صفحات العالم

هل تشكل سوريا استثناءً للقاعدة العربية؟

 


كميل داغر

مطلبٌ أساسي كان يتكرر في هتافات المتظاهرين ، في معظم المدن السورية، التي نزل شبابها وشاباتها، وحتى كهولها، الى الشوارع والساحات، في الاسابيع الاخيرة. إنه مطلب الحرية. وهو الشعار نفسه الذي طغى الى الآن، في الحراك الجماهيري، على امتداد جزء واسع من المنطقة العربية، وإن كان امتزج بالضرورة بشعارات ومطالب اخرى تتعلق بوجه أخص بالحالة الاجتماعية – الاقتصادية لغالبية كبرى من مواطني هذا البلد او ذاك. غالبية تعاني الفقر والحرمان، فيما هي تشاهد بأم العين تراكم ثروات طائلة لدى قلة تستمد ثراءها الاسطوري إما من الفساد ونهب المال العام، أو من الاستغلال المفرط لليد العاملة وسائر الكَسَبة والمنتجين. وهو ما يحدث في احيان كثيرة في سياق القمع البشع لأبسط الحريات الديمقراطية، ومن ضمنها حرية التجمع والتظاهر، والإضراب عن العمل، وتشكيل الأحزاب والجمعيات، وذلك في ظل قوانين الطوارئ التي كان المخرج السنمائي المصري الراحل، يوسف شاهين،وصف انعكاساتها، خلال الاحتفال بعيد ميلاده الخامس والسبعين، في اواخر شباط/ فبراير 2001، على الشبيبة التي ستتمرد بعد سنوات قلائل، بقوله :

“إن استخدام السلطة لقانون الطوارئ أدى الى تربية الأجيال الشابة على الجبن والخوف، وجعل من حياتنا جحيما”.

التحرر من الجبن والخوف

إن الوصف الوارد أعلاه، على لسان المخرج اليساري المصري الكبير، لم يكن لينطبق على الوضع في بلده وحسب، بل كذلك على الأوضاع في شتى البلدان العربية الأخرى، ومن بينها سوريا بالذات، وإن كان ينبغي التنويه بأنه حتى في ظل شراسة الاستبداد والقمع في البلد المذكور، اللذين وصلا الى حدود ارتكاب المجازر الجماعية وعمليات الابادة – كما الحال في مواجهة الاخوان المسلمين في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي- تمكنت كتلةٌ معبِّرة من اليسار الماركسي غير الستاليني من أن تجسِّد حالةً متقدمة من الإصرار على مصارعة الطغيان والدعوة لدحره. فهذه الحالة التي تجمعت في ما عُرف بحزب العمل الشيوعي، بصيغته القديمة (تمييزاً له من الصيغة التي تحمل الاسم نفسه، حالياً، ببرنامج وبنية تنظيمية مختلفين)، شكَّلت، على مدى سنوات، تحدِّياً نضالياً فعلياً للنظام الديكتاتوري البعثي، قبل أن ينجح في سحقها تماماً، في العام 1992، عبر استكمال اعتقال القلة المتبقية من أصل مئات الكوادر القيادية والمناضلين، الذين قضى العديد منهم تحت التعذيب. وربما يمكن أن نرى في ما نشهده الآن من بدء تحرر الشبيبة السورية مما سماه يوسف شاهين “الجبن والخوف”، تحيةً متأخرة للشجاعة التي سبق أن أبداها مناضلون كثيرون في الحزب المذكور.

ونحن نقول “بدء تحرر”، لأن التظاهرات لم تشمل سوى مدن سورية قليلة نسبياً، في مرحلةٍ أولى،واكتفت بطرح مطالب تتعلق بالحرية، واطلاق المساجين السياسيين، وإلغاء قانون الطوارئ، وما إلى ذلك من شعارات تتعلق بإحلال الديمقراطية مكان الطغيان والاذلال والقمع . وفي المرة الأولى التي رفع فيها البعض شعار إسقاط النظام، خلال تشييع ثمانية شهداء في مدينة دوما، القريبة من العاصمة دمشق ، في مطلع الشهر الحالي،قيل إنه سارع العديد من المشاركين فيها إلى منعهم من مواصلة الهتاف بهذا الشعار، وإن كان عشرات الآلاف من المشيعين تجرأوا على الهتاف طويلاً ضد من وصفوه بـ”الخائن اللي بيقتل شعبو” .

غير أنه قد يكون من المبكِّر التكهن بمستقبل الاحتجاجات المشار اليها، بانتظار التأكد من مصير الوعود التي أطلقها رأس النظام، في الخطاب الذي ألقاه في أواخر الشهر الماضي، وعلى الرغم من أنه ترك انطباعاً سلبياً لدى كثيرين. حيث أنه رفض أن يرى في الحراك الجماهيري المناوئ له انتفاضاً أصيلاً لشعب يطالب بأبسط حقوقه في الكرامة الإنسانية والحريات الديمقراطية والحياة اللائقة ، عازياً ما يحدث إلى مؤامرة خارجية ومسعىً للفتنة . وحين اعترف بوجود مطالب محقة لدى من نزلوا الى الشوارع، بقي سقفُ ما أبدى من استعداد لتلبيته بين تلك المطالب أدنى بما لا يقاس مما كان يتوقع كثيرون، استناداً إلى ما أوحت به مستشارة الأسد، بثينة شعبان، قبل أيام قليلة من إلقاء الخطاب المذكور. هذا مع العلم بأن محللين عديدين يظنون، لا بل جزم بعضهم، بأن سوريا قد تشكل استثناءً، فلا تشملها، بكامل مفاعيلها، العاصفةُ التي تهب منذ أواسط الشهر الأخير من السنة الماضية، مفجِّرةً أكبر موجة من الاحتجاج الشعبي في أرجاء الوطن العربي، بعد عقود طويلة من الخضوع والاستسلام، إزاء الوضع القائم. بمعنى آخر، هل إن ما ظهر أخيراً من استعداد للمواجهة لدى جماهير سوريةٍ واسعةٍ، نسبياً، سيفشل في المضي إلى حدود إعادة النظر في كامل بُنى السلطة القائمة، والعمل على إطاحتها،أم أن ما سيحصل هو العكس تماماً؟

هل ستشكل سوريا استثناءً، حقاً ؟

يعلل أنصار وجهة النظر الأولى اعتقادهم هذا بعوامل عدة، من بينها :

أولاً – مواقف النظام المعني، الإيجابية، حيال حركات المقاومة في المنطقة (لبنان وفلسطين، بوجه أخص)، وضد الاحتلال الإسرائيلي، كما ضد المشروع الاميركي في الشرق الأوسط ، وباختصار موقفه المفترض من القضيتين الوطنية والقومية.

ثانياً- ما تبَقّى من مكاسب ، على ضآلتها، على مستوى الضمانات الاجتماعية التي كانت قد تحققت خلال حكم ما عُرف بيسار البعث ( بين عامي 1966 و 1970). وهو الحكم الذي انقلب عليه، بالضبط، الرئيس السابق حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي.

ثالثاً- الخوف الشعبي من الفتنة الطائفية، كما من استجرار أي صراع داخلي تدخلاً دولياً، على شاكلة ما يحدث الآن في ليبيا، مع ما قد يلازم ذلك من كوارث دموية ودمار بلا حدود،عدا التقسيم،واستعادة أشكال من الهيمنة الاستعمارية. وربما لعب الخوف المشار إليه دوراً حاسماً في كثافة الحشود التي شاركت في المظاهرة التي سارت في دمشق في أواخر الشهر الماضي، تعبيراً عن دعم المنخرطين فيها للسلطة القائمة.

رابعاً وأخيراً- ما قطعه الرئيس السوري، في الخطاب الملمَّح إليه أعلاه، من وعود بالإصلاح، في أكثر من مجال، وإن بدت تلك الوعود جزئية، وبعيدة جداً، بالتالي، من أن تستثير آمالاً حقيقية بالتغيير الجذري، سواء على الصعيد الاقتصادي – الاجتماعي، أو على صعيد الحريات الديمقراطية. وهي وعود أصابت بالخيبة الشديدة أصدقاء مقرَّبين من النظام، وأنصاراً له، ومدافعين عنه في أكثر من بلد عربي ، من بينها لبنان. لا بل حتى قادة بلد كتركيا تدخل معه السلطة، في دمشق، في علاقة تزداد توثُّقاً منذ سنوات.

وقبل أن نستعرض الأسباب التي تعزز وجهةَ نظرٍ معاكسةً تدحض نظرية الاستثناء المشار إليها، قد يكون ضرورياً أن نفنِّد، وإن باقتضاب، النقطة التي تفتتح النقاط الأربع الواردة أعلاه، ألا وهي تلك التي تجعل في أعلى أسباب متانة النظام واستعصائه المفترض، إزاء الزلزال الثوري المتحرك، في المنطقة العربية، والذي شهدت سوريا أخيراً أُولى ارتداداته فيها، ما تعتبر وجهةُ النظر تلك أنه موقفٌ وطني مشرِّفٌ، من جانب النظام في دمشق، في مواجهة إسرائيل والامبريالية الأميركية، ومشاريعهما لما تصطلحان على تسميته “الشرق الأوسط الجديد”.

فبخصوص الموقف المزعوم هذا، ولإنعاش ذاكرة الكثيرين، لا بد من استعادةٍ، ولو مختصرةٍ جداً، للأبرز بين ممارساتٍ تدحض تماماً هكذا مزاعم. وذلك منذ التدخل العسكري السوري في لبنان، في العام 1976، لأجل إجهاض مساعي القوى التقدمية فيه لإدخال إصلاحات جذرية للبنية السياسية للسلطة فيه، مروراً بمشاركة النظام السوري للأحزاب والمنظمات الطائفية المسيحية، في حصارها لمخيمي تل الزعتر وجسر الباشا الفلسطينيين، في الشطر الشرقي من بيروت، في صيف ذلك العام،مع ما أدى إليه ذلك لاحقاً من تصفية دموية للآلاف من سكانهما، أطفالاً ونساءً وشيوخاً. وصولاً لتقديم النظام عينه الغطاءَ الفعليَّ للهجوم الذي مارسته حركةٌ طائفية رجعية أخرى، هي حركة أمل، في الشطر الغربي من المدينة عينها، على المخيمات الفلسطينية، بعد سنواتٍ عشر، مع ما أدى اليه كل ذلك من عواقب وخيمة جداً على حياة عشرات الألوف من سكان تلك المخيمات، كما على موازين القوى التي ازداد اختلالها لصالح الدولة الصهيونية، كما ازدادت قوةً، بسببها، نزعةُ التنازل والاستسلام حيال تلك الدولة، من جانب منظمة التحرير الفلسطينية.

وبالطبع، لا يمكن أن نتجاهل إطلاقاً انخراط النظام المذكور في حرب التحالف العالمي، بقيادةٍ أميركية، في العام 1991، ضد بلد عربي هو العراق،مع ما تركته تلك الحرب من آثارٍ كارثية على موازين القوى عينها،كما على حياة الشعب العراقي بمجمله,ومستقبل البلد المذكور ،وكامل البلدان العربية.

وأخيراً،وليس آخراً،فإنه لن يكون بالإمكان،في ما يتعلق بالحكم على وطنية نظام حكم،إيجاد الأعذار لسلطةٍ يحتل العدو الإسرائيلي أرضها ،منذ 44 عاماً،فيما هي تمتنع عن إطلاق رصاصة واحدة عليه.أكثر من ذلك،إنها تحظر ،عملياً، أي محاولة من أيٍّ كان،لتأسيس مقاومةٍ فعليةٍ للاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري،هذا الاحتلال الذي وصلت به الوقاحة والغطرسة إلى حدود الضم “القانوني” لتلك المنطقة ،الحيوية جداً،من الأرض السورية،إلى إسرائيل،منذ عشرات السنين.هذا فضلاً عن كون طائراته الحربية جالت مراراً في باقي الأراضي السورية،من دون أن تُجابَه بأي ردود فعل رادعة ،وذلك حتى حين دمرت المفاعل النووي السوري الذي كان قيد الإنشاء ،قبل سنوات!!على العكس،فلقد عمدت السلطة عينها،في الفترة التي تلت ذلك، إلى توسيط تركيا لتسهيل قيام مفاوضات جديدة مع إسرائيل ،لإيجاد تسوية سلمية نهائية للنزاع معها.

على هذا الأساس،وبالتالي،يمكن أن نلاحظ مدى اهتزاز هذه الحجة ،حين يتم الدخول إلى منعرجاتها،والاصطدام بما تنطوي عليه من التباسات.وهو ما تدركه جماهير سورية واسعة تشارك في الحراك المناوئ للنظام،أو ستشارك فيه لاحقاً،ومن ضمنها أهل درعا الذين أطلقوا هذا الحراك،والذين كانوا يهتفون في مظاهراتهم ،داعين السلطة إلى نقل جيشها من شوارع المدينة وأزقتها إلى …الجولان المحتل!

وبالطبع ،فإنه تنضاف إلى هذه الحقيقة أسبابٌ أخرى تصبُّ في مصلحة النظرية المضادة ،التي ترجِّح اندراج المجتمع السوري ،في السيرورة نفسها ،التي تهزُّ المنطقة العربية بعنف ،في هذه المرحلة المصيرية من تاريخها.ونحن نوجزها بما يلي:

أ-أن الرئيس الحالي، الذي حلَّ محلَّ سَلَفٍ نجح ،في السنوات العشرالأولى من حكمه (1970-1980)،في السيطرة على توازنات السلطة ،من مواقع بونابرتية، لم يتمكن إلى الآن من أن يفعل ما فعله والده.فهو عجز عن الانتقال بالحد الأدنى من التوجهات الإصلاحية ،التي ظهرت لديه، في بدايات حكمه ،إلى التطبيق.

ب-أن التوازنات الجديدة ،المترافقة مع انتقالٍ واسعٍ للسلطة الراهنة،من نظام بيروقراطي برجوازي يملك القطاعُ العامُّ فيه موقعاً مهيمناً إلى إطلاق العنان كاملاً لآليات السوق،وللدور الطاغي للمشاريع الخاصة ،هذه التوازنات لن تسمح ،على الأرجح ،باستجابةٍ معقولة ،نسبياً،للتطلعات الشعبية ،التي تعبِّر عنها شعارات ومطالب برزت في العديد من المظاهرات، ولا سيما الأخيرة منها(منذ الأسبوع الأول من شهر نيسان /أبريل الجاري).وهي تطلعات لا تكتفي بالدعوة إلى ديمقراطية سياسية تطلق حريات التجمع،والإضراب،والتعبير عن الرأي،وتأسيس الأحزاب والجمعيات،وتداول السلطة،بل تطالب كذلك بالمحاسبة الصارمة على الفساد،وعلى نهب المال العام،وبتحقيق عدالة اجتماعية حقيقية.

ج-أن أي تجاوب ،ولو نسبي، مع الدمقرطة المطلوبة للحياة السياسية ،سيعيد طرح القضية الوطنية (والقومية)بشدة.وهذه المرة مع إمكانية جدية لإعادة الاعتبار لفكرة إنتاج مقاومة وطنية فعلية للاحتلال الصهيوني للجولان،ولتقديم دعم أكبربكثير لمقاومة الشعب الفلسطيني.وهي أمورليس النظام جاهزاً لتحمُّل أعبائها وتبعاتها،ومن ضمنه ما يتطلبه ذلك من تغيير جذري في بنى السلطة القائمة.

د-أن ما حصل منذ يوم الجمعة الواقع فيه الثامن من شهر نيسان/أبريل الجاري من تصعيدٍ دموي،من جانب أجهزة الأمن، ولا سيما في درعا،حاصداً عشرات الشهداء،وفي الأيام التالية وحتى الآن، في العديد من المدن السورية الأخرى،يوحي بأن النظام عاجز عن وضع حدٍّ لمسيرة القتل التي ينخرط فيها ،حالياً،على الرغم من السمة السلمية الواضحة،حتى هذه اللحظة، للاحتجاجات الشعبية.وهو ما قد يشكِّل مدخلاً محتملاً ،لا بل مرجَّحاً، لنقلة نوعية في مطالب الحراك الجماهيري الحالي.

ه-وأيّاً يكن،فإن النظام سيكون عاجزاً،في الأسابيع والأشهر القادمة،عن إيصاد الأبواب أمام رياح التغيير،على شتى المستويات ، التي تهب في المنطقة،وتأخذ في تونس ،ولا سيما في مصر،ملامح أولى لسيرورة ثورية متواصلة.علماً بأنه سيدرك سريعاً،إذا لم يفعل إلى الآن،الخطورة القصوى لمواصلة القمع الدموي للمسيرات الشعبية،ليس فقط على البلد والشعب ،بل أيضاً عليه ،هو بالذات،حسبما تعطي صورةً معبرة جداً عن ذلك أحداث ليبيا ،الملمَّح إليها أعلاه.

في شتى الأحوال،إن الجماهير التي بدأت تعتاد النزول إلى الشوارع في أحيائها ومدنها،للتعبير عن أفكارها وتطلعاتها،تشدد باستمرار ،في هتافاتها ،كما في اليافطات التي ترفعها، على سلميَّة تحركها.وهو ما ينبغي أن تحافظ عليه،أيّاً تكن ردود فعل السلطة القائمة،فضلاً عن الحرص الدائم، المطلوب منها،على عدم الانسياق وراء أي دعوات انقسامية ،سواء منها الطائفية أو المذهبية،أو القومية ،أو الجهوية أو غير ذلك. وذلك بالإضافة،أيضاً، إلى ضرورة الحرص على مواقف جذرية ضد إسرائيل والهيمنة الأميركية ،ومع كل تجليات المقاومة الشعبية للاحتلال،والتدخل الأجنبي.

إن ما يحدث ،في سوريا، اليوم، يؤكد حقيقةً لا مفر منها ،هي أن حركة التاريخ الجديد،التي بدأت في تونس، قبل أشهر قليلة،ستتواصل حتى نهاياتها،وستشمل، على الأرجح،كامل الوطن العربي.ودورُ كل القوى الديمقراطية والتقدمية،المنطقي والطبيعي،أن تساعد ،بكل ما أوتيت من إمكانات،في إذكاء شرارةٍ لا بد من أن تحرق ،في طريقها ،كل العوائق التي أربكت ،حتى وقت قريب، وفي عصر التحولات المتواصلة ،انضمامَ شعوبنا إلى سيرورة التغيير الجذري،على طريق قيام عالمٍ آخر ،هو عالم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى