صفحات العالم

نظرة سوريّي النظام إلى أزمة بلادهم!

سركيس نعوم

كُتِب وسيُكتَب الكثير عن الأزمة – الحرب السورية في وسائل الاعلام لأن تطوّرها خيّب فريقيها الأساسيين. الأول، نظام الأسد الذي اعتقد أنه سيقضي على الثورة في سرعة. والثاني، الثوار الذين ظنوا ان التخلص من النظام المذكور سيتم في سرعة لسببين. الأول، حصولهم على دعم غالبية الشعب، (وذلك صحيح). والثاني، وقوف تركيا، وغالبية الدول العربية والاتحاد الأوروبي ومعظم العالم الاسلامي واميركا معهم واستعدادهم لتقديم كل ما يحتاجون اليه لكي يحقّقوا اهدافهم. والوقوف والاستعداد المشار اليهما صحيحان، لكن ترجمتهما عملياً لم تكن كذلك لأسباب متنوعة يعرفها كل الناس. وقد يكون اكثر ما كُتب عن سوريا منذ نشوب الأزمة – الحرب فيها استند الى معلومات ومعطيات وتحليلات اميركية واوروبية وتركية وعربية (خليجية اجمالاً). علماً ان نظام الاسد وحليفتيه روسيا وايران الاسلامية لم يقصّروا في “تسريب” معلوماتهم وتحليلاتهم والمعطيات وفي الجهر بها احياناً. لكنهم وبسبب عجز حليفهم السوري عن حسم الثورة الشعبية عليه رغم تذبذب التأييد الخارجي المتنوع لها، بدت تسريباتهم نوعاً من البروباغندا. علماً ان البروباغندا طغت احياناً كثيرة على “المسرَّب” الى الاعلام المؤيد للثورة. انطلاقاً من ذلك اعتقد ان تناول التطورات السورية بتشعباتها الخارجية انطلاقاً من معلومات ومعطيات وتحليلات آتية من موسكو ودمشق يمكن ان يلقي مزيداً من الأضواء على مواقف الخارج والداخل منها.

الى ماذا تشير المعلومات والتحليلات والمعطيات المذكورة؟

تشير أولاً الى أن ما يريد أن يراه اللاعبون الدوليون هو نهاية فورية لحكومة بشار الأسد. وتشير ثانياً، الى ان أميركا لا تريد أن تصل مجموعة اسلامية (أصولية) الى السلطة في سوريا، وخصوصاً بعدما نجح الاخوان المسلمون في الوصول الى سلطة مصر وبدأوا عملية اقامة “حكمهم”، وبعدما بدأ الرئيس القادم من صفوفهم محمد مرسي التعاون مع ايران (هذا التعاون لم يبدأ بعد وقد لا يبدأ). وهي تخشى وقوع سوريا في ايدي “جبهة النصرة” التي لديها مجموعة صلبة من المقاتلين قَدِموا الى سوريا من ليبيا عبر تركيا. وتشير ثالثاً الى أن لا حل فورياً للأزمة – الحرب السورية، والى أن كل من يتوقع سقوط الاسد من دون قتال حتى النهاية يكون حالماً. فالعلويون عندهم احساس عال بالفوز، وآل الاسد يتحلّون بروح قتالية ومحاربة. وكل من قابل احداً منهم يوما سيعرف تماماً انهم لن يهربوا اذا ساءت الأحوال، أو اذا اصبحت كارثية. وبشار ليس استثناء على هذا الصعيد. علماً ان ما يتسرّب من معلومات وأقوال من الحلقة الداخلية للرئيس الأسد يؤكد انهم لا يزالون يسيطرون على الوضع في بلادهم. وتأكيداً لذلك تورد التحليلات والمعلومات والمعطيات اياها كلاماً كبيراً أو كثيراً لأحد القريبين من الحلقة الداخلية المذكورة اعلاه اهمها: “ان ما يجري عندنا سيتم تصديره الى الخليج. ان عائلة الاسد تحمي الغرب. في لندن لن يَمُسَّ المسؤولون المتعصبين (الاسلاميين الاصوليين) خوفاً من إلغاء الشيخ حمد (أمير دولة قطر) استثماراته كلها في بريطانيا. الذين دمّروا البرجين في نيويورك في 11 ايلول 2001 لا يستطيعون إبادة العلويين في سوريا. يجب ان يُقدَّس هؤلاء للحماية التي يقدّمونها للغرب. ان حكومة سوريا لا تحارِب. ان الشعب السوري هو الذي يحارِب. المسيحيون يقاتلون مع العلويين، وسيُبادون ان لم يفعلوا ذلك. 99 في المئة من الشعب السوري يدعم الحكومة (حكومة الاسد) رغم انها ليست في حال حرب حتى الآن (مبالغات). تستطيع سوريا اجتياح تركيا في يومين (مبالغات). هناك ثلاثمائة الف امرأة قيد التدريب على القتال في طرطوس. وجيش النساء بدأ انشاؤه في شهر آب الماضي. وبهن نستطيع اجتياح قطر (مبالغات). سوريا لن تُقسَّم. لا يزال يقيم في دمشق مليون ونصف مليون علوي ومليون في حماه. والعلويون في حمص اكثر عدداً من غيرهم. الوضع الحالي في سوريا غلطة ذات حجم كبير لا يُصدَّق. الطريقة الوحيدة لوقف كل ما يجري هو إبعاد الدين عن السياسة، وخصوصاً بصيغته المتشددة والتكفيرية. يُنظر الى العلويين “كمرتدّين”، ونظرة كهذه تنطوي على ا هدار دمهم. هذا هو الموقف السنّي. الشيعة مختلفون وأكثر مرونة. لا يقفلون الباب في وجه احد الا اذا ارتكب ما لا يمكن التسامح معه”.

ماذا تقول المعلومات والتحليلات والمعطيات اياها عن اميركا والعمل العسكري ودور روسيا؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى