صفحات الناس

هل يثور الصامت؟/ مصطفى علوش

 

 

ثمة فئات وشرائح من الشعب السوري، لم تكن أصلاً مع الثورة السورية، وبعضها كان موالياً للنظام، ولكن أغلب هؤلاء يمكن تصنيفهم بالصامتين الذين دبّ الذعر في قلوبهم أكثر، لا سيما بعد أن تبين مدى التطرف الديني الذي مارسه على الأرض «داعش» وجبهة النصرة.

الصامتون، حرّضهم الثوار عبر صفحات التواصل الاجتماعي منذ 2011 من أجل الانضمام إلى الحراك العام، لكن حدة الصراع والعنف اللانهائي الذي قابل به النظام الناس وما زال جعلا هؤلاء ينكفئون أكثر، يصمتون أكثر، لكنهم يتابعون كل شيء عن كثب، يتألمون بصمت أيضاً.

منذ أيام قليلة، علت أصوات سورية كثيرة مطالبة بتغيير وزير التربية بسبب اكتشاف بعض التفاهات داخل مناهج وزارة النظام، استقبلت تلك الأصوات بالسخرية من قبل بعض من يقف مع الثورة، كما أن هناك هجوماً شبه دائم من قبل الصامتين على حكومة النظام بسبب الأوضاع العامة المعيشية السيئة.

غليان اجتماعي تعيشه أوساط شعبية سورية في الداخل، معظمها كانت تأمل بأن يحدث هناك تغيير سياسي يصب في مصلحة الناس وتحسين الأوضاع العامة، وما حدث عكس ذلك تماماً غلاء فاحش ومستمر، غياب شبه تام لأي ضمان اجتماعي من قبل حكومة النظام، ولولا المساعدات الأممية التي تدخل إلى مناطق النظام وتوزع على غالبية الناس، لكانت الأوضاع أسوأ.

في الداخل السوري، يحدث صراع خفي أحياناً ومعلن أحياناً أخرى بين موالين للنظام من أجل اقتسام مناصب صغيرة هنا أو هناك، بغاية النهب طبعاً. كما أن بعض المسؤولين الصغار في المرتبة تبين مدى الشراسة عندهم في الدفاع عن مكاسبهم التي حصّلوها بسبب الفساد العام في النظام.

الصامتون الخائفون جداً من نظامهم، ومن «داعش» وأخواته، انتظروا طويلاً على أمل التغيير، وحين لم يحدث ذلك، علت أصواتهم الخائفة، ولو عبر غضب على وزير التربية وغضب على الحكومة.

والسؤال الصعب: كيف يمكن تثمير ذلك سياسياً لمصلحة الثورة، أو ليكون على الأقل ضد النظام؟ والجواب عنه متعلق بالحالة العامة التي تعيشها الهيئات المفاوضة المعارضة التي تعيش حتى الآن بمعزل عن فهم تلك التفاصيل المهمة.

الصامتون هؤلاء هل يمكن أن يكونوا كفة الميزان الرابحة لو جرى احترام تعبيراتهم الغاضبة تلك؟ لا أمتلك الجواب، ولكني أميل إلى فهم كل ذلك.

في المجتمعات الغربية هناك فئة صامتة، لا تشارك في استطلاعات الرأي، فئة صامتة، ولكن بسبب قدرتها على التأثير أيام الانتخابات نجد نتائج الانتخابات تميل لمصلحة حزب أو رئيس لم نتوقع أن يفوز.

في سورية، ثمة محارق أخلاقية واجتماعية تحدث من قبل متطرفين وجدوا في وسائل التواصل الاجتماعي فرصتهم للانقضاض على أي رأي سوري معتدل.

في سورية، هناك مزاج عام ناقم على كل شيء، مزاج اجتماعي يجب فهمه، وتقييمه والسعي لاستثماره إيجابياً في المعارك السياسية ضد النظام.

ترى هل يمكن أن يكون الداخل السوري على أبواب انتفاضة شعبية جديدة سببها الانسداد التام في الآفاق السياسية المتعلقة بمستقبل سورية؟

نترك للأيام المقبلة الجواب.

* كاتب سوري.

الحياة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى