صفحات سوريةفاضل الخطيب

نكتة ممدوح الأطرش…

 


فاضل الخطيب

أشعر بالواجب الأخلاقي قبل كل شيء عندما أضطر للردّ على بعض أبناء الجبل حول قضايا تتعلق بالجبل كما تتعلق بالوطن الأكبر، تتعلق بالجبل بسبب خصوصيتها والتي قد لا يُدرك حجم أهميتها –الشخصية أحياناً- إلاّ من هو قريبٌ منها روحياً وتراثياً. وقد “استفزّني” تسجيلٌ بثّه تلفزيون النظام السوري للسيد ممدوح الأطرش، يتحدث فيه باسم عائلة الأطرش والجبل وكأنه يحمل أخلاقية وشرعية التمثيل. ورغم طريقة الإخراج الرخيصة –وهو مخرج وممثلُ، لكن دوره كان ركيكاً جداً، إلاّ أن جوهر ما قرأه السيد ممدوح كان المديح للوريث بشار الأسد ونظامه، والهجوم على ثورة الحرية التي فجّرها أطفال وشباب وشيّاب الوطن قبل أكثر من ثلاثة أشهر..

كان رفاق سلطان الأطرش يبيعون “طحين” خبز أولادهم حتى يشتروا خرطوش من أجل مشاركتهم في الثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي، واليوم يُحاول ممدوح الأطرش بيع اسم سلطان الأطرش وعائلته التي قدمت الشهداء والمناضلين ثمناً رخيصاً.. الجبل وحتى عائلة الأطرش عندها بؤساء سقف مطالبها هو الاستجداء!. حقاً أنه عند أسفل السوسن الأبيض نجد أحياناً ظلالاً أسوداً!. ومن يعرف ممدوح الأطرش يُدرك أنه لا يملك صلاحية وشجاعة تمثيل نفسه، ومنذ أبدع وباع القصة المزوّرة لأسمهان أخت فريد الأطرش وزوجة الأمير حسن الأطرش –والتي لاقت احتجاجاً كبيراً ورفضاً من عائلة الأطرش ومن الجبل بشكل عام لعدم عكسها الحقائق عن أسمهان والقيم الحقيقية للجبل، أقول أنه منذ ذلك الوقت وربما من قبله لم يبقَ عنده الكثير الذي لا يخضع للبيع والشراء. ربما استثنائية خطابه البائس يُثبت قاعدة الشهامة عند الطرشان..

طبعاً لا يوجد عداء شخصياً بيني وبين ممدوح الأطرش، لكن خطابه السياسي وهو يقرأ صكوك غفرانه يدعوني للرد عليه، والرد الكامل والمفاجآت الرخيصة يظهر مع البؤس المغلّف بتعابير محللي الفضائية السوريةً.

إنسان يتكلم باسم عائلة الأطرش في مسألة سياسية كالتي تعيشها سورية يستحق أن يكون ذو مسئولية أخلاقية للخطاب الذي يُمثله. وعلى أي اعتبار يقوم بتمثيل أحفاد سلطان الأطرش وهم أحياء ومعروف موقفهم؟. ربما كان مخرجاً ناجحاً -أنا لا أعرف تقييمه مهنياً، والأفضل لو بقي مخرجاً يعطي الإرشادات للممثلين في أفلام الحب والرعب وليس ممثلاً صغيراً يُنفذ تعليمات المخرج الأمني السياسي. وكما أن سوريا لا تختزلها عائلة الأسد -وهذا القول لابنة سلطان باشا الأطرش وهو يُمثل رأي الغالبية في هذا الوطن، كذلك ممدوح الأطرش أعتقد أنه لا يمثل الطرشان ولا الجبل ولا جزء منه. وللتذكير أن حفيد سلطان الأطرش اعتقلته وسجنته مخابرات النظام الذي يُحاول السيد ممدوح الأطرش تلميعه وتجميل قبحه، وكان ذلك قبل حوالي ثمانية أشهر بسبب منعه وئام وهاب –وهو من بُرج ممدوح الأطرش، من دخول مضافتهم مع المخابرات التي رافقته. وهناك أمثلة أكثر عن المرحوم منصور الأطرش أحد قادة حزب البعث وهو ابن الباشا ودوره ورأيه بنظام عائلة الأسد أيضاً، المهم أن عائلة سلطان الأطرش (الأحياء من أبنائه وبناته وأحفاده وحفيداته والأموات منهم/ن) موقفهم واضح وهم/ن أمناء لتراث سلطان ويعرفون المكان والموقف الحقيقي الذي عليهم التواجد فيه بدون إملاءات وتمثيليات الصغار..

كنت أتمنى أن تكون كلمة الجبل واحدة كما تركها حرّة سلطان الأطرش، لكني أتساءل أنا: هل الدفاع عن الذي فرّط بالجولان -معروف البيان 66 لعام 67 الذي أصدره الأسد الأب بالانسحاب قبل وصول أي عسكري إسرائيلي بأكثر من 24 ساعة، هل الدفاع عنه من أخلاق الجبل؟ هل الدفاع عن اغتصاب السلطة 41 عاماً وجعلها في عائلة الأسد هو أخلاق سلطان الأطرش والتي يُحاول السيد ممدوح التستر تحتها؟ التفريط أو وداع اسكندرون، توليد الفساد وجعله “أخلاقاً” مقبولة في المجتمع، التأسيس للطائفية -بعد 50سنة من حكم الحزب الواحد وعائلة الأسد متفردة في ذلك منذ 41 سنة وبعد هذا الزمن مازالت الطائفية خطاب موجود تغذيه أجهزة الأمن ومطروح في الشارع، وهو وحده إثبات على فشل سياسة حكم عائلة الأسد!. دعم وتبرير اغتيال جنبلاط وحاطوم، سرقة آثار الجبل وهتك مخابرات النظام بكرامة أهل الجبل…إلخ. إن اختطاف شبلي العيسمي وهو من مؤسسي حزب البعث هدفه متابعة إذلال الجبل وتحذير وليد جنبلاط! من يقتل ويعذب أطفال المدرسة الإبتدائية وبالمئات لا يتورع عن اختطاف رجل تسعيني!. اعتقد أن مصير السيد العيسمي يهمّ كل إنسان عنده أخلاق، ورغم التعتيم الإعلامي الرسمي -حتى رفاق حزبه في الجبل ساروا كالقطيع وبدون أي نشاط أو صوت أو عملٍ أو ضغط للبحث عن مختطفيه.. يمكن الحديث مطولاً عن قضية اغتصاب السلطة والوطن وتوريثها وتدجين المجتمع -رجال دين يلبسون عمائم الدين يهتفون لبشار الأسد مثل أطفال الطلائع، حتى ضريح الباشا غطوه بصور الأسد الأب والابن وعلم البعث….إلخ. ولم نتحدث عن عدل النظام واستقلالية القضاء، والمخابرات. والحديث عن إسرائيل وهدوء الجبهة خلال 4 عقود -كيف يمكن تبرير وطنية ذلك؟ وهنا لم نتحدث عن قتله للفلسطينيين وفضائحه خلال احتلاله لبنان، وتحالفه لإسقاط رفيقه صدام حسين ومشاركة جيشه مع الجيش الأمريكي وبقيادة الأمريكيين في حفر الباطن! وهل بقي سراً خوف إسرائيل من سقوطه وضغطها على الغرب والشرق لمنع الضغط على النظام، ولمحاولة إنقاذه؟.. أعتقد أن الموقف الوطني والديني والأخلاقي والاجتماعي وحتى “العصبي” يدعونا للوقوف ضد نظام الأسد قبل غيرنا، ويمكن الاستشهاد بحقائق أكثر.

بعد هذا هل من مبرر أخلاقي لشخص مثل ممدوح الأطرش أن يتحدث داعماً النظام باسم عائلة سلطان باشا الأطرش؟ ونحن لم نتحدث عن كنز وأهلية ممدوح الأطرش الأخلاقية تجاه قيم الكرامة التي حاول الحديث عنها.. البلد صغيرة والناس بتعرف بعضها، وتعرف من يستحق أن “تُصب” له القهوة المرة، وتعرف من لا يملك حرية وشجاعة قول لا!.

وحول نفس الموضوع –استباق احتمال تسمية جمعة سلطان الأطرش ورفضها من قبل السيد الممثل ممدوح الأطرش ومخرجه الأمني، لكن من مقاربة أخرى، لماذا إذاً رفضت حفيدة المجاهد صالح العلي تسمية الجمعة باسم جدّها رغم أنه كان رمزاً وطنياً؟ على كل حال اختيار تسمية جمعة صالح العلي أو العشائر وربما غيرها قد لا يكون موفقاً وناجحاً كتسمية ولي شخصياً تحفظاً عليه!

ويحلو للمدافعين عن نظام عائلة الأسد التحذير من التدخل الخارجي وهو تحذير مشروع، لكني لا أتذكر أنه طلبت أو شجعت أية فئة سورية أو رحبّت بالتدخل الخارجي منذ قرون، ومعلوماتي أنه ولا فئة سورية معارضة لنظام الاسد طرحت أو تطرح هذا، والمهم أن شباب الانتفاضة وطرحهم وموقفهم هو الأساس وهو الناظم والمرجع المشروع للانتفاضة، وقراءة بيان اللجان التنسيقية يُعطي الرد وصورة المستقبل المنشود، وغير ذلك من الأصوات النشاز –إن وُجدت- لا قيمة لها. الساعة الرملية تنقص بسرعة، وساعة الرحيل قربت إن استطاعوا إليه سبيل. الزمن سيثبت الحقيقة ويكشف المستور ويظهر السيد ممدوح وأمثاله بدون تجميل ما قبل وما بعد التمثيل.

ممدوح الأطرش لا يستحق الحديث عنه أكثر لأنه يُسيء إلى نفسه واسمه وسمعته، وقريباً ستتكشف إضبارته وشفافيته..

السقوط الذي يشدّ البعض به الجبل وصل إلى درجة لا يمكن السكوت عنها، ومهما حاولت أجهزة النظام تحييد وتهميش وتجييش أهل الجبل في طريق غير الذي سار عليه الأجداد، مهما حاولوا لكنهم سيفشلوا ويرجع الجبل شامخاً كما كان دائماً منذ قرون، وقريباً يأخذ الممثلين الصغار حجمهم الحقيقي على مسرح الحياة، وسيظهر دائماً من يحاول التمسح بحذاء سلطان الأطرش لتبرير وجوده تحت…

فاضل الخطيب، 18 / 6 / 2011.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى