صفحات الناس

همام حوت.. المتسلق على الثورة السورية؟

 

 

لم تتعدَّ الضجة المثارة حول برنامج “السيناريو” الذي يقدمه الفنان المسرحي السوري همام حوت، عبر قناة “أورينت” المعارضة، موجة ساحقة من الانتقادات التي لم تتوقف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منذ انطلاق البرنامج في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي. فالسخرية السياسية لم تكن كافية لإخفاء عناصر قبيحة مثل الطائفية والعنصرية والتشبيح الإسلاموي المقدم، الذي يسيء لصورة المعارضة السورية كلها.

ورغم أن البرنامج يقدم على أنه برنامج ساخر، كنسخة سورية عن برنامج “البرنامج” الشهير للنجم المصري باسم يوسف، إلا أن حوت، الذي قدم قبل الثورة السورية عشرات المسرحيات الموالية للنظام، يبقى بعيداً جداً عن الإبداع الذي قدمه يوسف كأفضل تجربة في مجال السخرية السياسية في العالم العربي. ولا يتوقف الأمر على الطريقة السيئة في تقديم النكات السياسية الفجة والمباشرة والتي تبلغ حد الشتائم باستمرار، بل يتعلق بالقيم نفسها التي تقدمها تلك السخرية، والتي تتراوح بين الكراهية والعنصرية والطائفية، وثقل الظل بكل تأكيد.

واللافت هنا أن حوت اتهم مراراً بولائه الشديد للمخابرات السورية وكان الإعلام السوري الرسمي يروج له بوصفه “دريد لحام الجديد”، وقد يكون ذلك صحيحاً إلى حد كبير رغم الفارق الفني الشاسع بينه وبين لحام الذي يعتبر أحد أبرز الأسماء الفنية في سوريا والعالم العربي، لسبب بسيط هو أن حوت تلقى دعماً هائلاً في مسرحياته الكوميدية الرخيصة من أجل خفض التوتر الشعبي ضد النظام، وإشاعة وهم بوجود “حرية التعبير” في البلاد، مع تكريس لقيم النظام الأساسية نفسها. إلى أن انضم فجأة إلى جانب الثورة السورية في وقت لاحق، في خطوة يصفها كثير من المعلقين عبر مواقع التواصل بأنها مجرد محاولة لتسلق الثورة لتحقيق مكاسب مادية شخصية، وهي اتهامات تكررت بشدة بعد إطلاق البرنامج الجديد، ويمكن مشاهدتها بمطالعة بسيطة للتعليقات المرافقة لمقاطع البرنامج الرسمية المنشورة في “يوتيوب” أو “فايسبوك”.

وبلغ التجييش الطائفي – العنصري في البرنامج حداً كبيراً عندما تناول البرنامج موضوع الأكراد في البلاد، قبل أيام، ما دفع مجموعات ومنظمات وأحزاب سياسية كردية للاحتجاج على سياسة “أورينت” وعلى توجهات البرنامج ضد فئة من فئات الشعب السوري، وأصدر “المجلس الأوروبي الكردي الإسلامي” يوم الأحد الماضي بياناً رسمياً ينتقد خطاب البرنامج وتحريضه على الفتنة والطائفية في سوريا، لأن “ما يتم تقديمه في البرنامج، ليس فناً بل هو فتنة وتحريض على الطائفية، وتخريب واستكمال للقضاء على ما بقي من خير في نفوس الشعب السوري، وأن الحلقات الستة التي قدمت حتى الآن تعد تكريساً لخطاب تعبوي شعبوي يتناقض مع قيم الفن وأهداف الثورة السورية وشرعة حقوق الإنسان”.

كاك جهاد .نحن نحترم حريه النقد لكن ماتطرق اليه همام حوت لم يكن نقدا بل اساءه وحتى تكفير …عندما يرد معلومه ان الايزيدببن عبده الشيطان حتى لو كان على لسان النظام فهذا يعني انه يرسخ الصوره النمطيه المأخوذه اصلا عن الايزيديبن وهنا يعرضهم لانتهاكات على يد فصائل اسلاميه تكفيريه

يتزامن ذلك مع إحدى حلقات البرنامج الذي وصف فيها الطائفية الأيزيدية بأنها طائفة من “عبدة الشيطان”، ليتهم معلقون البرنامج بتبني خطاب مماثل لخطاب التنظيمات الإسلامية المتشددة مثل “داعش” و”النصرة”، أو خطاب كراهية في أقل تقدير “ضد المكونات السورية الدينية والعرقية وتعميق الجهل السلطوي في التعامل مع المسلمين السنة والشيعة والكرد والعرب وأبناء الديانة الإيزيدية، ويستكمل عملية التدمير الذاتي للمجتمع السوري، وهو وإن كان ظاهرياً ضد النظام لكنه يمارس خطوات النظام الطائفية خطوة بخطوة ويطبق مفاهيمه بصورة أخرى”.

وبغض النظر عن طبيعة موقف حوت الحقيقي من الثورة والمعارضة والنظام، سواء كان مؤمناً بالثورة أو مجرد متسلق عليها، إلا أن ما يقدمه اليوم لا يختلف كثيراً عما كان يقدمه في أيام مديحه الطويلة لآل الأسد، من ناحية الأسلوب الذي لم يعرف غيره طوال سنوات كثيرة، وذلك ليس عذراً لصاحبه، لأنه عندما كان جزءاً من بروباغندا النظام لم يكن يعكس سوى توجهات ذلك النظام واسسه الفكرية القائمة على الإقصاء واحتقار الآخر، لكنه بات يقدم قيمه الخاصة في موقفه كمعارض للنظام والتي لم تختلف عن القيم التي كان يدافع عنها بشراسة سابقاً بل اختلف المستهدف بها فقط.

ويجب القول أن تصدير المشهد الإعلامي التقليدي لشخصيات من طراز حوت، يشكل مشكلة حقيقية، لكونها تعطي صورة شديدة السلبية عن المعارضين في سوريا، في وقت يمتلئ فيه عالم السوشيال ميديا، في “يوتيوب” و”فايسبوك” بشكل خاص بعشرات التجارب المعارضة المبدعة والشابة، وتحديداً في مجال السخرية السياسية الضرورية من النظام والتي برع فيها كثيرون، مثل فريق “سيريان سلابينا” في تجربة “ميليشيا” أو ناشطين مستقلين مثل محمد السلوم في “ضجيج” أو سمير المطفي في “سياسة نص كم” من دون تحويل هذا الفن الجميل والضروري إلى استهزاء عنصري مقيت فقط.

https://www.youtube.com/watch?v=JEBO-1CkjqI

المدن

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى