صفحات سوريةعلي العبدالله

موسكو1.. طبخة حصى/ علي العبدالله

 

 

بعد زيارة الى موسكو يومي 7 و 8 الجاري قام بها وفد من المعارضين السوريين برئاسة السيد أحمد معاذ الخطيب ومشاركة السادة نزار لحراكي وحسام الحافظ ومحمد الحاج علي ونور خلوف، انتشرت اخبار عن مبادرة روسية لحل الصراع في سوريا تقوم على جمع النظام وقسم من المعارضة في مؤتمر في موسكو يناقش الوضع الراهن والحل السياسي بالاستناد الى إعلان جنيف1.

وقد عكست اسماء الشخصيات المعارضة التي ستدعى الى مؤتمر موسكو1 توجه روسيا الى دعوة المعارضة المقبولة منها حيث ضمت القائمة السادة أحمد معاذ الخطيب، الرئيس الاسبق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وقدري جميل، رئيس حزب الإرادة الشعبية والنائب السابق لرئيس مجلس الوزراء السوري، بالإضافة إلى هيئة التنسيق الوطنية في سوريا وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وعدد من “الخارجين من الائتلاف”. وان جدول اعمال المؤتمر يستند الى القراءة الروسية لإعلان جنيف1 حيث نقلت “الاخبار” و”الميادين” ان النقاش سيدور حول قيام حكومة انتقالية سورية، بصلاحيات واسعة، لكن مع بقاء سلطة الرئيس السوري بشار الأسد على الجيش والمؤسسات الأمنية. وستضم الحكومة ممثلين عن النظام وشخصيات معارِضة، كالخطيب وجميل، على أن تتولى رئاستها شخصية “غير مستفزة”. وسيكون من مهمات الحكومة تأليف هيئة تأسيسية (إما انتخاباً أو تعييناً) تتولى تعديل الدستور السوري تعديلاً جذرياً. وبعد نحو سنتين من تأليف الحكومة الانتقالية، ستُجرى انتخابات برلمانية، ثم انتخابات رئاسية يمكن للرئيس الأسد الترشح إليها.

تكمن نقطة ضعف مبادرة موسكو الرئيسة في كونها جاءت في سياق المواجهة المحتدمة مع الغرب بعامة والولايات المتحدة بخاصة حيث تصاعدت حملات النقد المتبادل واستعراض العضلات بتحليق طائرات الطرفين في اجواء قريبة من حدود الطرف الآخر، الغربية فوق البلطيق والروسية فوق المحيط الاطلسي وبالقرب من الحدود البرتغالية والامريكية، وتذكير بوتين للغرب ان روسيا دولة نووية وان لا أحد يستطيع العبث معها، وردا على عزلها دوليا واستبعادها من التحالف الدولي لمواجهة داعش، وتأكيداً على حضورها في الاقليم وقدرتها على لعب دور في الصراع السوري واعاقة الخطط الامريكية فيه. واطلاق تسمية موسكو1 على المؤتمر واعتباره بديلا لجنيف3 يؤشر الى طبيعة الخطوة واهدافها وموقعها في المواجهة مع الغرب، ما قاد الى ولادتها ميتة، لان الغرب لن يقبل المشاركة في عمل سياسي تقوده موسكو، والائتلاف والدول المؤيدة له لن تتعاطى معها بإيجابية، وبالتالي لن تشكل فرصة للحل. واما ثانية نقاط الضعف فمرتبطة في كونها مبادرة روسية نظرا لدور روسيا في الصراع ودعمها الكبير للنظام بدءا من تبنيها قراءته للصراع واتهامها المعارضة بالإرهاب وصولا الى حمايتها له سياسيا(استخدمت ثلاثة فيتوات لذلك) ودعمه بالأسلحة والمال، ناهيك عن اختيارها لأطراف من المعارضة وتجاهلها، ان لم يكن رفضها، للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، الذي تعتبره اطراف عربية واقليمية ودولية ممثلا شرعيا للشعب السوري، ما يضعها في الموقف الذي سبق وعابت واشنطن عليه عندما لم تُشرك كل المعارضة في مفاوضات جنيف2.

تكاد فرصة اقلاع المبادرة تكون معدومة لاعتبارات تتعلق بانحيازها الواضح الى النظام عبر الزام الطرف الآخر بقبول قراءتها لإعلان جنيف1 التي تنسجم مع توجهات النظام وقراءته له، وتتناقض مع قراءة المعارضة والدول المؤيدة لها، وخاصة حول نقاط تتعلق بالمرحلة الانتقالية مثل دور رئيس النظام ووضع الجيش والامن والانتخابات الرئاسية. وهذا لا يتعارض مع موقف المعارضة والدول المؤيدة لها فقط بل ويحدد مستقبل المبادرة، حيث كانت هذه النقاط سبب فشل مؤتمر جنيف2، ويعيد القضية الى المربع الأول، ناهيك عن ان استبعادها للائتلاف سيحد من قيمة أي اتفاق، ان حصل، لأنه لن يتمتع بإجماع المعارضة ويُبقي الصراع مفتوحا.

لا يكمن انعدام فرص نجاح المبادرة في الجوانب المذكورة اعلاه فقط بل وفي منطلقها الرئيس الكامن في تجاهلها لجذر الصراع: ثورة شعبية ضد النظام، وتصورها للحل ونتائجه بمعزل عنه، وسعيها لحل على خلفية اعتبار الصراع نزاعا على السلطة تارة وحربا على الارهاب تارة اخرى، وانعكاس ذلك على فرص نجاحها وعلى مستقبل سوريا الدولة والشعب.

كان على موسكو لو كانت جادة في البحث عن حل سياسي جمع المعارضة قبل طرح المبادرة ومساعدتها على الاتفاق على تصور موحد وصياغة مبادرتها في ضوء مواقف طرفي الصراع واعتماد الحيادية والتوازن فيها

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى