إيلي عبدوصفحات المستقبل

وحدة إعلام بدائية/ إيلي عبدو

 يكفي أن نشاهد ما أنتجه “الإئتلاف الوطني المعارض” من فيديوهات وأفكار إعلانية لإقناع الرأي العام بأداء وفده في مؤتمر”جنيف 2″ حتى يترسخ لدينا الاستنتاج السابق. فقد استهل “الإئتلاف” حملته مع بدء مؤتمر “جنيف 2” بفيديو تعريفي يوجز أهم بنود “جنيف1” الواجب تطبيقها، لكن مضمون الفيديو الذي اعتمد تقنيات بدائية في الإخراج والتصميم بدا عديم التأثير، يستخدم لغة مدرسية جافة لإيصال أفكاره، ولولا أن اللهجة المستخدمة في الفيديو كانت عامية سورية ، خفيفة الوطأة ، لكان أقرب إلى الدرس الحزبي الذي انتفضت الثورة ضده.

وبرغم أن “الإئتلاف” شكّل وحدة خاصة لمتابعة أخبار المفاوضات الدولية أسماها “وحدة جنيف الإعلامية” فإن ذلك لم يبدل شيئا من أدائه على صعيد الإعلام على ما تظهر الصفحة المخصصة للوحدة في موقع “فايسبوك”، إذ أنها ترصد أخبارا معروفة حول مؤتمر جنيف غالباً ما تتداولها معظم وسائل الإعلام، أي انها لا تقدم أي جديد بوصفها الأقرب إلى مصدر المعلومات وصناع الحدث. عدا عن ذلك، فإن الصفحة تتماثل مع إعلام النظام في مرات كثيرة محولة مظاهرة خرجت دعماً للثورة في أحد بلدان أوروبا إلى مظاهرة مؤيدة للإئتلاف المعارض.

وفي الواقع تبدو الصفحة الرئيسية للإئتلاف أكثر نشاطاً بصورها المحدثة و”الإنفوغرافيك” (الرسوم البيانية) التي أحصت جرائم النظام السوري منذ بدء الثورة، و”إنجازات الجيش السوري الحر” وجرائم النظام السوري أثناء جلوسه إلى طاولة جنيف وغيرها.

أما سقوط البراميل المتفجرة على مدينة حلب فلم يحرك كذلك أي جانب خلاق لدى صناع العمل الإعلامي في الإئتلاف فأنتجوا شريط فيديو سريع، يقتطع مشاهد من الدمار الهائل في المدينة مضافاً إليها بعض الآراء لناشطين في الداخل يعبرون عن صمودهم واستمرارهم في الثورة رغم كل العنف الذي يواجههم به النظام. لقد ظهر هذا الفيديو وكأنه جزء من الأدبيات الإعلامية الركيكة لحركات المقاومة الرائجة في بلداننا والتي تحض الناس على مواصلة النضال دون أي معنى سياسي محدد.

لكن ، عضو المكتب الإعلامي في الإئتلاف الوطني المعارض، عمار عطية يدافع عن الأداء الإعلامي للمعارضة، مؤكداً لـ”المدن” أن “القوة الإعلامية الحقيقية معنوية بالنسبة لإعلام الثورة تتمثل بإيصال صوت الشعب”. ينفي عطية أن يكون “إعلام الإئتلاف لاسيما خلال مؤتمر”جنيف 2″ كان مقصراً في مخاطبة الرأي العام العربي والعالمي”، لافتاً إلى ان” التركيز يجري على  الأشخاص الذين يعيشون في الغرب لإقناعهم بأحقية الثورة وكشف إرهاب النظام ، وقد حققنا قفزة إعلامية في هذا المجال عبر الفايسبوك واليوتيوب و غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي والاعلامي”.

وحول قلة الخبرة التقنية التي تظهر في فيديوهات إعلام الإئتلاف، يقول عطية، إن “هذا الأمر يقرره الناس والمتابعون، لكن تزايد عدد الذين يشاهدون صفحاتنا إشارة مهمة أننا نتقدم بسرعة لإيصال صوت ثورتنا”.

 قد لا تحتاج الفيديوهات البدائية رأي خبير لتقييم مستواها وما تؤشر عليه من أداء إعلامي ضعيف للإئتلاف المعارض لاسيما في لحظة حساسة تتزامن مع عقد مؤتمر “جنيف2” يكشف أن الإئتلاف يتوجه في خطابه الإعلامي إلى جمهور محدد يتمثل بمؤيدي الثورة، أي إلى جمهور جاهز لا يحتاج إلى بذل أي جهد أو ذكاء لإقناعه بفكرة أو موقف. مستغنياً بذلك عن مخاطبة جمهور آخر يتمثل بالموالين الذين من المفترض أن يكون الإئتلاف يمثلهم أيضاً باعتباره بديلاً عن النظام. كما أن الرسائل الإعلامية يجب أن تدرك الجمهور العربي والغربي المتعاطف مع الثورة، يحتاج كل ذلك إلى تطوير في تقديم المضمون يعيد إنتاج الواقع بمعزل عن اسلوبه المباشر فيخاطب بذلك عقولا متنوعة، ليس من الضرورة أن تقتصر على جمهور الثورة. والأهم من ذلك أن يميز المشاهد أيا كان توجهه السياسي بين إعلام المعارضة وإعلام النظام، ما يساعد على حسم موقفه السياسي وإلا ما هي وظيفة الإعلام الذي يصارع الاستبداد.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى