صفحات الناسلقمان ديركي

نفر على البلكون الغريب/ لقمان ديركي

 

 

النفر كائن شديد الإنتباه. إذا سمع صوتاً منادياً يلتفت، حتى لمعرفته أن لا أحد يعرفه في هذه المدينة، لكنه للإحتياط يلتفت. عسى ولعل، ما بتعرف، بيجوز شي نفر زميل شافك وناداك. ممكن كتير صار الموضوع يعني. وإذا شاف وحدة عم تلوح بإيدها وهي جاية، بيبتسم وبيفكر للحظات أنو يا ترى أله عم تلولح بإيدها. يا ترى أله عم تبتسم؟

بيسمح لنفسه تفكر بها الطريقة. خيو عسى ولعل. بيجوز كانت بتعرفني لما أجت سياحة على وطننا. أيام ما كان وطننا. إييييه أيام يا أبو شريك أيام. وبيهز براسه وهو وعم يتذكر الوطن ويتفرج ع البنت وهي وعم تعانق صديقها اللي وراه.

والنفر في هذه اللحظة وسط كل هذا الزحام، هو الوحيد الذي يتساءل يا ترى الـ”غيرل فريند” تبعه والا الجست فريند؟ وما بينسى يبتسم وهو وعم يراقبهن معجباً بالحضارة وموافقاً على تجلياتها، ثم يكمل مسيره وبقايا قوة الإعجاب بالحضارة ما زالت تشد شفتيه في وضعية المار اللطيف المبتسم.

يبتسم للأطفال، يبتسم للكلاب الكبيرة بخوف مستتر وابتعاد فني غير مُلاحظ عنها كي لا يجرح مشاعرها. فالنفر درس نفسية الكلاب حتى في أوروبا. قال له ذلك النفر القديم الذي ينزل الآن في ضيافته ريثما يتجه إلى وطنه الذي اشتراه من المهرب بهداك المبلغ من الدولارات، الكلاب وضعها ممتاز هنا، وحقوقها محفوظة مائة بالمئة، لذا لا يفوته أن يبتسم إبتسامة مداعبة للكلاب الصغيرة التي كان يقول عنها بونجي في وطنه.

إنه حريص على مشاعر الكلاب وحذر جداً في التعامل معها، حتى أصبحت رغبته العارمة التي يحلم بتنفيذها هي توجيه شلوط وطني إلى البونجي التافه الذي هو مضطر لاحترامه الآن، لكنه لا يصارح برغبته هذه للنفر القديم، لأن النفر القديم أوروبي أكثر من الأوروبيين. وهو خلال فترة استضافته للنفر الجديد يمارس عليه كل القوانين الأوروبية في البيت.

فالتدخين ع البلكون يا نفر. راحت أيام التمطمعز على الكنبة ونفض السيكارة في النفاضة الحبيبة أمامك على الطرابيزة. ما عاد في تدخين عَ المرتكي أثناء سرد الأمجاد في مواجهة النظام الشرس الحقير. يمكنك أيها النفر سرد الأمجاد على البلكون وعَ الواقف. يعني إذا حظك منيح ممكن يكون في كرسي وطاولة في حالة واحدة ألا وهي أن يكون النفر القديم مدخناً مثلك. لكن على الأرجح ستدخن وحدك، وعلى الواقف دون أحد بجنبك. وهنا يمكنك التدرب على سردة جديدة من سرداتك البطولية وعملياتك الثورية السرية لتقصها لأبناء النفر القديم الذين لا يعرفون اللغة العربية أو اللغة الكردية، فتشرح لهم بلغتك الإنكليزية “زيس إز”..

آيام وأنت تشير إلى نفسك، هي إز .. أساااد أسااااد، وهنا تُجَعلِكُ وجهك وتُبرِز أنيابك، بل وربما تجرح ساعدك بأظافرك الطويلة كي تريهم دماءك على الهواء مباشرة، ثم تعود وتستأذن منهم كي تدخن سيكارة على البلكون. “سموكينغ تايم” “سموكينغ تايم”. يلفح الهواء وجهك، تنظر إلى أضواء المدينة الحضارية وتشعل السيكارة يا أيها النفر.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى