صفحات العالم

هل وصلت رسالة مخلوف؟

 


طارق الحميد

التحرك في الجولان، وجنوب لبنان، ولأول مرة، إحياء لذكرى النكبة الفلسطينية الثالثة والستين، يعني أن رجل الأعمال السوري رامي مخلوف كان يعني ما قاله عندما صرح بأن استقرار إسرائيل من استقرار سوريا.

النظام السوري، وعلى لسان وزير إعلامه أراد التقليل من تصريحات مخلوف بالقول إنها لا تمثل وجهة نظر النظام، لكن الوقائع والتاريخ يقولان عكس ذلك. فدمشق مستعدة بالتضحية حتى آخر فلسطيني لخدمة أغراضها دون أن تخسر رصاصة واحدة، ولو بالهواء. وها نحن اليوم نرى المحاولة المفضوحة لاستغلال ذكرى النكبة من خلال اقتحام فلسطينيين للحدود الإسرائيلية – السورية عبر الجولان المحتل، وكذلك الجنوب اللبناني، مما يعني أن دمشق قد قررت صرف أنظار العالم عما يحدث في أراضيها من قمع وحشي للاحتجاجات السلمية عبر اللجوء إلى الشماعة الجاهزة وهي الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وكذلك لإرسال رسالة لإسرائيل تؤكد ما قاله مخلوف بأن لا استقرار في إسرائيل طالما لا استقرار للحكم في سوريا.

وطبيعي أن هذا أمر محبط، حيث تشتعل الصراعات ليس للتحرير وإنما لإطالة عمر النظام في سوريا، لكن هذا الأمر يعد دليلا فاضحا على حجم استغلال القضية الفلسطينية، كما أن فيه مؤشرا مهما وهو أن سوريا لم تستطع، إلى الآن على الأقل، تحريك صواريخ حماس هذه المرة في غزة، كما أن حزب الله لم يطلق، إلى الآن، كاتيوشا أو خلافه من جنوب لبنان. وهذا بالطبع له دلالات مهمة تعني أن حماس لا تراهن اليوم كثيرا على النظام السوري، كما تعني أن حزب الله يعي جيدا أن لا تعاطف معه اليوم في العالم العربي. وبالتالي فإن حزب الله يعي تماما أن فتح جبهة الآن من لبنان مع إسرائيل سيكون أمرا مكلفا ومفضوحا، أمام الرأي العام العربي، لأنه يأتي دفاعا عن النظام السوري أمام مطالب الشعب السلمية والحقيقية، وحزب الله يعي أن جزءا من الاحتجاجات في سوريا اليوم هو ضد إيران وضده، كما أن العالم العربي لن يكون مستعدا للدفاع عن حزب الله في حرب عبثية جديدة، بل وليست لديه المقدرة.

وهذا الأمر يجب أن يكون بمثابة تعليق الجرس ليس في منطقتنا وحسب، بل وحتى في أميركا عندما يلقي أوباما خطابه للعالم العربي، فاللعبة هي نفسها، أي استغلال القضية الفلسطينية. لكن الجديد أن اللعبة باتت على المكشوف، وبشكل فج، ولتكون الأمور واضحة هنا فلا مشكلة أن يتظاهر الفلسطينيون في ذكرى النكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن الجديد هو دخول فلسطينيين إلى إسرائيل من سوريا وعبر الحدود مع الجولان، وكذلك التحرك من جنوب لبنان. لذا، فإن الرسالة واضحة، والهدف مفضوح، فمن خلال تهديد إسرائيل، يهرب النظام السوري إلى الأمام، ويتسنى له قمع السوريين تحت الشعار البالي «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».

عليه، فإن الأوراق اليوم باتت مكشوفة ولا تحتاج لنابغة، كما يقال، ليفسرها أو يفهمها، وبالتالي فإن رسالة رامي مخلوف قد وصلت، لكن هل وصلت للعرب والغرب بالوضوح نفسه، هنا السؤال؟

الشرق الأوسط

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى