إياد شربجيصفحات سورية

هل تلعب هيئة التنسيق الوطني دور حصان طروادة داخل المعارضة السورية؟


*إياد شربجي

 بالتأكيد نحن ندعو ونتأمل توحّد أطياف المعارضة السورية، والسبب واضح وجليّ ويدفع ثمن تأخّر حصوله السوريون يومياً من دمائهم وعذاباتهم.

لكن من الخطأ بمكان أن يعامل المجلس الوطني وهيئة التنسيق الوطني كمثلين متكافئين؛ الهيئة لا تمثل شيئاً محسوباً في الشارع، بل إن معظم السوريين يرفضونها إن لم نقل يخونونها، والمتظاهرون يعبرون عن ذلك أسبوعياً في لافتاتهم التي يرفعونها في المظاهرات.

المجلس الوطني -ورغم ضعف أدائه وعدم تلبيته حتى الآن للطموحات المعقودة عليه- هو من يحظى فعلياً بالثقل الحقيقي على الأرض، وهو من يضمّ الطيف الأوسع لأطياف المعارضة السورية بشقّيها؛ التاريخية المتمثلة بالتيارات الإسلامية والقومية والعلمانية، والناشئة التي صعدت خلال الثورة كتنسيقيات الداخل وهيئاتها الثورية المختلفة.

لذلك صار من المؤكد أن الإطار الوحيد المتوفّر لتوحّد المعارضة هو انضمام هيئة التنسيق الوطني إلى لمجلس والعمل من داخله، على الأقل على شكل ائتلاف سياسي إن لم يكن انضماماً واندماجاً فيه، وهذا يأتي كهدف مرحلي ضروري يفضي إلى إسقاط النظام، ثم ليعد كلّ مكون لهذا الإئتلاف بعد ذلك ويطرح أجنتدته السياسية الخاصة، ويخضع للشرعية الحقيقية من خلال صناديق الاقتراع.

 إن المتتبّع لأداء هيئة التنسيق الوطني، وتصريحات بعض أعضائها وسلوكياتهم منذ بداية الثورة يجعل الكثير من التساؤلات والريبة تتداعى إلى عقله حول الدورالحقيقي الذي تلعبه في هذه المرحلة، سيما وأنها هي من تسببت بكل هذا اللغط حول المعارضة السورية، وهي من أصبغت عليها الانطباع الذي تشكّل أمام الرأي العام العالمي بأنها مشتتة ومنقسمة على نفسها، إلى درجة دفعت وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون، ووزير الخاريجة البريطانية وليم هيغ للقول بصريح العبارة “إن على المعارضة السورية التوحّد قبل أن تطلب بالاعتراف بها”، الشيء نفسه انسحب على الجامعة العربية التي صار أحد أدوارها (غير المتوقّعة) هو إقامة االمؤتمرات وعقد جلسات المباحثات لجمع أطياف المعارضة السورية وتوحيدها تحت مظلة واحدة.

 لقد نجم عن هذا التشرذم تأخير اعتراف المجتمع الدولي بالمعارضة السورية كبديل للنظام السوري يمكن التعامل معه في المرحلة المقبلة، ما ساهم بالتأكيد بإطالة عمر النظام وسقوط المزيد والمزيد من الشهداء.

للأسف يلعب العامل الشخصي (وليس البرنامج السياسي) دوراً كبيراً في سلوكيات بعض أعضاء هيئة التنسيق ورؤيتهم للحل، فحسن عبد العظيم ينظر إلى نفسه على أنه شيخ المعارضين وهو الأحق بقيادة المعارضة دون غيره، لذلك فهو يسعى لإسقاط كل من ينافسه على هذا اللقب.

هيثم منّاع لديه مشكلة شخصية مع برهان غليون تشبه الغيرة، وقد نطق بالعديد من التصريحات التي تكشف هذا الجانب من شخصيته.

سمير العيطة -الذي يدعي عدم انخراطه في الهيئة لكنه حريص على المشاركة بكل فعالياتها- بدوره يعاني من الإسلاموفوبيا، تصريحاته تجعلك تعتقد أن لديه مشكلة مع مجرد وجود الإسلاميين في المعارضة، وليس فقط حجمهم وتمثيلهم داخلها، وعلى هذا الأساس فهو يحارب المجلس من منطلق علماني بحت.

السوريون طبعاً لا يدينون بولاء أعمى للمجلس الوطني، فهم يسجّلون ملاحظات كثيرة وكثيرة جداً على أدائه، سيما ما يتصل منها بعدم أهليّته حتى اللحظة لقيادة الشارع الذي زكّاه، وعدم رسمه لخارطة طريق شاملة للمرحلة الانتقالية، وكذلك عدم العمل على تقديم تطمينات حقيقية تضمن ضمّ شخصيات وطنية كثيرة إلى صفوفه؛ ليس أولهم ميشيل كيلو وليس آخرهم عمار القربي، بالإضافة للعديد من الملاحظات الأخرى.

لكن رغم ذلك فإن المجلس حتى بشكله الحالي يشكل الوعاء الأكبر والأمثل والأهم للمعارضة السورية.

إن كشف هيئة التنسيق للاتفاق المبدئي الذي عقدته مع غليون مؤخراً رغم كونه مسودة كما قال هو، أو حتى مجرد موافقتها على إبرامه معه منفرداً حتى لو كان اتفاقاً نهائياً كما تقول هي، وتشريعها من قبلُ لمنح المهل تلو المهل للنظام السوري قبيل توقيع المبادرة العربية، وكذلك رفضها لما تسميه (التدخل الخارجي) تحت اي مسمى (بما فيها تطبيق الشرعة الدولية) وترك السوريين يواجهون آلة الموت لوحدهم، وعدم اتخاذها موقفاً واضحاً وحازماً من النظام، بل وقبولها بفتات موائد الإصلاح؛

كل ذلك وغيرها من السلوكيات المريبة يجعل كثيراً من السوريين يتساءلون:

هل إنّ هيئة التنسيق الوطني تلعب دور حصان طروادة داخل المعارضة السورية….؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى