صفحات العالم

من يريد جر سوريا إلى مواجهة مع تركيا؟


في موازاة دخول الحل العربي للوضع السوري في مسار آليات التنفيذ العملية بعد موافقة القيادة السورية على الخطة العربية للحل، فإن حراكا دوليا ـ إقليميا من نوع آخر يشي بعدم وجود نيات غربية سليمة تجاه سوريا، بدليل العمل على استغلال المدى الايجابي الذي وصلت اليه التطورات، وفي الوقت نفسه، العمل على سيناريوهات مغايرة، ما يزيد الشكوك في صدقية النيات الغربية، وهل فعلا هناك من يريد الاستقرار لسوريا أم الخراب وصولا الى استنساخ النموذج الليبي الراهن حيث الثورة تتصارع مع الثورة، وأحيانا تبدو الثورة أكثر دموية من الديكتاتور كما حصل مع مقتل معمر القذافي والتشهير بجثته.

ويقول مصدر دبلوماسي عربي لـ«السفير» انه بعد صمت تركي امتد نحو شهر تجاه الاحداث في سوريا، «عادت وتيرة الانتقادات والحملات الاستفزازية لتطل برأسها مجددا وعلى لسان كبار المسؤولين الأتراك، علما ان مسار الحل العربي انطلق مع الموافقة السورية على خريطة الطريق التي اقترحتها الجامعة العربية واللجنة الوزارية العربية برئاسة قطر، والتي جرى التفاوض حول صيغتها النهائية مع الجانب السوري، وهذه العودة التركية لتصعيد اللهجة تجاه سوريا انما تنم عن توجه غربي، بدأت تتوضح معالمه يوما بعد آخر».

ويوضح المصدر «ان ثمة معلومات يجري التدقيق فيها وتفيد بأن تركيا بدأت عمليا تقديم مساعدات مالية وعسكرية ولوجستية للمعارضة السورية بتغطية من جهات خليجية وبطلب أميركي، حيث ترسل الاموال الخليجية الى تركيا التي تقوم بدورها بتوزيعها واستثمارها في بناء منظومة عسكرية وأمنية لأطياف المعارضة السورية على أراضيها».

ويضيف المصدر «ان تركيا بدأت عمليات تدريب للمعارضة السورية في معسكرات مخصصة لذلك على اراضيها، بالقرب من الحدود الجنوبية، تمهيدا لإنشاء منطقة عازلة داخل الاراضي السورية أيا كان حجمها ومساحتها، فالسيناريو الذي سيعتمد يبدأ بالتركيز المتواصل على مزاعم عن ارتكاب النظام السوري جرائم ضد الانسـانية، ويــترافق ذلك مع دعوات مكثفة للتدخل الاجنبي عبر فرض حماية جوية ومنطقة حظر جوي فوق سوريا».

ويكشف المصدر «ان الخطة الاساسية تقوم على توغل قوات تركية داخل الاراضي السورية قرب الحدود بين البلدين بهدف جر القيادة السورية الى اتخاذ قرار بإرسال وحدات من جيشها للتصدي لهذا الاعتداء على الاراضي السورية، ما يتيح لتركيا بالاستناد الى اتفاقية إنشاء الحلف الاطلسي، الاستنجاد بالحلف بحكم عضويتها فيه، وأحد بنود اتفاقية إنشائه تنص على التدخل إذا طلبت احدى الدول الاعضاء ذلك، وما نفي الحلف لذلك حاليا إلا عملية صرف للانظار عن هذا السيناريو».

ويشير المصدر الى انه «في موازاة ذلك تقوم المعارضة السورية باستهداف مواقع للجيش السوري والمخابرات العسكرية بالتزامن مع خروج تظاهرات تطالب بتدخل الحلف الاطلسي مستفيدة من بنود الاتفاق الذي أقر في الجامعة العربية لحل الازمة السورية والذي ينص على سحب الجيش من المدن ووقف العنف وإنهاء المظاهر المسلحة».

ويلفت المصدر الانتباه إلى أن «التوقعات حسب السيناريو المعتمد، ان تكون الحرب طويلة، ذلك أن ثمة اتفاقا أميركياً ـ تركياً بإفقاد سوريا أوراق قوتها الإقليمية وبالتالي موقعها ودورها كقوة إقليمية فاعلة في المنطقة».

وأكد المصدر أن ما يمكن أن يعوق سيناريو كهذا، هو أكثر من عنصر ولكن لا بد من الأخذ في الحسبان دور المستوى الأمني والعسكري التركي، الذي لا تزال قنواته مفتوحة حتى الآن، مع القيادة السورية، السياسية منها والعسكرية، وهناك شخصيات عربية ولبنانية التقت مسؤولين سوريين ولمست لهجة إيجابية في الحديث عن دور الجيش التركي وكذلك المخابرات التركية، حيث تزداد ملاحظات المستوى الأمني على أداء القيادة السياسية وتحديدا وزير الخارجية داود أوغلو».

وختم المصدر بالقول ان الأتراك سمعوا من الايرانيين ومن غيرهم كلاما واضحا بأن أية محاولة لاستدراج سوريا الى مواجهة عسكرية تحت عنوان إنساني أو أي عنوان كان، لن تقتصر على سوريا بل ستؤدي الى مواجهة إقليمية كبرى، وهو الأمر الذي لمّح اليه صراحة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في مقابلته الأخيرة مع «المنار».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى