذلك حركة مستقلة اسمها «أنصار الشريعة»، وهم الذين كانوا يقصفون إسرائيل ويمدون مقاتلين في الداخل الفلسطيني بالسلاح، وأثخن فيهم الرئيس المصري السابق مرسي، بعد توليته للمشير عبدالفتاح السيسي منصب وزير الدفاع، وتسامح الظواهري مع ذلك، مثلما تسامح مع ضربات حزب «النهضة» التونسي كذلك لـ«قاعدة القيروان»، ومثلما أيد بعد ذلك انشقاق «النصرة» عن «داعش» في سورية، وتحولها إلى تنظيم «قاعدة الجهاد في بلاد الشام»).

الاستثناء الوحيد لتنظيم «القاعدة» الذي لم تنل منه الضربات التي نالته في بدايات الألفية الجديدة كان تنظيم «التوحيد والجهاد»، الذي أصبح «القاعدة في بلاد الرافدين» وفقاً لما سبق ذكره من أنه كان مستقلاً في بداية الأمر، ثم انضم بعد ذلك إلى «قاعدة الجهاد»، لينعقد بعد ذلك مجلس شورى المجاهدين، ثم حلف المطيبين، ثم «الدولة الإسلامية في العراق»، التي اعترف بها أسامة بن لادن حال الإعلان عنها، ثم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، بعد مقتل ابن لادن (واستنكرها الظواهري بعد انشقاق «النصرة» عن البغدادي)، ثم أخيراً «الدولة الإسلامية» التي انقسمت عليها أطياف شتى من «القاعدة» وغيرها من الحركات «الجهادية» المستقلة، بين مهاجم ومؤيد ومحايد جزئياً.

الحياة

 

 

 

 

شكوك في استراتيجية التحالف الدولي في سوريا/ ألكس راول

في وقتٍ ما خلال الأسبوع الماضي، قامت الولايات المتحدة بما بدا أساساً تصعيداً خطيراً في حملتها العسكرية في سوريا، موسّعةً ضرباتها الجوية التي كانت تستهدف حصراً جهاديي الدولة الإسلامية في العراق والشام، لتطال مواقع لمقاتلي جبهة النصرة التابعة للقاعدة، بالإضافة، حسبما قال ناشطون محليون، إلى قاعدة تعود الى كتيبة ثوار “أحرار الشام” غير الجهادية.

وأشعلت الاعتداءات المفاجئة التكهنات بأنّ الولايات المتحدة كانت تنتقم من النصرة، المنظمة المصنّفة “إرهابية” وفقاً لوزارة الخارجية الأميركية، بسبب طردها الثوار المعتدلين الذين تدعمهم واشنطن من محافظة إدلب في نهاية الأسبوع الماضي – في تطوّر جعل الجهاديين يصلون الى باب الهوا، احد من المعبرين الحدوديين الى داخل تركيا اللذين لا يزالان في أيدي ما يُسمّى على نحو غير دقيق بالجيش السوري الحر.

ولكن في تصريح رسمي الخميس الماضي، رفضت القيادة المركزية الأميركية هذا الكلام، وزعمت أن كل ضربات الأربعاء كانت في الحقيقة تستهدف ما يُعرف بمجموعة خُراسان، التي تقول واشنطن إنها خلية سريّة مغروسة ضمن النصرة ليس من أجل قتال نظام بشار الأسد بل بهدف التآمر لتنفيذ اعتداءات على أهداف مدنية في الغرب. (رغم أنّ البنتاغون قال في أيلول الماضي إنّ قيادة المجموعة “أزيلت من الوجود” بفعل الضربات التي وُجهت اليها في ذلك الوقت، فقد برزت تقارير في تشرين الأول الماضي تقول العكس).

“هذه الضربات لم تكن رداً على اشتباكات جبهة النصرة مع المعارضة السورية المعتدلة، وهي كذلك لم تستهدف جبهة النصرة بشكل عام”، جاء في التصريح. بل هي عوضاً عن ذلك استهدفت “الإرهابيين ودمّرت أو أدّت الى تضرّر العديد من مركبات مجموعة خُراسان ومبانيها التي تُستخدم كأماكن للتجمّع قبل القتال، ومنشآت لإعداد العبوات الناسفة وللتدريب”.

ولكن من غير المرجّح ان تتمكن القيادة المركزية من إقناع الكثيرين من المعارضة السورية الذين يشكّكون بهذه الادعاءات بشأن خراسان، والذين يشعرون أنّ تلك الاعتداءات على المجموعات من غير داعش مثل النصرة والأحرار انما هي دليل ملموس على وجود تحالف بين واشنطن ونظام الأسد. وفي علامة على مدى تأزّم العلاقات بين الولايات المتحدة والثوّار، قال أحد قادة جبهة الثوار السوريين المدعومة من الولايات المتحدة للصحافييين أمس: “اذا استمرّت الولايات المتحدة في الاعتداء على النصرة، سوف نعلن أنا ورجالي ولاءنا لقائد النصرة أبو محمد الجولاني”.

وفقاً لجيفري وايت، الخبير في شؤون الدفاع في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإنّ سبب هذه الخلافات هو “الاستراتيجية الغامضة التي تعتمدها الولايات المتحدة في سوريا”.

“المكوّن المتعلّق بمواجهة “داعش” واضح، ولكن كيفية تفكير الولايات المتحدة في التصرف حيال المجموعات الأخرى في سوريا، وما تقوم به ويمكن ان يؤثّر على امكانيات النظام، كل ذلك يتصف بنوع من الغموض والضبابية”، قال وايت لـ NOW. “وبالطبع لديك معارضون في سوريا يقولون إنّ الولايات المتحدة تتعاون مع الأسد بكل السبل”.

هذا الشعور [المتنامي] قد لا يساهم فقط في إبعاد أعضاء المعارضة السورية – الذين تنوي واشنطن رسمياً تحويلهم الى قوة حليفة عديدها 15000 خلال السنوات الثلاث المقبلة – بل ويعرّضهم كذلك للخطر، وفقاً لفريدريك هوف، الباحث الكبير المقيم في مجلس الأطلسي في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط والمستشار الخاص لشؤون سوريا سابقاً لدى وزارة الخارجية.

“ثمة مسألة التوقيت التي يجب أن نأخذها في الاعتبار”، قال هوف لـ NOW. “لدينا هذا الجمع بين الحديث عن المزيد من المساعدة لقوات المعارضة الوطنية وضرب النصرة في الوقت نفسه. وتأثير ذلك هو جعل المعارضة الوطنية في مرمى النيران وتشجيع النصرة على لعب اللعبة نفسها التي يلعبها داعش والنظام، أي محاولة القضاء على هؤلاء بأسرع وقت ممكن”.

بناء على ذلك، يعتبر هوف أنّ مسار الحملة الأميركية في سوريا لا يسير فقط بعكس مصالح المعارضة بل وكذلك بما يتعارض مع السياسة التي تعتمدها واشنطن نفسها.

“قبل أسابيع قليلة في قاعدة أندروز المشتركة، أشار الرئيس إلى تحوّل أساسي في السياسة الأميركية عندما تحدّث عن دعم حكم المعارضة المعتدلة داخل سوريا من خلال بسط هذا الحكم ومنحه نوعاً من الشرعية السياسية ليطال كل السوريين”، قال هوف لـ NOW.

“سيكون من المتناقض تماماً [مع هذه الرؤية] التخلي عن المعارضة عند هذه النقطة. أعتقد أنه سوف يكون من الصعوبة بمكان تجنيد أي كان في هذه القوة التي ترغب الولايات المتحدة في بنائها لكي تصبح مكوّناً أساسياً على الأرض”.

“ولكن لطالما كان هناك، كما يمكن القول، شيء من الانفصال بين ما تقوله الإدارة حيال هذه القضايا وما تفعله تنفيذاً لأقوالها”.

ويرى وايت أنّ هذا الانفصال يعود بشكل كبير الى رؤية الولايات المتحدة وطريقة تنفيذها لحملتها في سوريا حيث تعتبرها حملة لمحاربة الإرهاب أكثر مما تعتبرها تهدف الى إقامة نوع من التغيير السياسي الحقيقي.

“إذا ما قمنا بضرب مجموعة خراسان مجدداً من دون الإشارة الى الوضع عامةً في سوريا، فإنّ ذلك سيُعدّ سيطرة لمقاربة محاربة الإرهاب في الإدارة: [التي تُلخّص بالتالي] أن ترى هدفاً إرهابياً، ومن ثم تسدّد إليه ضربة، بغض النظر عمّا يحصل سواه او عن النتائج الأخرى التي يمكن ان تترتّب على ذلك”، قال لـ NOW، “هذه المقاربة لا تعُتبر منطقية من الناحية الاستراتيجية”.

ألكس راول يغرّد على تويتر @disgraceofgod

هذا المقال ترجمة للنص الأصلي بالإنكليزية

(ترجمة زينة أبو فاعور )

موقع لبنان ناو

 

 

 

 

المجتمعات العربية ترفض “داعش” وسياسات أميركا

المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

كشف استطلاع للرأي العام أنجزه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن المجتمعات العربية ترفض إلى حد كبير جدا تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، بنسبة 85%، فيما 59% يؤيدون ضربات التحالف الدولي الجوية ضد التنظيم، غير أن نسبة قليلة لا تتجاوز 22% يرون أنها ستحقق أهدافها. وأكدت نتائج الاستطلاع معارضة واسعة للسياسات الأميركية، بنسبة 73%.

وقد نفذ برنامج قياس الرأي العامّ، في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الاستطلاع ميدانيًّا من 9 إلى 25 أكتوبر/تشرين الأول 2014 في سبعة مجتمعات عربية، هي: تونس، ومصر، وفلسطين، والأردن، والسعودية، ولبنان، والعراق، فضلًا عن المُهجّرين واللاجئين السوريين في كلٍ من لبنان، والأردن، وتركيا.

وشمل الاستطلاع 5100 مُستجيبٍ ومستجيبةٍ مُوزعين على المجتمعات الثمانية المُستطلعة ضمن عيّنات ممثلة لتلك المُجتمعات، بالاعتماد على العينة الطبقية العنقودية المتعددة المراحل والموزونة ذاتيًا. وبلغت نسبة الثقة في استطلاع كل مجتمع 95%، بهامش خطأ يتراوح بين 4%.

وتمّ إجراء الاستطلاع هاتفيًا؛ إذ جرى الاعتماد على قاعدة البيانات المؤشر العربي المخزّنة في المركز العربيّ، والمكونة من عينات سُحبت بطريقة العينة الطبقية العنقودية المتعدّدة المراحل الموزونة ذاتيًا، والمزودة بأرقام هواتف المستجيبين. وبذلك، فإنّ هذه العينات التي استُخدمت تمثِّل المناطق الجغرافية لكلِّ بلدٍ من البلدان المستطلعة، وبحسب وزنها بالنسبة إلى عدد السكان.

تأييد واسع للضربات ولبنان أولاً

تؤيد أغلبية الرّأي العامّ في المنطقة العربية الضربات العسكرية الجوية التي يقوم بها التحالف الغربي – العربي ضدّ الجماعات المسلحة المتشدّدة (“داعش” وغيره)؛ بنسبة 59% من المستجيبين. وفي المقابل، عبّر 37% عن معارضتهم، أو معارضتهم بشدّة لها. وجاءت أعلى نسبة تأييد بين المجتمعات المستطلعة في لبنان، وبنسبة 76%، تلتها العراق بنسبة تأييد %75. أمّا أقل نسبة تأييد، فهي في مصر والسعودية.

ويؤيّد نحو ثلثي الرأي العام في البلدان المستطلعة الأهداف المعلنة للحملة العسكرية للتحالف ضد تنظيم “داعش”، في مقابل معارضة ثلثه (32%) أهداف التحالف المعلنة. وكانت أعلى نسبة تأييد في لبنان، وأقل نسبة في فلسطين، ومصر. وعبّر 22% من المستجيبين عن ثقتهم المطلقة بأنّ التحالف ضد تنظيم “داعش” سيحقق أهدافه المعلنة بشكل كامل، و38% يعتقدون أنّ التحالف يستطيع أن يحقق أهدافه جزئياً. في حين أفاد نحو ثلث المستجيبين بأنّ التحالف لن يتمكن من تحقيق أهدافه على الإطلاق. وأعلى نسبة لديها ثقة قطعية كانت في لبنان، وكانت أقل نسبة لديها ثقة في تحقيق التحالف لأهدافه في مصر.

وقد بلغت نسبة التأييد لمشاركة بلدان عربية في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” 61% من المستجيبين (أؤيّد بشدة 26%، أؤيد 35%)، مقابل معارضة 36% لهذه المشاركة. أعلى نسبة تأييد كانت في لبنان 74%، والسعودية %71، وأقل نسبة تأييد كانت في فلسطين، ومصر. وعبّر نحو نصف المستجيبين (45%) عن “رفضهم القطعي” بأن تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها من الغرب بإرسال قوات برية للمساعدة في مواجهة تنظيم “داعش”، مقابل 31% أفادوا أنهم “يؤيدون بالتأكيد” ذلك.

ويعد الرأي العام اللبناني والتونسي من أكثر المؤيدين “وبشكلٍ قطعي”، لأن تقوم الولايات المتحدة، وحلفاؤها من الغرب، بإرسال قوات برية للمساعدة في مواجهة تنظيم “داعش”. في حين أنّ أعلى نسب معارضة لذلك كانت بين مستجيبي مصر %63، والعراق 49%، والأردن 47%، وبين اللاجئين السوريين 43%.

وعبّر 40% من المستجيبين عن تأييدهم الجازم إرسال قوات برية عربية لمواجهة تنظيم “داعش”، في مقابل 36% عبّروا عن رفضهم القاطع لإرسال قوات برية عربية، فيما أفاد 20% أنه “ربما” يجب على البلدان العربية المشاركة في التحالف إرسال قوات برية.

وإنّ أكثرية الرأي العام اللبناني والسعودي والتونسي أيدت إرسال قوات برية عربية، في حين أنّ أعلى نسبة معارضة لهذا الأمر، كانت في العراق (46%)، تلتها فلسطين (44%)، ومصر (43%).

وتنبع مخاوف الرأي العام في المنطقة العربية بخصوص الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من عدّة قضايا، إلّا أن أهمها ترتكز على الخوف من “التدخل الأجنبي” و”انتشار الحرب وتوسعها في الإقليم”، بنسبة 14% لكل منهما، والخوف من “أن تتطور الحرب لتصبح حربًا ضد الإسلام”، بنسبة 11% من المستجيبين. كما عبّر المستجيبون عن مخاوفهم من أنّ هذه الحرب ستؤدي إلى” تدهور الوضع الاقتصادي” وعن مخاوفهم من “أن يطول أمد هذه الحرب” بنسبة %11 لكل منهما.

ووافق 31% من الرأي العام في المنطقة العربية على أنّ الولايات المتحدة هي المستفيد الأكبر من الحملة العسكرية ضد تنظيم “داعش”، تليها إسرائيل (27%)، ثم إيران (14%). في حين أفاد 10% من المستجيبين أنّ المستفيد الأكبر هو النظام السوري، وأفاد 5% أنّ النظام العراقي هو المستفيد الأكبر من الحملة العسكرية.

وأفاد 3% فقط من الرأي العام بأنّ بلدانهم هي المستفيد الأكبر من الحملة العسكرية للتحالف الدولي ضد داعش.

%28 من الرأي العام في المنطقة يرون أنّ إسرائيل هي مصدر التهديد الأكبر على أمن العالم العربي واستقراره، تليها الولايات المتحدة بنسبة 21%، وإيران بنسبة 17%، والتنظيمات الإسلامية المسلحة بنسبة 13%.

ركز المستجيبون في كل فلسطين ومصر ولبنان والأردن والعراق على أنّ إسرائيل والولايات المتحدة يمثلان أكبرَ تهديدٍ لأمن العالم العربي. في حين ذُكرت إيران كأكثر تهديد لأمن العالم العربي بنسب مرتفعة لدى المستجيبين من السعودية، واللاجئين السوريين، ومصر، والأردن.

ويقيّم الرأي العام العربي السياسة الخارجية الأميركية تجاه المنطقة العربية بالسلبية؛ إذ أفاد 73% أنّها سلبية (58% سلبية، و15% سلبية إلى حدٍ ما)، مقابل 20% أفادوا أنّها إيجابية (8% إيجابية، و12% إيجابية إلى حدٍ ما).

وقيّمت أغلبية المستجيبين في كلّ مجتمعٍ من المجتمعات المستطلعة السياسة الأميركية بالسلبية، وبشبهِ إجماعٍ بين الرأي العام المصري واللبناني واللاجئين السوريين. في حين أنّ أكثر المجتمعات التي قيّمت سياسات الولايات المتحدة بالإيجابية كانت السعودية وتونس.

وأفاد 36% من المستجيبين أنّ أهم قرارٍ يجب أن تأخذه الولايات المتحدة لتحسِّن نظرتهم تجاهها هو “وقفها دعم إسرائيل ماديًا وعسكريًا”، وكان القرار الثاني هو “العمل على إيجاد حلٍّ للأزمة السوريّة بما يتلاءم مع تطلعات الشعب السوري” وبنسبة 18%. وأفاد 14% منهم أنّ “عدم تدخل الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية لبلدانهم” من شأنه أن يحسِّن نظرتهم تجاه الولايات المتحدة.

وتظهر النتائج أنّ 35% من المستجيبين أفادوا بأنهم يتابعون، بشكل دائم، التطورات المتعلقة بتنظيم “داعش”، و40% أفادوا بأنهم يتابعون، أحيانًا، و13% يتابعون نادرًا، مقابل 11% أفادوا أنهم لا يتابعون على الإطلاق.

وعبّر 63% من الرأي العام في البلدان المستطلعة آراؤها عن أنّ تنظيم “داعش” يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن الوطني لبلدانهم، في مقابل 33% عبّروا عن أنه لا يمثل تهديدًا مباشرًا لبلدانهم.

وتوافقت أغلبية المستجيبين في كلٍ من لبنان، وتونس، والعراق، وبين اللاجئين السوريين، على أنّ تنظيم “داعش” يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن بلدانهم، في حين أنّ هنالك شبه انقسامٍ في كلٍ من الرأي العام السعودي والأردني إزاء هذا الموضوع. في حين أفادت أغلبية المصريين (63%) والفلسطينيين (53%) أنّ “داعش” لا يمثل مصدر تهديدٍ لأمن بلدهم.

ويرى 20% من الرأي العام في المنطقة العربية أنّ تنظيم “داعش” هو نتاج المنطقة ومجتمعاتها وصراعاتها، في حين أفاد %69 أنّ التنظيم هو صناعة خارجية، وذلك عند سؤال المستجيبين عن أي من العبارتين السابقتين هي الأقرب منهما لوجهة نظرهم. ولا يتفق 7% من المستجيبين مع كلتا العبارتين.

وعبّر 85% من المستجيبين عن أنّ نظرتهم تجاه تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” هي نظرة سلبية وسلبية إلى حدٍ ما، مقابل %11 أفادوا أنّ نظرتهم إيجابية وإيجابية إلى حدٍ ما.

وأظهرت النتائج أنّ أعلى نسبة للمجتمعات المستطلعة التي عبّرت عن نظرتها السلبية أو السلبية إلى حدٍ ما تجاه تنظيم “داعش” كانت في لبنان، ثم العراق، والأردن، ومصر، والسعودية، وتونس، واللاجئين السوريين، وفلسطين.

وأفاد 15% من المستجيبين بأنّ “الإنجاز العسكري لتنظيم الدولة الإسلامية” هو العامل الأكثر أهميةً في وجود شعبية ونفوذ لهذا التنظيم بين مؤيديه، في حين أنّ 14% أفادوا بأنّ “إعلان التنظيم الخلافة الإسلامية” هو العامل الأكثر أهميةً في شعبية “داعش” بين مؤيديه.

العربي الجديد

 

 

 

 

 

كيف تصبح الضربات الغربية العشوائية ضد “داعش” استراتيجية مستدامة في سوريا؟/ كريستين هيلبيرغ

“نظام الأسد أصل الإرهاب في سوريا..حان الوقت ليعامل الغرب الثوار كحلفاء حقيقيين”

في سوريا تؤدي الضربات الجوية المخطط لها من جانب واحد وغير المنسقة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى تحويل الأهالي إلى ضحايا، بدلا من جعلهم شركاء في الحرب على الإرهاب. الصحفية والخبيرة الألمانية كريستين هيلبيرغ ترى أن التحالف الدولي -من أجل أن يكسب السوريين إلى جانبه- عليه التعامل مع المتمردين والناشطين السوريين على أرض الواقع كحلفاء. وترى، في تعليقها التالي لموقع قنطرة، أن دعم الأكراد وعدم إهمال العرب وجعل السُّنة حلفاء وعدم نسيان أن الأسد هو أصل الإرهاب هو ما قد يحول الضربات الجوية العشوائية إلى استراتيجية مستدامة.

في هذه الأيَّام في سوريا يخسر التحالف الدولي بقيادة الولايات المتَّحدة الأمريكية ضدَّ تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي معركة حاسمة. ليست معركة كوباني، لا، بل إنَّه يخسر دعم السوريين – المدنيين والناشطين والمتمرِّدين. فبدلاً من منح الناس الشعور بأنَّ التحالف الدولي يساعدهم ويقتال إلى جانبهم، تقوم الولايات المتَّحدة الأمريكية بإلقاء القنابل حيثما يناسبها وتغلق عينيها عن معاناة الأهالي في أماكن أخرى.

وبدلاً من تنسيقها مع المقاتلين والناشطين على الأرض، من أجل تحديد الأهداف والمواقع العسكرية الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية، تقوم الولايات المتَّحدة الأمريكية بتدمير البنية التحتية، مثل مصافي النفط وصوامع الحبوب. وبدلاً من قيامها بتسليح المتمرِّدين المعتدلين الذين كثيرًا ما يتم ذكرهم (الجيش السوري الحرّ والأكراد) بأسلحة حديثة والعمل بمساعدتهم في الوقت نفسه من الجو وعلى الأرض ضدَّ تنظيم الدولة الإسلامية، فإنَّ الولايات المتَّحدة الأمريكية لا تُبلغ هؤلاء المتمرِّدين حتى حول أهداف ضرباتها الجوية.

تتم قيادة الحرب في سوريا ضدَّ تنظيم الدولة الإسلامية حتى الآن بشكل غير مقنِع ومن جانب واحد – ولهذا السبب فإنَّ هذه الحرب لا تعتبر غير فعَّالة وحسب، بل هي حرب ذات نتائج عكسية. فكلما ترسَّخ لدى الناس انطباع بأنَّ هذه الهجمات الجوية تعتبر في الواقع حربًا على الإسلام والمسلمين السُّنة -ولا تستثني الأسد وحسب بل هي حرب متَّفق عليها معه في السر- ازداد الإقبال على الإرهابيين.

سياسة الغرب الانتقائية تجاه سوريا

لماذا يرى الكثيرون من السوريين ذلك على هذا النحو؟ السبب بسيط للغاية: يمارس الأوروبيون والأمريكيون في سوريا سياسة انتقائية – فنحن في الغرب نرد على بعض الأشياء باشمئزاز وضجّة، بينما نرد على أشياء أخرى ببرود ولامبالاة وصمت – وهذا من ثلاثة جوانب.

مدينة مستهدفة من قبل الجهاديين – تعتبر كوباني المحاصرة من قبل ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي واحدة من أكبر المدن في المناطق الكردية السورية. يعدّ الجناح العسكري لحزب الاتِّحاد الديمقراطي، أي وحدات حماية الشعب الكردية، أهم المدافعين عن هذه المدينة.

أولاً: يجب علينا التمييز بين عنف الدولة والعنف غير الحكومي. فنحن لم نعد نلاحظ بالكاد عنف الدولة، أي عنف النظام، على الرغم من أنَّ معظم المدنيين يسقطون ضحايا لعنف النظام. ففي شهر أيلول/ سبتمبر 2014 بلغ عدد ضحايا النظام 1707 أشخاص ثلثهم من النساء والأطفال. وفي المتوسط يموت عشرة أطفال كلَّ يوم بقنابل الأسد.

غير أنَّنا ننظر فقط إلى ما يفعله تنظيم الدولة الإسلامية على أنَّه أمر “بشع” و”غير إنساني”. من المفترض أنَّنا نخوض الحرب ضدَّ الإرهابيين “من أجل إنقاذ حياة الناس” – ولكن لا أحد يريد سماع أنَّ بإمكاننا في سوريا إنقاذ المزيد من الناس من خلال إيقاف إرهاب الأسد. مع أنَّ جرائم الدولة موثَّقة توثيقًا ذا مصداقية من قبل الناشطين وجماعات حقوق الإنسان المحلية وكذلك من قبل المنظمات غير الحكومية الدولية وهيئة الأمم المتَّحدة.

وعلى سبيل المثال فقط نذكر من هذه الجرائم في الوقت الراهن: استخدام غاز الكلور في جوبر والقنابل العنقودية في كلّ من محافظة حلب وحماة وإدلب ودرعا، وتجويع وقصف حي الوعر في حمص، والبراميل المتفجِّر في حلب وإطلاق الصواريخ على الغوطة الشرقية في ريف دمشق وكذلك في سراقب في إدلب. ومَنْ أراد فبمقدوره أن يشاهد كلَّ يوم تقريبًا كيف يتم سحب الأطفال الصغار المغطاة أجسادهم بالغبار من بين جبال الأنقاض – مرّة أمواتًا ومرة وهم أحياء. غير أنَّنا في الغرب لا نريد المشاهدة.

ثانيًا: نحن نعمل في المقام الأوَّل من أجل ضحايا تنظيم الدولة الإسلامية، الذين ينتمون إلى أقليات دينية. عندما استولى الجهاديون (كان لا يزال اسمهم حينها “الدولة الإسلامية في العراق والشام”) في صيف عام 2013 على مدينة الرقة السورية، مركز محافظة الرقة، وأسّسوا نظامهم الإرهابي هناك، لم يهتم لذلك أي شخص – ففي آخر المطاف أغلب مَنْ يعيشون في الرقة هم من السُّنة. ولم تكن حينها الإعدامات العلنية ورجم امرأتين والعقوبات البدنية الوحشية تكاد تستحق الذكر في نشرات الأخبار. وفقط عندما تم في شمال العراق إخراج المسيحيين من مدينة الموصل وهرب الإيزيديون إلى الجبال، اكتشف الغرب تنظيم الدولة الإسلامية.

سارعت الولايات المتَّحدة الأمريكية لمساعدة الأقليات الدينية في العراق، ولكنها لم تفعل ذلك من أجل الأغلبية السُّنية في سوريا. وفي حين كان العالم ينظر مذهولاً إلى جبل سنجار، ذبح تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة دير الزور السورية سبعمائة فرد من أفراد عشيرة الشعيطات (السنية)، من بينهم الكثير من النساء والأطفال. ومرة أخرى لم يأبه أي أحد في الغرب بهذه المذبحة.

في سوريا يعتبر معظم ضحايا تنظيم الدولة الإسلامية حتى الآن من السُّنة، وذلك لأنَّهم يشكِّلون أغلبية السكَّان في البلاد ويعيشون في مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية. ويزداد لدى هؤلاء الأشخاص الشعور بأنَّهم ضحايا من الدرجة الثانية بالنسبة للمجتمع الدولي.

استراتيجية عسكرية أمريكية مشبوهة – يزداد باستمرار المعارضون والناشطون والمقاتلون الذين يجدون أنفسهم مجبرين على انتقاد الهجمات الجوية الأمريكية، مثلما تكتب كريستين هيلبيرغ: فحتى الآن تصيب طائرات التحالف في الدرجة الأولى البنية التحتية مثل مصافي النفط وصوامع الحبوب، التي تعتبر بالنسبة للسوريين ضرورية للحياة.

ثالثًا: نحن نعزِّز الآن علاوة على ذلك بوعي أو من دون وعي الانقسام بين العرب والأكراد. فمنذ حصار كوباني يتحدَّث الجميع حول الأكراد. وهذا أمر جيِّد، لأنَّ الأكراد يشعرون وعن حقّ بأنَّ العالم قد نساهم وخانهم. سواء في عام 1920، عندما وعدهم الأوروبيون بدولة خاصة بهم ولم يتحقَّق أي شيء من ذلك، أو في عام 1962، عندما سحبت دمشق من عشرات الآلاف من الأكراد السوريين الجنسية السورية، أو في عام 2004، عندما تمرَّد الأكراد على نظام الأسد ولم يتضامن معهم أي أحد سوى بعض الناشطين في مجال حقوق الإنسان.

زيادة حجم انعدام الثقة المتنامي إلى كراهية واضحة

يزداد حجم انعدام الثقة بين العرب والأكراد منذ أعوام، والآن يتحوَّل إلى كراهية واضحة – هذه مأساة بالنسبة لسوريا. على الإنترنت يتساءل العرب السوريون، لماذا ينظر الجميع إلى معركة حزب الاتِّحاد الديمقراطي الكردي في كوباني ولا ينظرون إلى مقاومة مجموعات الثوَّار الأخرى ضدَّ تنظيم الدولة الإسلامية في كلّ من حلب ودير الزور والرقة. وفي هذا الصدد يقول عقيد من الجيش السوري الحرّ: لم يأتِ أي أحد لمساعدة مقاتليه، مع أنَّ الجيش السوري الحرّ يقاتل ضدَّ تنظيم الدولة الإسلامية “بالنيابة عن كلِّ العالم”.

من وجهة النظر السورية يعتبر سلوك الولايات المتَّحدة الأمريكية غير مفهوم. فقد وصفت واشنطن رسميًا وحدات معيَّنة من الجيش السوري الحرّ كحلفاء في الحرب ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن في الواقع لا يتم التعامل معهم كحلفاء. إذ يتم إبلاغ الأسد حول الضربات الجوية، ولكن لا يتم إبلاغ الجيش السوري الحرّ. ولهذا السبب فإنَّ الأهالي ينظرون إلى المتمرِّدين على أنَّهم عملاء للغرب وخونة.

يزداد باستمرار المعارضون والناشطون والمقاتلون الذين يجدون أنفسهم مجبرين على انتقاد الهجمات الجوية الأمريكية، حتى لا يفقدوا الدعم من أبناء بلدهم. وحتى الآن تصيب طائرات التحالف في الدرجة الأولى البُنى التحتية مثل مصافي النفط وصوامع الحبوب، التي تعتبر بالنسبة للسوريين ضرورية للحياة، حتى وإن كان يسيطر عليها مؤقتًا تنظيم الدولة الإسلامية. وهكذا فقد تضاعفت في الرقة أسعار بعض السلع اليومية منذ الهجمات الأمريكية، مثلما يقول الناشطون، وكذلك يتضامن الناس هناك وعلى نحو متزايد مع “الدولة الإسلامية”.

لكن على أية حال فإنَّ الولايات المتَّحدة الأمريكية تقوم الآن بإلقاء أسلحة من الجو لوحدات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتِّحاد الديمقراطي، المحاصرة في كوباني. وعلى الرغم من أنَّ هذا الحزب، شقيق حزب العمَّال الكردستاني، لا يتكوَّن من ديمقراطيين مثاليين ويضطهد كذلك أصحاب الآراء المخالفة، بيد أنَّ مَنْ يتحالف في الحرب ضدَّ تنظيم الدولة الإسلامية مع دولة مثل المملكة العربية السعودية، يتعيَّن عليه ألاَّ يكون شديد الحساسية مع حزب الاتِّحاد الديمقراطي أيضًا. ففي آخر المطاف هذا الحزب يقاتل منذ عام قتالاً فعَّالاً ضدَّ الجهاديين.

يقاتل حزب الاتِّحاد الديمقراطي منذ عام قتالاً فعَّالاً ضدَّ جهاديِّي تنظيم “الدولة الإسلامية”. وبما أنَّ هذا الحزب قد دخل في تحالف مع الجيش السوري الحرّ وتجاوز بذلك الحدود العرقية والدينية، فيجب أن تتم مكافأته – بحسب رأي كريستين هيلبيرغ – بالدعم الفوري وتزويده بالمال والسلاح.

خمس خطوات من أجل استراتيجية مستدامة

دعم الأكراد وعدم إهمال العرب وجعل السُّنة حلفاء وعدم نسيان أنَّ الأسد هو أصل الإرهاب – من هذه الاستنتاجات يمكن استخلاص خمس خطوات ضرورية، من الممكن أن تُحوِّل الضربات الجوِّية العشوائية إلى استراتيجية مستدامة.

أولاً: يجب الاتِّفاق على الضربات الجوية ضدَّ تنظيم الدولة الإسلامية مع الناشطين والمتمرِّدين على الأرض وكذلك جمع المعلومات حول الأهداف المناسبة. ثانيًا: يجب إشراك مجموعات الثوَّار السورية التي تم تحديدها بالفعل في الحرب ضدَّ تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك من خلال تزويدها بأسلحة حديثة، من أجل التقدُّم على الأرض ضدَّ الجهاديين. ثالثًا: سيكون من المستحسن ألاَّ تقوم الطائرات المقاتلة الأمريكية بإلقاء القنابل فقط، بل كذلك إلقاء المساعدة الإنسانية للمواطنين السوريين المحتاجين، الذين يعتبر الغرب في أمسِّ الحاجة إلى تعاطفهم.

رابعًا: إنَّ كلَّ مبادرة تتجاوز الحدود العرقية والدينية – مثل التحالف بين الجيش السوري الحرّ وحزب الاتِّحاد الديمقراطي الكردي في حلب – هي مبادرة تستحق الدعم الفوري بالمال والسلاح. إذ يجب أن يكون التفاهم مجديًا ومربحًا! لأنَّ الهدف هو توحيد السوريين وليس زيادة الانقسام بينهم.

وخامسًا: المناطق التي يتم إخراج تنظيم الدولة الإسلامية منها، يجب أن تتم حمايتها على المدى الطويل من غارات النظام بمنطقة حظر جوي، وذلك لكي يتمكَّن هناك المعارضون (العرب والأكراد) من بناء هياكل حكومية بديلة.

وفي سوريا بالذات يجب أن يراعي كلُّ عمل عسكري الأهالي ويأخذهم بعين الاعتبار، إذ إنَّ محاربة الإرهاب المخطط لها من جانب واحد وغير المنسَّقة لا تؤدِّي إلاَّ إلى دفعهم إلى أحضان تنظيم الدولة الإسلامية.

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: قنطرة 2014

عملت الصحفية كريستين هيلبيرغ منذ عام 2001 وحتى عام 2008 مراسلة صحفية حرّة في دمشق. صدر كتابها “سوريا – بؤرة توتر. نطرة في عمق بلد منغلق”، في شهر أيلول/ سبتمبر 2012 عن دار نشر هيردر، وفي طبعته الثانية المحدَّثة والموسَّعة في شهر شباط/ فبراير 2014.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى