صفحات الحوار

ميشيل كيلو: إذا فشل جنيف فستدخل سوريا في حرب مذهبية واسعة النطاق

منذ بداية الانتفاضة الشعبية في سوريا تحاول القوى المدنية الديمقراطية، عبر تجارب مختلفة، لم صفوفها، في صيغة ما، متوخّية فاعلية أكبر في مواجهة النظام الاستبدادي من جهة والقوى الأصولية من جهة أخرى. آخر هذه المحاولات، كانت تشكيل “اتحاد الديمقراطيين السوريين”، الذي كلّف السياسي المعارض ميشيل كيلو بأمانته العامة. “روسيا ما وراء العناوين” حاورت السيد كيلو، وفيما يلي نص الحوار.

على مدى عامين ونصف، عهدنا ولادة تشكيلات سياسية مختلفة في سوريا، فيما الوضع إلى أسوأ، فما الفرق بين اتحاد الديمقراطيين السوريين الذي كلّفتم بأمانته العامة والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة؟

“اتحاد الديمقراطيين السوريين”، هويته في اسمه، بينما الائتلاف هو لقوى الثورة والمعارضة السياسية.  يعتقد ” الاتحاد” أن هناك كتلة كبيرة جدا في المجتمع السوري خيارها الديمقراطية، وأنه لا يوجد اليوم أي تعبير حقيقي عنها، لأن القوى الديمقراطية مبعثرة وضعيفة ومتنافسة أو متصارعة. طموحنا في “الاتحاد ” يتركز على توحيد هذه القوى كي تكون المعادل الموضوعي للكتلة الديمقراطية الشعبية، الصامتة اليوم، لكنها يجب أن تكون  ضامن تطور سوريا الحرة المقبل والقوة المؤثرة فيه، لكبح جماح التطرف، من أي نوع كان، وخاصة التطرف الأصولي والمذهبي، وإيصال الديمقراطيين إلى موقع القرار، أو إلى التأثير بصورة فاعلة فيه، فنستعيد رهانات ثورة الحرية وننقذها من السقوط بين أيدي الأصولية أو النظام الاستبدادي القائم، ولا تضيع تضحيات الشعب السوري التي طمرت تحت ركام من الصراعات العربية والإقليمية والدولية. بالمقابل، فإن الائتلاف مكون من قوى سياسية متنوعة لا تقتصر على الديمقراطيين، وقد أعلن أنه سيحل نفسه بمجرد أن تتشكل حكومة انتقالية في دمشق، بعد انتصار الثورة، عندها سيبدأ عمل الاتحاد الحقيقي.

وعلى من يعتمد الاتحاد؟

يعتمد الاتحاد داخل سوريا وخارجها على الديمقراطيين، الذين يعتقد أنهم يمثلون أغلبية شعبية حقيقية في المجتمع السوري، وأنهم موجودون في معظم تنظيمات الجيش الحر ومقاتليه، وفي أغلبية من انشقوا عن النظام، وفي تلك القطاعات الكبيرة جدا من المسلمين الذين نزلوا إلى الشوارع مطالبين بالحرية، ولم يرفعوا أي شعار أو يافطة إسلامية قرابة سبعة أشهر، وما زال معظمهم  مخلصا للحرية والديمقراطية، يتطلع إلى من يجمع تنظيماتها ويوحدها ويضعها على رأس الحراك الثوري، المقاوم والمدني. ليس الاتحاد تنظيما بديلا للحركات والمنظمات الديمقراطية الأخرى، إنما هو يدعوها الى الوحدة ويعتمد عليها أيضا. يوجد اليوم  14 تنظيما منها داخل صفوفه، أو يعمل بالتنسيق معه، كما انضمت تنسيقيات ومجالس محلية كثيرة إليه، ووجد ضالته فيه قطاع واسع من مجتمع الثورة المدني، وكذلك من الوحدات العسكرية ذات الخيار الديمقراطي.

ما موقف الاتحاد من سياسة روسيا في الصراع السوري، وماذا تنتظرون من موسكو؟

كانت روسيا جزءا من تراث السوريين الوطني، فقد كان لها أعظم الأدوار في حفظ استقلالنا ومساعدتنا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والدفاع عن أنفسنا. واليوم، تتخذ روسيا موقفا غير مفهوم، فهي لا ترى من الدولة السورية غير النظام، وتتجاهل  الشعب ومطالبه بالحرية، وتتبنى وجهة نظر السلطة القائمة حول الطابع الأصولي والمذهبي للثورة والمعارضة، مع أن ديبلوماسييها في دمشق يعلمون الحقيقة، ويعرفون أن المعارضة السورية لم تكن إلا ديمقراطية بين سنوات 1982 و2011 ، وأن الأصولية لم تظهر إلا في فترة لاحقة ومتأخرة من الحراك الشعبي ضد النظام، وأنها ظهرت بجهود إقليمية وعربية وغربية أسهم النظام فيها بقسط وافر. هذا الموقف الروسي، حاولنا تغييره خلال زيارات قمنا بها إلى موسكو، حيث قدمنا صورة اعتقدنا أنها واقعية عن طبيعة الحراك الشعبي، وطلبنا أن تكون روسيا ضامن استقلالنا وحليفتنا، فنحن لا نثق بأننا سنحافظ على استقلال بلادنا إن كنا حلفاء للغرب عامة ولأميركا خاصة. نأمل كديمقراطيين أن تتغير نظرة روسيا إلى المعضلة السورية، وأن تصير أكثر انصافا وموضوعية.

وماذا بشأن موقفكم من “جنيف-2″؟

من حيث المبدأ نحن نؤيد مؤتمر جنيف والمشاركة فيه، ونعتقد أن انعقاده سيصبح حتميا في حال تم الاتفاق مع إيران وسلّمت بمطالب وكالة الطاقة الدولية، بعد أن سلم النظام في دمشق سلاحه الكيمياوي المطلوب إسرائيليا قبل كل شيء، وتحقق الهدفان اللذان أرادت أميركا تحقيقهما من خلال إدارة الأزمة السورية. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: هل قررت القوى المتصارعة إنهاء النزاع الدائر بينها على الأرض السورية؟ وهل تريد حل مشكلة الشعب السوري مع نظامه؟ يعتقد ” الاتحاد ” أنه إذا لم تحل هذه المشكلة فإن جنيف سيفشل وسوريا ستدخل في حرب مذهبية سنية/شيعية واسعة النطاق لا يعرف أحد متى تنتهي.

هل يجد السوريون لديك ما يبدد مخاوفهم من جبهة النصرة وداعش وأشباههما بعد سقوط النظام، في حال سقط؟

كنا نعتقد أن سوريا ذاهبة حتما الى نظام ديمقراطي بعد سقوط النظام. اليوم، لم تعد هذه القناعة موجودة، بعد الانزياح الذي حدث في الصراع، وحوّله أكثر فأكثر إلى صراع قطبه الأول النظام الاستبدادي القائم، وقطبه الثاني التنظيمات الأصولية والجهادية المرتبطة به، أو  بالقاعدة. نحن في “اتحاد الديمقراطيين السوريين ” نناضل لإبقاء الكتلة الديمقراطية المجتمعية والمنظمة طرفا في الصراع على مصير وطننا وشعبنا، ونعمل على تعبئة قوى مدنية مقاومة وسياسية في كل مكان من بلادنا، لأننا لا نريد لها أن تخرج من نظام همجي لتسقط تحت نظام أشد همجية وتوحشا، يذبح الناس اليوم على الهوية، ويقتل الأبرياء بالجملة في كل مكان. ومع أن كثيرين يرون أن الاصولية لا مستقبل لها في سوريا، فإن “الاتحاد” يؤمن أن هذا سيكون صحيحا بقدر ما نقوم بكل ما هو ضروري وصحيح لعزلها عن الشعب ولتعبئة قوى قادرة على كبح جماحها وتحديها بل والقضاء عليها، كي لا تدخل بلادنا في حرب ستكون نهايتها أشد تدميرا من أي شيء سبق أن عرفناه، إذا كان المستقبل لداعش ، فهذا له معنى وحيد هو أن سوريا ستغرق في ظلمات فكر تدميري وممارسات تكفيرية، وستكون بلادا لا مستقبل لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى