صفحات مميزةعلي العبدالله

وحدة المعارضة السورية أو الثقب الأسود: علي العبدالله

 

 علي العبد الله

بين المعارضة والثورة في سورية هوة واسعة لا يمكن إخفاؤها أو جسرها بسهولة، فالمعارضة التي تبنت في صراعها مع النظام طوال عقود سياسة النفس الطويل، وخاضت معه معارك منخفضة الحدة، واعتمدت برنامج الحد الأدنى، تفاجأت بالثورة التي فجرتها وقادتها قوى اجتماعية غير حزبية أو مسيّسة، وجدت نفسها في مناخ عاصف وأمام وضع جديد أدواته مختلفة وإيقاعه أسرع مما تبنته واعتادت عليه.

 ارتبكت المعارضة وتحركت للعب دور في الحدث العظيم، وحجز موقع على مسرح الأحداث يتيح لها البقاء في المعادلة، ويمنحها فرصة المشاركة في صياغة مستقبل البلاد. لكنها، وهي تسعى لتحقيق ذلك، كشفت عن هشاشتها وضعف خبرتها، وعجزها عن التكيف مع مناخ الثورة والتواصل مع شبابها، ناهيك عن ضعف صلاتها الاجتماعية عامة، فغدت مصدرا لمشكلات وتعقيدات إضافية للثورة وعبئا عليها.

يمكن ملاحظة نقاط الضعف الآتية على المعارضة السورية:

    بنيتها الفكرية، فقد غاب تصور انفجار ثورة شعبية عن تقديراتها، وغابت، بالتالي، الخطط والبرامج اللازمة لملاقاة هذا الاحتمال.

    خبرتها السياسية، فبالرغم من محافظة جزء من المعارضة، وخاصة المعارضة الثقافية، على حضورها السياسي، فإن خبراتها السياسية والعملية ظلت هزيلة نتيجة خياراتها وبرامجها خلال مراحل الصراع مع النظام، وإرث العمل السري الذي لا يسمح بنشوء خبرة سياسية وميدانية، وبرز هزالها في عجزها عن التكيف مع ظروف الثورة.

    بنيتها العمرية، إذ أن المتوسط العمري لكوادرها فوق الخمسين، فقد قاد الانعزال عن الجمهور إلى حدوث قطيعة بين الأجيال غاب فيها الجيل الشاب عن صفوفها.

 المعارضة: مغزى التصنيف

يقسم الإعلام الرسمي السوري المعارضة إلى قسمين: معارضة في الداخل (شريفة) ومعارضة في الخارج (خائنة).

ويريد الإعلام الرسمي بتقسيمه هذا تشويه سمعة قوى سياسية معارضة بعينها والتشهير بأشخاصها، والتشكيك بشرعية مطالبها السياسية، وإدخال الشك في قلوب المواطنين الذين يتوجسون من كل تحرك أجنبي في بلادهم من جهة، ووضع خط أحمر يحرم تلاقي المعارضة واتحادها من جهة ثانية، وذلك في سعي لمنع اتفاق قوى المعارضة، لأن اتفاقها ووحدتها يشكل بداية نهاية النظام.

وتصنيف الإعلام الرسمي للمعارضة يبدو منطقيا ومفهوما من منظور مصلحة النظام، ولكن غير المنطقي أو المفهوم أو المقبول انحياز أطراف في المعارضة السورية لهذا التوصيف، وتبنيها له. ففي سياق الصراع والتنافس بين قوى المعارضة، راحت أطراف فيها تردد معزوفة النظام حول معارضة “الداخل” ومعارضة “الخارج”، كما لو كانت حقيقة لا تقبل الشك، واستغلت ظلال كلمة “خارج” وحمّلتها بإيحاءات من الشك حولها وحول أهدافها. بينما واقع الحال هو أن معارضي الخارج هم مواطنون سوريون قبل أي توصيف آخر دفعهم الاستبداد والقمع إلى الهجرة أو منعهم من العودة بعد إتمام دراستهم، وحولهم إلى منفيين بالإكراه، يعيش معظمهم دون وثائق رسمية، وحرمهم من العيش في بلدهم وبين أهلهم، ويريد مروجو المعزوفة الرسمية من المعارضة، كما النظام الاستبدادي، بحديثهم عن معارضة “الداخل” ومعارضة “الخارج”، حرمانهم من حق المشاركة في صنع مستقبل وطنهم.

من طرائف بعض قوى المعارضة المتبنية لأطروحة النظام عن معارضة “الداخل” ومعارضة “الخارج” (هيئة التنسيق لقوى التغيير الديمقراطي) غرقها في وهم تمثيل “الداخل” وسعيها لتثبيت هذا الادعاء عبر تضخيم تمثيلها للقوى السياسية بالقول أنها تضم 30 حزبا منها 15 حزبا كرديا، وهو كلام لا يمت للواقع بصلة، حيث إن عدد من شارك في تشكيل هيئة التنسيق من الأحزاب الكردية هو 4 أحزاب فقط، كما أن الأحزاب الكردية قد عقدت مؤخرا مؤتمرا أسمته المؤتمر الوطني الكردي تبنت فيه قرارا بالانسحاب من كل التحالفات السابقة على عقد المؤتمر، وأعلنت أنها ستبدأ مفاوضات جديدة مع التكتلات والتحالفات السورية الأخرى وستدخل التكتل الذي يلبي مطالبها الخاصة بحقوق الكرد كما تراها، وقد انسحبت الأحزاب الكردية من “الهيئة”، ولم يبق منها سوى حزب واحد هو الاتحاد الديمقراطي/جناح حزب العمال الكردستاني في سوريا، عدا عن أن معظم الأحزاب العربية هي أحزاب صغيرة جدا وهامشية.

ولم يكتف هؤلاء المروجون لرواية النظام عن معارضة “الداخل” ومعارضة “الخارج” بالتشكيك في وطنية معارضة “الخارج”، بل اعتبروا المجلس الوطني السوري معارضة “خارج”، رغم أنه تأسس بمشاركة عدة مكونات سياسية وشبابية في الداخل (إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، وأحزاب كردية – قبل تجميد المشاركة الكردية التي قررها المؤتمر الوطني الكردي- وعدد من تنسيقيات الثورة)، وأخرى في الخارج (حركة الإخوان المسلمين، والتيار الإسلامي المستقل، ومجموعة العمل الوطني، وتكتل ليبرالي علماني أسسته شخصيات سورية مقيمة في الخارج، وعدد من الشخصيات المستقلة).

محاولات التوحيد قبل الثورة

بدأت قضية وحدة المعارضة وانقسامها منذ عقود على خلفية الصراع مع النظام الاستبدادي، وأساليب مواجهته والخيارات المناسبة لذلك، حيث توزعت المعارضة على مواقف وتوجهات متباينة إلى حد التناقض بين تيارات تؤمن بالحل الثوري العنيف وأخرى تؤمن بالنضال السلمي، وكان لأحداث الثمانينات، والعنف الذي مارسته المعارضة (حركة الإخوان المسلمين) في الصراع مع النظام، ورد النظام العنيف والمدمر، والذي راح ضحيته عشرات آلاف السوريين بالإضافة إلى تدمير مدن والزج بمئات الآلاف في السجون ولفترات طويلة (بين عشرة وعشرين سنة) والذي ترتب عليه انكسار الروح المعنوية للمواطنين بعامة والمناضلين بخاصة، وسيطرة النظام وهيمنته على كل مفاصل الدولة والمجتمع، وتبنيه سياسة التعامل الأمني في مواجهة المجتمع بعامة والمعارضة بخاصة، وتعاظم دور أجهزة المخابرات في الحياة الوطنية.

في هذا المناخ تشكل التجمع الوطني الديمقراطي (1979) الذي شارك في تشكيله عدد من الأحزاب اليسارية والقومية (الحزب الشيوعي- المكتب السياسي، حزب الاتحاد الاشتراكي العربي، حركة الاشتراكيين العرب، حزب البعث/ 23 شباط، حزب العمال الثوري العربي) اجتمعت على تبني خيار النضال السلمي والدعوة لإقامة الديمقراطية في سورية عبر الدعوة الى التغيير الجذري، دون أن تضع خطة عمل أو برنامجا واضحا ومحددا لتنفيذ هذه الإستراتيجية وحشد المجتمع خلفها، في ذات الفترة تشكلت رابطة العمل الشيوعي من خلايا ماركسية متعددة المشارب ماوية وتروتسكية، والتي تحولت فيما بعد إلى حزب العمل الشيوعي.

وشهد التجمع الوطني الديمقراطي، بعد الاسترخاء الذي شهدته المنطقة العربية بما فيها سورية، حربا باردة بين مكوناته الرئيسة، حيث كان حزب الاتحاد الاشتراكي، -الذي لم يتعرض لملاحقات واعتقالات في صفوفه إبان المواجهة التي فجرتها حركة الإخوان المسلمين وزج الجيش في الصراع السياسي، واجتياح المدن وقصفها بالمدفعية والدبابات، وانتفاضة النقابات (1976–1982)، وخاصة بعد وفاة الدكتور جمال الأتاسي في العام 2000- يتصرف باعتباره الحزب الأكبر في التجمع، والذي يجب أن تكون له القيادة وتحديد السياسات وفق رؤاه العقائدية وتصورات قيادته للمرحلة وسبل التحرك.

وربما ينطوي هذا التصور على وهم نجاح الحزب في اجتياز المرحلة الصعبة دون خسائر نتيجة صحة مواقفه ورؤاه الفكرية، علما بأنه اتخذ موقفا سلبيا من الحملة التي طالت حلفاءه في التجمع، وتابع حركته اليومية وكأن شيئا لم يكن، بينما كان الحزب الشيوعي-المكتب السياسي، ومعه حزب العمال الثوري العربي، يختلف مع قيادة الاتحاد على قراءة المرحلة وشعاراتها وسبل مواجهة النظام، ويرى الأولوية للاتفاق على الخط السياسي والتقيّد به. شكل هذا الخلاف في زوايا النظر “القطبة المخفية”، كما يعبر الكتاب اللبنانيون في وصف مثل هذه الحالة، في الحرب الباردة التي دارت داخل التجمع ونخرته وتركته جسدا بلا روح.

لم ينجح التجمع الوطني الديمقراطي في مسعاه لإقامة الديمقراطية، بل ودخل في حالة موت سريري، خاصة بعد الحملة الأمنية الواسعة التي طالت الحزب الشيوعي– المكتب السياسي، واشتداد القبضة الأمنية والاعتقالات الواسعة والأحكام القضائية المتعسفة، وخلق حالة رعب في البلاد، ترتب عليها نشوء حالة شلل سياسي تام في سورية، وعزوف جيل الشباب عن المشاركة في العمل السياسي، وبزوغ نجم حزب العمل الشيوعي بطروحاته “الجذرية” بظلالها الفوضوية، واستقطابه لجيل شاب من المعارضة، وهو ضئيل حيث لم يتجاوز عدد أعضاء الحزب المذكور في كل سورية الـ 600 عضو، وتحوله إلى منافس حقيقي لأحزاب اليسار بعامة والحزب الشيوعي- المكتب السياسي بخاصة، وسعيه لشق قاعدة الأخير الحزبية.

أفرزت التطورات والمتغيرات الإقليمية والدولية (اجتياح لبنان، الانتفاضة الفلسطينية الأولى، انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، احتلال الكويت وعاصفة الصحراء، مؤتمر مدريد لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وانهيار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشيوعي وسيطرت فكرة الديمقراطية والليبرالية واقتصاد السوق على المناخ الدولي) توازن قوى ومعادلات سياسية داخلية وإقليمية ودولية جديدة تجسدت في حالة استرخاء في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها سورية، سمحت ببدء حراك ثقافي ومدني وسياسي أثمر تشكيل لجان مدنية ومنتديات ثقافية وجمعيات حقوقية، أدى إلى تنشيط الحياة الوطنية ثقافيا وسياسيا، وإلى حراك لعبت فيه لجان إحياء المجتمع المدني دورا بارزا، وقد أطلق على هذا الحراك وصف “ربيع دمشق”، وأعطته وقائع وأحداث داخلية (موت حافظ الأسد) دفعا زاد في زخمه وتطلعه.

لم يتأخر رد “النظام الاستبدادي” على الحراك، فشن حملة إعلامية وتحريضية على قوى “ربيع دمشق” اتهمها بدفع البلاد إلى “الجزأرة” تارة و”الصوملة” أخرى، ثم أتبعها حملة اعتقالات طالت رؤوس الحراك، فانكسرت موجة “ربيع دمشق” الأولى، ودخل الحراك السياسي، بعد فترة انطواء قصيرة، وبعد تطورات محلية وإقليمية (اغتيال رفيق الحريري وإخراج الجيش والأمن السوريين من لبنان) في موجة ثانية أكثر هدوءً وأقل جلبة وأكثر تصميما، أسفرت عام 2005 عن تشكيل تحالف إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي (تشكل من أحزاب التجمع الوطني الديمقراطي ولجان إحياء المجتمع المدني وحزب المستقبل الديمقراطي وسبعة أحزاب كردية منضوية في تجمعين سياسيين (التحالف والجبهة) والمنظمة الآشورية الديمقراطية وعدد من الشخصيات الثقافية والسياسية المستقلة في الداخل، وحركة الإخوان المسلمين في الخارج) والذي أصبح الكيان الرئيس في المعارضة السورية.

لم ينجح إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، كائتلاف سياسي مكون من قوى سياسية متعددة المشارب الفكرية والسياسية، والتي اتفقت على هدف واحد هو التغيير الديمقراطي السلمي التدرجي الآمن في سورية، في تشكيل كيان سياسي منسجم، فالقوى السياسية التي شكلته متباينة في الرؤى والتقديرات والمواقف، وقد سعت، كل منها بطريقتها الخاصة، لفرض رؤاها على الائتلاف وتجيير حركته في صالح أهدافها ما عرقل قيامه بنشاطات وتحركات ثقافية وسياسية تكرس حضوره الفاعل في المشهد السياسي السوري، وتحول دون نجاحه في تحريك قوى المجتمع وجذبها الى حلبة الصراع.

وهنا، أيضا، لعبت “القطبة المخفية” دورا خطيرا، فقد سممت أجواء “الإعلان”، وحالت دون تحوله إلى قطب سياسي متماسك وفعال حيث برزت في منعطفات عديدة مسألة الأحجام، وبالتالي الأدوار داخل أطره، كالخلافات على تشكيل المكاتب ودور كل مكتب، والخلافات على النشاط السياسي الميداني، بل سعى الاتحاد الاشتراكي لعرقلة دخول حركة الإخوان المسلمين في “الإعلان” (بذريعة وجودها في الخارج) ولكنه لم ينجح وظل يتحين الفرص للخلاص منها، وقد استغل اتفاقها مع عبد الحليم خدام على تشكيل جبهة الخلاص وطالب بفصلها من “الإعلان”، لكنه لم يستطع إقناع الآخرين بذلك.

كما انعكست الخلافات في بروز مظاهر عدم الجدية وعدم الإخلاص لدى بعض قوى “الإعلان” في تنفيذ المتفق عليه من نشاطات سياسية وميدانية، بل حتى في دفع التزامها المالي إلى صندوقه، ناهيك عن بقاء التحالفات والتكتلات التي كانت قائمة بين الأحزاب قبل تشكيل “الإعلان”، ولم تستبدل تحالفها الجديد بتحالفها القديم، فقد بقي التجمع الوطني الديمقراطي قائما، وكذلك التحالف والجبهة الكرديين، حيث نشأت علاقة ملتبسة وغير منطقية بين هذه المكونات و”الإعلان” منعت قيام علاقة متوازنة وسوية بين مكوناته انعكست في اتخاذ القرارات وفي تنفيذ الاتفاقات، هذا بالإضافة إلى الأثر السلبي الذي لعبته البنية التاريخية والعمرية لهذه الأحزاب بعامة وقادتها بخاصة، فكلها قيادات تاريخية تربعت على قمة أحزابها لعقود وقد تقدمت بالعمر فأصيبت بتصلب شرايين فكري وسياسي، وغدت قدرتها على التغير والتكيف محدودة، إن لم نقل معدومة، فتاريخها ودورها القيادي في أحزابها يمنعانها من  مجرد التفكير بالتنازل للرأي الآخر.

بالطبع لم تكن مسألة الأحجام والأدوار المسألة الوحيدة التي شلت “الإعلان”، فقد لعبت البنى الفكرية والسياسية والتنظيمية لأحزابه، والتي تتناقض مع الهدف المشترك المتمثل في التغيير الديمقراطي، دورا بارزا في ضرب مصداقيته وقدرته على كسب ثقة الجمهور به وبأهدافه، فكلها أحزاب شمولية تنتمي إلى الماضي أكثر من انتمائها إلى المستقبل، ولم تقم بالمطلوب من تغييرات فكرية وسياسية كي تنسجم مع دعوتها إلى الديمقراطية ما ولد فجوة قيمية بين الهدف والداعي له، فحزب الاتحاد الاشتراكي مثلا، لم يغير أمينه العام إلا الموت حيث بقي الدكتور جمال الأتاسي أمينا عاما منذ تأسيس الاتحاد عام 1964 حتى وفاته في العام 2000، وها هو السيد حسن عبد العظيم قابضا على كرسي الأمانة منذ تسلمه لها في العام 2000، ناهيك عن دفاع الاتحاد عن النظام الناصري في مصر بكل مكوناته ومراحله دون اكتشاف التناقض وعدم الانسجام بين هذا التبني والتوجه الديمقراطي الذي تبناه الحزب مؤخرا حيث لم يعرف النظام الناصري الممارسة الديمقراطية، إن لم نقل إنه حاربها، وكذلك هو شأن الأحزاب الكردية وحركة الاشتراكيين العرب. أما حزب الشعب، فأجرى تغييرا شكليا في القيادة، حيث بقي الدور الأكبر يلعبه السيد رياض الترك الذي تخلى عن الأمانة العامة رسميا ومارسها عمليا. لقد عكس سلوك أحزاب “الإعلان” حالة خداع للذات وللآخر برفع شعار التغيير الديمقراطي في مواجهة النظام الاستبدادي والتمسك بالشمولية داخلها.

كادت القطبة (البنود) المخفية أن تفجر مؤتمر المجلس الوطني للإعلان، والذي عقد يوم 1/12/2007، فقد فاجأ السيد حسن عبد العظيم أعضاء المؤتمر بمطالب تتعلق بالدور والمكانة قبل عقد الجلسة بدقائق حيث طالب برئاسة الأمانة أو الناطق الرسمي باسم “الإعلان”، كان تكتيكه في المطالبة طريفا، بدأ بالمطالبة بحصر رئاسة الأمانة بالأحزاب دون المستقلين، ثم الطلب بمراعاة الأحجام والأوزان، لأن خطوته التالية تمثلت في المطالبة بالموقع لحزب الاتحاد الاشتراكي، أي لحزبه، كونه الحزب “الأكبر” في “الإعلان”، قبل أن يطالب بعد رفض طلبه حصر رئاسة الأمانة بالأحزاب، بأن يكون هو شخصيا ناطقا رسميا باسم “الإعلان”، قياسا على الوضع في التجمع الوطني الديمقراطي الذي هو الناطق الرسمي باسمه، وهدد مرات بالانسحاب، بل وخرج فعليا من القاعة قبل أن يعود تحت ضغط بعض المؤتمرين، حتى تم قبول اقتراحه بتشكيل قيادة جماعية تحت مسمى “هيئة رئاسة” بدلا عن رئيس للأمانة.

وقادت بذرة الشمولية القابعة في خلفية تفكير أحزاب “الإعلان” والمعششة في عقول قياداتها إلى انسحاب حزبي الاتحاد الاشتراكي العربي “الديمقراطي” وحزب العمل الشيوعي (الذي انضم إلى “الإعلان” بعد انضمامه إلى التجمع الوطني الديمقراطي بشكل آلي دون النظر إلى مواقفه وعلاقته بهدف “الإعلان”، أي التغيير الديمقراطي، الذي يتعارض معه) من “الإعلان” بعد هزيمتهما في الانتخابات الداخلية لاختيار أمانة عامة له، وشنا، بعد الاعتقالات التي طالت أعضاء في أمانة “الإعلان” و”رئاسة” مجلسه الوطني على خلفية عقد المجلس الوطني، حملة تشهير قادها الأستاذ حسن عبد العظيم، أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي، في سعي رخيص للإمساك بورقة التحدث باسم المعارضة وتزعمها، وفاتح جاموس، القيادي في حزب العمل الشيوعي، بالمعتقلين بلغ حد تخوينهم، رافقها بيان استقالة كل من هيثم مناع وناصر الغزالي وماجد حبو من “الإعلان” بطريقة أظهرت وكأنه تم اكتشاف مجموعة عملاء فيه وتنصل الجميع منهم.

المعارضة وتحدي الثورة

غيرت الثورة السورية المناخ السياسي وشروط ومعايير العمل الوطني، ومن بينها وحدة المعارضة، بحيث بات معيار توحدها الرئيس هو الموقف من الثورة، والعمل على خدمتها حتى تحقق أهدافها، وهذا أفرز حالة سياسية جديدة تستدعي تحرك المعارضة في سياق الثورة أو التلاشي والخروج من المشهد السياسي الوطني، ما دفع الأحزاب السياسية إلى التحرك لوقف تدهور وضعها السياسي، واستعادة دورها في المشهد الوطني، فتنوعت المبادرات وكثرت التحركات وتذبذبت المواقف بالتوازي مع صعود الحراك الشعبي وتوحش السلطة، كان لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، وتحت تأثير الثورات العربية، قصب السبق في هذا المجال، حيث دعا إلى توحيد المعارضة قبل انطلاق الثورة السورية عبر ندائه المعروف لتنسيق عمل المعارضة بتاريخ (24/2/2011)، وتحركه مع القوى والأحزاب والشخصيات المستقلة لتحقيق هذا الهدف عبر تشكيل ائتلاف واسع، لكنه لم ينجح في مسعاه نتيجة إرث سلبي بين قوى المعارضة الرئيسة على خلفية صراعها على الأدوار وعلى السياسات غطى مرحلتي “التجمع” و”الإعلان”  ما قبل عقد المجلس الوطني “للإعلان”، وانسحاب حزبي الاتحاد الاشتراكي والعمل الشيوعي منه بعد عقد مجلسه الوطني (1 /12/2007).

في هذا المناخ جرت، وبعد قطيعة بين “الإعلان” وحزب الاتحاد الاشتراكي دامت سنوات، لقاءات على أعلى المستويات: رياض الترك عن “الإعلان” وحسن عبد العظيم عن “التجمع” ، في محاولة للاتفاق على تصور موحد من الثورة السورية وطرق التعاطي مع الأزمة التي تسبب بها النظام باعتماده الحل الأمني قبل عقد اجتماع موسع للقوى السياسية التي ستشارك فيه، وبعد جلسات، تم الاتفاق على تشكيل هيئة تنسيق لقوى التغيير الديمقراطي تتكون من ثلاث قوى هي: إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، والتجمع الوطني الديمقراطي، (على أن يكون لكل مكون منهما خمسة ممثلين)، وخمس شخصيات وطنية مستقلة تم التوافق على أسمائهم وهم السادة: حسين العودات وميشيل كيلو وفايز سارة وعارف دليلة وحبيب عيسى، واتفق على عقد لقاء لوضع بيان تأسيسي “للهيئة” يحدد موقفها السياسي من النظام والثورة وإعلان ميلادها.

لم ينفذ الاتفاق، لأن السيد حسن عبد العظيم  نقضه بدعوته منفردا تكتلات وأحزاب وشخصيات مستقلة لم يتم الاتفاق على دعوتها، وإذا بالحضور في اليوم الموعود لاجتماع الـ15 ممثلا، أكثر من خمسين شخصا. اعتذر “الإعلان” عن عدم الحضور بسبب خروج السيد عبدالعظيم على الاتفاق ودعوته تكتلات وأحزاب لا تتفق مع “الإعلان” في قراءته للمرحلة، وموقفها من النظام والثورة غامض وملتبس، فليس بين المدعوين اتفاق على الموقف السياسي، الذي يعتبره “الإعلان” ضروريا لأي ائتلاف أو تكتل أو وحدة، ورد الإعلان برسالة حملها السيد سليمان الشمر، عضو الأمانة العامة، إلى الاجتماع الذي كان منعقدا في بيت الأستاذ طارق أبو الحسن يوم 25/6/2011، توضح موقفه من دعوة مكونات وشخصيات مستقلة خارج الاتفاق، كما ضمنها محدداته لعقد أي تحالف سياسي في ضوء انطلاق الثورة السورية وهي: الانحياز للثورة، رفض الحوار مع النظام، والعمل على توحيد القوى المنحازة للثورة. ودعا “الإعلان” إلى العودة إلى الاتفاق الأصلي، غير أن السيد عبدالعظيم والمدعوين الجدد رفضوا هذه الدعوة وأكملوا تشكيل هيئة التنسيق دون مشاركة “الإعلان”.

ثم جرت محاولة أخرى لتوحيد المعارضة بتشكيل “ائتلاف وطني سوري”، ففي لقاء تشاوري بين القوى السياسية السورية حول الوضع في سورية تم في الدوحة (5- 8/9/2011) دعا إليه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الذي يديره الدكتور عزمي بشارة، حضره إعلان دمشق وهيئة التنسيق وحركة الإخوان المسلمين وشخصيات إسلامية وليبرالية كانت تحاول تشكيل مجلس وطني في استنبول، حددت خطوطه العريضة في بيان تأسيسي كتب في الدوحة على أن يوقع في دمشق بعد العودة للأطر التنظيمية، غير أن خلافات ظهرت بين “الهيئة” ومجموعة المجلس الوطني/استنبول قبل اختتام الحوار. تابع “الإعلان” الحوار مع “الهيئة” لكنها طالبت فور عودتها الى دمشق بتعديلات على البيان التأسيسي لم يقبلها “الإعلان” وبذلك انتهت المحاولة إلى الفشل.

عقدت هيئة التنسيق لقاءها الموسع في حلبون/ريف دمشق يوم 17/9/2012 وطرحت تصورات ومواقف ملتبسة من النظام والثورة زادت في توسيع شقة الخلاف بينها وبين “الإعلان”.

عندما تمت الدعوة لعقد مائدة مستديرة في استنبول (1/10/2011) تضم قوى المعارضة الأساسية لتشكيل المجلس الوطني السوري بنسخته الثانية، بعد ان فشلت محاولة تشكيله الأولى (15/9/2011) في كسب تأييد المعارضة حيث لم يشارك فيها لا إعلان دمشق ولا جماعة الاخوان المسلمين، وصمت عنها الشارع الثائر، دعيت “الهيئة” كما دعي “الإعلان”، لكن “الهيئة” رفضت المشاركة وحاولت إقناع “الإعلان” بعدم المشاركة بدعوى العمل معا في الداخل في محاولة لتكريس تقسيم المعارضة السورية إلى معارضة “داخل” ومعارضة “خارج” وخلق قطيعة بين الطرفين، لكن “الإعلان” رفض المحاولة، وشارك وتشكل المجلس الوطني السوري دون مشاركة “الهيئة”.

لبى تشكيل المجلس الوطني السوري حاجة هامة للثورة ومستقبلها ألا وهي قيام كيان سياسي يتحدث باسمها في المحافل العربية والدولية، لكنه لم يستوف شروط اندماجه بالثورة، فبالإضافة إلى ما ذكر أعلاه من مظاهر ضعف تشكو منها المعارضة، والتي تنطبق على القوى التي شكلت المجلس، هناك حالة جديدة ترتبت على انفجار الثورة تفوق قدرات المعارضة، فالمواجهة المحتدمة بين الثوار والنظام الذي استنفر آلته القمعية وقرر استخدام أعلى أشكال العنف لسحق الثورة والقضاء المادي على الثوار، تستدعي عملا مؤسسيا وعقلا خلاقا وخيالا واسعا للتخطيط والتنفيذ لم تنجح قوى المجلس الوطني في توفيره، وهذا أفرز تباينا في إيقاع التحرك وآلياته وأولوياته بين المجلس، كناطق باسم الثورة، وبين القيادات الميدانية التي تتحرك على الأرض وتواجه الموت وتدرك قدراتها وحاجاتها الملحة للاستمرار والانتصار على النظام الاستبدادي.

لم ينه تشكيل المجلس الوطني السوري، وحالة التعاطي الإيجابي معه من قبل الثوار، الذين كانوا يشعرون بالحاجة إلى عنوان سياسي لثورتهم، وناطق سياسي باسمهم، وخلق تفاعل غير مباشر بين الجانبين، عبر عنه تسمية الثوار الجمعة التي تلت الإعلان عن تشكيل المجلس الوطني السوري باسم “المجلس الوطني السوري يمثلني”، لم ينه تشكيل المجلس حالة الافتراق بين الثوار والمعارضة السياسية بعامة ونخبتها بخاصة، بل زاده عمقا بسبب عدم الانسجام بين قواه المؤسسة لتباين التصورات والرؤى والحسابات والأجندات الخاصة، ناهيك عن عدم الكفاءة التي جسدها، خاصة تحت رئاسة الدكتور برهان غليون الفاشلة التي استمرت لسبعة أشهر مفصلية، اتسمت بالفردية والارتجال والتخبط، عمقها تواطؤ جماعة الإخوان المسلمين معه لحسابات ذاتية ضيقة: السيطرة على عملية الإغاثة والتصرف بأموال المساعدات لخدمة أجندة حزبية، وتفويته –المجلس- الوقت وتضييعه الفرص، ونقله المشكلة إلى مستوى ثان، كونه تصدى لمهمة لم يقم بها كما يجب، وشغل موقع قيادة الثورة دون جدارة، فزاد الطين بلة كونه غدا جزءا من الثورة، شكليا على الأقل، وبات من الصعب التخلي عنه لانعكاس ذلك سلبا على صورة الثورة، وعجزه عن لعب الدور الذي تصدر له بنجاح. لقد غدا عبئا على الثورة بدلا من أن يلعب دورا إيجابيا في نضالها .

مساعي التوحيد خلال الثورة

مع تطور المواجهة وامتدادها، وبدء البحث عن مخرج، وانطلاق مبادرات عربية وإقليمية ودولية تسعى لحل الصراع، عاد الحديث عن ضرورة وحدة المعارضة السورية في ضوء دعوة دول أصدقاء الشعب السوري وجامعة الدول العربية إلى توحيدها، والتقدم بتصور للمرحلة الانتقالية.

وفرضت الضرورة السياسية بحث المسألة مجددا، فانعقد اجتماع للمعارضة في استنبول يومي 26 و 27/3/2012، لم تحضره هيئة التنسيق التي تلبست مقولة معارضة “الداخل” ومعارضة “الخارج” واعتبرت نفسها ممثلة لمعارضة “الداخل”، وحضره المجلس الوطني السوري، و25 تجمعا سياسيا حديث التكوين من القوى المتواجدة بشكل أساس في الخارج. وبعد نقاش دام يومين، اتفق المجتمعون على تشكيل لجنة من عشرة أشخاص، خمسة من المجلس وخمسة من المكونات الأخرى بهدف الاتفاق على توحيد المعارضة.

واجتمعت اللجنة برعاية الأمم المتحدة في جنيف ثلاث مرات (أبريل/نيسان ومايو/أيار 2012) لكنها لم تنجح في الاتفاق على آلية للتوحيد، حيث كان موقف المجلس مبني على أنه الجسم الأكبر للمعارضة، وأن على المكونات الأخرى الدخول فيه على قدم المساواة مع المكونات المؤسسة، بينما كان موقف ممثلي المكونات هو إعادة تشكيل المعارضة من جديد، أي البدء من نقطة الصفر.

في هذا الإطار جرى حوار مطول بين “المجلس” و” الهيئة” في مسعى للاتفاق على وحدة المعارضة دون اتفاق بسبب تمسك كل طرف برؤيته، قبل أن تتحول العملية إلى بحث عن اتفاق سياسي فقط، وبعد عدة اجتماعات وتبدل أعضاء وفد “المجلس”، وقع الدكتور برهان غليون، رئيس المجلس آنذاك، والدكتور هيثم مناع، رئيس الهيئة في المهجر، على اتفاق سياسي بين الطرفين، سارعت “الهيئة” إلى نشره قبل أن يقر في الأطر التنظيمية للطرفين، مما أثار رد فعل غاضب داخل “المجلس” أدى إلى التوقيع على بيان ضد الاتفاق قاد الى تأجيله إلى حين إقراره في الأطر التنظيمية، وهو ما لم يتم، لأن مناخ الأمانة العامة للمجلس كان ضد أي اتفاق مع “الهيئة” بسبب تآكل مصداقيتها بين الثوار، ما يعني أن أي اتفاق معها سينعكس سلبا على المجلس.

تجددت المحاولة مرة أخرى في اجتماع موسّع ضم معظم قوى المعارضة بمن فيها هيئة التنسيق عقد في القاهرة برعاية جامعة الدول العربية يومي 2 و3/7/2012. لم يتفق المجتمعون تنظيميا حيث بقي كل طرف عند موقفه؛ المجلس الوطني يرى أنه الأكبر وعلى المكونات الأخرى الانضمام إليه على قدم المساواة مع المكونات المؤسسة، وهيئة التنسيق والمجلس الوطني الكردي طالبا بتشكيل جديد قائم على تساوي الحصص، 30%  لكل من المكونات الثلاث: المجلس الوطني السوري والمجلس الوطني الكردي وهيئة التنسيق، ولكنهم اتفقوا سياسيا عبر تبني وثيقتي العهد الوطني والمرحلة الانتقالية.

سعت دول مشاركة في المؤتمر، وخاصة أميركا، إلى الالتفاف على المسألة فدعت الى تشكيل لجنة متابعة واتصال من المكونات المشاركة في المؤتمر، لكن المجلس الوطني رفض المشاركة فيها على خلفية حجمه ودوره والاعتراف الذي حصل عليه من الشارع الثائر ومن دول أصدقاء الشعب السوري.

أعيد طرح تشكيل اللجنة على هامش ندوة نظمها معهد بروكينغز في القاهرة يومي 31/7- 1/8/2012 لمناقشة فكرة المرحلة الانتقالية، وجرى اتفاق أولي على تشكيلها، ووضعت صيغة لها، لكن المجلس الوطني رفض الاتفاق الذي تم.

لم تتوقف المحاولات العربية والدولية الساعية، لاعتباراتها الخاصة، إلى توحيد المعارضة لكنها غيرت أساليب عملها، حيث دفعت ببعض أعضاء المجلس الوطني إلى العمل على تسويق أفكار لتوحيدها، مثل تشكيل حكومة مؤقتة تقوم به لجنة حكماء عمل الدكتور برهان غليون على ترويجها والعمل على تنفيذها دون نجاح، وفكرة تشكيل حكومة مؤقتة يقوم به مجلس وطني مصغر التي دعا إليها السيد رياض سيف بتوجيه من الدكتورة بسمة قضماني وبرعاية فرنسية، وفكرة الجمع بينهما التي طرحتها قطر والقائمة على تشكيل مجلس سوري مؤقت وحكومة مؤقتة ولجنة حكماء لها صلاحية البت في الخلافات بين المجلس السوري المؤقت والحكومة المؤقتة وقرارها ملزم للطرفين، قبل أن تأخذ بالتصور الجديد الذي طرحه السيد سيف تحت عنوان: “الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري”. لم تستطع الفكرة اختراق رفض المجلس الوطني السوري حيث رفضها المكتب التنفيذي.

واصلت القوى والدول محاولاتها لتشكيل كيان سياسي جديد، في ضوء تحول المجلس الوطني السوري في نظرها إلى عائق أمام محاولاتها تشكيل حالة سياسية بمواصفات معينة تستجيب لتقديراتها وتوقعاتها للوضع في سوريا، فطرحت صيغة جديدة لفكرة مجلس وطني مصغر تحت اسم “هيئة المبادرة الوطنية السورية” تقوم على تشكيل هيئة من 35 ممثلا للمكونات السياسية والمدنية تشكل بدورها حكومة تكنوقراط من خارجها، وقد وزعت المقاعد بطريقة مغرية للمجلس الوطني السوري، أعطي المجلس 15 من 35 مقعدا، ثم تدخل السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد ورفع حصة الهيئة إلى 50 مقعدا، وأبقى حصة المجلس الوطني السوري دون تغيير.

قاوم المجلس الوطني محاولات تشكيل بديل سياسي له في ضوء معطيات توفرت لديه تشير إلى مساعي السفير الأميركي لتجاوزه وتشكيل كيان سياسي جديد يقبل الحوار مع النظام، وصوتت أمانته العامة برفض مقترح تشكيل لجنة المتابعة والاتصال في اجتماعها في استوكهولم (29/8-2/9/2012) ومقترح تشكيل “هيئة المبادرة الوطنية السورية” في اجتماعها في الدوحة (15/10/2012).

كماعقد اجتماع للقوى السياسية والمدنية في الدوحة يوم 8/11/2012، لم تحضره هيئة التنسيق الوطنية ولا المنبر الديمقراطي، وبعد نقاشات وسجالات حادة استمرت لأيام، وتحت ضغوط أميركية وتركية وعربية شديدة على المجلس الوطني السوري، الذي قاوم فكرة إنشاء كيان فوقه أو بديل عنه، اتفقت الأطراف المشاركة على تشكيل كيان سياسي مختلف عن “هيئة المبادرة الوطنية السورية” تحت اسم “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” مكون من 63 مندوبا، منهم 22 مندوبا للمجلس الوطني السوري. وهو كيان مختلف عن هيئة المبادرة الوطنية السورية التي سعى السفير الأميركي لفرضها على المجتمعين.

لم يغلق تشكيل الائتلاف ملف وحدة المعارضة، فقد تحفظت هيئة التنسيق على المشاركة، ولم يكتف المنبر الديمقراطي بعدم المشاركة في لقاء التأسيس، رغم أنه بارك العملية، بل شارك في تشكيل تحالف سياسي جديد تحت اسم “التحالف الوطني الديمقراطي” بعدها بأيام.

لقد غدت وحدة المعارضة ثقبا أسود، ابتلع جهودا كثيرة وكبيرة دون نتيجة إيجابية تحقق نقلة في مسيرة المعارضة ونضالها انتصارا لثورة الحرية والكرامة.

_________________________

علي العبد الله – كاتب سوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى