شذى ظافر الجنديصفحات سورية

هل هذا هو سعر صرف الإنسان العربي؟ ترتكب المجازر والجرائم ضد الإنسان السوري والعالم يتفرج


د. شذى ظافر الجندي

المجازر والجرائم ضد الإنسانية التي أرتكبت في حق الشعب السوري أظهرت رخص قيمة الإنسان العربي… فقد الآلاف حياتهم وماتوا وعانوا الأمرّين من الاستبداد والظلم والقمع، ولم يتحرك العالم الحر ليدافع ويحمي إنسانية الإنسان.

 عندما يقتل الآلاف من الأطفال والنساء والرجال في سورية فإن العالم يعجز عن إيقاف هذه المجازر، ويماطل ويماطل، ونتساءل لماذا؟

هل هو رخص قيمة الإنسان السوري بالمعيار الغربي التي سهّلت ارتكاب المجازر بحقنا دون رقيب أو حسيب، كما سهّلت الطريق لإمتهان حقوقنا الإنسانية؟

هل دماء السوريين رخيصة لهذه الدرجة؟ أين مبادئ وقيم حقوق الإنسان؟ أين الاتفاقيات الدولية حول حماية المدنيين من العنف والقتل والمجازر؟ أين موقف المجتمع الدولي من الجرائم ضد الإنسانية؟

تدهورت قيمة الإنسان السوري الذي يطالب بالحرية والكرامة، وحول المجتمع الدولي قضية الثورة السورية المطالبة بالحرية إلى قضية أزمة إنسانية وحرب أهلية؟ المصالح الدولية تتوافق من اجل خفض سعر صرف الإنسان السوري. المصالح الدولية المرتبطة بمصلحة إسرائيل أولا، تريد أن ترى الشعب السوري ضعيفا، فقيرا، منهكا، وتريد سورية ضعيفة ومنهارة اقتصاديا، ولهذا تركز فقط على العقوبات الاقتصادية عوضا عن دعم الثورة السورية.

أما في أسباب تدهور قيمة الإنسان الاعتبارية فأهمها، الطغيان السياسي والاستبداد، وبالتالي فأن العلاقة هنا تكون طردية بمجال لا يقبل الشك أو المساومة وبعيدا عن الشرح التفصيلي الزائد!…

لا قيمة للإنسان في واقع الاستبداد، ولا مكان للحرية في البلدان ذات النهج الشمولي، والتركيز يكون دائما من قبل الفئة الحاكمة وزبانيتها على طرق الكسب ووسائل الربح وتحصيل الثروة، والهدف الأقصى للأنظمة الفاسدة هو المحافظة على السلطة، وإخضاع الأفراد بالقوة، ونهب الخيرات وسلبها من الإنسان.

النتيجة المعروفة هي ليست هنالك أية قيمة اعتبارية للإنسان في العالم العربي ! والفارق بين سعر الإنسان بين مختلف الدول العربية ليس كبيرا، حتى يمكن أن يذكر أو يشاد به باعتباره انجازا عظيما!…فقيمة الإنسان الاعتبارية في العالم الغربي كنموذج للتقدم، هي اكبر بكثير من قيمة الإنسان العربي!

هذا ما حدث في سورية، نحن طبعا نحي المواقف الدولية نحو إنقاذ بعض الأجانب، لأنهم جاءوا إلى سورية من أجل السوريين ومن أجل دعم ثورتهم، ولكن. عندما يرى السوريون هذه الجهود والاحتجاجات والمواقف الدولية من أجل عدة أشخاص، ويشعرون بتجاهل المجتمع الدولي لملايين السوريين الذين يتعرضون يوميا لكل أنواع الإرهاب والقمع والظلم من قبل النظام الاسدي يتساءلون. نعم يتساءلون عن المساواة، يتساءلون عن المعايير الدولية، يتساءلون عن حقوق الإنسان والتمييز، يتساءلون عن الموقف الدولي الحقيقي من قضيتهم.

ومن المعروف إنه قبل الثورات العربية، اعتبر الإنسان العربي بأنه عديم القيمة، حيث لا حرية فكرية أو اجتماعية أو دينية أو سياسية، كان يعيش الفرد العربي بدون أمل أو طموح أو مستقبل، ولكن كل شيء تغير فجأة، وصمم الإنسان العربي على الخروج للشوارع مطالبا بحريته التي نسيها منذ زمن طويل، وعندما استفاق وكسر السلاسل وتحرر من قيود الخوف، وفتح عينيه وجد نفسه إن موقعه في آخر السلم …لا حقوق سياسية له، ولا حقوق اقتصادية، ولا حقوق مدنية، وعندما برزت له الحقيقة وتكشفت له الحقائق اخذ يتساءل من أنا؟ من أكون؟ وكيف تركت هكذا؟ وكيف مرت كل تلك السنوات وأنا صابر وعلى عيني غشاوة، والنظام المستبد يسرقني كل يوم، يسرق لقمتي ولقمة عائلتي، ويسرق حياتي ومستقبل أطفالي، كل ذلك من اجل حفنة من الفاسدين والمارقين والانتهازيين والوصوليين الذين سرقوا الشعوب ونهبوها باسم الانظمة العربية.

 وهكذا هب الشعب السوري ليتحدى النظام الفاسد والقمعي، يطالب بحقوقه المشروعة، حقوقه الطبيعية كأي شعب حر في هذا العالم، يطالب بالديمقراطية وحرية التغيير، والاختيار والحياة الأفضل، وبدأ يقدم نفسه على مذبح الحرية والعطاء السخي من اجل الكرامة التي يحلم بها.

سينال الشعب السوري حقوقه رغم القتل والذبح، والاغتيال والقمع، وأسلحة الدمار والرعب، والتخويف. سينتصر هذا الشعب، مهما طال الزمن على هذه النظام القمعي الذي يقتل شعبه بدم بارد.

لا يمكن أن أنسى هذا الرجل الذي يصرخ، أنا إنسان ما ني حيوان، لعلنا ندرك أن هذه الثورة هي التي ستعيد لنا حريتنا وكرامتنا. إن أهم شعار رفعته الجماهير أثناء الثورة هو احترام الكرامة والحرية، وعدم المساس بحقوق الناس في حياة كريمة، تتبوأ الكرامة فيها المكانة المركزية، وتتشكل فيها سياسة عمومية تدور حول نقطة مركزية ذات أولوية عاجلة هي الاحترام، احترام حقوق الإنسان، احترام الاختلاف والرأي الآخر، احترام الكرامة الانسانية…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى