برهان غليونصفحات سوريةعلي العبدالله

مقالين تناولا أزمة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة

 

 

الائتلاف عود على بدء/ علي العبد الله

جاءت نتائج الانتخابات التي جرت لاختيار اعضاء الهيئة السياسية للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة تجسيدا عمليا لنمط الممارسة السياسية السائدة في أوساط المعارضة السورية، حيث صوتت الكتل المشاركة لاعتبارات حزبية ومحاورية، وتجاهلت الاعتبارات الموضوعية في اختيار الأصلح خدمة للثورة والقضية الوطنية.

لم تُعد الكتل السياسية، وهي تنتخب اعضاء الهيئة السياسية، النظر في تجاهلها الفج في الانتخابات السابقة لطبيعة الائتلاف ومستدعياتها(جبهة قانونها التوافق والمشاركة في اتخاذ القرار) والثورة واحتياجاتها، ولم تراجع ممارساتها وما أفرزته من نتائج كارثية نجمت عن انقسامها الى محورين سعودي وقطري وصراعهما على قيادة الائتلاف، ودخولهما في مباراة صفرية على هذه الخلفية، وإدارتهما للصراع البيني بمنطق “كل شيء او لا شيء”، وقيامهما بممارسات طفولية من تشهير وتحركات ضارة ودعائية مثل حملة اسقاط الجربا تارة وإسقاط الائتلاف أخرى، من قبل المحور القطري. والتخطيط والعمل لتكريس الجربا قائدا أوحد، عبر التهليل لكل ما يقوم به، مهما كان صغيرا وتافها مثل صلاته في درعا يوم العيد ومشاركته بافتتاح مقهى ثقافي في اسطنبول، وتصوير الدعم المقدم للثوار والمواطنين تبرعا ومكرمة منه، والسعي لإيجاد مخرج قانوني يسمح بتجديد ترشحه لرئاسة الائتلاف بعد ان استنفد فرصه وفق النظام الداخلي، من قبل المحور السعودي.

كما لم تأخذ، الكتل السياسية، معطيات اللحظة الراهنة وما تستدعيه من وحدة صف وموقف بعين الاعتبار، وواصلت ممارساتها القديمة في لحظة سياسية دقيقة وحساسة وجهها الرئيس تصعيد المواجهة من قبل النظام وإيران وأذرعهما لفرض وقائع على الارض تمهيدا لفرض شروطهما بخصوص الحل، وتجرع قوى الثورة هزائم عسكرية في عدد من المواقع الحيوية والهامة، وانشغال قسم كبير مما يسمى اصدقاء الشعب السوري، الاوروبيين والامريكيين بخاصة، بجانب ثانوي في الصراع: وجود “جهاديين” من هذه الدول يقاتلون في الساحة السورية وما يمكن ان يترتب على ذلك مستقبلا اذا ما عادوا الى الديار بأفكارهم وخبراتهم العسكرية، والتذرع بذلك لتجميد دعمه وتحركه لوقف القتل والتدمير والضغط لإقامة هيئة حاكمة انتقالية، واستمرار الخلاف السعودي القطري- التركي، وتنافسهم على استقطاب قوى الثورة والمعارضة وانعكاسه السلبي الكبير على المستويين العسكري والسياسي، ومراوحة التحرك السياسي الدولي لتنفيذ وثيقة جنيف1 في ظل تجميد المساعي في ضوء انتقال التركيز الى الملف الاوكراني

لن تقود الروحية التي تتعاطى بها كتل الائتلاف مع بعضها أو مع قوى الثورة والمواطنين الى ايجابية ما او تعمل في مصلحة الثورة وأهدافها السياسية، بل ستقود، على الضد من ذلك، الى مزيد من التشتت والتشرذم والقطيعة مع قوى الثورة، ومع الحاضنة الشعبية، التي فقدت الثقة بالائتلاف، ولم تعد ترى له أية مصداقية، كما لم تعد تراهن عليه في تحقيق بعض ما تتطلع اليه من انجازات على طريق الحرية والكرامة، التي دفعت ثمنا باهظا على طريق بلوغهما، وبدأت جماعات كثيرة فيها تبحث عن حلول جانبية مع النظام يجنبها المزيد من الخسائر، والنظام، مع استمراره بالقتل بكل الوسائل والطرق، يراقب ويدرس ويسبر الحالة ويقيم الفرص، ويبني على نقاط الضعف والأخطاء، ويستثمر الحالة النفسية والمعنوية لتحقيق تقدم عسكري على الارض ولتعميق حالة القنوط واليأس بين المواطنين، وإيران تمهد له الطريق عبر الدعم المالي والتسليحي والبشري، واطلاق بالونات اختبار مثل مبادرة الحل التي طرحتها ببنودها الأربعة(وقف اطلاق النار، تشكيل حكومة وحدة وطنية من النظام ومعارضة الداخل، السماح بدخول المساعدات الإنسانية، ونقل سلطات الرئيس الى الحكومة بالتدريج دون تحديد السلطات التي ستنقل أو سقف زمني لهذا النقل) لمعرفة مدى استعداد المجتمع الدولي للقبول ببقاء النظام، وروسيا تضخ الدماء في عروقه(اسلحة وذخائر وخبرات عسكرية وتقنية في مجالات المراقبة والاتصالات)، وتحميه سياسيا وتساعده دبلوماسيا واعلاميا.

يستدعي الحرص على الثورة وتحقيق أهدافها في الانتقال نحو نظام ديمقراطي تعددي يساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات دون اعتبار للعرق او الدين او المذهب، وبسط سيادة القانون في الدولة والمجتمع، من الكتل السياسية مواجهة الواقع والاعتراف بالأخطاء القاتلة ونقاط الضعف التي ترتبت على الانقسامات والصراعات البينية، والتي حدت من قدرة قوى الثورة والمعارضة على تحقيق تقدم على طريق انجاز المهام السياسية، وإعادة نظر في نمط ممارستها، وصياغة علاقاتها بما يتسق مع طبيعة التحالف السياسي(المشاركة في العملية السياسية وفي اتخاذ القرارات والتوافق على البرامج والخطط الاستراتيجية والتكتيكية)، وتنفيذ ذلك عبر تمهيد الاجواء للخروج من حالة الاستقطاب والانقسامات باختيار رئيس للائتلاف من خارج التكتلين المتصارعين وتحديد تبريد الصراعات الداخلية كاولوية بسحب اسباب التوتر وتخفيف حدة الخلافات، وتعميق القواسم المشتركة، ووضع تصور سياسي وخطة عمل في ضوء التطورات الراهنة والاحتمالات الممكنة بحيث تعيد التوازن والفعالية الى جسم الائتلاف، والأمل لقوى الثورة وحواضنها الشعبية يمنحهما زخما للصمود واحتواء هجوم النظام وحلفائه، ويبقيهما رقما صعبا في المعادلة وشريكا رئيسا على طاولة التفاوض على مستقبل سوريا.

\\ كاتب سوري \\

المدن

 

 

 

الائتلاف” السوري في الطريق المسدود/ برهان غليون

ما تناهى إلى مسامعي عن أول اجتماعٍ للهيئة السياسية الجديدة لائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، والتي انبثقت عن انتخابات السادس من إبريل/ نيسان الجاري في اسطنبول، يقضي على أي أملٍ بالإصلاح، ويضع الأمور في طريق مسدود. لم يرفض “قادة” الائتلاف الجدد الدوام في مكاتبهم، والتفرغ للقيام بواجباتهم، فحسب، وإنما رفضوا، أيضاً، القبول بالتعاون مع الهيئة الاستشارية، ولا يزالون يصرون على أنهم قادرون، في أوقات الفراغ، على قيادة ثورة شعبٍ كامل، يخوض صراعاً دموياً، لم يشهد شعب في التاريخ نظيره.

كل الكلام عن خططٍ، وعن توزيع مهام، وإصلاح أساليب العمل، لا معنى له، ولا جدوى منه، من دون وجود هيئةٍ سياسيةٍ متفرغة، تجتمع يومياً، وتوزع المهام، وتسهر على تنفيذها، وتحاسب نفسها، وتتابع ما يجري في سورية، ساعةً بساعة، محافظةً محافظة، مدينةً مدينة، وحيّاً حياً، وتتشاور فيه، على المستويات، العسكري والسياسي والإغاثي.

وبالمثل، تـُعَدُّ مشاركة الهيئة الاستشارية التي تكونت، بشكل غير رسمي، لتمكين الشخصيات المخضرمة التي انسحبت من انتخابات الهيئة السياسية، لإتاحة فرصةٍ أكبر للشباب، ليمارسوا دورهم، تـُعَدُّ مصدرَ دعمٍ إضافي للهيئة الجديدة، لا طرفاً منافساً لها، وتعزيزاً لموقف “الائتلاف” الذي ينبغي أن ينفتح، بشكل أو بآخر، على كل الشخصيات الاعتبارية المعارضة، ويستفيد من خبرتها ودورها. بل كان هدف التعديل زيادة عدد الشباب في الهيئة السياسية أبعد من ذلك، أعني الإعداد لعودة المعارضة إلى الداخل، وتشجيع أعضاء الهيئة، ومن ورائها “الائتلاف” على الاستقرار في المدن والبلدات السورية، والعمل في أرض الميدان، ومع أبناء الشعب المتروكين لمصيرهم، والأخذ بيدهم، بعد أن خذلهم المجتمع الدولي. لكن، للأسف، لم يتحقق شيء من ذلك.

مثل هذا الموقف يعكس تماماً العقلية السائدة التي لا ترى في احتلال موقع المسؤولية مهام محددة، ينبغي تنفيذها، وإنما مجرد تكريم وتمييز واصطفاء لها عن غيرها. وهذا يفسر، أيضاً، رفضها مشاركة الآخرين في اجتماعاتها، حتى لا يشاركونها في الأسبقية الاعتبارية والرمزية، مع العلم بأن أهم ما فعلته الهيئة الاستشارية تخفيف حدة التنافس على المناصب، وتشكيل نواة ثابتة للتفاهم والاتحاد، وعملت على تجاوز الانقسام داخل “الائتلاف”، وشجعت التصويت على قائمة موحدة تضم الجميع.

الشعور بأن احتلال منصب في “الائتلاف” هو تكريس للذات، ووضع يد على مصدرٍ للوجاهة والاثراء المعنوي، أو المادي، يؤسس لمنطق الإقصاء، ويدفع إلى رفض المشاركة. والأمر مختلف تماماً، عندما يكون الدافع لاحتلال المنصب الحصول على وسيلة للقيام بواجب، ينتج الشعور بالمسؤولية تجاه الجماعة، ويشجع على التعاون في تأدية المهام.

في الحالة الأولى، النجاح في احتلال المنصب هو الهدف، بصرف النظر عن الوسيلة. وفي الحالة الثانية، يبقى المنصب وسيلةً لتحقيق الهدف والقيام بالواجب، والحماس لإشراك الآخرين، والحصول على قبولهم. في ولاية التشريف والتمييز، تصبح أية انتخابات، أو اختيار للمناصب، محنة ومصدر نزاعات وصراعات على احتلال المقامات العالية، والدفاع عنها بأية وسيلة كانت، حتى داخل البيت الواحد، بينما لا يتصدّر للمنصب في ولاية التكليف إلا من يرى في نفسه، ويرى فيه الآخرون، الكفاءة على تحقيق المهام المنشودة.

وجاء في الحديث، قطعاً لدابر ولاية التشريف، وتعزيزاً لراية ولاية التكليف: طالب الولاية لا يولّى. خوفاً من أن تكون غاية الطالب الجاه أو الثروة أو النفوذ أو التمجيد، على حساب تحقيق الواجبات والمصالح العامة.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى