صفحات الناس

نساء درعا محرومات من كلّ شيء/ ريان محمد

 

 

قد تكون المرأة السورية أكثر من دفع ضريبة الحرب في السنوات السبع الماضية، سواء في القتل والعنف أو الحصار والتجويع. من هؤلاء نساء محافظة درعا وريفها اللواتي يرزحن تحت معاناة مضاعفة

في درعا وريفها (جنوب سورية) تبدو معاناة النساء مضاعفة، إذ يشتركن مع الجميع في تحمل أوزار الحرب، ويتخصصن في تحمل كثير من العادات والتقاليد الظالمة.

تقول العشرينية فاطمة، المقيمة في إحدى بلدات حوض اليرموك في الريف الجنوبي الغربي لدرعا والتي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لـ”العربي الجديد”: “منذ سيطر التنظيم على بلداتنا، انتهت الحياة بالنسبة لنا، فقد منع التعليم النظامي بشكل كلي، كما زاد على الإناث، فمنعهن حتى من تعلم القراءة والكتابة”.

تضيف: “أما العمل فصعب جداً، وحتى النساء اللواتي يعملن بأعداد قليلة في بعض المحلات التجارية الخاصة بملابس النساء، يمنع التنظيم أيّ علاقة بيع بينهن وبين الرجال. وحتى النساء اللواتي يعملن في الأرض مع أزواجهن أو عائلاتهن، يفرض عليهن أن يكنّ مع محرم في وقت عملهن، على أن يتقيدن باللباس الشرعي الذي يفرضه التنظيم، من عباءة وخمار، ما يجعل القدرة على العمل صعبة”.

تتابع: “الزواج في مناطق التنظيم متفاوت الأنواع، فهناك علاقات زواج محصورة بين عائلات التنظيم، وفي الغالب لا يتزوج مقاتلو التنظيم سوى بنات العائلات المبايعة لداعش، فعائلات الأهالي لا يزوجونهم. أما الزواج بين شباب العائلات فيكون من دون أيّ مظاهر احتفال، فالتنظيم يمنع الغناء والموسيقى. تحول الزواج إلى شيخ ووكيل للشاب والفتاة وشهود، أما الفستان الأبيض فبات عباءة سوداء”.

تلفت إلى أنّ “النساء والفتيات، يعتبرن الخروج من مناطق التنظيم كالخروج من القبر، بالرغم من أنّه يمنع خروج النساء من دون محرم، لكن بمجرد خروجهن في الغالب، فإنّ أول ما يفعلن هو أن نزع العباءة السوداء والخمار، ليبقين بملابسهن التقليدية بما فيها الحجاب المعروف في المنطقة تاريخياً، من دون الغلو والتزمت الذي يفرضه التنظيم”.

أما مريم، فترى أنّ الفارق كبير بين مناطق التنظيم ومناطق سيطرة الفصائل المعارضة “بالرغم من كلّ الصعاب التي تواجه النساء في المناطق المعارضة من عدم توفر فرص التعليم، بسبب الأعمال العسكرية أو تردي الوضع الأمني، ووجود الجامعات في مناطق النظام”. تقول لـ”العربي الجديد”: “النساء هنّ الوعاء الذي عليه أن يتحمل كل مآسي الحرب من خسارة الرجال إن كانوا آباء أو أشقاء أو أبناء جراء المعارك والقصف، إلى تأمين معيشة الأطفال، أو مساعدة العائلة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي”. تلفت إلى أنّه “بسبب تردي الوضع الأمني، زاد قيود العائلات على حركة بناتهم وزوجاتهم، الأمر الذي قيد النساء حتى في الأعمال التي يمارسونها، إذ بقيت حظوظ النساء المتعلمات قبل الثورة أكبر من الفتيات اللواتي بتن في سنّ العمل بعد الثورة، إذ حرمن بنسب كبيرة من التعليم”.

من جانبه، يقول الناشط الإعلامي في درعا، براء العمر، لـ”العربي الجديد”، إنّ “التعليم تدهور بشكل كبير بسبب خوف الأهالي على الفتيات، سواء في المناطق المحررة بسبب القصف أو في مناطق النظام بسبب الاعتقال”. يكشف أنّ “المرأة تعمل حالياً في مجالات عدة منها التدريس والمجلس المحلي متمثلاً بمكتب المرأة وبعض منظمات المجتمع المدني”. ويلفت إلى أنّ “نسبة الطلاق كبيرة، لأنّ المتزوجين من الجنسين أعمارهم صغيرة، ما يجعل عبء الزواج عليهم ثقيلاً فيفشلون في الاستمرار، ولأنّ معظم الشبان الذين يتزوجون يسكنون وحدهم فالأهل لاجئون خارج سورية غالباً، ما يحرمهم من المساعدة التي تقدمها العائلة لهم. عدا عن ذلك، فإنّ نسبة الأرامل هي الأكبر اليوم بسبب وفاة الأزواج”. يتابع: “الاستهداف العشوائي وحالات الخطف هي التي حتمت على الأهل تقييد حركة المرأة. وهو ما يؤثر على وضعها المعيشي. أما بالنسبة للأرملة أو المطلقة فهناك ما يحكمها من عادات وتقاليد بسبب خوف الأهل من كلام الناس إن خرجت وحدها”.

بدوره، يقول الناشط الإعلامي أبو عمار ياسر، لـ”العربي الجديد”: “ما زال تعليم الفتيات متاحاً في مناطق سيطرة المعارضة في الجنوب، لكن، هناك بعض الأمور التي تسبّبت في الحدّ منه، وعلى رأسها الوضع الأمني وسيطرة النظام على المناطق التي توجد فيها الجامعات والمعاهد سواء في درعا أو دمشق، ومنها عدم إكمال الفتيات الدراسة الجامعية برغبتهن أو بضغط من العائلة. أحياناً، تُحرم الفتيات من التعليم في المدارس بسبب القصف والاستهداف المتكرر، إلاّ أنّ ذلك يقتصر على بعض المناطق التي تشهد عمليات عسكرية مثل مدينة درعا. كذلك، فإنّ وضع التعليم سيئ في مخيمات النزوح، وأعداد كبيرة من الذكور والإناث محرومون من التعليم بسبب عدم توفر الإمكانيات”.

يلفت إلى زيادة نسب الزواج، خصوصاً بين القاصرات، بسبب عدم قدرتهن على إكمال الدراسة الجامعية، فضلاً عن رغبة قسم من الأهالي بتزويج الفتيات نظراً لسوء الأوضاع المعيشية وعدم قدرة رب الأسرة على تأمين الغذاء والملابس على الأقل، لجميع أفراد عائلته”.

كذلك، يلفت ياسر إلى “فرص عمل توفرها المنظمات والهيئات المدنية المحلية، مثل التمريض والإسعاف والعمل الإداري في المنظمات وتنسيق الخدمات، كما توفرت مؤخراً بعض الفرص التي كانت مخصصة للرجال فقط، مثل الجولات الميدانية ومراقبة مشاريع التنمية والإحصاء الميداني. وبالرغم من ذلك، فإنّ فرص العمل ما زالت محدودة ولا تشمل جميع المناطق، كما أنّ الشروط المطلوبة في كثير من الفرص تحرم أكثر من 75 في المائة من النساء من العمل، مثل الشهادة الجامعية والخبرة”.

العربي الجديد

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى