صفحات العالم

مَن هبّ ودبّ


سناء الجاك

في ردّه على نائب من مجلس الشعب السوري يتغنى بديموقراطية نظامه، قال المعارض لؤي حسين إن تلفزيون بلاده يستقبل مَن هبّ ودبّ من اللبنانيين الموالين لبشار الاسد ويمتنع عن استضافة أيّ سوري معارض. “مَن هبّ ودبّ” دفاعاً عن النظام السوري ضد ثورة الشعب، أكثر من الهمّ على القلب في لبنان. يكفي استعراض الآراء التي تغزو تلفزيونات النظام الأسدي عندنا حتى نكتشف العجائب.

ما رأيكم، دام عزّكم، بأحد الذين هبّوا ودبّوا، عندما انبرى يهدد بفرض حظر جوي سوري على منطقة شرق المتوسط وعلى مناطق اخرى، قائلاً انه اذا كان الاخ الصغير “حزب الله” قد انتصر على اسرائيل، فكيف هي الحال بالأخ الكبير اي سوريا (المحتل جولانها منذ 1967 ومن دون طلقة رصاص)، ليتابع أن “تهديد الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله اسرائيل بفرض حظر بحري على اسرائيل واقعي، وقد يستكمل عند الضرورة بفرض سوري لحظر بحري على شرق المتوسط، وستكون هناك مناطق قتل كثيرة في المنطقة”.

آخر مَن هبّوا ودبّوا، يرى اننا امام مرحلة جديدة دخلتها المنطقة وليس الازمة السورية، ويؤكد ان لديه عوامل حقيقية في هذا التطور تجعله مطمئناً. على ماذا؟! فكِّر واربح. أما الأخفّ ظلاًّ ممّن يهبّون ويدبّون، فهو الذي يحدد مواعيد ثابتة لانتهاء الأزمة وانتصار النظام السوري على المؤامرة الكبرى، والتي أين منها مؤامرة صلب السيد المسيح او ظهور أعور الدجال. و”اسألوني الثلثاء المقبل عن الموضوع. واذا لم تظبط الثلثاء اسألوني في سحب اللوتو المقبل”، وذلك على اعتبار ان ما يحدث في سوريا لا يتجاوز مشكلة فردية بين زاروبين يتولى الجيش فضّها بالاسلحة الثقيلة والطائرات الحربية.

مع الهَبّ والدَبّ، نكتشف ان هناك من يصنّف نفسه “العرب” وغيره “مستعرباً بالمنطوق الاسرائيلي” ولا خير فيه، او يهدد المسيحيين بالمسلمين وينادي بتكتل الاقليات ومعهم اليهود في مواجهة هذا الاسلام، ثم يهاجم الثوار المرتزقة للأجندة الاميركية والاسرائيلية والمسيئين للاسلام. عجبي!.

اما قمة ذلك فعندما يتنطح عبقري صاحب مركز دراسات على وزن “هات يدك والحقني” فيؤكد ان “سوريا ستنتصر على المؤامرة الأجنبية لأن شعبها ربح حرب العقول على الآلات العملاقة التي جنِّدت لتخريبها”. ويضيف في لحظة انجذاب صوفية ان “شخص الرئيس يختصر في وجدان السوريين كل معاني الإصلاح والاستقرار والاستقلال وصدقية الطرح الإصلاحي”. اما “أذكى” مَن هبّوا ودبّوا، فذاك الذي اطل على الهواء ليكشف معلومات خطيرة مفادها ان “الادارة الاميركية وبعدما تورطت مع نظام الاسد عادت تستغفره وتتوسله تغطية التمديد لقواتها في العراق مقابل ترتيب الاميركيين مع الاسد اعداد لائحة بالاسلحة التي يرغب بوصولها الى حزب الله”. “الأذكى” منه من قال قبل سبعة اشهر: “إنّ ما حصل في سوريا خلال الأيام الماضية أوشك على الانتهاء وسينتهي خلال 15 إلى 20 أيار المقبل” مؤكداً أن “العصب الذي اعتمد عليه المخرّبون قد انتهى ومات، ولم يتبق أمام المخربين سوى أيام قليلة حتى يتم انهاء تخريبهم”.

لكن التوقيت لم يصدق مع هؤلاء المنجمين، فالقصة ما خلصت كما قالوا وكرروا، ولن تخلص الا وفق ارادة الشعب الرافض للظلم والقتل المتواصلين منذ ثمانية اشهر، والذي لن يغفر للبنان الرسمي تواطوءه مع القتلة، حتى لو سربت مصادر رئيس حكومتنا ان “وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور اتخذ موقفه بالتصويت ضد القرار الوزاري العربي بتجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية من دون التشاور مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي”.

لكن مَن يهبّ و يدبّ، لا يريد أن يصدّق غير الكذبة التي ساهم في فبركتها وترويجها، ولا يتورع هذه الايام عن توجيه الشتائم من العيار الثقيل للملوك والرؤساء الذين كان يشكرهم قبل حين، ما يدل على مستوى الهستيريا التي اصابت هذا النظام وأزلامه وأفقدتهم رشدهم، فراحوا يهددون بقصف اسرائيل وآبار النفط والقمر والمريخ ويهلوسون ويؤكدون ان سوريا ليست ليبيا. فالج ولا تعالج!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى