صفحات سوريةمصطفى اسماعيل

مقترحات من أجل إعلان عهد الكرامة والحقوق السوري


مصطفى اسماعيل

أدناه مقترحاتي المقدمة كتابياً في المجلس الوطني الموسع, الذي عقدته هيئة التنسيق الوطنية المعارضة بريف دمشق يوم السبت 17 سبتمبر/ أيلول2011, وهي المقترحات الخاصة بوثيقة ( إعلان عهد الكرامة والحقوق ) التي أعدتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر إلى جانب عدد من الوثائق الأخرى, وكانت الوثيقة إياها قد أعدت على عجل وتعاني من النقص في العديد من الجوانب, ولم يك قد جرى استكمالها أيضاً لاعتبارات خاصة باللجنة التحضيرية لم يُفصَحْ عنها.

تتألفُ الوثيقة ( إعلان عهد الكرامة والحقوق ) من ديباجة و18 مادة, التزاماً بمبادىء الثورة المدنية الشبابية السلمية, من خلال العمل على إرساء النظام الجمهوري الجديد على أساسها. وهي كوثيقة تستلهمُ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية, إلى جانب العديد من الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية التي أصدرتها الأمم المتحدة منذ تأسيسها وإلى تاريخه, وصارت أشبه بقواعد وأسس مدنية أخلاقية إلزامية لا يمكن تجاوزها إلا من قبل الأنظمة الشمولية التسلطية.

فيما يلي مقترحاتي المقدمة إلى لجنة صياغة الوثائق في هيئة التنسيق الوطنية :

1- ليس ثمة ضرورة للتذكير بالصحيفة في المدينة المنورة في ديباجة الوثيقة, علينا التخلي عن مسألة خطب ود جماعات دينية وتيارات بعينها وإذا كان علينا الانطلاق من الخصوصيات الثقافية المكونة لوعي شعوب المنطقة, فيجب أن يكون ذلك شاملاً, إذ لا ننس في هذا السياق أن هنالك إثنية دينية أخرى في سوريا كالأيزيدية أيضاً, والاستناد إلى رأسمال رمزي معين سيثير دون شك حساسيات أخرى, وسوريا في المحصلة مكونة من فسيفساء إثني يشكل غنى ثقافياً لسوريا إذا ما تم التعاطي معها بذهنية ديمقراطية غير مبنية على المسبقات الفكرية.

2- ليس ثمة ضرورة للذكر الحصري للجولان المحتل في البند الأول, هذا يدعونا لذكر لواء الاسكندرون المحتل أيضاً.

3- إضافة كلمة ( علماني ) إلى ” نظامٍ جمهوري ديموقراطي مدنيّ تعدّدي ” في البند الثاني, ما دام الحديث يجري عن دولة سيتم فيها الفصل بين الدين والدولة وعلى أس القاعدة الشهيرة ” الدين لله والوطن للجميع “. ونظراُ لمعانة السوريين من هذا التدخل السافر لأجهزة السلطة التنفيذية في شؤون الجماعات الدينية وتدجينها وتحويلها إلى أداة لتكريس الأحادية ومنظورات السلطة الحالية.

4- فيما يتعلق بالبند الثالث من الوثيقة ” المساواة المطلقة بين الرجال والنساء ، دون أيّ تمييز من أيّ نوع، سواء أكان ذلك بسب الأصل أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الإثنيّة أو الرأي السياسي أو الدين أو المذهب “. أقترح استبدالها بالصياغة التالية : المساواة التامة بين الرجال والنساء.إيماناً من هيئة التنسيق بأن التنمية الكاملة والتامة لأي بلد ورفاهية العالم والسلم الأهلي تتطلب جميعاً مشاركة المرأة على قدم المساواة مع الرجل, أقصى مشاركة ممكنة في جميع الميادين,وبضمان الأهلية الكاملة للمرأة أسوة بالرجل ( وهذا ما تنص عليه اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادرة عن الأمم المتحدة في 1979 والنافذة اعتباراً من 1981). مع حذف كلمة ( السياسي ) فليس من الضروري أن يكون الرأي سياسياً, ماذا إذا كان الرأي ثقافياً مثلاً, وكلمة ( الرأي ) واضحة ومفهومة, وتحيل إلى سياقاتها في الاتفاقيات والمواثيق الدولية الحاضّة على احترام حرية الرأي والتعبير. والمادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تتحدث عن ( الرأي سياسياً وغير سياسي ).

5- فيما يتعلق بالبند الخامس, وجوب إزالة ” هيمنة عالم المال “, فنحن نتحدثُ عن الحريات الإعلامية, ولا يمكن تقييدها, ودلالتنا إلى ذلك المنابر الإعلامية والفضائية العديدة, هنالك شركات اقتصادية ورجال أعمال يطلقون منابر إعلامية ولا يمكن منع ذلك, ما دمنا مع فرضية عدم التدخل السلطة التنفيذية أو الدولة في مجال الإعلام, مع وجوب إلغاء وزارة الإعلام ما دمنا لا نريد هيمنة السلطة السياسية التنفيذية على الإعلام كما هو حاصل اليوم, و” هيمنة عالم المال ” أظنها منطلقة من النفس الإيديولوجي اليساري لدى عديد القوى المؤسسة لهيئة التنسيق. مع إجراء تعديلات على البند أو إعادة صياغته على أساس ضمان حرية الرأي عبر وضع مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الوطنية تحت إشراف هيكل ممثل لمختلف شرائح المجتمع ومستقلّ عن السلطة التنفيذية يضمن إعلاماً حراً ونزيهاً في خدمة الشعب لا النظام القائم أياً كان.

6- أقترح إعادة صياغة البند السادس كالتالي : تلتزم الدولة بالعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تكفل الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية, وبتأمين التمتع بهذه الحقوق للمواطنين والمقيمين على حد سواء.

7- في البند السابع ” سورية جزء من الوطن العربي ” أقترح حذف هذه الجملة لأنها مثيرة للحساسيات من قبل المكونات السورية الأخرى, نحن نعلم أن سوريا جزء من فضاء إقليمي متنوع فيه دول عربية وهذا يكفي, لا نريد أن نتسبب مجدداً في خلق دولة كانتونات لا متحدة إلا بالهراوة الأمنية والمحاكم الاستثنائية, هذه الجملة ستذكرنا مجدداً بنقص الاندماج الوطني في سوريا, وضعف الانتماء إلى سوريا كدولة, وكردة فعل على ذلك سيبحث كل من الكردي السوري والآشوري السوري والتركماني السوري والأرمني السوري والشركسي السوري… إلخ عن هواهم خارج الحدود, نريد سوريا لكل السوريين, ووطناً لكل السوريين, وعبارات أو جمل من هذا القبيل هي حامل بأفكار ولا وعي عربي يبحث عن أولياته القومية. وكلمة ( التوحد ) في هذا السياق لا مبرر لها ومرفوضة, سوريا ليست بلداً من لون واحد, حتى تمضي قدماً في مشاريع وحدوية, لا يمكننا العزف على أوتار البعث وفنتازياته ومسبقاته النظرية, يهمنا أن تبق سوريا لكل السوريين, ولا شك أنكم تعلمون من خلال قراءة تاريخ سوريا الحديث وتواريخ بلدان أخرى في المنطقة أن القوميات والطوائف والإثنيات تتحسس من موضوعة المشاريع الوحدوية مع دول عربية, الحس التاريخي للأقليات والقوميات هو ضد ذلك, وهذه الفقرة تتنافى مع فقرة أعلاه تتحدث عن احترام ورعاية الدولة السورية لمصالح الشعوب السورية. وعبارة ” تحترم الدولة السورية وتصون التطلّعات الثقافية والاجتماعية لكلّ القوميات الأخرى المكوّنة للشعب السوري من كردٍ وآشوريين وأرمن وشركس وتركمان ” تعني وكأن سوريا ملكية حصرية لقومية واحدة هي القومية العربية, حتى تقوم باحترام وصون تطلعات مكوناتها الأخرى, والجملة الأخيرة لا تورد ( العرب ) وهذا يؤكد وجهة نظرنا, لذا يقتضي النص تعديل العبارة بإدراج كلمة ( العرب ) مع المكونات الأخرى.

8- البند التاسع مشوب بنفاق سياسي أبدي فيه الملاحظة التالية : هذا التعاون الوثيق مع تركيا وإيران هو على الضد من مصلحة الشعب السوري, لا يجب أن نغفل الحساسية التاريخية بين المكون الكردي لسوريا وإيران وتركيا, وهذه المنظومة الإقليمية الوازنة ستكون على الضد من الاندماج السوري والوحدة الوطنية السورية التي نتطلع إليها, هل نعود مجدداً إلى منهج الاتفاقيات الأمنية والتنسيق الأمني بين سوريا وتركيا وإيران, ليتم التضحية بالكورد على مذبح مصالح الدولة السورية الإقليمية, وإذا كان لا بد من انخراط سوري في علاقات متميزة مع هذه البلدين بحكم الواقع الجيو سياسي, على سوريا أن تكون في علاقة ندية وغير تابعة وغير ملحقة ولا تلعب دور الشرطي لمصالح الآخر غير السوري, بناء على ذلك يمكن إدراج فقرة أو إضافة أخرى تشير إلى عدم تضرر المكونات السورية من تلكم الاتفاقيات وأن تكون مضامين ونصوص الاتفاقيات شفافة ومعلنة.

9- البند العاشر يقتضي إعادة صياغته وفق التالي : الفصل الواضح بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية, بما يضمن التوازن بينها واستقلالها وخاصة استقلال القضاء وإدخال اصلاحات جذرية على هذا القطاع.

10- أقترح إضافة ما يلي إلى البند /11/ : ولن يتم ذلك إلا بإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية, وإعادة بنائها على أسس جديدة, عابرة للقوميات والإثنيات والطوائف في سوريا, فالعقلية التي تسيدت الجيش السوري خلال حقبة طويلة تثير المخاوف من انقلاب هذا الجيش على التجربة الديمقراطية القادمة.

11- إضافة ما يلي إلى البند /15/ المتعلق بدور الإدارة المحلية: تشجيع اللامركزية الإدارية وإعطاء البلديات والمجالس المحلية القدر الأقصى من الصلاحيات.

12- اقترح إضافة التالي إلى البند /17/ : اتخاذ الدولة خطوات فردية وجماعية لوضع سياسات إنمائية ملائمة تهدف إلى التحسين المستمر لرفاهية الجميع, فالحق في التنمية حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف, وبموجبه يحق لكل سوري المشاركة والإسهام في تحقيق تنمية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية والتمتع بهذه التنمية, كون الإنسان هو الموضوع الرئيس للتنمية.

13- يمكن إعادة صياغة البند /18/ والأخير أو تعديله مع الأخذ بعين الاعتبار ما يلي : الحق في الضمان الاجتماعي. والعمل في شروط عادلة ومرضية. ولكل شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحق في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه, ويتم ذلك ببناء اقتصاد في خدمة الأغلبية. وهو سيشجع الاستثمار الوطني والأجنبي في إطار احترام المصلحة العليا لسوريا ودور الدولة كفاعل اقتصادي وكمنظم للحياة العامة واحترام الحقوق الاجتماعية للعمال واحترام البيئة . وسيعمل على أن تكون الاداءات واضحة بسيطة الإجراءات وشفافة, مع عدم إغفال الحقّ في نظام تربوي يتميّز بالجودة.

ولما كانت الوثيقة قد توقفت عند البند الثامن عشر وكان واضحاً أنها بحاجة إلى استكمالها ولأن هنالك العديد من النقاط الضرورية تم إغفالها فقد اقترحنا إضافة بنود أو نقاط أخرى إلى المتن. وهي:

• انشاء وتمويل الجمعيات المدنية واعتبارها طرفا أساسيا في الحياة السياسية لا أداة أو عدوا كما هو الحال في النظام الحالي.

• بعث هيكل وطني لمحاربة الفساد، تكون له سلطة البحث والتحقيق والإحالة على العدالة ويكون مستقلا عن السلطة التنفيذية.

• إعادة بناء جو نفساني واجتماعي لا خوف فيه ولا إذلال ويكون فيه الاعتبار الأول للقانون لا للقوة ، للمواطن وليس للسلطة.

• التحريم الكلي والفعلي للتعذيب وكل أشكال العقوبات المهينة والحاطة بالكرامة الإنسانية وفتح السجون ومراكز الشرطة ودور العجز ومستشفيات الأمراض العقلية أمام التفتيش الدوري والمتواصل لمنظمات المجتمع المدني وتغيير نظام السجون المتخلف ووضع السجون تحت رقابة وزارة العدل لا الداخلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى