ابراهيم حميديصفحات سورية

ميليشيات أفغانية وترسانة إيرانية وشرطة روسية رافقت المهجرين السوريين إلى «الهلال التركي»/ ابراهيم حميدي

 

 

«التغريبة» التي عاشها حوالى ألفي شخص خلال 12 ساعة من حي الوعر في حمص مروراً بـ «وادي العذاب» شرق حلب إلى ريف جرابلس، تختصر المأساة السورية في الوقت الراهن: شرطة عسكرية روسية رافقت المهجرين وحرص عناصرها الشيشان على أداء الصلاة لمرات متكررة كلما تعطلت إحدى الحافلات أو لدى التوقف عند أحد حواجز الميليشيات الأفغانية قرب ترسانة عسكرية إيرانية… حتى الوصول مخيمات يدعمها «الهلال التركي» ضمن منطقة «درع الفرات».

والشيء المشترك على جانبي الطرق الترابية والسريعة التي سلكتها 40 حافلة من حمص إلى السلمية ثم إثريا- خناصر وصولاً إلى تادف قرب مدينة الباب أو مخيمات جرابلس، هو الدمار وغياب اثر الحياة والبشر… ومعارك بين القوات النظامية و «داعش»، وضعت فريق الوسطاء وسط تبادل إطلاق النار في طريق عودته إلى حمص لنقل الدفعة الثانية من مهجري الوعر بموجب اتفاق رعته موسكو بين القوات النظامية والمعارضين في الوعر.

ظهر السبت، خرجت 400 عائلة تضم حوالى 2000 شخص معظمهم من النساء والأطفال والجرحى ممن يحتاجون إلى علاجٍ فوريّ، وضمت نحو 300 عنصر من فصائل المعارضة، على أن تخرج دفعات أخرى إلى إدلب وريف حمص بموجب «تسوية» تضمن خروج حوالى 15 ألف شخص من آخر معاقل المعارضة في حمص، التي سميت بـ «عاصمة الثورة».

وبعث أحد مرافقي المهجرين إلى «الحياة» انطباعات فقط لما رأه على الطريق و «ليس ما شعرت به، لان شعور القهر لا يمكن وصفه». وأضاف: «فجر السبت بدأ تجمع الناس في ساحة وسط حي الوعر للتأكد من سجلاتهم أمام ضباط روس ومدرعة عسكرية كتب عليها باللغتين العربية والروسية «شرطة عسكرية»، قرب ضباط من فرعَي الاستخبارات العسكرية والعامة السوريَّين. وكان هناك حرص على التفتيش الدقيق والبطيء للناس لتصويرهم من وسائل الإعلام».

وما أن تحركت الحافلات بعد ظهر السبت، حتى تعطلت إحداها قبل أن يصلحها عناصر «الهلال الأحمر السوري». وأضاف: «توجهنا من تحويلة مصياف إلى طريق حماة ثم إلى خلف السجن المركزي. وفي شارع الستين كانت البيوت مهدمة من الطرفين بسبب اشتباكات حصلت قبل سنتين ونصف السنة لدى محاولة المعارضة فك الحصار على الوعر. المنطقة فارغة تماماً. دخلنا في حي دير بعلبة، حيث الدمار على يسار الطريق ويمينه. حاولنا رؤية السكان، حاولنا تلمس بعض الضوء، كانت الساعة الخامسة لكن لا أضواء في المنازل تدل على الحركة… لكن كل عشرين متراً هناك حاجز للجيش النظامي أو الأمن مع وجود وحدات عسكرية».

تكرر المشهد ذاته لدى التوجه إلى طريق سلمية في ريف حماة، حيث «لا نرى مدنيين، هناك فقط عسكر. ليس هناك شيء يدل على أن القرى مسكونة، حتى قرية الجابرية التي أعرفها جيداً وكانت تعج بالحياة قبل الثورة، لم أر فيها مؤشرات إلى الحياة، بل رأينا أرتالاً عسكرية. لا أعرف أن «داعش» جاء إلى هذه المناطق، لكن شاهدت المزارع مهدمة على طريق المشرفة- السلمية».

وقرب مدينة السلمية، زادت القافلة، التي تضم 40 حافلة تتقدمها سيارة أمنية سورية وتحميها مدرعة روسية في آخر الموكب، سرعة السير إلى 60 كيلومتراً، لكن تعطلت ثلاث حافلات واضطرت الورش إلى إصلاح بعضها أو تبديل الركاب، بل إزالة سواتر ترابية بوسائل بدائية. وقال: «وصلنا إلى السلمية وتعطلت سيارة للأمن السوري، فجاء ضابط استخبارات إلى سيارتنا… وبعد ربع ساعة أوقفنا حاجز قال الضابط إنه لأفغان» تابعين لإيران. وأشار آخر إلى أنهم أوقفوا سيارة سورية، فتدخل الروس، لكن المشكلة كانت عدم وجود لغة للتواصل وضرورة اللجوء إلى ترجمة ركيكة.

خلال التوقف، بحسب شهادة الراوي، اندلعت اشتباكات، فقال ضابط روسي إنها بين «داعش» والقوات النظامية في منطقة تقع بين السلمية وإثريا، حيث وجدت سيارات القافلة نفسها وسط تبادل النار لمسافة حوالى ألفي متر وتم فقدان الاتصال مع إحدى الحافلات التي أصيبت جراء إطلاق النار.

«إثريا يفترض أنها مدينة كان فيها قبل الثورة 20 ألفاً، لكن لم نجد فيها أي إنسان»، بحسب الراوي. ونقل عن الضابط المرافق لدى رؤية ترسانة عسكرية: «إنهم إيرانيون، هم المسؤولون عن المنطقة، فيها نقاط لتجمع الجيش الرديف. وكان أفغان وإيرانيون ومن «حزب الله» والشباب لاحظوا أعلاما صفراء على حاجز قريب».

استطراداً على بعد عشرات الكيلومترات، هناك آلاف العناصر الذين يقاتلون ضمن «الجيش الإسلامي التركستاني» من أويغور الصين، مع فصائل إسلامية معارضة جنوب غربي حلب وفي ريف حماة. وهناك أيضاً شرق هذه الطريق آلاف من العناصر الأجانب الذي يقاتلون مع «داعش» ويتمركزون في الرقة معقل التنظيم في سورية.

وبعد رحلة طويلة من العذاب التي لم تخل من الاستعانة بطلقات ضوئية من الجيش الروسي لإنارة الطريق بين السواتر الترابية مع حلول الظلام، وصل المهجرون إلى المنفى داخل البلاد. بعضهم استقر في تادف قرب مدينة الباب، فيما ذهب آخرون إلى مخيمات جهزت على عجل بدعم من «الهلال الأحمر» التركي أو المجلس المحلي لجرابلس، ضمن مناطق سيطرة فصائل «درع الفرات» شمال حلب، الذي يدعمها الجيش التركي.

أوصل الوسطاء الدفعة الأولى وركبوا طريق العودة إلى الوعر لنقل بقية المهجرين، لكن المفاجأة أنهم وقعوا مرة أخرى بين تقاطع نيران ثقيلة جراء معارك بين القوات النظامية و «داعش» بين إثريا وخناصر. وقال الراوي: «هناك منطقة وادي العذاب سيطر عليها «داعش» أمس… ونحن عالقون بانتظار النجاة للعودة إلى الوعر».

الحياة

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى