صفحات العالم

مَنْ يلعب بورقة الجهاديين في سوريا؟

فاتح عبدالسلام

بات واضحاً أنّ ورقة الجهاديين تتحرك بأيدي دولية في سوريا. فقد جرى تسليط الضوء عليها في أوج تقدم المعارضة المسلحة في السيطرة على أراضي وبلدات بالمصاحبة مع أوج عمليات القتل الكبرى التي طالت المدنيين في قرى وبلدات بعيدة عن العاصمة. ومَنْ يستطيع أن ينسى كيف كان الجهاديون يحجون إلى مراكز الاستخبارات الأمريكية في أفغانستان لمحاربة الغزو السوفييتي لقلب آسيا.

المقصود بالجهاديين هو جميع الوافدين العرب والمسلمين الى سوريا للقتال ضد نظامها الحاكم بدعوى إنه يقاتل الأغلبية السنية وانه مؤيد من إيران وحزب اللّه، في استقطاب طائفي وليس سياسياً كما يفعل الجانب الآخر.

انقسام الفصائل المقاتلة وشرذمة المعارضة السياسية في الداخل والخارج والأهواء الدولية لعبت كلها في ترك ورقة الجهاديين معتمة من دون أن يتقدم الجيش الحر أو التشكيلات المسلحة الأخرى المعارضة لكشف حقيقة وجودهم بين صفوفهم ومدى حجمهم في ميزان ثقل الثورة السورية المعرضة لشتى أنواع الهجمات من الذين يحسبون عليها أكثر من النظام المناوئ لها.

هل يحتاج الجيش الحر مقاتلين بالعشرات وحتى لو بالمئات من دول عربية وإسلامية لا أحد يعلم كيف جرى تجنيدهم وأي الدوائر الاستخبارية الدولية تقف وراءهم.

أهي سذاجة أم لامبالاة أم جهل أن يتدفق مقاتلون عرب إلى سوريا عبر حدود معروفة من دون أن يكون لدول معينة تشتهر بمكافحة الأصولية السيطرة والرصد على تحركاتهم وتسللّهم؟

تقارير سابقة قالت إن الجهاديين العرب يعرفون سوريا أكثر من سواها ولا يحتاجون إلى وسيط للتسلل، فهم إمّا كانوا على أراضيها يستعدون للتسلل إلى العراق كسابق عهدهم طوال سنوات فأحجموا عن ذلك وغيّروا بوصلة القتال أو إنهم يأتون إلى أرض كانت معبراً دائماً لهم نحو العراق أيام احتلاله الأمريكي.

جميع الجهاديين العرب لا يعادلون رجلاً سورياً واحداً خرج للقتال دفاعاً عن بيته وعرضه ومستقبل أطفاله، حيث ثمة شيء مرئي ينزف أمامه في كل لحظة. أمّا الجهاديون وهم من مشارب شتى ولا يحملون فكراً واحداً ولا يمكن أن يحسبوا جميعهم على القاعدة أو حركات سلفية محددة فإنما يقاتلون من أجل استزراع أرض تنبت زرعهم الذي لم يعد له ساحة ينمو فيها أينما ذهبوا، وثمّة فرصة في سوريا في ظل تراخي الجيش الحر والفصائل المعارضة عن غلق ملفهم ومواجهة الأمريكان وسواهم من نافخي الأبواق والقرب الفارغة بأنَّ الجهاديين عنوان مؤقت يصاحب التحولات الكبرى في حياة العرب ويمكن ضرب أي طرف بهم ساعة تشاء هذه القوة أو تلك.

الزمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى