صفحات سورية

نائب برلماني سوري يُحكم التجويد والتحويد

 


أحمد عمر

ظننت أنّ حرب الدنيا على ‘النظام في قطر’ انتهت، لولا أنّ إحدى مذيعاتها كذبتني البارحة، عندما نظرت في بلورة الفيسبوك السحرية فرأت أنّ مظاهرة من خمسين ألف شخص بعنوان جمعة ‘سقوط الابن العاق’ ستجري بعد صلاة الجمعة، تاريخ 29 الشهر الجاري، فسبحان من جمع الشتيتين (الأربعاء والجمعة) في يوم واحد، بعد أن ظنّا كل الظن ألا تلاقيا!

ويعتقد المراقبون أنّ سبب الثورات العربية الأكبر، هو خشية الشعوب العربية من التوريث السياسي، فإذا كانت الشعوب قد صبرت على رئيس واحد، كما صبر بنو إسرائيل على المنّ و’البلوى’ (المن لا يؤكل ويعني هنا الأذى) لابثين في عهد هذا الرئيس أحقابا، لا يذوقون، إلا حميما وغساقا، وذلا ونفاقا، فإنهم لن يصبروا على المذلّة عهدين اثنين، وأنّ الشعوب يسوؤها أن تورّث كالأنعام . أبونا آدم لم يفلح في الأكل من شجرة الخلد، شجرة الله، ومن يتجرأ على صعودها يعش ابد الدهر في ‘جدة’، فالخالد الوحيد، وارث الأرض، ومن عليها من الشعوب و.. الجرذان، هو الباري عزّ وجل. وها هو محمد حسنُ أبيه وليس حسني أنا – مبارك، يطرد من جنة شرم الشيخ إلى جنة أبي زعبل رضي الله عنه، بسبب طمعه في شجرة الخلد، ورأينا زين العابدين هاربا إلى ابغض مكان عليه، إلى المكان الذي حارب ربه طويلا، فسبحان من له الخلد والدوام إلى .. الأبد.

العائلات الفنية كثيرة، وقد شهدنا مخرجين يورثون الإخراج، وممثلين يورثون ممثلين، وإذا تذكرنا تصريحا لمخرج تقدمي يعمل بالحقد الحجري، يقول أنّ الممثل عنده مثل الإكسسوار، أدركنا أن التوريث ‘والتنجيم’ ـ صناعة النجوم – ممكن في عصر الخرعة، فشدهنا بنجمات تلفزيونيات من أول ظهور لهن!

إلا أني فوجئت بصاحب قناة فضائية مورِّثا موهبته لابنه فتذكرت الحكاية التي رواها رسول حمزاتوف في كتابه (داغستان بلدي)، عن الشاعر الذي عثر على سمكة ذهبية فطلب منها أن تجعله مذيعا ناجحا، فقالت له السمكة : استطيع أن أجعلك مدير اكبر قناة تلفزيونية لكن – باردون- لا استطيع أن أجعلك مذيعا حتى في قناة.. الجماهيرية!

المال ‘ملكيٌ’ ويستطيع صاحبه توريثه، أما الموهبة ‘فجمهورية’ كما يقول الحكيم احمد عمر حفظه الله، ولا يمكن توريثها. وعلى الرغم من صحة قول عدوية: ‘السح الدح امبو’ فإن ‘الواد’ ليس له من مواهب أبيه في الإعلام شيء مذكور، فالابن وارث القناة، مذعور من الكاميرا ويظلّ يسترق إليها النظر خوفا من أن تلدغه، ويجلس في الأستوديو كأنه ‘متربص أن يصفعا’، وهو محتار في التصرف بيديه اللتين تبدوان عالة عليه، أما أَعْنُز الكلمات فتهرب منه وكأنه أطلس عسّال مفترس. وقد ظلم ضيفه الأول زهير سالم والمشاهدين ظلما باسلا مرّا مذاقه كطعم العلقم . وهو أسوأ من زميله المذيع الذي يقرط حرف الراء، الذي يصوغ كل سؤال بموضوع تعبيـ’غ’ أطول من نهـ’غ’ النيل!

جيزيل خوري

هل آتاك حديث ضيف جيزيل خوري، النائب البرلماني السوري، الذي يشبه الزبدية الصيني الذي يرن حتى بالريموت كونترول، فهو علماني وليبرالي واشتراكي، ومستشرق في بلده، ومقرئ – بغنّة أبدية- لكني لم اسمعه مرة يصلي على النبي – صلى الله عليه وسلم – ليؤكد طهارته العلمانية للبعثيين! وقد سألته جيزيل عمّا إذا كان النظام السوري ‘المنضم’ قد بلغ مرحلة اليأس أم انه انتهى من الأزمة؟ فأجاب جوابا ماكرا، عندما قرن الأمر بحوار يوم الاثنين القادم، فإذا تمّ، فهذا يعني أن صفحة جديدة قادمة. قبل ستة أشهر أنكر على قناة الجزيرة أن تكون سورية دولة أمنية، أما الآن فيقول بضرورة إنهاء دولة المخابرات! وأظنّ أن المهم ليس الحوار بل السيناريو؟ ولعل الإخراج أهم من الاثنين!

والنائب هو نفسه الذي سأله كريشان سؤالا عن مسيرة التأييد، قبل الخطاب الاول، التي خرج فيها الناس بالآلاف فاستنكر، ونظر، وعبس وبسر، وتلا عليه قوله تعالى، بغنة طبعا: (َلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ..): هؤلاء ليسوا آلافا يا أخي، وإنما حوالي 11 مليون مؤيد!

وقد ذكرني بصاحب الفضائية المذكورة في السنة الرابعة من تأسيسها، عندما ابرز مصحفا مذهبا من القطع العملاق للمشاهدين، وقال: هذا قرآن كريم، من طباعة الرئيس، المؤمن، التقي، الورع، الناسك، الزاهد المتبتل، زين العابدين بن علي رضي الله عنه. حتى خشيت أن يقول انّ المصحف من تأليف زين العابدين بن علي!

سيف الله المسلول الحمصي

رأى تقرير أخبار الجزيرة، أنّ سيف الله المسلول، قد انضمّ إلى المتظاهرين، ويعتقد بعض المندّسين السوريين العرب أنهم مظلومون بالمقارنة مع السوريين الكرد، الذين يخرجون في مظاهرات من غير خسائر، ويشغّلون بحرية أجهزة البلوتوث والثريّا بحثا عن نظام جديد، ويكاد السوريون العرب أن يصيحوا حسدا من الكرد غير المجنّسين: الشعب يريد إسقاط .. الجنسية!

ولا يعرف سبب ولع قناة الدنيا بأحواض الاكواريوم ومخلوق فضائي اسمه قنديل، وهو قنديل سمعي، يخطف الاسماع، فهو ناعورة حقيقية في التبويق السياسي، واقرّ واعترف بكامل قواي العقلية أن الرجل فصيحُ اللسان، حديده، بيِّنُ اللَّهجة، فتيقُ مِسْلاق، ذَّليق، أين منه احمد سعيد (الصحاف العراقي، والمصري الذي من غير تصحيف). وقد علمت أنّ بعض الإعلاميين والمثقفين غير المعارضين يعتقدون أنّ المرحلة هي مرحلة بناء وحوار لا مرحلة أبواق وزمامير وطبول، والمفروض فتح مرحلة تشاركية في الفضائيات لأهلها، وليس لضيوفها، وان يكون الدين لله والبوق.. للجميع.

وقد وضع قنديل المقاومة والممانعة من شأن الثورة المصرية والتونسية ‘المجهضتين’ وذكر أنّ في سورية – حسب سوري معارض وطني كما زعم – خمسة أمور: وحدة وطنية، استقرار، مقاومة، ممانعة، ولا ينقصها إلا قليل من الكاتشب، تصير بعدها سورية دولة سوبر كاملة، وتستطيع أن تفتح مدرسة في تعليم سواقة السيارات والديمقراطية لشعوب المنطقة وسكان الكواكب الأخرى، ومجرة درب ‘الدبانة’.

من الجدير بالذكر أنّ قنديل البحر كائن اشد فتكا من سمك القرش، وأن الذين يموتون بلسعاته أكثر بكثير من الذين يموتون بأنياب القرش، ولا يمنع سمّه من أن يكون طعام السلاحف الفضائية المفضل.

معمر القذافي متخف بنظارة

أوحى القذافي أنه يريد أن يتقاعد في سرت، وان يتفرغ للأعمال الخيرية (مثل توزيع حبوب الفياغرا على المرتزقة المساكين). سيكتب التاريخ أن بضعة أطفال من درعا غيّروا تاريخ سورية أكثر من الحوراني وعفلق والتكروري، وقد خشيت من ابنتي (8 سنوات تقبّل جباهكم) عندما رفضت طبخة اليوم صائحة في أمها: الموت ولا البازلا. فقررت حذف المادة الثانية من دستور ‘المينيو’ فورا، حرصا على نفسية الأمة من الوهن.

كاتب من كوكب الأرض

القدس العربي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى