صفحات العالم

هل هو الخطاب الأخير للأسد؟

 


محمد القبيسي

على مدى 70 دقيقة من خطاب الأسد الابن، لم نجد أي قشة نجاة ليتعلق بها الشعب السوري في مياه القمع والقتل التي أغرقهم بها النظام السوري، لم يكن الشعب السوري فقط من كان ينتظر هذا الخطاب بل العالم أجمع، فالولايات المتحدة طالبت النظام السوري بضرورة القيام بالإصلاحات المطلوبة والتي ترقى إلى تحقيق طموحات الشعب، أو أن يتنحى عن السلطة، ولكن لا يبدو أن هناك أي بوادر للإصلاحات أو التنحي، فالخطاب يشير إلى المؤامرات الخارجية والوعود المكررة ونفي الشائعات عن عائلة الرئيس وكيفية التأقلم مع الأزمة في حال استمرارها، والكثير من المواضيع التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

إن لغة الجسد تتناغم دائماً مع لغة الكلام، ومن طبيعة البشر أن يربطوا لغة الجسد بالكلام عند النظر إلى شخص معين أثناء تحدثه، وهذا عكس ما لاحظناه من الرئيس بشار بأن لغة الجسد لديه كانت مناقضة للكلام أو لم تكن متوازنة، مما يوحي بعدم الثقة والتردد، وأيضاً لاحظنا بأنه بين كل فقرة وفقرة يقف ليفسر ما قرأه أو يتكلم عنها بطريقة مختلفة عما قرأه، ومن ثم يعود إلى القراءة مرة أخرى، وهذا يوحي أيضاً بعدم معرفة ماذا عليه أن يفعل، وهو ما كان يفعله بسؤال نفسه بين الحين والآخر، ماذا لو؟ أو إذا قمنا؟

إن ذكر عدد الفارين من العدالة بأنهم تجاوزوا الـ60 ألفاً، وسياراتهم الرباعية الحديثة المزودة بأسلحة عجزت الحوامات عن صد هجومهم، والعصابات المسلحة، لن يجعل الشعب يرجع عن موقفه للوقوف مع النظام بل ستعزز من موقفه ومطلبه لتنحي النظام أمام عجزه عن ردع من سمّاهم بالمخربين في ترويع الشعب وقتله، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، أين أجهزة النظام من هؤلاء العصابات؟ ولماذا هم فارون حتى الآن؟ وهل ستقتل أجهزة النظام هؤلاء الـ60 ألف شخص؟ أم هل هو مبرر عند وصول عدد القتلى إلى 60 ألفاً؟

إن سوريا تمر اليوم بأزمة حقيقية أمام مطالب الشعب والتي لابد من أن تلبي تلك المطالب الشعبية في عمل خطة توضح الاتجاه المطلوب نحو الإصلاحات والعمل على تنفيذ ذلك بالفعل والعمل وليس بالخطابات والوعود، ولن تفيد وسائل القمع والقتل والتشريد في وأد هذه الاحتجاجات بل ستزيد من إصرار الشعب على تلبية وتنفيذ مطالبه في الإصلاحات والتغيير وتنحي النظام.

لقد كان الخطاب دون الطموح ودون مستوى رغبة الشعب ومطالبه، حيث استنفذت الوعود صبر الشعب السوري على مر السنين الماضية فكان الأسد الأب يعد بالأمس وحمل تلك الوعود الأسد الابن الذي مازال يعد حتى اليوم ولا نعلم متى سيكون التنفيذ، أم هل هي وصايا الوعود المتوارثة؟.

سؤال راودني بعد خطاب الأسد، أو بالأحرى عدة أسئلة لم أستطع أن أستنتج إجاباتها، وهي هل مازال بشار يعيش في سوريا؟ وهل يعي بما يدور حوله من مظاهرات واحتجاجات وقتل وتشريد للشعب السوري؟ وهل وصلته الرسالة بأن الشعب يريد إسقاط النظام؟

فعلاً أسئلة تريد إجابات لأن من استمع إلى الخطاب يظن بأن البلاد لا تزال في خير وسلام، وأن ما يحدث مجرد احتجاجات من جماعات صغيرة ( جراثيم كما ذكرهم الأسد) سوف يتم القضاء عليهم.

وأخيراً، إذا كانت هناك خطابات قادمة ستكون بنفس مضمون سابقتها محملة بالوعود وشرح للوضع الحالي للبلاد وللمؤامرات الخارجية، ونافية للشائعات المغرضة، والعصابات المسلحة والجراثيم وكيفية القضاء عليها، ولا تحمل أي خططاً مستقبلية فعليه للإصلاحات والتغيير للشعب والوطن ونية تنفيذها على أرض الواقع، إذا.. نتمنى بأن يكون هذا الخطاب هو الأخير.

الشرق الأوسط

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى