صفحات المستقبل

نشطاء المهجر معاناة مشتركة وحلم بالعودة


المعاناة واحدة لكل النشطاء السوريين الذين أجبروا على الهجرة نتيجة القمع والضغط الذي مورس عليهم وعلى عائلاتهم، وأغلبهم من المعتقلين السابقين الذين ذاقوا مرارة السجن والتعذيب وحالياً يتذوقون مرارة الغربة والظروف المعيشية السيئة في بلاد المهجر.

عمر العبد الله أحد النشطاء السوريين الذين أطلق سراحه من سجن صيدنايا العام الماضي بعد أن قضى فيه خمس سنوات من الإعتقال. بعد إطلاق سراحه بستة أيام بدأت المظاهرات الشعبية في بلدة قطنا جنوب غرب دمشق حيث يسكن: “شاركت في كل المظاهرات التي إنطلقت في البلدة ضد حكم نظام الأسد، وكل الجنازات التي شيعت شهداء البلدة الذين سقطوا برصاص الأمن السوري.”

ويضيف العبد الله: “عند إجتياح البلدة من قبل الجيش السوري النظامي كنت خارج البلدة فلم اعتقل رغم مداهمة منزلي وإعتقال والدي كرهينة بدلاً عني، ما دفعني إلى نقل نشاطي إلى مناطق أخرى في دمشق كبرزة والقابون، إضافة إلى المساهمة في إيصال المساعدات الغذائية والأدوية إلى بلدة قطنا المحاصرة.”

وبعد عدة محاولات لإعتقاله، قرر الناشط عمر العبدالله الهجرة إلى الأردن فقد وصل حسب قوله إلى “مرحلة لم يعد الأمر قابلاً للإحتمال، لا قدرة على التواري ولا قدرة على الظهور، فلم يكن هناك خيار إلا مغادرة البلاد.” وكانت الخطوة الأولى التوجه إلى درعا حيث إستقبلته مجموعة من الناشطين أوصلوه إلى الحدود السورية-الأردنية.

ويصف العبدالله الحياة في الأردن بـ “المزرية جداً”. فلا يوجد عمل متاح ولا مصدر دخل في دولة تتميز بإرتفاع الأسعار، كما يقول: “لم يكن أمامي إلا الإقتراض من الأصدقاء، حالي كحال باقي السوريين إضافة إلى الجمعيات الخيرية الأردنية.”

ويختم العبد الله حديثه حول كيفية دعم الثورة من الخارج فيقول: “ما نقدمه للثورة من الأردن يكاد لا يذكر، إذ يقتصر على إدخال الأدوية والمواد الإغاثية إلى سوريا بين الحين والآخر، وأحياناً نقل بعض المساعدات إلى مخيمات اللاجئين وتوزيعها.”

تجربة جوان يوسف الناطق بإسم ائتلاف شباب سوا والناشط في لجان التنسيق المحلية مختلفة بعض الشيئ: “نشاطي هو امتداد ل 25 سنة من العمل السياسي والحقوقي وكنت دوماً تحت أنظار الأجهزة الأمنية، مما جعل حركتي صعبة جداً. فتجنبت العمل الميداني والتنظيمي واشتغلت في الجانب السياسي والإعلامي، والتواصل مع الإعلام العربي والعالمي”.

وبعد عدة استدعاءات أمنية والتي كان يرفض تلبيتها وبعد مداهمات لمنزله في القامشلي، قرر يوسف الهجرة إلى تركيا: “اضطررت للخروج من سوريا بعد استشهاد الناشط الكردي مشعل التمو الذي اخبرني بضرورة خروجي قبل استشهاده بساعتين، إذ أخبرني بأنني المستهدف الثاني بعده. وللأسف صدق كلامه وكانت الكارثة باستشهاده.”

شارك الناشط الحقوقي فتح الله النجار، الذي قدم طلباً للجوء السياسي في بلجيكا، في معظم وقفات الشموع لدعم الثورة المصرية والليبية والتضامن مع الضحايا. وبعد اندلاع الثورة السورية في منتصف مارس/آذار 2011 وامتدادها إلى الكثير من المدن والقرى السورية وسع نشاطه ليشمل أيضاً التوثيق ونقل الأخبار وصور الإحتجاجات إلى المشاركة في تنظيم المظاهرات في مسقط رأسه مدينة جبلة الساحلية والتنسيق مع فعاليات الثورة في المناطق التي يتواجد فيها أصدقاؤه الناشطون. ويضيف النجار “قامت القوات الأمنية في منتصف نيسان/أبريل الماضي بإقتحام مدينة جبلة التي سقط فيها 12 مدنياً وقاموا بإعتقال أكثر من 400 شخص وفق قوائم بأسماء الناشطين والمتظاهرين، وكنت من بين أسماء المطلوبين.” عندئذ قرر فتح الله مغادرة مدينته والتخفي لفترة من الزمن في دمشق، ثم الهجرة: “عندما قررت الهجرة قمت عن طريق أحد معارفي بدفع رشوة إلى ضابط من ضباط المطار للتأكد من عدم وجود إسمي هناك. لم أكن بين قوائم المطلوبين في كمبيوتر المطار، فغادرت البلاد بشكل نظامي.”

وحول أوضاعه في بلجيكا يقول النجار: “بعد قضائي أكثر من 6 أشهر في مخيم للاجئين الذي لم يكن مهيأ للتواصل عبر الانترنت أو متابعة القنوات التلقزيونية بشكل يومي، قمت باستئجار بيت في إحدى ولايات بلجيكا، ولم أحصل على دعم من أي جهة.” ويشارك فتح الله النجار الآن في فعاليات الجالية السورية في بلجيكا من خلال التظاهرات أمام البرلمان الأوربي والسفارة السورية وحضور اجتماعات البرلمان الأوربي فيما يخص الوضع السوري، والتواصل مع المنظمات والهيئات الدولية من أجل حشد الدعم للثورة السورية.

أما الصحافي والناشط نارت عبد الكريم، الذي أصبح الآن لاجئاً في الأردن، فقد شارك في المظاهرات والإعتصامات الأولى التي شهدتها دمشق: “بعد هروب الرئيس التونسي بن علي وإنتقال لهيب الثورة إلى مصر وإنتشارها، عادتْ فانتعشتْ آمالنا بالتغيير والحرية نحن السوريون. فبدأت الإحتجاجات السلمية في دمشق وكان أولها في آخر شهر يناير/كانون الثاني 2011 أمام السفارة المصرية في حي كفرسوسة تضامناً مع ثورة الشعب المصري وصولاً الى المشاركة في أيام الغضب في بداية شباط/فبراير أمام البرلمان، ومن ثمَّ كانتْ الإعتصامات أمام السفارة الليبية، حتى جاء يوم 16 آذار/مارس2011 . فقد شاركتُ في الإعتصام أمام وزارة الداخلية للمطالبة بالافراج عن معتقلي الرأي والضمير. وتم إعتقالي مع عدد كبير من الناشطين والناشطات ومكثتُ في سجن عدرا الى آخر آذار/مارس حيث تم الافراج عني بكفالة مالية. “

بعد خروجه من السجن عاد الى نشاطه المُعتاد وعمل مع تنسيقيات الثورة، ثمَّ تفرغ للعمل الإعلامي وعمل مع قناة العربية كمراسل تحت إسم مستعار وهو سلام الحموي: “خلال عملي مع العربية إستطعت أنا وزملائي نقل صوت المعارضين السوريين في الداخل عبر مقابلات مصورة تم بثها في برنامج “حوارات من الساحة السورية”على قناة العربية.”

إعتقال عدد كبير من أصدقائه ومحاولات فاشلة لإعتقاله، جعلت عبد الكريم يفكر بشكل جدي في الفرار من سورية: “في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي اجتزتُ الحدود السورية الاردنية بطريقة غير شرعية.”

يقيم نارت عبد الكريم، الذي ما زال يعمل كصحفي، حالياً في منزل شقيقته في عمان، ويقول بأن أوضاعه المعيشية أفضل من غيره من اللاجئين السوريين. وهو على تواصل دائم مع الكثير من نشطاء الداخل ويقوم بتنظيم الإعتصامات والمظاهرات المطالبة بإسقاط النظام السوري في العاصمة الأردنية، وأيضاً التواصل مع وسائل الإعلام لتغطية الثورة السورية.

هذه بعض الأمثلة لنشطاء عانوا من الملاحقة الأمنية والإعتقال والتعذيب، فأجبروا على الهجرة، ليكملوا مشوار الدعم للثورة السورية بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية، وهم يحلمون بالعودة إلى الوطن بعد التحرر من النظام القائم.

http://damascusbureau.org/arabic/?p=2091

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى