صفحات المستقبل

هدية عباس.. نقطة للمرأة السورية أم للنظام؟/ ديما نقولا

 

 

مرت انتخابات مجلس الشعب على الشارع السوري مرور الكرام، لم تأخذ صدى أبعد من اللافتات المعلقة على الجدران والخيم الانتخابية التي كانت تصدح بالهتافات. المؤيدون والمعارضون رفضوه لأسبابهم الواحدة أو ربما أسبابهم المختلفة، لم يعلق أحد عليه أملا أو حتى وهما.

وبعد هذا الركود،  يأتي الخبر الذي يجعلك تلتفت من لامبالاتك، خبر يغير التاريخ السوري أجمعه، أن “تصل امرأة سورية لرئاسة البرلمان السوري لأول مرة منذ الأزل!”

السيدة هدية عباس أول رئيسة لمجلس الشعب السوري، فهل هذا المنصب  تكريم للمرأة السورية؟ أم أنه استحقاق لها؟  وهل يعيد لها كامل حقوقها؟ أم أنه قنبلة ضوئية صادمة يستغل المرأة وقضية حقوقها ليلفت الانتباه لمجلس غير متفق على شرعيته، ويسجل نقاط قوة للنظام السوري؟

في قانون العقوبات السوري، لم يحم القانون المرأة من العنف، ولم تحصل على العدل في عقوبات جرائم الزنا، ولم تحصل على حقوقها بالتساوي مع الرجل في حالات الطلاق ووصاية الأبناء والأموال.

إذا كان لابد من تكريم المرأة، أو حصولها على حقوقها فلنبدأ بتغيير جملة القوانين التي تسلب المرأة حقوقها، سواء في قانون الأحوال الشخصية الذي لا يعترف باستقلالية المرأة كمواطنة سورية، حيث لا تستطيع المرأة السورية أن تمنح جنسيتها لأطفالها، كما لا تستطيع أن تكون وصية على نفسها في جميع المواقف القانونية، ولا تتمتع بحرية السكن أو الحركة والسفر دون إذن وفق القانون.

في قانون العقوبات السوري، لم يحم القانون المرأة من العنف، ولم تحصل على العدل في عقوبات جرائم الزنا، ولم تحصل على حقوقها بالتساوي مع الرجل في حالات الطلاق ووصاية الأبناء والأموال.

وفي ظل حرب دائرة ومستمرة منذ خمسة أعوام، فرضت ظروفها وقسوتها على المرأة بما عانته من فقد وفقر وأعراف مجتمعية واستغلال، وفي ظل سيطرة جماعات متعصبة وهمجية في الكثير من المناطق السورية، واستغلالها للمرأة والعودة بها للعصر الجاهلي، ولزمن الجواري وسلبها كامل حقوقها، هل سيخدم هذا المنصب المرأة السورية في كل بقعة سورية؟ وهل يتساوى منصب ما مع جميع الحقوق والقوانين المسلوبة؟

إن قضية حقوق المرأة ليست قضية نزاعات وحروب ضد الرجل، وليست قضية صراع دائري مع المجتمع وأعرافه وأديانه، بل هي قضية قانون عادل، يفرض على المجتمع احترامه بعواقبه ويغير عاداته وتقاليده.

وبالنهاية، إن أردنا أن نعترف أن الخبر رغم كل شيء هو خطوة صحيحة وإيجابية، هو خطوة عدل ومساواة، أن تصل امرأة لرئاسة مجلس الشعب، ولكن عن أي مجلس نتحدث؟ وعن أي شعب؟ وعن أي قوانين؟ وأي انتخابات؟ في خضم كل هذه الفوضى.

ربما الانتصار الأكبر الذي قد يحدث؛ أن تصل المرأة لمجلس يمثل الشعب حقيقة، وربما أن يكون الشعب موجودا بكليته، وألا نشعر أن وصول المرأة لهذا المكان هو جزء من المسرحية واستكمالا لها.

موقع هنا صوتك

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى