تكهنات حول نهاية منتظرةرفيق شاميصفحات مميزةعبد السلام اسماعيل

هل يسقط النظام قريبا: لن يسقط عما قريب: رفيق شامي

 

اعداد عبدالسلام إسماعيل

بعد الإنتصارات المتوالية التي يحققها الثوار على الأرض والإنحسار التدريجي لهيمنة النظام على مناطق واسعة من البلاد، تواترت التصريحات الغربية عن سقوط وشيك للنظام، فقد أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أنديرس راسموسن “أن إنهيار النظام قريب وما هو إلا مسألة وقت”. بينما إعتبرت واشنطن أن “يأس النظام” يزداد. ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى أن تحدد الأسرة الدولية هدفا لها هو “دفع الأسد إلى الرحيل في أسرع وقت ممكن”. ويحوز الإئتلاف الوطني على إعتراف دولي متزايد خصوصا بعد مؤتمر مراكش قبل أيام، مما يشي أن الأسرة الدولية تتهيء للتعامل مع بديل محتمل للنظام السوري.

أيضا، التصريحات المفاجئة لنائب وزير الخارجية الروسية بوغدانوف، رغم تأكيد روسيا أن موقفها من الأزمة السورية لم ولن يتغير، لكنه يشير إلى إعتراف روسي بعدم قدرة النظام على الحسم وإمكانية خسارته المواجهة مع الوقت. وهو نفس مضمون حوار فاروق الشرع الأخير مع جريدة الأخبار اللبنانية، حيث تضمن إقرارا غير مسبوق من شخص رفيع المستوى في النظام السوري بعدم جدوى الحل العسكري وإستحالة انتصار النظام. وهو أمر يقود ضمنا أن النظام أصبح مدركا أكثر من ذي قبل أن لحظة السقوط باتت قريبة.

من جهة أخرى، يعتقد خبراء “أن هذه التصريحات تشير إلى أن المفاوضات بدأت فعلا بين أمريكا وروسيا للتوصل إلى حل للأزمة، وأنها تتعلق بفرض ضغوط نفسية لإرغام النظام على توقع مساومات مؤلمة. غير أن الاعلان على الملأ أن النظام سيسقط قريبا قد يكون غير منتج، لأنه في حال عدم حصول ذلك في الأيام أو الأسابيع المقبلة، يمكن للنظام القول أنه أقوى من أن يكون مضطرا إلى تقديم تنازلات. هل ذلك يدل على بداية إجماع دولي لوضع حد للنظام أو أن الدول الغربية على تواصل مع مجموعة مهمة ومؤثرة في الجيش النظامي يمكن أن تنقلب على الأسد، أو أنهم يزيدون من ضغطهم لدفع الأسد إلى المغادرة لتفادي انهيار تام للدولة “.

هناك تأكيدات أن الجيش النظامي ما زال قويا وقادرا على حماية أجزاء واسعة من الأراضي الممتدة من دمشق الى المناطق الساحلية”، وأيضا رغم كل الحديث عن انتصارات الثوار وتقدمهم لكن النظام لا يزال حاضرا وممسكا بكل مؤسسات الدولة في جميع المحافظات السورية.

يقول براء ميخائيل، الباحث في المعهد الجيوسياسي الإسباني، أن النظام السوري “لا يمكن أن يسقط سوى بانقلاب أو تدخل خارجي أو من خلال زيادة هائلة في الدعم اللوجستي الذي تقدمه الدول الأجنبية للمقاتلين المعارضين في سورية”.

نحن أمام وجهتي نظر تحمل كل منهما جزءا من الحقيقة. توجه موقع “صفحات سورية” الى العديد من صناع الرأي العام في سورية (كتاب، روائيين، شباب) بسؤال محدد هدفه جلاء بعض الغموض حول هذه المسألة، ورغبة الموقع بتقديم بانوراما وان كانت سريعة عن هذه المسألة المهمة ، نعلم مسبقا أن الاجابات ستتفاوت في التقدير وفي القيمة، ولكننا لنا شرف المحاولة على الأقل.

نتمنى من كل الكتاب والشخصيات أن تجاوب على سؤالنا التالي باختصار، مقدار صفحة على الأكثر لكل اجابة، ونتوقع منكم الاجابات في موعد أقصاه السبت القادم 22 كانون الأول 2012 مساءا.

السؤال هو التالي:

هل تعتقد أن سقوط النظام بات قريبا, نعم أم لا، ولماذا ؟

سؤال توجهنا به الى العديد من الكتاب والنشطاء والحقوقيين، كان همنا هو تقديم اجابات مختلفة المناهل والمنابع، كان همنا أن نقدم للقارئ السوري ما يسكت قلقه حين يصطدم بهذا السؤال، للأسف عدد المشاركين كان قليلا، وكالعادة الكثير من الذين أرسلنا لهم الاستبيان لم يردوا، وهذا يسلط الضوء على مشكلة عويصة تواجهنا نحن الصحافيين تتمثل في عدم احترام بعض الكتاب لتعهدهم بالكتابة، و امتناع البعض عن الاعتذار سلفا على الاقل احتراما لجهدنا، نشكرا كل الذين أجابوا سؤالنا بالاعتذار لأحترامهم هذا الجهد، الردود التي وصلتنا قليلة ولكنها نوعية، متميزة، سننشر كل منها على حدة احترما لمشاركتهم القيمة التي نشكرهم كلهم دون استثناء عليها، ونخص بالشكر الروائي والكاتب رفيق شامي الذي اصر على المشاركة رغم مرضه الشديد، نسأل الله أن يمنحه العافية والصحة الجيدة وأن يشفيع.

شكرا جزيلا مرة أخرى لكل الأصدقاء الكتاب الذين ساهموا بهذا الاستبيان.

النظام لن يسقط عن قريب

رفيق شامي

لا أملك من أدوات ومقدمات الحكم على التقدم والتقهقر في ساحات المعارك ونقاط المواجهة والتي يتجاوز عددها يوميا عشرات المدن والقرى سوى الأخبار والإنترنت. ولا أود المشاركة في قراءات فنجان الثورة كما تفعل جارتنا العجوز عندما تستقرأ المستقبل بشعوذة لطيفة.  الثورة السلمية  بملايين السوريين والسوريات إنتصرت على الخوف ولم تنتصر عسكريا على النظام.. المناضلون العسكريون بكل خلفياتهم والوانهم الفكرية والعقائدية هم من أجبر النظام اولا وأخيرا على التقهقر. وبقدر ما تقدم المسلحون ميدانيا بقدر ما تقوقعوا فكريا في إسلاموية غريبة عن المجتمع السوري، الذي ولدت الثورة من قلبه التواق للحرية والديمقراطية بعد أربعين سنة من الإستعباد. هذا التصعيد رافقه جبن فريد من نوعه في التاريخ للمجتمع العربي (بما فيه تونس وليبيا ومصر)  والدولي والذي أدى لترك السوريين وحدهم، لا بل خانهم بصورة سافرة أمريكية بإلقاء الخطابات علنا (كلينتون وأوباما)  والتي ترجو الأسد بالتنحي ودفع المالكي، عميل أمريكا ودميتها، للتحالف الطائفي مع الأسد وهو الذي عاني منه لسنوات. ولذلك لا أقيم أية أهمية لأي تصريح فرنسي، الماني، إنكليزي، أمريكي أو روسي بأكثر مما هو: تلفيق للإستهلاك اليومي مع نشر ضباب كثيف وبمنتهى الخبث وذلك بتخطيط علمي بارد (وليس مؤامرة) لتركيع سوريا المحررة لسنوات وإخراجها من دائرة الخطر على إسرائيل التي تقف علنا إلى جانب نظام مريح لها منذ نصف قرن.

الأسد كحاكم لدمشق قد يسقط قريبا، سواء قضي عليه من أعدائه أو أصدقائه او فر الى الساحل أو طهران أو موسكو.هذا لا يعني أن نظامه سيسقط معه. إن تقليص النظام ليصبح بقزمية شخص واحد وهم خبيث. وهذا من أكثر الأوهام خطرا على الثورة. النظام الأسدي نخر عظامنا وسكنها ولا يمكن أن يسقط إلا بعلاج راديكالي نبدأ فيه من يومنا هذا وفي كل مكان نقف فيه. هذا النظام هو من يقف كعراب وراء تخوين الآخر، هو من يقدس الركض وراء الثراء السريع الغير مشروع دوما، هو الكذب على النفس وعلى الآخرين بما حمله كل منا طوال سنوات من مشاركة لهذا النظام عن قريب أو بعيد، فترى أحد الصحفيين الذين ترعرعوا في أحضان النظام ينتقل وبخفة الفهلوي إلى حضن ممول آخر في الخارج ليصبح صحفيا ثوريا لا يساوم، ويواجهك بوجهه الكاذب على كل الأقنية ليهاجم من هناك المنفيين (عذاب بقايا ضمير له)  والمعارضة في الداخل والخارج (التي تعرفه عن قرب) …ما شاء الله وعين الحاسد تبلى بالعمى…

النظام بذر إحتقار كل التراث السوري في التعددية ومسامحة الآخر وشجع شعارات رنانة تفرق المجتمع إلى فصائل وشراذم وأقليات وأكثريات وهذه الشعارات كانت خيانة للشعب السوري النبيل والتي عبرت صرخته: “واحد، واحد، واحد الشعب السوري واحد” عن إتساع قلبه لكل الناس الطيبين. وما الذي يفعله السلفيون؟ ينادون بنفس الشعار تحت راية كاذبة أخرى… فبدل القومية العربية المهترئة يقدمون لنا حل أمة إسلامية مهترئة سلفا يتآخى فيها السوري مع الباكستاني والأفغاني ( غصبا عنهم) معاديا جاره السوري الذي لا يريد حكم الشريعة…وهذا طبيعي بالنسبة لـ 40% من المجتمع السوري وثقافيا وسياسيا لأغلبية السنة الرائعة والتي عشنا معها لقرون بسلام قبل ولادة الأسد وشبيحته.

النظام لن يسقط مادامت الطائفية تعيش في أذهاننا… ما دام أحدنا يبحث ولو لدقيقة عن جواب سؤال سخيف: لأي دين أوطائفة ينتمي من يتحدث، من يقترح، من يقاتل… بدل أن يسأل نفسه: ما الذي يقدمه هذا الشخص للوطن الحبيب وكيف يمكنني دعمه.

النظام ورث نزعة الخلط بين ما نعبده ونطيعه والوطن كمسكن جميل للجميع بتساوي… حتى بات نقد النظام كفرا وخيانة وطنية…النظام ترعرع وقوي بالعشائرية  وكل ما أنتجته من أمراض فهي إن لم تسقط اليوم أعادت النظام بوجه آخر…

النظام كرس عبادة الفرد ونزعة الفردية فكل منا نبي وليس هناك من يصلح المزراب…

النظام لم يفهم دور الغرب، سوى بأن الغرب أهبل يمتلك أسلحة ووسائل الكترونية لتدعيم حكمه… ويجب اللعب معه وعليه… فترى النظام يتصرف أحيانا كعميل مباشر للغرب دون الأخذ بقيمه الإنسانية وتراه في تصريحاته وكأنه  منفصم الشخصية يناضل ضد الغرب بمساعدته وبأجهزته وتقنيته ومخابراته… لكن هل يتوقف سوء الفهم هذا على النظام؟ للأسف لا، فلقد كان في تعامله مع الغرب مربيا لأجيالنا …والمعارضة بشقيها العسكري والسياسي لا تفهم الغرب على الأغلب، لا بوجوه حضارته الإيجابية لنتعلم منه، ولا بوجهه  السلبي ورغبته في نهب مواردنا وإركاعنا لنبقى مستهلكين وأيدي عمل رخيصه له مما يحتم النضال ضده.

النظام ثبت ونما على قاعدة المحسوبية والبرطيل ونهب خيرات الشعب وعرقه وبإختصار على الفساد الإقتصادي الإجتماعي، وهذا الفساد هو أول  مميزات المعارضة التي ورثتها عنه سواء في الداخل ام في الخارج. وإذا علمنا أنها هي التي ستقوم بتنظيم حكم ما بعد الأسد فإن النظام سيستمر عبرها بوجوه وأقنعة أخرى… وستكون حصة المتظاهرين والمقاتلين الشجعان وحصة النساء اللواتي قدمن الكثير لهذه الثورة في تقرير مصير سوريا بقدر الجزء الذي سقط من النظام.  في مصر وتونس وليبيا يطل مبارك والقذافي وبن علي برؤوسهم البشعة يوميا وبأقنعة لغوية إسلاموية ولذلك ستعيش هذه البلدان الثلاثة ثورة ثانية وثالثة ورابعة حتى يزداد وزن الثوريين في سدة الحكم وينحسر النظام مهزوما…وكل ما أرجوه أن نتعلم من هذه التجارب الأليمة لا بعنهجية الفهلوي العارف لكل شيء فهذا من أولى خصال النظام، بل بتواضع الثوري التلميذ أبداً لنكون جديرين بهذه الثورة الفريدة في تاريخ الإنسانية.

المانيا، كانون الأول 2012

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. برأي الشخصي الذي يحتمل الخطأ بشكل كبير جدا, اعتقد انه لايمكن للاسد ان يسقط فالصراع يدور الان بين الدولة السورية ومؤسساتها وبين الجماعات المسلحة من جيش حر وغيره, لذا فإن سقوط الاسد لم يعد الهدف وسقوط الظلم لم يعد الهدف, بل الانتقام من العلويين ومحاولة كسب الارض وتقسيم المناصب وبالطبع حالة الفوضى السائدة, فكيف يقف العلويين او غيرهم في صف المقاتلين ضد الاسد ولو معنويا وهم مهددين بالخطف والقتل وفي اقل الحالات بالاذلال يعني للاسف نواف الفارس اصبح بعرف الثورة السورية افضل من احد العلويين او السنة المعارضين سنين طويلة, وبنفس العرف اصبح ملك الاردن وامير قطر اقرب واحن من المنصف المرزوقي الذي عارض تسليح الثورة, هذا اذا تغاضينا عن برنار ليفي وعلاقة الوليد بمردوخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى