صفحات العالم

هل يشهد لبنان والمنطقة ربيعاً ساخناً

 

يعجّل في حلّ الأزمة السورية قبل الصيف؟

    اميل خوري

دعوة الولايات المتحدة الأميركية رعاياها الى عدم السفر الى لبنان أثارت تفسيرات شتى لا يخلو بعضها من القلق والخوف من الآتي.

ثمة من يقول ان معركة دمشق التي بدأ التحضير لها قد تكون حاسمة بين النظام السوري وخصومه، وانه قد يكون لهذه المعركة تداعيات خصوصا على لبنان وعلى ابواب فصل الصيف بحيث ان اصحاب المؤسسات السياحية والفندقية يخشون ان تلحق بهم خسائر مرة اخرى اذا تعطل الموسم هذه السنة بعدما تعطل السنة المنصرمة من جراء الاوضاع الامنية المضطربة وعمليات الخطف وقطع الطرق ولا سيما طريق المطار.

ويورد الذين يتوقعون ان تحسم المواجهة العسكرية بين النظام السوري وخصومه مطلع الصيف الاسباب الآتية:

اولاً: انه لم يعد في الامكان عربياً ودولياً تحمّل سقوط مزيد من القتلى والجرحى في سوريا وان الحسم بات ضروريا لوقف شلالات الدم، فضلا عن الخطف والخطف المضاد الذي زاد في طين الحرب بلة وقربها من الفتنة المذهبية اكثر.

ثانياً: ان الدول المحيطة بسوريا قد لا تبقى قادرة على منع انتقال ما يجري في سوريا الى اراضيها اذا طالت وازدادت عنفاً، وهذا لن يكون في مصلحة الدول العربية ولا في مصلحة دول الغرب خصوصا اذا تعرضت امدادات النفط للخطر.

ثالثاً: ان الاوضاع الاقتصادية والمالية سوف تتأثر ليس في لبنان فحسب بل حتى في عدد من الدول العربية ولا سيما تلك التي لا تزال تعاني من آثار الثورات فيها وعدم تمكنها من استعادة الاستقرار للاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية فيها وعندها تتحول الثورات التي قامت لاسقاط انظمة الى ثورات جياع يشعلها كل الشعب بمختلف فئاته، وقد تصب نتائجها لمصلحة الاسلاميين الاصوليين وهو ما تتمناه اسرائيل لخلق مزيد من الانقسامات والفوضى.

رابعاً: ان القتال في سوريا كلما طال، ازداد التدخل الخارجي فيها واشتد ساعد المقاتلين الاصوليين وتفرق المعتدلون بحيث يصبح من الصعب توحيدهم لتأليف قوة واحدة منهم تصلح للحكم بحيث يصبح من نصيب الاصوليين بفعل قوة وحدتهم وليس بفعل عددهم، وهو ما حصل حتى الآن في عدد من الدول العربية وكانت الاضطرابات السياسية والامنية والتداعيات الاقتصادية والمالية فيها.

خامساً: ان القتال اذا طال في سوريا، فإن عدد النازحين السوريين الى دول الجوار سوف يزداد بحيث انهم قد يشكلون مع الوقت قنبلة موقوتة داخل كل دولة تنفجر في اي لحظة، وقد يكون لبنان والاردن اكثر الدول المتضررة من تدفق النازحين اليهما.

سادساً: ان حسم الازمة السورية من شأنه ان ينهي الازمات في لبنان خصوصا تلك التي نشأت اخيرا عن استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وبات يخشى عدم التوصل الى اتفاق بين 8 و14 آذار على تشكيل حكومة جديدة فيقع الفراغ المخيف الذي قد لا يكون في الاستطاعة تحمل عواقبه سياسياً وامنياً واقتصادياً ولا سيما على ابواب فصل الصيف.

سابعاً: ان ترى اسرائيل الفرصة سانحة لتضرب ضربتها وتنفذ مخططاتها التقسيمية في المنطقة، لأنها قد لا تجد وضعاً عربياً أفضل من هذا الوضع لتوجيه هذه الضربة.

وفي غالب الظن ان الولايات المتحدة الاميركية وروسيا والدول الاوروبية باتت تدرك خطورة استمرار الحرب الضروس في سوريا وتجد ضرورة في وضع حد لها لحماية مصالحها ومصالح الدول الحليفة والصديقة لها. لكن لم يعرف بعد ما اذا كان هذا الحسم سيكون عسكرياً وذلك بمد “الجيش السوري الحر” بالأسلحة المتطورة لجعله قادرا على ذلك، وعندها ينتهي الخلاف على مصير الرئيس الاسد الذي يعطل الحل السياسي لأن مصيره يكون قد حسمته معركة دمشق، او يصير اتفاق دولي على وقف مد الطرفين السوريين المتحاربين بالاسلحة توصلا الى وقف اطلاق النار، وعندها يكون ذلك بداية الدخول في البحث المجدي عن حل سياسي وفقا لقرارات مؤتمر جنيف.

لذلك، فقد لا يكون متوقعا حل ازمة تشكيل الحكومة في لبنان واجراء انتخابات وفقا لقانون جديد يتفق عليه، ولا حل لمشكلة النازحين السوريين الذين يزدادون يوما بعد يوم ويشكلون معضلة انسانية واجتماعية، الا اذا صار التعجيل في حل الازمة السورية عسكرياً او سياسياً. فهل يكون هذا الربيع ساخناً وإن بكلفة بشرية ومادية كبيرة ليستقبل الجميع صيفاً باردا وواعدا يبني فيه كل طرف في لبنان على الشيء الجديد مقتضاه، ام ان اسرائيل هي التي ستنجح في لعبة اطالة الحرب في سوريا والاضطرابات في دول الثورات العربية، فتسقط من تلقائها ولا تجد حلا بعد سقوطها سوى التقسيم او الفيديرالية؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى