صفحات سورية

منير الخطيب وكتابته المؤلمة عن العلمانية/ كامل عباس

 

تحت عنوان «مفارقات مؤلمة عن علمانية الدولة السورية»، كتب الكاتب منير الخطيب في «الحياة» في 1/2/2017 ما يلي: «وليس العداء الذي تبديه الفصائل الإسلامية المسلحة وغير المسلحة للمسألة العلمانية، وتسايرها بذلك المعارضات السياسية السورية على اختلاف توجهاتها وأطيافها، في هروبها من العلمانية إلى مصطلح «الدولة المدنية» الملتبس والفضفاض والتلفيقي، والذي يعبر عن بله سياسي، سوى إطالة لأمد المحنة السورية».

وليعذرني الكاتب بقولي إن البله السياسي هو في عقول العلمانيين اليساريين الذين لم يستطيعوا أن يتخلصوا من ماضيهم على رغم كل ما بينته الحياة عما فعلته وتفعله العلمانية عندما تستفرد في الحكم وتحاول إلغاء غير العلمانيين سياسياً.

أنا علماني وقناعتي التامة أن الإنسان أساس الكون، لكن علمانيتي لا تمنعني من أن أقر بأن غير العلمانيين وتحديداً المثاليين والمؤمنين كان ولا يزال لهم دور في النضال من أجل غد أفضل للإنسان يوازي إن لم أقل يتفوق على دور العلمانيين، وإن كان هناك بين المثاليين من استغل ولا يزال يستغل الشعور العفوي للدينيين ويجيره لمصلحته، وهم الذين يعرفون بالمنافقين، فإن هناك من يوازيهم عند العلمانيين المعروفين تاريخياً بـ «مساحي الجوخ» أو «الانتهازيين».

لا، ليس مصطلح الدولة المدنية ملتبساً بل هو واضح وبسيط يريد أن يجمع بين العلمانيين والدينيين لكي يتنافسوا على الأرض كلٌ تبعاً لمنهجه لخدمة الإنسان بدلاً من الاحتراب في ما بينهما، على ما يفعل بعض العلمانيين المتشددين.

فالعلمانية بهذه الطريقة تريد أن تجدد لنا علمانية البعث، على رغم كل نواياها الطيبة، وهي لن تنتج إلا نسخة أخرى غير نسخ أميركا أو روسيا أو أي مكان آخر. إنها نسخة العلمانية الديكتاتورية والأنظمة الشمولية.

فقول الكاتب في نهاية المقال: «فالعلمانية هي حاجة حيوية سورية لبناء الدولة والاجتماع الوطني، وحاجة عربية وإسلامية، وستصبح قريباً مع ترامب وبوتين واليمين الأوروبي حاجة عالمية»، يصح في حالة واحدة هي عندما يتعاون أصحاب هذا الرأي العلماني مع بقية التيارات الفلسفية ومن بينها المؤمنون الذين يفهمون الدين على حقيقته كنصير للإنسان المظلوم في الأرض، أخص بالذكر الدين الإسلامي وعنوانه العريض «السلام عليكم»، وكون رسوله رحمة للعالمين. فالدين الإسلامي يحض معتنقه على العمل السياسي لمصلحة الإنسان. وفي هذا المجال علينا أن نشكر الهيئة العليا للمفاوضات وما فعلته مع الإسلاميين الذين أتت بهم إلى الصف العريض للوطن، لا أن ننحاز إلى ما تحاول أن تسوقه روسيا عن العلمانية. وبالمناسبة فما نشهده من نكوص إلى مرحلة أسوأ من مرحلة الانتداب الفرنسي، كما ذكر المقال بحق، لا يتحمل مسؤوليته البعث العلماني، بل المرحلة الشيوعية التي ابتلينا بها ولا يزال هناك من يدافع عنها.

* كاتب سوري

الحياة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى