صفحات الثقافة

نهارات قصيرة وليال طويلة/ تشارلز سيميك *

 

 

ترجمة: سنان أنطون

تلفزيون قديم يقول لنفسه في بيت فارغ: «يبدو أن قدري حكم عليّ أن أعيش بين أشياء لن تتوقف يوماً عن الكلام».

ليلة باردة في كانون الأول. امرأة مشرّدة تنكمش في مدخل بناية على شارع إيست ثرد في نيويورك وتحادث الله. وهو، كعادته، معقود اللسان.

ثور برأس مفكّر عميق، يقف وحيداً في حقل مغطى بطبقة من الثلج، ولا يروقه ما يراه.

■ ■ ■

كاميرا مراقبة

كلب يستجدي على قدمين

خارج متجر كبير.

■ ■ ■

«ما أحبه في الطبيعة هو لامبالاتها بنا نحن البشر وبمعاناتنا. بينما نكون نحن هنا مع مآسينا الصغيرة أو الكبيرة، تهب الريح وتهز الأوراق على الأشجار، تزهر الورود، وتموت. وهناك راحة كبيرة في هذه اللامبالاة». هذا ما تقوله الشاعرة فالشينا مورت في مقابلة في «نيولترز»، وأنا أتفق

معها.

إنهم ليتجسّسون على براغيث في كلب لو كانوا يستطيعون ذلك ــ أو لعلهم يفعلون ذلك أساساً.

يبدو أن الغربان تبدأ يومها بشجارات عائلية وينقص ما تقوله بمرور اليوم.

■ ■ ■

«ليس لديّ ما أخفيه»، جملة لم يتعب مواطنو الدول البوليسية المختلفة في القرن السابق من ترديدها. والآن نسمع الأميركان يقولون الشيء ذاته. كيف يمكن للمرء أن يكون حراً وألا يمتلك أي حق في الخصوصية في الوقت ذاته؟ هذا أمر لا يخطر

ببالهم.

تحوم جدته، التي تعيش وحيدةً، في بيتها القديم في الليل، تلقي محاضرات على المرايا لساعات.

القصيدة ساعة، ساعة غريبة يريد لها صانعها أن تتوقف بعد عدد معين من الدقّات.

■ ■ ■

أيتها الأزلية العزيزة،

هل كنت تدّخرين ساعاتنا القديمة الميتة، ثم تتباهين بلمعانها الآفل هنا وهناك في سماء الليل؟

■ ■ ■

عرّافة غجرية تجلس أمام طاولة صغيرة مستديرة في محلها ذات ليلة وتحدّق في آيفونها بانتظار زبون.

كانت قصة حبه حزينة، حزينة للغاية. أضحكت كل من سمعها.

■ ■ ■

كان صديقي القديم توني برنيكاريو يقول: «أفضّل الاستماع إلى شجرة بدلاً من فيلسوف. لكن الأشجار بلا أوراق وليس لديها الكثير لتقوله للثلج الذي بدأ يسقط للتو».

■ ■ ■

«كلنا نتلمس طريقنا في الظلام»، همستُ في منتصف الليل، فقط لأسمع صوتي.

 

* تشارلز سيميك واحد من أهمّ شعراء أميركا الأحياء. ولد عام ١٩٣٨ في يوغوسلافيا وهاجر إلى الولايات المتحدة عام 1954. فاز بالعديد من الجوائز، ونشر عشرين مجموعة شعرية والعديد من الكتب الأخرى والمقالات والترجمات من الشعر الفرنسي والصربي والكرواتي والسلوفيني. اختير عام ٢٠٠٧ شاعراً رسمياً للولايات المتحدة الأميركية. يدرّس الشعر والكتابة في جامعتي «نيوهامشر» و«نيويورك». يكتب بصورة منتظمة في موقع وجريدة «نيويورك ريڤيو أوف بوكس». نشرت هذه المقاطع في ٢١ كانون الثاني (يناير) عام ٢٠١٤.

الأخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى