صفحات الناس

نساء إدلب يُطالبن بـ«انتفاضة»… و«أرامل» اللاذقية مرتبكات

 

 

تحقيقين عن وضع الإناث في مناطق المعارضة والنظام

اللاذقية: بتول العلي – كفرنبل (إدلب): هزاع عدنان الهزاع

تنشر «الشرق الأوسط» تحقيقين صحافيين فازا في مسابقة حملة «ت متحررة» للمواد الصحافية المكتوبة. و«ت متحررة» حملة سورية انطلقت قبل أشهر على وسائل التواصل الاجتماعي لكسر النماذج النمطية المرتبطة بالنوع الاجتماعي (الجندر)، والتنميط المفروض على النساء بشكل أساسي، كما تقوم الحملة بالتركيز على نجاحات السوريات وإنجازاتهن في مختلف المجالات، وتسليط الضوء على الانتهاكات «الجندرية» التي يتعرضن لها.

المسابقة الصحافية من نشاطات الحملة، وأُطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لتشجيع الإعلاميين والإعلاميات على إنتاج مواد تتناول أهداف الحملة، وتعرض قضايا السوريات بشكل مختلف عن النمطي. تلقت الحملة 50 مادة وفيديو، وتم اختيار أفضل مادتين مكتوبتين ومصورتين من قبل لجنة تحكيم تضم 6 صحافيات سوريات يعملن مع مؤسسات غربية وعربية بمجال الصحافة المكتوبة والفيديو.

فاز في المسابقة 3 إعلاميين تعشن داخل سوريا في اللاذقية والحسكة وريف إدلب، وصانع أفلام يعيش في تركيا. وهنا تحقيق عن وضع النساء في إدلب الخاضعة لسيطرة فصائل معارضة وإسلامية، وآخر عن أرامل قتلى قوات النظام في الساحل:

التحقيق «1»: جرح مفتوح لأرامل قتلى النظام

في طريق عودتها إلى قريتها في ريف جبلة، تئن «مرام» تحت وطأة حمل ثقيل من أكياس الأرز والسكر التي حصلت عليها بعد جلسة الدعم النفسي، في مقر «منظمة الهلال الأحمر السوري» في مدينة اللاذقية.

تندم حين تتذكر الخوف الذي تملكها عندما طلب منها أحد المتطوعين ملاقاته خارج المقر. أفكار شريرة داهمتها وسيطرت عليها، وبدأت فعلا في تجهيز نفسها لتنهال عليه بكيل من الشتائم في حال تحرش بها، لتتفاجأ به وهو يضع في أيدي طفليها قطعاً من البسكويت الذي توزعه منظمة الأمم المتحدة كمعونة مجانية لتلاميذ المدارس، طالبا منها ألا تحضرهما إلى المقر مرة أخرى، نظرا إلى الضجة التي أحدثاها في هذه الجلسة.

ابنة الثانية والعشرين عاما، ذات الملامح الناعمة والجسد الضئيل، استيقظت في إحدى صباحات شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، على أصوات نحيب وصراخ عال. وصل خبر مقتل زوجها «مهيار» على «جبهة قتال» في ريف دمشق، فمنحت بذلك رسميا لقب «أرملة الشهيد». مهيار الذي تزوجها قبل ثلاثة أعوام بعد قصة حب عاصفة، وعدها خلالها أنه لن يتخلى عنها أبدا، وسيبقى سندها وحاميها وأمانها؛ لكنه أخلف وعده سريعا، وفضل التطوع في ميليشيا «قوات الدفاع الوطني» لقتال «الإرهابيين» عن رعاية أسرته، رغم توسلاتها الكثيرة له للبقاء بجانبها وحمايتها كما وعد. وعاد إليها بعد أقل من عام قتيلا مقطع الأوصال، ملفوفا بعلم أحمر، ودفن من دون السماح لها برؤيته للمرة الأخيرة، نظرا لتشوه جثمانه.

مخاوف «مرام» من الجنس الآخر وارتيابها منه، تولّدت بعد أول حادثة تحرش حصلت معها منذ عامين. كان ذلك في مقر «الدفاع الوطني» في مدينة اللاذقية، عندما طلب منها أحد المتطوعين أن ترافقه إلى الغرفة الداخلية لأخذ الحصة الغذائية التي وعدها بها منذ شهرين، وجعلها تتردد إلى المقر أكثر من مرة بحجة تسلمها، كان يعلم جيدا أنها تحتاجها، وأنها ستقطع مسافات طويلة للحصول عليها. ولم تر بدورها مانعا من عقد صداقة معه، عله يساعدها في تأمين معونة صعبة المنال لأطفالها؛ لكنه مضى قدما في التحرش.

كان زوجها يقول عن رفاقه المتطوعين إنهم «إخوته في الدم»، مرددا أمامها دائما جملته الشهيرة كلما طلبت منه ترك القتال والبقاء بجانبها: «شو بدك ياهن يجوا ويدبحونا»: «هاهم يذبحوننا فعلا يا زوجي العزيز، ليس الإرهابيون كما ظننت، بل إخوتك في الدم»، تردد «مرام» في سرها كلما تذكرت هذه الحادثة.

لن تنسى «مرام» تلك الصفعة التي تلقتها من والد زوجها، عندما علم بتقدم «عريس» لطلب يدها. صراخه وهو يهددها بحرمانها من رؤية طفليها في حال وافقت على الزواج ما زال يرن في أذنها. كلماته عندما قال لها: «هل تريدين أن تبيعي دم ابني؟»، كانت بمثابة طعنة اخترقت صدرها، وزاد الأمر سوءا امتناع ذويها عن الدفاع عنها، مما جعلها تنسى موضوع الزواج تماما. و«التقاليد الجديدة» كما تصفها «مرام»، تحرم على «أرملة الشهيد» الزواج بآخر، وإلا ستعتبر خائنة وناسية لتضحيات زوجها وبطولاته، وسيحل العار على أطفالها حتى يكبروا، فتراها تقول ساخرة: «كلما سمعت أن أرامل المسلحين يتم تزويجهن على الفور لأول عريس يطرق بابهن للتخلص من وزرهن، أتمنى لو كان زوجي إرهابيا، كنت حصلت على حقي في الزواج على الأقل».

تضحك «مرام» عند سؤالها عن سبب ارتدائها المستمر للملابس السوداء، وعدم وضعها مساحيق التجميل. تقول: «ارتداء الأرملة للملابس الملونة وإظهارها أي بادرة فرح أو ضحك، يعتبر عيبا في التقاليد الجديدة التي ولدتها الحرب السورية»، نافية أن يكون قد شجعها أحد مسبقا على تغيير هذه الهيئة والعودة لحياتها الطبيعية، وإن كان في الحد الأدنى. تردد على الدوام أن هذا الطرح مستبعد تماما، فهي «أرملة الشهيد»، عليها أن تحافظ على حزنها، وأن تبقى جاهزة للشكوى واستدرار عطف الآخرين لمنح النقود لأطفالها والشفقة عليهم. وضع حاولت «مرام» التمرد عليه بالتسجيل في دورة مهنية لتعليم الخياطة مجانا لشريحة «الأرامل» التي تنتمي إليها، علها تجد فرصة عمل تدر عليها بعض الأموال، على اعتبار أن العمل ما زال خارج قائمة المحظورات المفروضة عليها كأرملة.

لا توجد إحصائيات أو دراسات دقيقة تدل على مقدار تعرض النساء للعنف «الجسدي أو اللفظي» في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، ولا يتم تناول هذا الموضوع بأريحية حتى الآن لاعتبارات اجتماعية، أو لتضييق النظام على تحركات الناشطين في هذا المجال. تؤكد ريم رجب التي أسست قبل سفرها إلى فرنسا أواخر عام 2015 جمعية «نون» لضحايا العنف من نساء وأطفال في اللاذقية، أن «غالبية هذه الشريحة من أرامل الجيش النظامي والقوى المساندة له، تتراوح أعمارهن بين العشرينات وأوائل الثلاثينات، أغلبهن لم يعشن فترة طويلة مع أزواجهن، ويعانين بعد وفاته من وصاية أهله على أولادها، كما يشاطرونها جميع التعويضات في حال كان زوجها عسكريا، وبحكم أن أغلب المقاتلين والمتطوعين من أبناء القرى فستكون الأرملة مقيمة في منزل الأسرة، أو في البناء ذاته في أحسن الأحوال، أي أن تحركاتها محسوبة ومراقبة، وفي حال كانت مستقلة عنهم، فإن المجتمع سيمارس عليها هذه الوصاية، ليمنعها حتى من مجرد الابتسام، وإلا ستتهم على الفور بأنها نسيت تضحيات زوجها وباعت دماءه».

تلفت ريم إلى أن عدد الإناث في هذه القرى الساحلية بات يفوق عدد الذكور بكثير. وتشير إلى أن «ثلثي الشباب القادر على الزواج من أبناء القرى قد قتلوا على مختلف الجبهات». لذلك يمكن أن تتعرض الأرملة أحيانا للحصار من قبل السيدات أكثر من الرجال الكبار في السن، بحجة أنهن يحمين الأرملة ويصنّ سمعتها، كما أن سهولة إطلاق الأحكام والتقييمات في هذه المجتمعات الريفية وغير الريفية أيضا، يضع الأرملة تحت ضغط أكبر، فتضطر للرضوخ والاستسلام كي تعيش بسلام بعيدا عن الأقاويل.

وتتابع رجب: «عندما أسست الجمعية عام 2015، صدمت بالعدد الهائل من النساء الأرامل والمطلقات اللواتي يحتجن مساعدات كبيرة وضخمة في عدة محاور، من تأهيل وتوعية ودعم مادي وقانوني وصحي، صحيح أن هناك أشخاصا يعملون ما بوسعهم؛ لكن بإمكانات ضعيفة ومحدودة، يمكن القول إن الجمعيات لا تتعامل بجدية مع قضايا هؤلاء النسوة، فالعمل الصحيح المثمر يحتاج كوادر مؤهلة ومدعومة ماديا، مع هامش للتحرك، وهي شروط لا تتوفر على شكل واسع في مناطق النظام».

في مقر «رابطة أبناء وبنات الشهداء» في اللاذقية في ضاحية تشرين، المكان الوحيد في اللاذقية الذي تكفل بتقديم خدماته التعليمية والمهنية لمختلف ذوي القتلى مهما كان تصنيفهم، تجلس «مرام» في غرفة الخياطة، الورشة التي اختارت الانخراط فيها لتعلم حرفة تقيها شر السؤال. فقر حال أسرتها منعها من الحصول على تعليم عال يؤمن لها وظيفة في مكان ما، حالها كحال كثيرات من متدربات الورشة التي يطغى عليها العنصر النسائي. نحو أربعين سيدة يشاركنها الصفوف، نصفهن أرامل، وأخريات توزعن ما بين أم وأخت لقتيل أو جريح؛ لكن اللافت أن أغلبهن من ذوي قتلى الدفاع الوطني، الذي لا يدرج قتلاه في قوائم القتلى «العسكريين»؛ بل يعتبرون مدنيي التصنيف، مما يخفض بشكل كبير المزايا الممنوحة لذويهم؛ لا سيما الزوجة والأطفال، فتقتصر التعويضات على آلاف قليلة من الليرات، وبعض المساعدات العينية التي تمنح لمرة سنويا، مع غياب تام للراتب الشهري.

يعتبر الدكتور مازن زوان، رئيس الرابطة، في تصاريح صحافية، أن «فئة السيدات هي الأكثر تضررا من الأزمة الحاصلة في البلاد، رغم المزاعم بأن الرجال هم الخاسر الأكبر»، فمعظم السيدات اللواتي يترددن على دورات الرابطة هن من الريف البعيد، فقيرات الحال ولا يملكن أي تعليم عال، على حد قوله، كما أن النظام السوري لم يمنحهن التعويضات بالتساوي بين قتلى القوى الرديفة والعسكريين النظاميين، مما زاد من الظلم الواقع عليهن، لا سيما أن قسما كبيرا منهن أصبح فجأة معيلا ومسؤولا عن أسرة، دون أن يملكن مهنة تقيهن شر السؤال، وهو الأمر الذي تحاول الرابطة تعويضه بإمكانات قليلة ودون دعم يذكر.

جلسة التدريب المهني لا بد أن تتبعها جلسة للدعم النفسي الاجتماعي، ضمن مقر «الهلال الأحمر العربي السوري» في حي الأميركان وسط مدينة اللاذقية. لا تعلم «مرام» فائدة هذه الجلسات في حقيقة الأمر؛ لكن صديقة لها أخبرتها أن المنظمة توزع معونة للأرامل عقب كل جلسة، وهو أقصى أحلام «مرام» هذه الأيام، يشرد ذهن الشابة أثناء تمارين عملية تطبقها المتطوعة رباب غازي التي أكدت في حديثها أن «هذه الجلسات مفيدة جدا لحالة (مرام) وغيرها من الأرامل اللواتي يتعرضن بطبيعة الحال لتعنيف شبه يومي، فالمجتمع غير جاهز بعد لاحتواء هذه الشريحة وتأهيلها كما يجب».

وتضيف رباب: «انتفاء ثقافة الدعم النفسي، وإدراجه ضمن دائرة المحظورات، يعيق مهام الفرق العاملة في هذا المجال، التي لا تصل بدورها إلى الريف البعيد لقلة الدعم»؛ لكن رباب تؤكد في الوقت نفسه تسجيل حالات إيجابية لسيدات تجاوزن مرحلة الصدمة التي تعرضن لها إثر فقدان أزواجهن خلال «الحرب»؛ لكن يبقى العمل الرئيسي كامنا في تأهيل المجتمع المحيط بهن، حول كيفية التعاطي معهن، الأمر الذي ما زالت مؤشرات نجاحه شبه معدومة حتى الآن.

في كل مرة، وأثناء عودة «مرام» إلى قريتها من تدريباتها وجلساتها، تتفقد حقيبتها على عجل. تتأكد من وجود مال يكفيها لدفع أجرة «السرفيس» الذي يقلها إلى قريتها، لا تريد أن يتكرر معها الموقف الذي نسيت فيه نقودها أثناء رحلتها إلى اللاذقية منذ شهرين، غلطة كلفتها عرضا مهينا من سائق يعتبر أحد أقاربها الذين يعلمون أنها «أرملة شهيد». تنهر طفليها عن صراخهما الممل، وتعيد تموضع كنزها الثمين المتمثل بكيسين من الأرز وبعض السكر.

التحقيق «2»: دعوات في إدلب للخروج من «الجحيم»

أم محمد (25 عاماً) امرأة تعيش في ريف إدلب، لم يمنعها حبها لطفليها من الإصرار على الطلاق بعد سنتين من الزواج تصفهما بـ«الجحيم»، وتصف زوجها بـ«المتوحش الذي لا يقبل أن تناقشه امرأة».

تحبس الدموع في عينيها… تستحضر الذكريات الحزينة، وتقول: «كان يضربني لأتفه الأسباب. يضربني بأي شيء يقع في يده، خصوصا القشاط (الحزام). كان يجعل لحمي أزرق. لم أعد أثق بالرجال».

تعاني النساء في محافظة إدلب السورية من العنف القائم على النوع. ويطالب بعضهن بإصلاحات اجتماعية ودينية، بينما يدعو بعضهن إلى انتفاضة نسائية هادفة لتحرر المرأة، وسط اعتراض البعض، خصوصا المشايخ.

ويعيش في محافظة إدلب نحو مليوني نسمة، وتخضع لسيطرة المعارضة الإسلامية المسلحة، ولا توجد فيها إحصاءات عن العنف ضد النساء، لكن المحامية عبير الحشاش، وهي محاضرة حول حقوق الإنسان في محافظة إدلب ضمن برنامج «تجمع المحامين السوريين الأحرار»، تؤكد أن «الظاهرة موجودة في معظم البيوت؛ إن لم نقل في كل البيوت».

وتشير التقديرات العالمية التي نشرت من قبل منظمة الصحة العالمية إلى أن 35 في المائة من النساء في أنحاء العالم يتعرضن للعنف على يد شركائهن الحميمين، أو للعنف الجنسي على يد غير الشركاء.

وتعرف المادة الأولى من «إعلان القضاء على العنف ضد المرأة»، المعتمد من قبل الأمم المتحدة منذ عام 1993، العنف ضد المرأة بأنه أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس (النوع الاجتماعي) ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، وسواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.

ويميز باحثون بين أشكال متعددة من العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد المرأة؛ منها: العنف الجسدي، كضرب الزوجة أو الأخت. والعنف الاجتماعي، كمنع المرأة من زيارة الأصدقاء والسفر. والعنف اللفظي، كشتم المرأة ووصفها بصفات غير لائقة. والعنف الجنسي، كالتحرش بالمرأة وزواج القاصرات. والعنف السياسي، كمنع المرأة من ممارسة حقها في الانتخاب والترشح للوظائف والمناصب السياسية. وتنادي المحامية عبير الحشاش بالقضاء على جميع هذه الأشكال، وترد ظاهرة العنف هذه إلى الجهل وقلة الوعي وتخلف المجتمع أخلاقياً وثقافياً، وتصف المجتمع السوري بأنه «مجتمع ذكوري ينظر إلى المرأة نظرة دونية، ويعتبرها ملكاً أو متاعاً للرجل لا أكثر».

وتأسف الحشاش لمساهمة المرأة في ذكورية المجتمع: «فهي أول من يفرح بولادة الذكر أكثر من ولادة الأنثى، وهي أول من يميز في التربية بين الولد والبنت لصالح الولد، وهي أول من يسمح للأخ بقمع أخته أو حرمانها من الميراث، وهي أول من يهدد كنتها بالطلاق إذا كانت عقيمة أو لم تلد ذكراً».

الحشاش تطالب بإصلاحات اجتماعية ودينية تنقل المجتمع السوري إلى مجتمع متنور حر، وتصف تجربتها التي بدأت منذ شهور محاضرة حول حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص في محافظة إدلب، بأنها «تحدٍ رائع»، وتشعر بأنها «صاحبة رسالة سامية، هي رسالة تثقيف المرأة وتبصيرها بحقوقها»، وتقول: «الأسبوع المقبل لدي محاضرة في قرية الغدفة عن زواج القاصرات وخطورته. أنا متحمسة لذلك».

وتؤمن الحشاش بأن المجتمع سينهض «عندما تنهض المرأة»، وتعتقد أن المحاضرات والندوات التي تقتصر على الحضور النسائي غير كافية لتحقيق النهضة المنشودة، وإنما «لا بد كذلك من حملات إعلامية، ولا بد من تثقيف الرجل وتوعيته بحقوق المرأة».

فرضت المعارضة المسلحة رؤيتها المتشددة للدين على الحياة السياسية والاجتماعية والحقوقية في محافظة إدلب، وعطلت القوانين. وأوجدت محاكم جديدة .

وتدعو المحامية الحشاش إلى «تفعيل القوانين السورية التي لا علاقة لها بقمع الحريات أو بتثبيت حكم النظام، وسن قوانين جديدة تحارب اضطهاد المرأة وتساوي بين الجنسين، مستوحاة من أحدث ما توصلت إليه البشرية في هذا المجال».

وهو ما يثير غضب منهل الملقب «أبو القعقاع»، والمقيم في ريف إدلب، عادّا أن القوانين «وضعية علمانية كافر من يعمل بها، كافر من يدعو إليها».

ويرى أبو القعقاع أنه لا يمكن المساواة بين الجنسين، معللاً ذلك بأن «لكل من الذكر والأنثى دوراً مختلفاً عن دور الآخر، وحقوق كل منهما وواجباته ليست بالضرورة هي حقوق وواجبات الآخر نفسها».

وتتحفظ على ذلك الناشطة خديجة الزيدان قائلة: «الإسلام مع الحرية. حريتنا ليس لها قيود ما دمنا لم نعتدِ على حريات الآخرين». الزيدان تصف الرجال الذين يعنفون النساء بـ«المغرورين»، وتقول مبتسمة: «يعتبرون المرأة بربع عقل. يقولون مكانها بيتها، يقولون إنها كائن ضعيف يحتاج للحماية. يجهلون ويتجاهلون أنها نصف المجتمع وأنها شريك الرجل، وليست (عبدا) أو متاعاً له».

وتحدثت الزيدان عن تجربتها وعملها مع المنظمات، خصوصا منظمة «تمكين» في قرية حاس بريف إدلب، وقالت: «خالطت الرجال، عملت معهم جنباً إلى جنب، لم يتقبلوا الأمر في البداية، لكنني فرضت عليهم احترامي، وغيرت نظرة كثير منهم إلى المرأة».

تؤمن الزيدان بقدرة المرأة على التفوق في كل المجالات، ولكنها لا تؤمن بأن الرجال «سيعترفون بحقوق النساء ما دمن خانعات». وهي تدعو النساء إلى التكاتف والتضامن والخروج إلى ميادين العمل، وتحثهن على «انتفاضة نسائية عارمة ضد العادات والتقاليد البالية… ضد ذكورية المجتمع».

الشرق الأوسط»

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى