صفحات العالم

هل سيفلح «جيش الإسلام» في انتزاع اتفاق مشرف؟

 

 

ما تزال الأنباء تتضارب حول طبيعة الاتفاق الذي يجري التفاوض حوله في «مخيم العائدين»، بين «جيش الإسلام» و«اللجنة المدنية» لمدينة دوما من جهة، والفريق الروسي من جهة ثانية، حول تفاصيل كثيرة شائكة يتوجب أن تحسم وضعية آخر معاقل المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية. وإذا كانت تقارير حديثة قد أشارت إلى اتفاق حول إخلاء الحالات الإنسانية، فإن الغموض يظل يكتنف المعضلة الأكبر في هذا الملف، أي مصير «جيش الإسلام».

فهل سيخرج مقاتلو هذا الجيش من المدينة، وإلى أين سيتوجهون، ما دامت وجهة إدلب المعتمدة حتى الآن واقعة تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام»، أو «جبهة النصرة» سابقاً، التي لا ترحب بهم بالنظر إلى تاريخ طويل من الصراعات والمواجهات؟ أم سيخرجون إلى جرابلس، كما يتردد، ولماذا في هذه الحالة يتوجب أن تكون الفصائل المرتبطة بتركيا وعمليات «درع الفرات» أكثر ترحيباً بهم؟ أم يختار الجيش التوجه إلى مناطق الجبهة الجنوبية أو القلمون، وكلا الخيارين يصطدم برفض النظام السوري والروس على حدّ سواء؟ وثمة بالطبع ذلك السؤال الأكبر حول سلاح الجيش الثقيل والمتوسط، هل يغادر مع المغادرين كما يأمل حاملوه، أم يُنزع ويُسلّم كما يصر النظام؟

ويزيد من معضلة «جيش الإسلام» أن عمليات روسيا وإيران والنظام في الغوطة الشرقية بلغت ذروتها مع تبلور موقف سعودي يقر ببقاء بشار الأسد في السلطة، خلافاً لما ظلت الرياض تعلنه طيلة سبع سنوات ونيف، حول حتمية رحيل الأسد سلماً أم حرباً. صحيح أنّ هذا التحوّل السعودي إزاء الملف السوري ليس جديداً تماماً، بل يعود إلى شهور خلت منذ الاجتماع الشهير بين وزير الخارجية السعودي عادل الجبير و«هيئة التفاوض» السورية، إلا أن الإعراب عن هذه السياسة بلسان ولي العهد محمد بن سلمان شخصياً كشف ظهر «جيش الإسلام» المرتبط بالسعودية منذ النشأة، وأضعف هوامش مناورته على أصعدة ظاهرة، وأخرى خافية قد تكون أشد وطأة.

والأرجح من جانب آخر أن يكون تأثير قمة أنقرة الثلاثية يوم أمس، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني، وبالاً على «جيش الإسلام» من حيث أنها سوف تمنح موسكو وطهران ترخيصاً تركياً إضافياً بممارسة ضغوط أكبر على آخر جيوب المعارضة المسلحة في محيط العاصمة دمشق، خاصة وأن الأجواء ملبدة حالياً بين أنقرة والرياض، ولا مصلحة للرئيس التركي في تعكير صفو القمة دفاعاً عن فريق محسوب على السعودية.

يبقى أن قادة «جيش الإسلام» زعموا على الدوام أنهم أهل اعتدال، وقد سبق لبعضهم أن ترأسوا وفود مفاوضات باسم المعارضة السورية، كما شاركوا في صياغة عدد من اتفاقيات خفض التصعيد. وهذا يُلزمهم من حيث المبدأ بإدارة جلسات التفاوض على النحو الأفضل الذي يحقن دماء المدنيين من أهل دوما، ويقي المدينة عمليات القصف الوحشية والتدمير العشوائي التي تعرضت لها بلدات الغوطة الشرقية الأخرى خلال هجمات النظام وحلفائه، ويكفل حسن استثمار الأوراق التي يملكها الجيش من أجل التوصل إلى اتفاق مشرف، أو في الحد الأدنى أقل استسلاماً وإذعاناً.

القدس العربي

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى