بنكي حاجوصفحات سورية

هل حان الوقت لنعوة المجلس الوطني السوري؟


بنكي حاجو

لامفر من القول بان “المجلس الوطني السوري” المعارض لنظام بشار الأسد يعاني من سكرات الموت وهو في الطريق الى الموت الدماغي. في مثل هذه الحالات يطلب اقارب المريض من الاطباء انهاء جميع اجراءات الحفاظ على الحياة من سيرومات و ادوية واجهزة التنبيب والتنفس الاصطناعي حيث الوفاة ارحم من البقاء

اقرب المقربين من جماعة “المجلس الوطني السوري” هم دولة قطر وتركيا وامريكا ويطلبون الآن الرحمة والشفقة للمجلس المريض.

ماهي دلائل الموت الدماغي في حالة مريضنا: “المجلس الوطني السوري”؟

لنبدأ من تركيا.

عند بداية الانتفاضة السورية صرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان “الشأن السوري انما هو شأن تركي داخلي ولن نترك الاشقاء السوريين لوحدهم بين مخالب النظام”.

بعدها بمدة حذرت تركيا النظام السوري ومنحته مدة اسبوعين فقط لإنهاء العنف والقتل والكل يتذكرالزيارة “التاريخية” لوزير خارجية تركيا احمد داود اغلو لدمشق حينها.

ثم وصل التهديد والوعيد التركي لاحقاً الى يومين فقط وقيل حينها ان صبرتركيا يقترب من الانفجار وانها لن تقف مكتوفة الايدي!.

كل هذه العنتريات التركية انتهت تماما في الشهرين الماضيين، ويخيم الان صمت القبور على ساسة انقرة و”الشعب السوري الشقيق” يٌقتل. يبدو ان تركيا مرتاحة بوضعها الحالي”مكتوفة الايدي”؟.

قطر ايضا اصيبتْ بالشلل التام في عضلة اللسان وحذفت كلمة سوريا من قاموسها السياسي.

قرارالزام تركيا وقطر الصمت صدر من واشنطن، اذ امهلت هذه الاخيرة الدولتين لاسقاط النظام السوري مدة اقصاها نهاية عام 2011 الذي ودعناه قبل ايام وعملية اسقاط النظام لم تنجح كما كان مخططا.

لماذا هذه المدة بالذات؟

عام 2012 هو عام انتخابات الرئاسة الامريكية والرئيس اوباما الذي وصل الى سدة الرئاسة من خلال موقفه الرافض للتدخل العسكري الامريكي في الخارج، ليس هذا فحسب بل ايضا وعد بسحب القوات المتواجدة في الخارج مثل العراق لا يمكن ان يتدخل في الشأن السوري حتى انتهاء انتخاب الرئيس الجديد في نوفمبر القادم.

فرنسا ايضا سوف تذهب الى الانتخابات الرئاسية في غضون اشهر والرئيس ساركوزي لن يفتدي الاقامة في قصرالايليزية لاجل عيون المعارضين السوريين ولا حتى في سبيل مصالح الشعب السوري بأكمله.

السيد برهان غليون استاذ جامعي اكاديمي لا يعرف اللعب على حبال ومكائد السياسة، وظهر ذلك جليا من خلال مواقفه المتذبذة والساذجة. السبب في ذلك هو انه يتلقى الارشادات والتوجيهات من المصادر العليا في واشنطن وانقرة والدوحة، والتي تتعامل مع قوى واجندة خاصة من وراء ظهره في “المجلس الوطني السوري” بالذات. الضحية دائما هو غليون وليس غيره.

التوجيهات الاخيرة لغليون صدرت دون الرجوع الى الكتل الموجودة في المجلس وطالبته بالتعاون مع “هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي” ومحاولة التصالح مع النظام في سوريا لايجاد مخرج مؤقت للازمة السورية المعقدة.

المكالمة التي نُسبتْ الى السيد رئيس الوزراء القطري كانت القشة التي قصمت ظهر البعير في وفاة “المجلس السوري” موضوع الحديث حيث يبدو ان دورالانتفاضة كان سيصل الى السعودية في برنامج ومطامع دولة قطرالمتعلق باشعال شرارة انتفاضات الربيع العربي وهذا ثقيل على المعدة يصعب هضمه.

الاستراتيجية الوحيدة للمجلس هو نقل الازمة السورية الى مجلس الامن وبالتالي استجلاب التدخل العسكري الخارجي، والذي لم يعد مقبولا من اصحاب الشأن اي امريكا واوربا كما ورد آنفاً.

كنت من اكثر المتشائمين من اي دور للجامعة العربية في حل المعضلة السورية ولكن بقدرة قادر يبدو ان الجامعة ستنجح لاول مرة في تاريخها في حل مشكلة عربية معقدة كالشأن السوري.

العبء الكبير يقع الآن على كاهل النظام السوري وهيئة التنسيق لإنجاح مهمة الجامعة العربية ووضع حد لسفك الدم السوري ونقل السلطة الى الشعب السوري وبناء الدولة الديمقراطية العصرية.

مع ذلك المنطقة كلها موجودة في قلب عاصفة من الرمال المتحركة والتي يصعب فيها تطبيق مبادئ العقل والمنطق لاسيما اذا كانت الهرولة وراء تصدر المناصب هو الشغل الشاغل لمن يمارس السياسة في المعارضات السورية.

د. بنكي حاجو

طبيب كردي سوري

bengi.hajo48@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى