صفحات الحوار

هادي البحرة: الاتصالات مستمرة مع واشنطن وبرامج التدريب والتأهيل لعناصر المعارضة في فبراير المقبل

 

 

رئيس الائتلاف السوري: عرضنا على دي مستورا تساؤلات عن آلية التعامل مع {داعش} إذا وافقنا على خطته

القاهرة: سوسن أبو حسين

وسط تسريبات عن مبادرة مصرية جديدة لتسوية الأزمة السورية وطرح روسي للحوار الشهر المقبل، لا تزال الرؤية غير مكشوفة لوسائل الإعلام حول طبيعة التحركات المقبلة، إلا أن هادي البحرة رئيس الائتلاف السوري، قال في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، إنه «لا توجد أي مبادرات رسمية قدمت إلى الائتلاف حتى هذه اللحظة، بما في ذلك مبادرة ستافان دي ميستورا، التي أعدها غير مكتملة»، مضيفا: «نحن رحبنا بجهوده وأبدينا ملاحظات، منها أن تكون خطته متكاملة، ولا تركز على تجميد الاقتتال في حلب فقط؛ لأن ذلك يكون داعما لاحتلال (داعش) لهذه المناطق».

نفى هادي البحرة أن تكون سوريا مقسمة ما بين النظام والعناصر الإرهابية، مؤكدا أن الجيش الحر يقاتل الطرفين من دون إمكانيات، وما لا نفهمه هو تقديم كامل الدعم لـ«داعش» والنظام حتى يكون المجتمع الدولي أمام خيارين، إما النظام وإما الإرهاب.

وذكر رئيس الائتلاف السوري أن الشعب السوري يعول على مصر وروسيا خلال المرحلة المقبلة، لإيجاد تسوية وحل سياسي ينطلق من وثيقة جنيف واحد. وإلى نص الحوار..

* أعلنت موسكو أخيرا عزمها استضافة اجتماع للمعارضة السورية نهاية شهر يناير (كانون الثاني)، وآخر يجمع المعارضة والنظام، فهل أبلغتم رسميا بذلك؟ وهل الأمر يحتاج إلى إعداد وتمهيد لضمان نجاح هذا الجهد؟

– حتى هذه اللحظة لا يوجد أي شيء رسمي بخصوص ملتقى موسكو، ولم نتلقَّ أي دعوة رسمية أو شفهية بتاريخ محدد، وإذا كان الهدف من هذا الطرح عقد لقاء سوري – سوري للمعارضة فهذا يجري حاليا بين عدة أطراف من المعارضة، ونحن في الائتلاف اتخذنا منذ أكثر من شهر خطوات للبدء في عملية حوار مع كل الأحزاب والتيارات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابية حول آفاق الحل السياسي، والجهود التي بذلت في مؤتمر جنيف ووثيقة المبادئ الرئيسة لتحقيق السلام في سوريا، وهي تتضمن 24 نقطة، قدمتها رسميا أثناء مؤتمر جنيف، وهي ما زالت تشكل الأرضية المناسبة لإعادة تفعيل مؤتمر جنيف والبدء من حيث انتهينا وليس بالعودة إلى نقطة الصفر، أما إذا كان المؤتمر يهدف إلى حوار بين أطراف المعارضة وكأن هناك مشكلة بينها فهذا غير موجود.

* موسكو تطرح عقد مؤتمر بين النظام والمعارضة؟

– خلال لقائنا مع (ميخائيل) بوغدانوف (نائب وزير الخارجية الروسي) أبلغنا أن بلاده تفكر في طرح مؤتمر من محورين؛ الأول: حوار بين المعارضة، بعضها وبعض، التي تدعوها موسكو للمشاركة في هذا المؤتمر، ثم المحور الثاني يشمل الحوار بين المعارضة والنظام، وكما نعلم أن جهود المجتمع الدولي تبلورت بإخراج وثيقة بيان 30 يونيو (حزيران) 2012 المسمى ببيان جنيف، ولذلك لا بد أن يكون هو المرجعية والأساس لأي إطار تفاوضي في المستقبل، وما زالت روسيا، كما أبلغنا، تعد وثيقة جنيف فاعلة وتدعمها، بينما ما يقال حول موضوع الحوار لا توجد له أي أجندة ولا برنامج، وبالتالي لن يكون ناجحا؛ لأنه لضمان ذلك لا بد من أجندة واضحة ورعاية دولية ومظلة قانونية ودولية لهذا المؤتمر.

* ماذا عن مبادرة مبعوث الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا؟ هل وصلت إلى طريق مسدود أم هناك فرص لنجاحها؟

– مبادرة دي ميستورا حتى هذه اللحظة لم تقدم إلينا أيضا بشكل مدون ومكتوب ومتكامل كي نقوم بمراجعتها، حتى اللحظة كل ما جرى بحثه كان شفاهة، ونحن نرحب بجهود دي ميستورا وسعيه لإحلال السلام في سوريا، وقد أعطيناه بعض ملاحظاتنا بخصوص مبادرته لضمان نجاحها.

* ما ملاحظاتكم على مبادرة دي مستورا؟

– عدة نقاط، أولها ضمان عدم نقل النظام لقواته من جبهة يجري تجميدها إلى جبهة أخرى، وبالتالي لم يجرِ تخفيض العنف، وإنما نقله من مكان إلى آخر. والنقطة الثانية حول ماهية الآلية الرقابية لضمان تنفيذ هذه الخطة، والثالثة ما عواقب مخالفة هذه الخطة، وكلنا يعلم أن عدم وجود عقاب لمن يخترق الاتفاق لن يؤدي إلى التزام أي من الأطراف. كما نرى أن خطة دي ميستورا يجب أن تكون جزءا من حل سياسي متكامل، أما السعي لتنفيذ الخطة فقط، فلن يعطيها أي فرص للنجاح.

* من يعطل التسوية السياسية في سوريا؛ أنتم أم العمليات الإرهابية، أم النظام؟

– يجب وضع النقاط على الحروف، وعليه لا يوجد حتى هذه اللحظة مبادرة مكتوبة من دي ميستورا، وبالنسبة لنا فقد أبدينا الملاحظات والنقاط التي تحتاج إليها الخطة حتى يكتب لها النجاح. ومعروف أن دي ميستورا يتفاوض مع النظام، وإذا كانت هناك عقبات فهي حتما من النظام وليست بسبب المعارضة، وكما أننا لم نصل إلى نتائج مع دي ميستورا لأن اللقاءات معه كانت تشاورية تمثلت في معرفة وجهة نظرنا ورؤيتنا لإنجاح جهوده.

* هل وجود «داعش» وانتشاره بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة يعرقل الحل في سوريا؟

– هذه نقطة أخرى أبديناها إلى دي ميستورا؛ إذ إنه بفرض أن قوات الجيش الحر والقوات المعتدية وقوات النظام وافقت على خطة تجميد الاقتتال، ما الآلية للتعاطي مع تنظيم داعش؟ وبفرض قيامه بالهجوم على حلب أو أي منطقة يجمد بها القتال.

* وهل يمتلك «داعش» القوة العسكرية التي تمكنه من السيطرة على الأرض في سوريا؟

– «داعش» تنظيم إرهابي انتشر في داخل سوريا قادما من العراق، وسابقا حين أسس كان عبارة عن مجموعة الإرهابيين الذين انتقلوا عبر الحدود السورية، وكنا نعلم أن قوتهم في العراق لا تستطيع السيطرة على قرية، وفجأة هذا التنظيم يخترق الحدود السورية بتسهيلات من النظام ويحتل أراضي سورية ولم يحاربه النظام بشكل جدي حتى يومنا هذا، ونرى أن النظام يبعث بقواته إلى حلب لمحاربة الجيش الحر ولا يحارب تنظيم داعش في الرقة ودير الزور، وبالتالي النظام يريد انتشار هذه التنظيمات الإرهابية في سوريا ليضع المجتمع الدولي أمام خيارين؛ هما إما النظام وإما «داعش»، وهذه النظرية لن تنجح؛ لأنه إذا لاحظنا خلال الأشهر الماضية، «داعش» تقدم وأخذ مناطق كثيرة داخل سوريا، وهذا يشكل خطرا على كل دول المنطقة، كما أن مقاتلي «داعش» يتدفقون من دول أوروبية وأميركا والصين وأفغانستان وغيرها، وبالتالي أصبحت هذه الدول مسؤولة عن الخراب الذي يحدث في سوريا.

* ألا يتوجب الحديث عن خروج كل المقاتلين الأجانب من سوريا قبل الحديث عن حلول؟

– أي خطة سلام مستقبلية يجب أن تتضمن هذه النقطة (خروج المقاتلين من سوريا)، وقد جرى بحثها في مفاوضات جنيف في القسم الأول، حيث نص وجوبا على إخراج كل المقاتلين الأجانب من سوريا، سواء كانوا من الكتائب مثل حزب الله وأبو الفضل العباس وغيرهما، التي تقاتل بجانب النظام، أو المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون في صفوف «داعش» وغيره، لكن الخطوة الأولى لمحاربة الإرهاب يجب أن تكون الحل السياسي وتوحيد الجهات على الأرض بموقف واحد من التنظيمات الإرهابية، وهذا لن يجري إلا إذا حققنا عملية انتقال سياسي كاملة وجذرية في سوريا.

* يتردد أن سوريا مقسمة ما بين النظام والجماعات الإرهابية.. أين الوجود العسكري للائتلاف في ظل الأوضاع الراهنة؟

– هذا ليس صحيحا؛ لأنه اختزال للخريطة السورية، وقوات الجيش الحر موجودة في حلب، ولذلك دي ميستورا يفاوض المعارضة حول تجميد القتال في حلب التي يوجد بها الجيش الحر، والأهم هو موجود أيضا في الجنوب التي يحقق بها انتصارات متوالية، صحيح يسير ببطء؛ لكن الجيش الحر يسيطر على أكثر من 70 في المائة من الأراضي في المنطقة الجنوبية، وبالتالي هناك قوات نظام وقوات «داعش» لمحاربة الجيش الحر، الذي يخوض معركتين في الوقت نفسه رغم إمكانياته المتواضعة.

* هل تقصد أن هناك دعما لتنظيم داعش بدلا من دعم الجيش الحر؟ وبمعنى آخر.. هل هناك من يدعم التنظيمات الإرهابية في سوريا حتى تعرقل التسوية السياسية؟

– نحن في المعارضة أنذرنا المجتمع الدولي منذ بداية هذا العام من خطورة تنظيم داعش عندما بدأنا محاربته على الأرض السورية، وللأسف لم يقم المجتمع الدولي بالتزاماته لتقديم الدعم للمعارضة، كما طلبنا التزامهم بتقديم الدعم ومقومات الحياة لبعض الكتائب التي باتت محاصرة أو لا يتلقى فيها مقاتلو الجيش الحر والثوار أي دعم.. وهذا لغز بالنسبة لنا، ونرى أن هذا التقصير يدفع المقاتلين إلى مزيد من التطرف، وبالتالي قد ينضمون إلى تنظيم داعش أو غيره، ومن هنا نقول إن التقصير الدولي بصفة عامة وعدم الوفاء بالالتزامات الإنسانية في حدها الأدنى، هو أحد مسببات زيادة الإرهاب.

* وهل تفكرون في تغيير الائتلاف إلى مجلس وطني مكون من 100 شخصية، وكذلك تشكيل حكومة تكنوقراط يرأسها رياض حجاب وفق أفكار مصرية مطروحة في هذا الاتجاه؟

– حتى هذه اللحظة توجد إشاعات وأطروحات إعلامية، لكن لا توجد أي أفكار مصرية رسمية قدمت إلينا، وما نعلمه هو أن الحكومة المصرية تسعى إلى حل سياسي في سوريا يحقق تطلعات الشعب السوري، ومرة أخرى لم تناقش مصر أي مبادرة من قبلها.. ونعلم أنها تضغط لتفعيل الحل السياسي.

* وماذا عن وضع الائتلاف؟ وهل تفكرون في تطوير العمل بداخله وفق المتغيرات الراهنة؟

– الائتلاف يمر حاليا بمرحلة محورية للرقي بعمله من خلال تنظيم صفوفه وتفعيل آليات العمل ضمن الائتلاف نفسه وخارجه، ودعم الحكومة المؤقتة لتقديم خدماتها في المناطق التي يجري تحريرها، ودحر قوات «داعش» منها داخل سوريا، وكل هذا الأداء ملقى على الائتلاف وبالوقت نفسه هو يعاني من توقف الدعم المالي من قبل الدول الداعمة.

* أجندة زيارتك لمصر.. ماذا تحمل؟

– أجندة مفتوحة حول التطورات الراهنة والمستجدات في سوريا والتشاور حول آفاق للتسوية السياسية وأوضاع الجالية السورية في مصر، خاصة الطلبة الذين يرغبون في الدراسة، وأوضاع اللاجئين غير الشرعيين، ومحاولة إيجاد حلول لكل مشكلاتهم تخفف من معاناتهم الإنسانية.

* وهل تطرح أو تقدم مطالب جديدة خلال لقائكم مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، وكذلك لقاء الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي؟

– نطالب الإخوة في مصر بما يملكون من علاقات دولية، وكذلك الجامعة، ببذل الجهود والضغط لتفعيل آليات الحل السياسي في سوريا بما يحقق تطلعات الشعب وتضحياته، وفي الوقت نفسه بأن يكونوا الأوائل بالتزاماتهم تجاه الاحتياجات الإنسانية للشعب السوري.

* هل تتوقع حدوث تقدم مهم في تسوية الملف السوري خلال زيارة الرئيس فلاديمير بوتين لمصر في يناير المقبل؟

– نأمل أن تستخدم مصر موقعها وثقلها العربي لدفع روسيا لوقف دعم النظام السوري بالسلاح والذخائر لقتل الشعب السوري.. ونأمل أن تكون روسيا في موقع أقرب إلى الحياد، كي تستطيع أن تلعب دورا في التسوية السياسية.

* في تقديرك.. هل ما زالت إيران مؤثرة في المشهد السوري ومتدخلة أكثر إلى جانب النظام؟

– إيران هي الحليف الرئيس للنظام السوري، وتنظر إلى بشار الأسد والنظام ليس بوصفه حليفا وحسب، وإنما بوصفه ذراعا لها في المنطقة، وبالتالي هي ثابتة على مواقفها، وكلنا نعلم أنه خلال الأيام الماضية وافقت إيران على منح النظام السوري قرضا بقيمة 840 مليون دولار، وهذا يمكن النظام من الاستمرار في قتل شعبه وارتكاب المزيد من الجرائم لشهرين أو 3 أشهر مقبلة، لكن في الوقت نفسه نعلم أن هذا النظام بات فاقدا لقراره؛ كونه لا يملك من الموارد المالية لتغطية نشاطه الحربي وإجرامه بحق الشعب السوري أو حتى بتشغيل مؤسسات الدولة، كما بات لا يملك الخزان البشري اللازم لاستمرار الأعمال الحربية، وتضطر إيران وغيرها لتقديم ميليشيات أجنبية وغيرها، كي تقاتل إلى جانبه، وقد ظهر ذلك خلال كشف مقاتلين من أوكرانيا وبريطانيا ودول أخرى، وهذه الأعباء كلها تأتي تزامنا مع انخفاض أسعار النفط الحالية، وانخفاض قيمة الروبل الروسي إلى النصف تقريبا جعل استمرار النظام السوري عبئا كبيرا على إيران وروسيا، وبالتالي هناك فرصة حاليا إذا ما قمنا بالضغط في الاتجاه الصحيح لتفعيل الحل السياسي الذي يعيد السلام إلى سوريا.

* وما تقييمكم لدور التحالف الدولي للحرب على «داعش»؟

– حتى هذه اللحظة لم يحقق النتائج المرجوة منه، وقد أعطى نتيجة عكسية في بعض جوانبه؛ لأنه لا يمكن الانتصار على الإرهاب بضربات جوية فقط، ولا بد من اتباع استراتيجية من 3 محاور تسير بها بالتوازي؛ المحور الأول: العمل العسكري ضد «داعش» من خلال التنسيق بين القوة الجوية والبرية معا، أما المحور الثاني فهو التخلص من أسباب الإرهاب التي تتمثل في النظام؛ لأنه كان سببا في إدخال هذه العناصر الداعشية إلى سوريا، والمحور الثالث يتطلب ضرورة دعم قدرات المعارضة حتى تتمكن من دخول المناطق التي تهزم فيها «داعش»، وبالتالي لا تعود إليها، وفي اعتقادي أن هذه المحاور الـ3 لا بد من العمل عليها.

* وكيف ترى الموقف الأميركي؟ هل تخلى عن دعم المعارضة ودعم الحل السياسي في سوريا؟

– الاتصالات مع أميركا دائمة ومستمرة، وكما نعلم أن برنامج التدريب والتأهيل لبعض عناصر المعارضة يبدأ في فبراير (شباط) المقبل، وهناك جهود أميركية سياسية، منها الضغط لإيجاد الحل السياسي.

* وماذا عن الدعم الخليجي للشعب السوري؟

– الدول الخليجية تقدم الدعم بالفعل للشعب السوري لإيجاد حل سياسي عادل، ونأمل منهم زيادة المساهمة الفاعلة في رفع المعاناة الإنسانية عن السوريين، ولا سيما المساهمة في برنامج الغذاء العالمي لمنظمة الأمم المتحدة وتسهيل إيجاد فرص عمل لإخواننا في الدول.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى