صفحات الناسوليد بركسية

“ميليشيا” السورية.. والحوار عبر الكوميديا/ وليد بركسية

 

 

“ميليشيا” اسم السلسلة الجديدة التي أطلقها فريق “سيريان سلبينا” الساخر في “يوتيوب” أخيراً، وتحفل بدرجة عالية من الكوميديا السوداء والسخرية القاسية من الواقع السوري المعاصر، بمقدار العنف الذي يتبادر إلى الأذهان لأول وهلة عند سماع العنوان الغريب.

و”سيريان سلبينا”، هو أحد أبرز المشاريع الفنية النقدية الساخرة وأكثرها رواجاً في سوريا، ويحظى بمتابعة بأكثر من 380 ألف شخصاً عبر صفحته الرسمية في “فايسبوك”. وانطلق قبل عام واحد من فكرة أساسية مفادها “بأي كاميرا وبأي امكانيات وشو ما كانت الفكرة وشو ما كنت حابب تقول ما عليك غير تصور وتعبر”.

بأسلوب السلاسل المتتالية، على شاكلة برامج “يوتيوب” العربية، تسخر “ميليشيا” من حياة الشباب السوري المعاصرة بكافة تجلياتها. فالناحية الإنسانية تبرز في قصة “شنططة” والنواحي الاجتماعية والاستغلال المتبادل للمواطن السوري من قبل السوريين والأتراك على حد سواء تبرز في قصة “ابن البلد”، وحلم اللجوء الأوروبي يتبخر بقسوة وهزلية شديدة في “كل الطرق لا تؤدي إلى روما”، ويلاحظ التركيز على حياة السوريين في تركيا بدرجة أكبر في سكيتشات السلسلة الجديدة.

ولم يمنع البعد الاجتماعي للسلسلة من إحضار السياسة بقوة في العمل، لتشكل خلفيّة لكافة الأحداث أو منطلقاً للكوميديا السوداء، وهو ما يجعل السلسلة أكثر نجاحاً بابتعادها كفن مجرد عن البروباغندا. ويؤكد المشرف على الموقع ثائر جلال والي لـ”المدن”: “نحن نركز على جميع القضايا بما فيها السياسية لكننا نطرح المواضيع من زاوية مختلفة. يتهمنا البعض بالانحياز بسبب علمهم المسبق أن فريق سلبينا معارض للنظام السوري، لكننا نحاول أن نصور كل ما يعيشه السوريون في الداخل والخارج”.

ويعمل الفريق على فتح قنوات حوار بين جميع أطياف الشباب السوري عن طريق الكوميديا “ولو أنها مهمة صعبة في ظل الظروف والحرب الدائرة في سوريا”. ويؤكد والي “اننا نعتقد أنه ليس خطأ أن نبدأ طرح فكرة الحوار والنقد في وقت مبكر لأننا نؤمن بأن حرية التعبير أحد أهم مكتسبات الثورة التي نستطيع ان نمارسها في الوقت الحالي”.

يتألف فريق “سلبينا نيوز” حالياً من 6 ممثلين أساسين، ومصمم أنيمايشن ومونتاج، فيما يقوم صانع الأفلام المحترف سلمة عبدو بتنفيذ بعض حلقات “ميليشا” الأسبوعي الذي يعرض بانتظام كل خميس.

انطلق المشروع دون تخطيط مسبق على يد صاحبه ثائر جلال والي عندما نشر مقطع فيديو له ينتقد فيه أحد الصحافيين السوريين بطريقة ساخرة. وبناء على ردود الأفعال الواسعة التي حصدها، زاد من نشاطه في هذا المجال، قبل أن يبدأ التعاون مع الكاتب صهيب الزين لإنتاج أول برنامج سياسي ساخر لهما بعنوان “بسيطة” الذي توقف لأسباب إنتاجية. ومع تأسيس صفحة “سلبينا نيوز” في “فايسبوك”، تحولت الفكرة إلى مشروع شديد التفاعل مع الجمهور، كما يوضح المشرف على الموقع وصاحب المشروع ثائر جلال والي في حديثه لـ “المدن”. ويضيف: “طلبت من جميع المتابعين أن يصوروا مقاطع ويتكلموا فيها عن مسائل كوميدية او اجتماعية معاصرة وإرسالها لي لنشرها، تفاجأت بكمية الرسائل والمقاطع التي أصبحت تصلني، وأملك اليوم بعد إنشاء الصفحة بثمانية أشهر قرابة 11 ألف مقطع فيديو يتم فحصهم لنشر ما هو ملائم منها”.

اختار المشروع الكوميديا السوداء والخوض في الجدليات التي يعيشها الشعب السوري اليوم والتي ابتعد عنها صناع الدراما الكبار ونجوم الفن السوري أصحاب النجومية والخبرة لأسباب سياسية وإنتاجية. يصور “ميليشيا” “إسكتشات لقصص نسمعها من شباب سوريين في الداخل والمهجر وبعض القصص التي حصلت معنا شخصياً”، كما يقول والي، مشيراً الى أن “هذا ما يجعلها واقعية وقريبة من الشباب السوري وساهم بنشرها وشهرتها في زمن نوعي مقارنة بأعمال يقوم بها الكثيرون”.

باستثناء الشتم والتهديدات من “جميع التيارات وخصوصاً موالو داعش”، تبقى الصعوبات المادية أبرز ما يقف في طريق المشروع واستمراريته، وسط تأكيدات بـ”اننا لا نتلقى اي دعم من أي جهة وهذا الشيء واضح بالفقر التقني الذي نعاني منه ما يجعلنا نركز على السيناريو والفكرة كي تنال الحلقات إعجاب المشاهدين”.

يحاول البرنامج إيصال الكثير من الرسائل السياسية والفكرية إلى جمهوره بينها تعزيز الحوار بين الشباب السوري من جميع الأطياف والإتجاهات، وتكريس حق الشعوب بنقد الدول والحكومات، إضافة الى وجوب “ألا نخوّن في وطنيتنا أو سوريتنا في حال انتقدنا النظام السوري كما لا نعتبر تكفيريين في حال انتقدنا داعش والتطرف بشكل عام”، يختم والي.

المدن

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى