صفحات الرأيعارف دليلة

واليكم بعضا من ذكريات الاستاذ عبد الله

 


عارف دليلة

واليكم بعضا من ذكريات الاستاذ عبد الله الخاني الموظف الكبير في القصر الجمهوري الذي رافق جميع الرؤساء منذ 1948 حتى التسعينات وقد رواها على قناة” المشرق ” (عندما كانت خفيفة وصديقة وقبل اغلاق مكتبها وهروبها من دمشق !) قبل حوالى سنة ونصف: عام 1948 كانت الميزانية المخصصة للقصر الجمهوري 250000 ليرة سنويا  منها ايجار البناء 9000 ليرة سنويا وكان صاحب البناء يطالب يزيادتها محتجا بان ايجار دكان في نفس الحارة اصبح 20000 ليرة ، اضافة الى ذلك كانت هناك حاجة ماسة الى ضارب آلة كاتبة ( وكان عدد موظفي القصر الجمهوري اربعة فقط ) ف ( رفع) القصر طلبا بزيادة الايجار الى 11000ليرة سنويا واضاف الى هذه الزيادة راتب ضارب الالة الكاتبة الذي اصبح ضروريا . وذهب الطلب الى المجلس النيابي( المنتخب حتى على طريقة تلك الايام التي كان الحكم فيها للاقطاع والبرجوازية في شعب تزيد نسبة الامية فيه عن ثمانين بالمئة) فعرض اولا على اللجنة المالية للمجلس وكانت برئاسة النائب الاشتراكي الشاب اكرم الحوراني ( وكان هو وزملاؤه النواب الشباب الاشتراكيون اسقطوا الاقطاعيين التقليديين ونجحوا بدلا عنهم في انتخابات حماة) فرفضت اللجنة الطلب الرئاسي فكان من الرئيس شكري القوتلي ان مول بعض النفقات الاضافية من جيبه . كما روى الاستاذ الخاني ان الرئيس ذهب الى المطار ليستقبل احد الرؤساء واستقل معه السيارة الرئاسية (الكاديلاك ) الوحيدة لدى القصر ( وهي محفوظة الان في “القرية الشامية” مع بعض السيارات التاريخية الاخرى) ولكن السيارة تعطلت في وسط الطريق فانتظرا حتي جاءت سيارة اخرى لنقل الرئيسين الى القصر . تقدم الرئيس بطلب لشراء سيارة جديدة للقصر فتقرر تشكيل لجنة فنية لتقرر ما اذا كان بالامكان تصليح السيارة فقررت اللجنة انها قابلة للتصليح ورفض طلب الرئيس وجرى تصليح السيارة …الخ . ليس المقصود من ايراد هذه القصص وامثالها الكثير اننا سلفيين  نحن الى الماضي ونريد البقاء عند نفس النقطة وانما نحن ، كتقدميين ، نرفض سياسة الغاء الحياة السياسية والقانونية كليا وهو ما جعل بامكان كل من هب ودب ، مسؤولا او غير مسؤول، ان يتطاول على المال العام ، اي على نتاج الشعب وثروته الوطنية وخبزه ودوائه ولباسه وسكنه فيهرف منه مايشتهي فيكون لكل من ليس له اي صفة او حق قانوني بان يضع يده ، مثلا ، على عشرات السيارات الفارهة التي لايحلم بمثلها اصحاب المليارات من راسماليي الدول الاخرى (الذين يغرقون العالم بصادراتهم )ليدفع الشعب الفقير تكاليف بذخه الى ان بلغ نصيب السيارات المعالة من قبل ميزانية الشعب وحده حسب ما ذكرت جريدة تشرين اكثر من مرة في التسعينات يبلغ 40 مليار ليرة سنويا وكان هذا الرقم يزيد عن الانفاق على الصحة والتعليم لكامل الشعب السوري آنذاك ويزيد حتى عن الانفاق على الدفاع ولم يكن غرض هذا التسيب الا توسيع واشباع شهوات قاعدة السلطة الفاسدة التي قادت سورية اكثر من مرة الى التفجر الداخلي الذي كلما حذرنا منه كلما كنا نتهم ب( التحريض على الحرب الاهلية !!) ولا ادري كيف ما زال الذين امتهنوا اتهامنا كل مطلع شمس( وعند كل “هبشة “) يكررون اتهاماتهم هذه الايام وهم يعترفون بان مطالب الشعب هي ” مطالب محقة” ، هذه الاعترافات التي لاتخرج رسميا الى العلن الا بعد خراب البصرة ! ان تغييب الحياة السياسية والقانونية ( التنكر حتى للدستور والقوانين الصادرة من قبل السلطة نفسها وايقاف العمل بموجبها سواء بفعل حالة الطواريء( المعمرة نصف قرن لاغير!) او بالممارسات المتحللة من اي ضابط او رقابة والمحصنة من المساءلة والمحاسبة هو الذي همش وغيب الشعب عن الاعتناء بالشأن العام و بمصير وطنه وحاضره ومستقبله وترك كل مواطن الى ماتطول يداه في تامين الخلاص الفردي ولو على حساب كل شيء ، ومعلوم في هذه الحالة من الذي يستطيع الفوز في ( السوق) . وقبل اكثر من سبع سنوات رفع وزير الاقتصاد الاسبق في ثلاثة تصريحات متتالية( كنت اقرأها في الجرائد الرسمية وانا مغيب في “غوانتينامو ” الطواريء ومحكمة امن الدولة التي يجري الغاؤها حاليا و”المخصصتان فقط للتعامل مع قضايا الصراع مع العدو الاسرائيلي”، كما سمعنا  عبر الراديو المهربة لنا وزير الاعلام يصرح الى مونت كارلو ؟)رفع تقديراته لحجم اموال السوريين في الخارج  من (اكثر من سبعين مليار دولار الى مابين 80 و120 مليار ثم الى مابين 120 و180 مليارا ) وربما لو بقي الى الان لضاعف الرقم في تصريح رابع ! اما انا فقد كنت اقضي في ذلك الوقت حكما بالسجن عشر سنوات بتهمة نشر اخبار كاذبة اذ قلت ان لديهم في الخارج مائة مليار دولار! الم يكن وما زال الحديث عما بلغه التسيب والفساد هو الخيانة وليس التسيب والفساد وخيانة الامانة بحد ذاتها؟؟!! وهذا – الغيض من فيض – هل هو تهرب من المشكلة المتفاقمة التي تفيض بها الشوارع هذه الايام ام انه حديث في صلب القضية                       الا وهي الضرب عبر الحائط بالكلمات الثلاث التي تفتتح بها ديباجة دستور 1973 الحالي ( الحرية حق مقدس ) ؟؟   ويبقى السؤال الذي يتعرض للتحريف دائما : الحرية لمن ومن اجل ماذا ؟ الحرية للمواطن – الانسان ،وبالتالي للوطن – الدولة والشعب  ام الحرية لاعداء المواطن -الانسان، وبالتالي  لاعداء الوطن ، الذين لايفعلون غير خدمة انفسهم واعلاء مصالحهم الفردية على مصالح الوطن والشعب؟ للاجابة على هذا السؤال لااجد افضل من كلمات بسيطة وبليغة وردت في كلمة المجاهد الشيخ صالح العلي – احد قادة الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي- والتي القاها اثناء الاحتفال بالعيد الاول للجلاء عام 1947 والموجهة لمن استلموا البلاد بعد الاستقلال :لقد انتهى الجهاد الاصغر وبدأ الجهاد الاكبر – جهاد النفس -الذي يفرض على كل مسؤول وضع المصلحة العامة فوق مصالحه الخاصة! ( بلا تعليق

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى