صفحات العالم

نعم.. الرعب وراثة في سوريا


طارق الحميد

كم كان محقا السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة وهو يقول: «إن الرعب شيء وراثي في دمشق»؛ فالسفير جيرار أرو يقول: «إن الأسد الأب قام بعملية قتل جماعي، والابن يفعل الشيء نفسه». لكن السؤال هنا هو: هل يصمت العرب على جرائم الابن كما فعلوا مع جرائم الأب؟

قوة نظام الأسد، الأب والابن، لم تكن بسبب ما امتلكوه من إمكانات، بل لأنهم اعتادوا الإفلات من العقاب والعواقب؛ حيث إنهم لم يدفعوا ثمنا جادا في يوم من الأيام، سواء بلبنان، قديما وحديثا، أو حتى بالعراق؛ فالنظام الأسدي لم يؤذِ سوريا وحدها، بل المنطقة برمتها، وعلى مدى أربعين عاما، تارة بالطائفية، وأخرى بالترهيب، هذا عدا عن العنف والابتزاز، وها هي صحيفة «صنداي تليغراف» البريطانية تكشف، أمس، عن أن نظام بشار الأسد قد قام، الأسبوع الماضي، بإطلاق سراح أبو مصعب السوري، مخطط تفجيرات 7 – 7 في لندن، وهذا يعني، ببساطة، أن النظام الأسدي يعود للعبة التي يتقنها جيدا، وهي استخدام الإرهاب والإرهابيين!

نظام الأسد اعتاد استغلال أخلاقيات خصومه، حتى وهم يدافعون عن الحق، وينصرون المظلوم، لكن مع وقوع آلاف القتلى السوريين، وعملية الترهيب الممنهجة التي تقوم بها القوات الأسدية، ولجوء محاميَي الطاغية بمجلس الأمن، روسيا والصين، لاستخدام حق النقض (الفيتو)، فإن على العرب اليوم الابتعاد عن وصفات «العربي» المتراخية، خصوصا أنه قد ثبت أن النظام الأسدي غير صادق، وغير قابل للإصلاح، بل إن مجرد الحديث عن الإصلاح اليوم يعني إضاعةً للوقت؛ لذا فإن على العرب الآن العمل على إنجاح المبادرة الفرنسية الجديدة التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، مساء السبت الماضي، والتي قال فيها: «إن فرنسا لن تستسلم»، وكشف عن أن باريس «تتشاور مع شركائها الأوروبيين والعرب بهدف تشكيل مجموعة أصدقاء للشعب السوري يكون هدفها تأمين دعم المجتمع الدولي لتنفيذ مبادرة الجامعة العربية».

بل لا يجب الاكتفاء بهذا الحد، الذي طالما طالبنا به هنا مرارا وتكرارا؛ فيجب أن تكون أولى مهمات «مجموعة أصدقاء الشعب السوري» هي الاعتراف بالمجلس الوطني السوري، ودعمه بجميع أنواع الدعم، كما يجب أن تكون مهمتها أيضا توفير الممرات الآمنة، ومنطقة عازلة للسلاح، وهو أمر يمكن تحقيقه بحال تشكل ما يسمى «تحالف الراغبين» من الدول العربية، والمجتمع الدولي، أوروبا وأميركا، ولا بد من أن تسعى تلك الدول، خصوصا العربية منها، إلى طرد سفراء طاغية دمشق من عواصمها، وهو أمر مستحق، ولا بد من فعله الآن، وأكثر من أي وقت مضى؛ لأنه لا أمل بإصلاح النظام الأسدي، ومهما قالت موسكو، وحتى إن أرسلت كلا من وزير خارجيتها ورئيس استخباراتها لإقناع الأسد بذلك.

=ملخص القول: إن دعم المبادرة الفرنسية الخاصة بمجموعة أصدقاء الشعب السوري الآن بات أمرا حتميا، خصوصا بعد أن ثبت أن «الرعب شيء وراثي في دمشق».

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى