مراجعات كتب

هل ثمة هوية ثقافية بين رف الكتب

 

 

‘الصدع’ كتاب لجيل كيبل الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية ويضم مقالات إذاعية دأب على بثّها أسبوعيا بين صائفتي 2014 و2015، على أمواج إذاعة فرنسا الثقافية.

الثقافة لا هوية لها

*فرنسوا جوليان فيلسوف يهتم بتلاقح الأفكار بين أوروبا والصين لصياغة تأمل نظري عن فلسفة الوجود، وعن التبادل الثقافي. في كتابه الأخير، كما يدل عليه عنوانه “لا توجد هوية ثقافية”، ينفي وجود هوية ثقافية خاصة بفئة دون أخرى. ويعترف بأنه لا يدافع عن هوية ثقافية فرنسية مثلا، لصعوبة تحديدها، بل عن مصادر ثقافية فرنسية وأوروبية، لكونها تنشأ داخل لغة ما كما تنشأ داخل تقليد وبيئة ومناخ ما، وبالتالي فهي ليست ملكا لفئة معينة بل هي طوع أيدي الجميع، وهي إلى ذلك ليست حصرية كما هو الشأن مع القيم، ولا يمكن أن يوصى بإقرارها والثناء عليها. وفي رأي جوليان أن لسبب بسيط وهو أنها لا تنفكّ تتحول، كاللغات تماما، وعندما تكف ثقافة أو لغة عن التحول تصبح عرضة للموت.

النخب السياسية ومخاطر تعميق القطيعة

*”الصدع” هو آخر ما صدر لجيل كيبل الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية، ويضم مقالات إذاعية دأب على بثّها أسبوعيا بين صائفتي 2014 و2015، على أمواج إذاعة فرنسا الثقافية، بيّن فيها كيف أن الجماعات الإرهابية، وتنظيم داعش على وجه الخصوص، تسعى إلى فصل الجاليات المسلمة عن باقي المجتمع الفرنسي، وإذكاء كراهيتها ضده، وتشجيعها على الانتقام منه بشكل أو بآخر.

والخطر ليس في هذا الخطاب التحريضي -الذي يراد منه تفرقة المجتمع الفرنسي بإشعال حرب استنزاف أهلية، تضع بروليتاريا أبناء المهاجرين في مواجهة الطبقات المتوسطة- بل في الخطاب الإسلاموفوبي لسياسيين يحاولون كسب الأصوات استعدادا للانتخابات الرئاسية 2017، فيقعون في فخّ الإرهابيين. ومن ثَمّ، يدعو كيبل إلى ضرورة التحلي بروح المسؤولية وتغليب المصلحة العامة على الدوافع الفردية حفاظا على وحدة المجتمع الفرنسي.

الشاعر والكلمة الصادقة

*يواصل الشاعر جيرار ماسي سلسلة تأملاته “أفكار بسيطة”. في الجزء الثالث الذي جاء تحت عنوان “كتب بلّلها البحر” يتوقّف عند الكلمة، التي قد ترغّب الناس في قائلها أو تنفّرهم منه، أيّا ما يكن جنسه ووطنه ونِحلته. لا سيما في هذا العصر الذي التبست فيه الكلمة، وصارت مثارا لسوء فهم وحتى لنزاعات.

يستعيد المؤلف ما تستَهَلّ به الحكايات والخرافات والأساطير من كلمات يطوّعها الخيال لغايات مرسومة، مثلما يستعيد استعمال الكلمات نفسها في سياقات أخرى تؤدي إلى سوء الفهم والاختلاف والنزاع، ليخلص إلى أن الأدب بما له من قدرة على تربية النفوس وإيناسها بسبل الحضارة وفتح نوافذ الحلم أمامها، يمكن أن يوحّد البشر، بشرط أن يتجاوز الكلمة الكاذبة والمخادعة، وفي رأيه أن الشاعر، بشدوه الداخلي، هو وحده القادر على ضبط جروس مألوفة في إيقاع خافت لا يكاد يُسمع، وجعل لغة المعيش اليومي لغة شاعرية متعطشة للمعنى.

العرب

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى