صفحات سورية

نقابة الفنانين تحكم سوريا


محمد فوزي راشد

اليوم ,عادت بي الذاكرة إلى صورة قديمة لحافظ الأسد و هو يلبس المنديل الأبيض ( الشورة بالحوراني أو الغترة بالخليجي ) و العقال .

ولكن طريقة لبسه لهذا اللباس الوطني و الشعبي في تلك الصورة كانت توحي بأن صاحبها عازف ربابة في مضارب الغجر (النّوَر) ,

كانت هذه الصورة معلقة في مبنى إتحاد الفلاحين , كنت كلما مررت بقربها أتساءل في سرّي : ” أليس من المفروض أن تعلق هذه الصورة في نقابة الفنانين” ,

كان هذا منذ سنين طويلة فربما الآن قد قامت السيدة الفنانة فهمية خطاب (البسوس) رئيسة نقابة الفنانين باستدراك هذا الخطأ .

تذكرت ذلك عندما رأيت بشار الأسد اليوم وهو يلبس العباءة البدوية ,

هذا اللباس الذي يفاخر من يلبسه من قبائل العرب بأنه أبن لبّيس العباية وهي كناية عن الزعامة والشيخة .

وهي عند القبائل العربية لا تمنح إلا لذوي الحسب العريق المقرون بالحكمة و العزة و الكرم ,فهل كان ابن مؤلف سوناتا الفتنة على الربابة كذلك.

لقد فرضت علي ذكرى أبيه ذات التفكير , كان بشار يبدو بتلك العباءة مثل أحد أعضاء فرقة الرّقة المشهورة للرقص الشعبي ,

لقد خطر لي :

لعل الفن يجري في دماء هذه العائلة التي شاءت الأقدار أن تحكم سورية لأربعة عقود .

-اليوم لم أتفاجأ عندما رأيت بشار الأسد في الرقة , صلى في أحد مساجدها صلاة العيد ,

وصافح وجهاءها الساهرين طوال الليلة الماضية أمام أجهزة كشف المعادن وخضوعهم لتفتيش يشبه فحص البروستات ,

وذلك حرصاً على حياة رئيس الجمهورية من أن يقوم أحد الأحرار من رجالات الرقة . بوضع حد للفتنة و رأسها .

ثم رأيته يخطب في الجموع المحشودة وليست المحتشدة في الساحة الرئيسية في الرقة . لقد كان يخطب وكنت أتوقعه أن يقوم بين لحظة والأخرى بالقفز أو بالدوران حول نفسه بحركة تشبه حركات راقصي تلك الفرقة لمن يعرفها.

كان بشار يزبد وهذا مؤكد لأنني رأيت الرجل الواقف على يمينه يمسح وجهه بسعادة غامرة بعد كل جملة , كانت ابتسامته البلهاء تقول كل هذا البصاق لايهم .

فوجوده قرب القائد هنا يستحق ولا مانع حتى بوجود أشياء أكبر من مجرد البصاق على وجهه.

ما رأيته اليوم هو أحد فصول مسرحية لا تزال تعرض في سوريا منذ أربعة عقود تدور حول زرع الفتنة بين ابناء الشعب السوري و مدنه ومحافظاته .

لقد كان بطل هذه المسرحية يؤدي دوره فيها وكانت الجماهير تراقبه وهم يشعرون بالضيق وكنت ترى الوجوه وهي تتلفت حولها بخوف وكان المُهَـيِّـجُـون والمُحَفزّون يتقافزون بينهم ولا تستطيع أن تعرف هل كانت قفزاتهم خوفاً أم لتخويف الذين لا يقفزون .

لقد كان بشار يتكلم و كان هدفه شيئان تهييج أهل الرقة ضد أهل حمص , وتهييج باقي سوريا ضد أهلنا في الرقة ..

لقد تم عرض هذه المسرحية مراراً في الثمانينات حين كان يقوم ببطولتها والده .

حينها جعل وجهاء درعا يعتقدون أن درعا هي الأثيرة إلى قلب القائد والقيادة,

وجعل حلب وحماة تعتقدان أن أهل درعــــــــا يساعدون حافظ في قتل أبنائهما.

لقد كان الفنان الشاب بشارالأسد . يرقص على أنغام سوناتا الفتنة على ربابة الفنان الراحل حافظ.

وفي هذه اللحظات تدور رقصة الموت في أحياء حمص ,

وسيتم الزج ببعض أبنائنا من مدينة الرقة في مقدمة الجنود الداخلين إلى حي بابا عمرو . بل ربماسيتكلم الشبيحة عبر المكبرات بلهجة رقاوية .

وعندها تكتمل فصول المسرحية , قتلُ أبناءِ حمص واعتداءُ على الحرمات ,

لتشتعل حبكة الفتنة .حقد بين حمص والرقة .وحقد بين سوريا والرقة .

تصفير حاد , ولاتسدل الستارة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى