صفحات الثقافة

وداعا “سمير فريد”

 

 

 

 

سمير فريد… نصف قرن من الكتابة والصراع والابتسام/ إبراهيم العريس

بعد شهور من رحيل الكاتب والناقد السينمائي المغربي مصطفى المسناوي في القاهرة، وشهور أقل من رحيل محمد خان ونبيهة لطفي السينمائيين والكاتبين أيضاً، وبعد أيام من رحيل الناقد الفلسطيني بشار إبراهيم في دبي، ها هو سمير فريد، الكاتب والناقد السينمائي المصري يُسلم الروح بعد معاناة مع المرض استمرت قرابة السنتين. ولئن كنا لمناسبة رحيل هذا الذي يُعتبر عميد النقد السينمائي العربي، نشير إلى نقاد وسينمائيين آخرين سبقوه في الآونة الأخيرة إلى الرحيل، فما هذا إلا لأن سمير فريد نفسه كان قد جعل دائماً من حياته ومن القاهرة التي يحب ومصر التي ما كان ذِكْرُها يغيب لحظة عن باله، نوعاً من مجمع للرفاق والأصدقاء. ومن هنا، كان كل موت بالنسبة إليه موتاً شخصياً يلتهمه تدريجاً… حتى التُهِم هو كلياً في نهاية الأمر.

كان سمير فريد واحداً من الأوسع شهرة والأشمل معرفة بين هؤلاء القوم الذين اختاروا ذات يوم تلك المهنة التي لا يزال كثر يجهلون ما هي ولماذا وُجدت أصلاً. مهنة النقد السينمائي، وهو ظل حتى لحظاته الأخيرة يحاول أن يشرح الموضوع، محوطاً بحفنة من أصدقاء كان أمرّ ما يمرّه أنهم يختفون واحداً بعد الآخر من دون أن يكون أي منهم قد حقّق واحداً من أحلامه، أو حتى عرف ما هي تلك الأحلام.

ربما من أجل هذا عمد قبل عامين ونيّف، ما إن لاحت له الفرصة، إذ سُلِّم رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي، إلى تجميع أولئك الأصدقاء، من تبقّى منهم على أي حال، محاولاً مرة أخيرة أن يفهم لماذا هم هنا؟ ولماذا هم رفاق؟… وماذا بعد؟ مهما يكن، هو لم يعوّل على هذا السؤال كثيراً، فبعد أسابيع من اختتام تلك الدورة القاهرية أدرك سمير أن نهايته حانت، فالداء الخبيث بدأ يتمكّن منه. ولسوف يقول إن المعارك التي جوبه بها والصراعات والأكاذيب التي قوبل بها نجاحه المدهش في تحقيق تلك الدورة، هو ما دفعه إلى الغضب والاكتئاب وعجّل مرضه وموته. فسمير فريد لم يكن من الذين يحبّون الصراعات. كان من الذين يذهلهم أن يكتشفوا يوماً أن ثمة من يكرهونهم. ويومها، بسبب نجاحه المهرجاني كثر كارهوه وكثر ذهوله… حتى اليوم الذي شعر فيه أن ثمة داءً خبيثاً يعتصره (ترى أولم يكن محمود درويش، صديقه، يقول للذين يحبهم: إياكم في عالمنا العربي والنجاح، فهو سيجلب لكم المآسي والكوارث!).

قبل ذلك لم يكن سمير فريد يريد من الدنيا سوى أن يعيش للسينما، وفي السينما، وحبذا لو يكون رفيقه في مساره هاملت الشكسبيري الذي كان حلم حياته أن يؤفلمه يوماً.

وعلى الأقل، منذ رفع سمير فريد النقد السينمائي في مصر والمشرق العربي إلى مرتبة الفنون الجميلة، وتحديداً يومها، إلى صفحات مجلة «الطليعة» القاهرية، والذين يعرفون هذه المطبوعة المهمة يدركون النقلة التي أحدثها الناقد الشاب آنذاك في عالم النقد السينمائي الذي كان قبلها مجرد «خبريات» و «انطباعات». لقد مضى على هذا نصف قرن لم يهدأ سمير خلاله لحظة. في السينما ومعاركها. في السياسة وتعرجاتها. في التجمعات العربية وفي أوروبا. يكتب. يجمع الناس من حول الفن السابع. يصدر الكتب. يشجع الشبان والشابات الجدد، سواء كانوا مخرجين أو نقاداً… مصريين أو عرباً آخرين.

كل هذا بات اليوم مجرد ذكرى. لكن أغنية بجعته أُنشدت في القاهرة قبل شهور حين اجتمعنا لنكرم صديقنا الكبير الذي كنا نعرف أنه سيرحل قريباً، وكان هو يعرف. لم نقل له ذلك، وهو لم يقله. ظل مبتسماً شاكراً مساجلاً، بل حتى لم يفته في لحظات أن يتحدث عن مشاريع مستقبلية، ثم يتذكّر ويصمت مبتسماً… وخصوصاً بابتسامته الطيبة الماكرة التي في بيروت أو في القاهرة، في «كان» أو في دمشق أو مراكش، كانت ترتسم على وجهه دائماً لتقول شيئاً. لعله حبه الدائم للسينما. وحبّه الدائم للناس. ولعله سؤاله عن فلان أو فلان… هذا كله قالته الابتسامة قبل شهور قليلة في القاهرة، لكنها بدت وكأنها تتساءل أيضاً بشيء من الأسى: لقد هُزمنا، أليس كذلك؟

هزيمة سمير فريد الكبيرة كانت في موته وسط أسئلة كثيرة معلقة حول العالم العربي الذي كان يحبه بشغف، هو الذي كان يفضل الأجوبة على الأسئلة. واليوم، إذ تسحب قافلة الموت سمير فريد بدوره، نشعر تجاه ذلك بالحزن المرير، ولكن بكثير من الانكسار أيضاً!

الحياة

 

 

في رحيل سمير فريد: نشوة الفنّ وعشق المعرفة/ نديم جرجوره

يُشكِّل الكتابان الأخيران للناقد السينمائيّ المصري سمير فريد (1943 ـ 2017)، الصادران نهاية العام 2016، إضافةً مهنيّةً إلى المسار النقديّ السجاليّ، الممتد على 52 عاماً من الاشتغال اليومي. والإضافة المهنيّة مرتكزة على استكمالِ نمطٍ من الكتابة، يمزج التحليل بالمعلومة، ويُقدِّم اختزالاً للموضوع، مرفقاً إياه بنقاشٍ، يبدأ بالمُشاهدة والحوار والمتابعة الدقيقة، قبل أن تتحوّل هذه كلّها إلى نصٍّ، يُبنى على رغبةٍ في مرافقة المسارات المختلفة لصناعة السينما في مصر والعالم العربي أساساً، وفي الغرب أيضاً.

والمرافقة تنعقد على حيوية ثقافية، مفتوحة على السينمائي والفني والثقافي، وتتغذّى من وعي معرفي لن يبقى أسير المهنة بحدّ ذاتها، بقدر ما يمتدّ عميقاً في شؤون الحياة، والعلوم الإنسانية، ومسالك البشر وعلاقاتهم المتنوّعة. وهذا محصَّن بقناعةٍ، تفيد بأولوية الذاكرة التاريخية، بما تحمله من غنى إبداعي، وبأهمية التجديد، بما يُقدِّمه من أدوات معرفة تكسر الجمود، وتنمّي الموهبة، وتصقل الحِرفية، وتصنع صُوَراً تهتمّ بجمالية السينما قبل أي شيء آخر.

مشروعٌ نقديّ

والكتابان جزءٌ أساسيّ من المشروع النقديّ لسمير فريد، الذي يُختصر بقولٍ له في حوار طويل، منشور في كتاب “مغامرة النقد”، للزميل وائل عبد الفتاح (منشورات “المهرجان القومي الـ11 للسينما المصرية” ـ 2005): “أدعو إلى التجديد، وأناصره على طول الخط” (ص. 50)، مضيفاً أنه “ضد السينما التقليدية، لكن مع تشجيع أي تطوّر في إطارها”.

لذا، يُمكن القول إن “سينما الربيع العربي” (“آفاق السينما العربية 3” ـ “مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ38″، المُقام بين 15 و24 نوفمبر/تشرين الثاني 2016) ـ الجامع بين دفّتيه مقالاتٍ للراحل تتناول أفلاماً وقضايا ونقاشاتٍ، تتعلّق بسينما ناشئة في ظلّ التبدّل المتمثّل بانقلابٍ جماهيري عفوي وسلميّ، في تونس ومصر تحديداً ـ انعكاسٌ لثنائيةٍ تُشغل سمير فريد، وتضعه في الخطوط الأمامية، دائماً، دفاعاً عن السينما وحيويتها الإبداعية: اهتمامٌ بكل جديدٍ، يُمكن لبعضه (على الأقلّ) أن يحمل تجديداً في صناعة الصورة، ومقاربة الحالات والحكايات؛ وانشغالٌ بهمّ ثقافي ـ إنساني ـ اجتماعي، منبثقٍ من حراكٍ مدنيّ ضد سلطة قاهِرة وقامعة وفاسدة.

إليه، يستعيد “أفلام المخرجات في السينما العربية” (“كتاب الهلال”، العدد 788، نوفمبر/تشرين الثاني 2016) مقالاتٍ مختلفة، تعاين أحوال سينما تصنعها نساء منخرطات في ملامح كثيرة من تلك الثنائية، الأحب إلى قلب الناقد وعقله واشتغاله: الجديد، وما فيه من تجديد؛ والهمّ الإنساني العام؛ وذلك قبل “ثورة 25 يناير 2011″، وأثناءها وبعدها.

والكتابان يُنهيان مساراً مديداً من المتابعة والتنقيب والسجال والمواجهة والتحدّيات والتأريخ. وهو مسار مصنوعٌ بفضل جهد فرديّ لناقد سينمائيّ، يُجيد تحويل بعض نتاجه إلى مراجع يصعب الاستغناء عنها، ويُحسن جعل نصوصه مرايا مرحلة وتحوّل واجتهادات. والناقد، الذي يحتل واجهة المشهد السينمائي العربي منذ عام 1964، يغوص في شؤون بلده والمحيط العربي، من دون التغافل عن أحداث العالم، ويعود إلى التاريخ كي يُنقذ أجمل ما فيه من بطش النسيان، ويعاين الراهن بعين نقدية ثاقبة وحاسمة، مطعِّماً إياها بشفافية التشجيع والمرافقة، وبجمال احترام الآخر كامتدادٍ لاحترام الذات، وبرفاهية المعرفة التي لن يمنعه شيءٌ بلوغها، والتي لن يحجبها أبداً عمن يسعى إليها.

تأريخٌ وسجالٌ

في مؤلّفاته الكثيرة ـ كما في تلك المُشرف عليها، أو المحرِّض على ابتكارها، أو المُساعد على ترجمتها ـ يبرز اهتمام سمير فريد بالتأريخ، كنصٍّ يوثّق المعلومة، ويُحلِّل معطياتها، ويناقش أحوالها. فالتأريخ، بالنسبة إليه، فعلٌ ثقافيّ لن يسمح له بالسقوط في فخّ التسجيل، لأنه (التأريخ) حوارٌ مع الأزمنة، يتطلّب تنقية المعلومة من كلّ شائبة، ويحتاج إلى تحصينٍ تؤمّنه كتابة تقول المعلومة، وتروي حكاياتها، وتُقارن بين مصادرها كي تؤكّد أو تنفي. وهذه ميزة تُضاف إلى ميزات عديدة في شخص سمير فريد، كما في مهنيّته وثقافته ووعيه المعرفيّ.

صحيحٌ أن البعض يأخذ على سمير فريد، وعلى جيلٍ ينتمي إليه، غلبة الكتب الجامعة مقالاتٍ على الكتب المؤلَّفة ككتب؛ إلاّ أن المضامين التي تحتويها غالبية المقالات تلك (وبعض المضامين دراسات وأبحاث) قابلةٌ لأن تكون مرجعاً، في حين أن جمعها في كتب يُكمل انجذاب الناقد نفسه إلى التأريخ: ألا يحقّ للناقد أن يحصّن مقالاته من تلف النسيان، فيجمعها في كتبٍ ستبقى حاضرةً في المكتبة السينمائية (بينما المقالة معرَّضةٌ، غالباً، للاندثار والاختفاء)؛ هو (الناقد) الذي يجتهد، دائماً، في أرشفة ذاكرةٍ، يُريدها أن تنتصر على موت الكلمات والأعمال والحكايات والشخصيات؟

هذا يظهر في الكتابين الأخيرين لسمير فريد، أيضاً، إذْ يتسنّى للمهتمّ فرصة متابعة المسار التاريخي للناقد إزاء هذين الموضوعين (الربيع العربي، والمخرجات العربيات)، عبر قراءة متتالية لمقالاتٍ، تتابع نتاجاتٍ منضويةٍ في هذين العنوانين. والقراءة تلك تُعين طالبها على التنبّه إلى أصالة الناقد، وتمسّكه بأولوياتٍ لن تثنيه على تبديل موقف أو رأي، في مرحلة لاحقة، إنْ يتطلّب الوضع تبديلاً، سيبقى خاضعاً للقناعات الأساسية، وللمفردات الأولى والأهم في صناعة كلّ عملٍ إبداعي، في السينما والأدب والفنون والقضايا الإنسانية، وأنماط السلوك والعيش والعلاقات. أي أن دفاعه عن كلّ تطوّر يحدث في إطار السينما التقليدية، متوافقٌ ورغبته في الخروج على الجمود والثبات الدائمين، ومنبثقٌ من التزامه السينما، وحيويتها ومتغيّراتها، كأولوية مطلقة وجوهرية.

ميزة الاعتراف

والتزامٌ كهذا يعني جعل كلّ مقاربة أسلس من أن تكون متحجّرة أو منغلقة، لأن سمير فريد مقتنعٌ بجدوى التغيير، وكلّ تغيير يحتاج إلى مزيدٍ من وعي ومعرفة، وكلّ وعي ومعرفة يسعيان إلى التجديد مطالبان بانفتاح وسلاسة، وبقناعة بأهمية هذا كلّه، وبضرورته. وسمير فريد يتفنّن في هذا كلّه، لإدراكه أن لا شيء ممنوعٌ من اللمس، وأن موقفاً يُتخّذ ذات لحظة قابلٌ للتبدّل، مع تنبّه صاحبه إلى ضرورة هذا التبدّل، مع تنامي الوعي المعرفي، أو مع اكتشافٍ، ولو متأخِّر، لخطأ في المقاربة.

ذلك أن إحدى الخصائص الجميلة لديه، كامنةٌ في قدرته على الاعتراف بخطأ، أو بتسرّع في اتّخاذ موقف. في حواره مع وائل عبد الفتاح، يستعيد حكاية تهجّمه النقدي على يوسف شاهين، معتبراً أن فيلمه “فجر يوم جديد” (1965)، مصنوع انطلاقاً من “وجهة نظر سائح”. يقول فريد إن هذا حاصلٌ بتأثير من صلاح أبو سيف، قبل إدراكه “عداوة الكار” بين المخرِجَين. يقول أيضاً إنه سيُلبّي دعوة شاهين نفسه له إلى مشاهدة “الأرض” (1969)، وسيتساءل: “أهذا هو “الخواجة” الذي لا روح مصرية له”، كما يصفه أبو سيف؟ (ص. 53). سيعترف ـ في لحظة إنسانية تمزج حساسية الناقد بروحٍ توّاقة إلى أجمل ما في السينما من إبداع ـ أن “الأرض” سيكون أحد الأفلام القليلة جداً ـ إلى جانب “إنهم يقتلون الجياد، أليس كذلك؟” (1969) لسيدني بولاك، و”المرآة” (1975) لأندريه تاركوفسكي، و”زمن الغجر” (1989) لأمير كوستوريتزا ـ التي ستدفعه إلى البكاء: “بكاء الإعجاب. نشوة الفن البحتة. نشوة المستوى الرفيع”.

سيُكتب الكثير عن سمير فريد، إثر رحيله في 4 أبريل/نيسان 2017. سيُقال الكثير أيضاً. ستختلط المشاعر بالذكريات والعلاقات في نصوصٍ، لن يستطيع كاتبوها، مهما سيفعلون ومهما سيكتبون ومهما سيقولون، تجاهل تلك الميزات الرائعة للراحل: حبٌّ لا يوصف للسينما، وبراعةٌ لا تُحدَّد في عيش الحياة، وإبداعٌ إنسانيٌّ مرهف في التواصل الرائع مع كلّ من يُبدي أمامه ولو ذرَّة واحدة من عشقٍ للسينما والحياة، وجمالٌ لا يُختزل في مقارعته قمعاً أو منعاً أو انغلاقاً، ورفاهية معرفة تتيح له أن يذهب ـ بقناعة وشغف ورغبة في مزيدٍ من المعرفة ـ إلى كلّ جغرافيا ممكنة، كي يتمتّع بـ”نشوة الفن”.

(*) ناقد سينمائي من أسرة “العربي الجديد”

ضفة ثالثة

 

 

رحيل سمير فريد: الناقد الذي أثرى الثقافة السينمائية وآمن بالربيع العربي/ محمد عبد الرحيم

القاهرة ــ «القدس العربي»: «مازلت مؤمناً بأن الثورات التي حدثت هي ربيع، رغم كل المآسي التي حدثت وما زالت تحدث، وأرى أنه ربيع بسبب أنه فكرة تنطوي على إرادة في التغيير الحقيقي، خصوصاً أن هذه الثورات كانت حرة لم ينظمها أي حزب أو فرد، وأشبه هذا الربيع بسقوط جدار برلين، الذي كان الهدف الرئيسي منه الرغبة في التغيير، فهذه الثورات كانت تهدف بالأساس إلى الرغبة في التغيير الحقيقي والرغبة في الحرية». (من كلمة سمير فريد في المجلس الأعلى للثقافة، للاحتفاء بمؤلفه، «سينما الربيع العربي»).

لم يفصل الناقد الراحل سمير فريد (1 ديسمبر/كانون الأول 1943 ــ 4 أبريل/نيسان 2017) في كتاباته، سواء المؤلفات أو المقالات الصحافية، ما بين النقد السينمائي والمناخ السياسي، ودائماً حتى في مؤلفاته التأريخية للسينما المصرية والعربية يجد أن العمل السينمائي، ما هو إلا تعبير كاشف عن الحقبة السياسية، وبالتالي الاجتماعية التي جاء في سياقها، ما يستدعي دوماً أن تقرأ كتاباته وفق منظور أكثر عمقاً، وليس مجرد متابعة نقدية في صحيفة. من هنا كان صوت الرجل المختلف والأكثر تأثيراً كصوت ناقد للسينما في مصر والعالم العربي. ويبدو ذلك حتى في كلمته الأخيرة عند تكريمه في مهرجان برلين الـ67، وهو يُشير إلى خطورة السينما العربية ومشكلتها، «أنا من جيل شهد حرب 67 وفشل الاشتراكية وفشل الانفتاح ما جعله ينغمس في السياسة. الأنظمة العربية تخشى السينما لأنها أكثر تأثيراً على مختلف فئات الجمهور. والمشكلة لا تكمن في وجود المبدعين أو الإبداع إلا أنها تتمثل في علاقة الحكومات العربية بالسينما».

ما بين السياسي والفني

لا نمتلك إلا النظر من خلال الرؤية السياسية للفن السينمائي عند التعرض لكتابات سمير فريد، سواء نقداً أو تأريخاً، محاولاً الكشف عن نضالات الفنان المصري والعربي، من خلال أعماله السينمائية، أو مواقفه من السلطة. ففي كتاب «تاريخ نقابات الفنانين في مصر» يستعرض فريد نضال الفنان المصري في مواجهة السلطة، وتداعيات قانون 103، حيث يتناول تاريخ نقابة السينمائيين في مصر، منذ أول تجمع للفنانين في مصر، عام 1912، وتأسيس جمعية أنصار التمثيل عام 1913 حتى تأسيس نقابة ممثلي المسرح والسينما في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1943، وتأسيس نقابة السينمائيين بعد أسبوعين من تأسيس هذه النقابة، كما يناقش الحدث الأهم في ما يشبه التوثيق، وهو إضراب الفنانين ضد القانون رقم 103، هذا الإضراب الذي استمر من 11 يوليو/تموز 1987 إلى 6 سبتمبر/أيلول 1987.

الأمر نفسه يؤرخ له الناقد الراحل ــ الظرف السياسي وتداعياته ــ من خلال مؤلفه «تاريخ الرقابة على السينما في مصر»، الذي لم يكن بدوره سوى تاريخ أشكال السلطة السياسية وأهدافها. وما بين المنع والإباحة استعراض لتاريخ سياسي واجتماعي يمكن من خلاله الكشف عن الأفكار والصراعات التي كانت دائرة بين فنان السينما والرقيب ممثل السلطة. ومحاولات التحايل على هذه السلطة من قِبل الفنان، التي كانت له بالمرصاد طوال تاريخ السينما المصرية وحتى الآن.

المرأة والسينما العربية

ويأتي كتاب «أفلام المخرجات في السينما العربية»، وهو الكتاب الأخير الذي أصدره سمير فريد، ضمن إصدارات سلسلة كتاب الهلال، في نهاية عام 2016، حيث يستعرض الراحل في مقدمة بحثية مطولة دور المرأة في السينما المصرية والعربية، خاصة صورتها في أفلام المخرجين والمخرجات، ومدى تأثير التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على هذه الصورة، وهل انتصرت المرأة للمرأة حينما بدأت تتحدث بلسانها وتخرج أفلاماً، ليصل المؤلف إلى النظرة الذكورية المسيطرة بالأساس في العديد من هذه الأعمال، وحصر المرأة دوماً في دور يماثل دورها في الوعي الشعبي، بخلاف بعض التجارب القليلة قياساً بتاريخ السينما الطويل. ثم يتعرض بالنقد إلى العديد من الأعمال السينمائية وثائقية كانت أو روائية، التي تواءمت أو خرجت عن هذا الإطار الموروث، منها على تباين جمالياتها السينمائية.. «غزل البنات» لجوسلين صعب، «إيقاع الحياة» لعطيات الأبنودي، «امرأة واحدة لا تكفي» لإيناس الدغيدي، «صمت القصور» لمفيدة تلاتلي، «طيارة من ورق» لراندة شهال، «فدوى طوقان» لليانه بدر، «شحاذون ونبلاء» لأسماء البكري، «أحلى الأوقات» لهالة خليل، «المهنة امرأة» لهبة يسري، «البنات دول» لتهاني راشد، «سلطة بلدي» لنادية كامل، «هلأ لوين» لنادين لبكي، «الخروج للنهار» لهالة لطفي، والعديد من النماذج اللافتة في السينما العربية. فما كان يشغل الرجل هو قضية الحرية في مجتمعات لا تعرف عنها شيئاً ولا تؤمن بها، ما جعل هذه الكتابات والمؤلفات أشبه بمسيرة تأريخية للفن السينمائي وعلاقته الوثيقة بالمناخ السياسي الفاسد الذي يحياه المواطن العربي، فناناً كان أو مجرّد متلق يحب السينما ويحلم من خلالها.

بيبلوغرافيا

سمير فريد من مواليد القاهرة في 1 ديسمبر 1943، تخرج في قسم النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1965، ثم بدأ العمل الصحافي في جريدة «الجمهورية» عام 1964. وظل حتى أيامه الأخيرة يكتب في جريدة «المصري اليوم» مقاله الأسبوعي تحت عنوان «صوت وصورة».

يعد أحد مؤسسي جمعية نقاد السينما المصريين، التي أطلقت اسمه على جائزتها تكريماً لدوره في إثراء الثقافة السينمائية في مصر والعالم العربي. كما تولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي دورتين متتاليتين في 2013 و2014. أصدر الكثير من المؤلفات في النقد والتأريخ السينمائي، منها: «أضواء على سينما يوسف شاهين، تاريخ الرقابة على السينما في مصر، الواقعية الجديدة في السينما المصرية، صفحات مجهولة من تاريخ السينما المصرية، شكسبير كاتب السينما، تاريخ نقابات الفنانين في مصر، السينما العربية المعاصرة، أدباء مصر والسينما، قضايا سياسية على شاشة السينما، سينما الربيع العربي، وأفلام المخرجات في السينما العربية، الصادر في نهاية العام الفائت».

حصل على العديد من الجوائز المرموقة في مصر والعالم، منها .. ميدالية مهرجان «كان» الذهبية عام 2000. جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2002. الجائزة التقديرية في النقد السينمائي في مهرجان نيودلهي، وآخر هذه الجوائز كانت في فبراير/شباط الماضي، حيث فاز بجائزة «كاميرا البرلينالي» في مهرجان برلين الأخير، وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تكريم شخصية صحافية عربية على مدى تاريخ المهرجان.

القدس العربي

 

 

 

سمير فريد.. نبوءة تكتمل/ هشام أصلان

1

تبدو علاقة الكاتب، السينمائي، التشكيلي، بالأجيال التالية عليه، دلالة مهمة على أثره الحقيقي، استطاعته من عدمها في التواصل مع مجريات عصر جديد، قدرة تطوير النفس يومًا بعد يوم، مرونة تلقي الجديد والتعامل معه وإن اختلفت المعطيات والنتائج. الاستقبال الحميم ممن يصغرونك بكثير فيه شيء من المجد. وبالأمس، راحت صفحات المهتمين بالكتابة والسينما من الشباب في “فايسبوك”، تنعي الكاتب والناقد السينمائي المصري سمير فريد. الجميع حزين، باختلاف توجهاتهم الفكرية، أو السياسية، هو المحظوظ بانتمائه لعائلة المحبوبين من الجميع. التوجهات بالطبع وليس الأفراد.

الخبر انتشر بينما كثيرون لم يخرجوا بعد من عزاء المترجم المصري المعروف طلعت الشايب في مسجد “عمر مكرم”، أشهر أماكن العزاءات في القاهرة. 2017 قاسية منذ بدايتها. أخذت كثيرين.

2

يعرف نُقّاد وصحافيو السينما، أن المُسافر منهم إلى فرنسا لمتابعة فعاليات مهرجان “كان”، وهُم قليلون بطبيعة الحال، سيحصل على واحدة من البطاقات التي تُصرّح بدخول قاعات عرض الأفلام. بطاقات لها ألوان، لكل لون درجة من التعامل. أرفع هذه البطاقات يتيح لك الذهاب إلى قاعة العرض قبل بدء الفيلم مباشرة، فلا تضطر إلى الوقوف ساعات في طابور طويل ربما تمتلئ القاعة قبل أن يأتي دورك فيه.

نوع البطاقة التي ستحصل عليها يُحدَدّ عبر أهميتك لدى إدارة المهرجان. وسمير فريد كان المصري الوحيد المسموح له بحمل أرفع هذه البطاقات، رغم ذلك، كان حريصًا على الحضور مبكرًا، والانتقال من قاعة عرض إلى أخرى، حتى ينتهي اليوم. يحكي صديقي الناقد خالد محمود، الذي كان مقربًا من فريد في السنوات الأخيرة: “كان دؤوبًا على المشاهدة، وعلى الكتابة عمّا يراه، وإن كانت كتاباته في السنوات الأخيرة، لم تكن أهم ما كتب في السينما”. كان تأثر بشكل ما بالمناخ المُشوّش المُنعطف على الأوضاع السياسية من ناحية، وبالتطور السلبي لأجواء الخلافات الفكرية من ناحية أخرى. نعم، الرجل كان معروفًا ببُعده من فجور الخصومة. من هنا، لن تجد في الذين دخل معهم في معارك فكرية من لا يحترمه.

3

لسمير فريد بالغ الأثر في أهم مهرجانات السينما العربية. ساهم في تأسيس بعضها ودعم البعض الآخر، غير أن بُعداً مهماً في علاقته بالنقد السينمائي جاء من كونه امتد كجسر لعدد من السينمائيين المصريين والعرب في المهرجانات الدولية التي اعتبرته محلّ ثقة، عبر علاقة امتدت بينه وبين أشهرها لعشرات السنين.

“آراؤه يؤخذ بها في أنحاء العالم، كما إنه من نقاد السينما البارزين في العالم العربي”، يقول بيان مهرجان برلين السينمائي الدولي، في حيثيات تكريم سمير فريد بجائزة “كاميرا البرلينالي”، وكانت المرة الأولى التي تذهب فيها هذه الجائزة إلى ناقد عربي. يومها قال فريد كلامًا عن علاقة الأنظمة العربية بالفنون، وبالسينما تحديدًا: “الأنظمة العربية تخشاها لأنها أكثر تأثيرًا في فئات الجمهور المختلفة”، وأنا لا أعرف إن كان الناقد الكبير محقًا في وجود هذا الوعي لدى أنظمة الحكم العربية التي تعيش مع بني الإنسان على هذا الكوكب.

من المناطق التي تحدث عنها سمير فريد، يوم تكريمه في برلين، والتي أتصورها تُشكّل ملامحه الثقافية، وأسباب كونه مغايراً للسائد، كانت إشارته، وفق “بي بي سي”، إلى أنه “بسبب التغيير والثورة التكنولوجية الحالية، هناك طرح يشكك في جدوى وجود النقد السينمائي، حيث أن المعلومات عن الأفلام متوافرة عبر الإنترنت للجميع”. لا أعرف إن كان يقصد العبارة حرفيًا. المعلومات التي يحتاجها المتلقي ليست دور الناقد بالتأكيد. المسألة تحتاج إلى مناقشة، لكن تظل العبارة دالة على معنى للرحابة، شكل للتواضع، بالأحرى، عدم محاولة تفخيم الشأن وإعطاء الأمور أكبر من حجمها. الأهم، هو وضع المتلقي وطبيعته الجديدة في الاعتبار، وإن كُنّا نقول دائمًا إن راحة هذا المتلقي، العادي، ليست من الوظائف المباشرة للناقد، السينمائي أو غيره.

4

منذ سنوات قليلة، في الفترة بين رحيل مبارك ومجيء الإخوان إلى الحكم، نقل لي صديق، ما دار بينه وبين سمير فريد عبر الهاتف. قال إن الرجل يتحدث بجدية وتأكيد عن أن هناك ما يدور لعودة بيت السلطة إلى ما كان عليه قبل الثورة، وأن كل هؤلاء الذين تراهم خلف القضبان سيخرجون، بل إن رجالاً من النظام القديم سيعودون إلى أمكنتهم مجددًا. صديقي اعتبر أن الرجل مهجوس، أصابه الوهم حد المبالغة إلى هذه الدرجة.

مرت الأيام سريعًا، ورحل بعدما رأى نبوءته رؤى العين، وقد اقتربت من الاكتمال.

المدن

 

 

 

 

 

 

 

 

سمير فريد: خمسون عنواناً في الفن السابع وتاريخه/ سليمان الحقيوي

يدين النقد السينمائي العربي لسمير فريد (1943 – 2017) بجملة أشياء من بينها عمله برفقة نقّاد آخرين على تغيير رؤية الناس والصحافة إلى الكتابة النقدية حول السينما وتخليصها من الاتجاهات التي كانت ترى فيها امتداداً للتحرير الفني المتتبّع لهوامش الفن السابع وبريقه.

كان يصرّ على تصنيف كتاباته ضمن مجال النقد السينمائي ووصفه هو بالناقد السينمائي، كتابه الأوّل “سينما 65″(1967) الذي ضم بين دفتيه مقالات متفرقة، جاء للدفع بهذا الهدف المعلن إلى الأمام، فصدور الكتاب حقّق لسمير فريد غايته وصارت المكتبة العربية ترى في النقد السينمائي جاراً لأنواع نقدية أخرى عتيدة كانت مسيطرة لوحدها على اهتمام القارئ مثل النقد الأدبي والمسرحي.

ساهم صاحب “الصراع العربي الصهيوني في السينما” (1992) عن طريق مقالاته التي كانت تنشر في صحيفة “الجمهورية” المصرية وغيرها من الصحف، في وضع مبادئ لقراءة الأفلام منهجياً وبنظرة تحليلية، وهكذا صار النقد السينمائي يجد لنفسه مكاناً بين ما يكتب عن الفن ويزاحم أجناس الكتابة الأخرى على صفحات المجلات والجرائد.

من ناحية أخرى، يدين النقد السينمائي العربي لمنجز سمير فريد، الذي تجاوز خمسين عنواناً، وضع بها اليد على نقاط أساسية تعود نتائجها على السينما وجمهورها على حد سواء. منجز يجمع بين مجالات عديدة أولها تاريخ السينما، فهو إلى جانب مقالاته الغزيرة كان يقوم بعمل موازٍ لا يقلّ في أهميته عن الكتابة عن الأفلام، إذ خطّ اتجاهاً مهماً هو العناية بتاريخ السينما المصرية والعربية، وفي هذا السياق جاءت كتبه “الواقعية الجديدة في السينما المصرية” (1992) الذي جمع دراساته التي تتبعت المنحى الواقعي في السينما المصرية، وكتابه “السينما العربية المعاصرة” (1998) وكتاب “تاريخ الرقابة في على السينما في مصر” (2002) الذي اشتغل فيه على فترة طويلة من عمر السينما المصرية وعلاقته بالرقابة (1904-2001)، وكتاب “فصول في تاريخ السينما المصرية” (2002) الذي تتبع فيه السينما المصرية منذ نشأتها مروراً بتيارها الواقعي وصولاً إلى السينما التجارية.

كما اهتم فريد أيضاً في كتاباته بتقاطعات الفن السابع بغيره من الفنون من خلال كتب مثل: “نجيب محفوظ والسينما”(1990)، “أدباء مصر والسينما” (1999)، و”أدباء العالم والسينما” (2004)، و”شكسبير، كاتب السينما” (2002).

أما اهتمامه بالسينما الأوروبية فقد أثمر مشروعاً مهماً في أربعة كتب تحت موضوع واحد “السينما في دول الاتحاد الأوروبي” (2004)، ويمكن النظر إلى هذا العمل الكبير نظرة شمولية كونه توجّه إلى أربعة من أهم المباحث التي تهمّ علاقتنا بالسينما الأوروبية. في الجزء الأول منه “التاريخ والتيارات والأنواع” تطرّق إلى إنتاج الأفلام الروائية الطويلة، وخصّص الجزء الثاني “أعلام الإخراج السينمائي” لأهم الأسماء الأوروبية المعروفة في الإخراج وفق معايير الأهمية ودون النظر إلى الجنسية، كما التفت إلى التجارب التي لم تنل التقدير الكافي في الكتابات النقدية وكذلك التجارب السينمائية الشابة. أمّا في الجزءين الأخيرين “المؤسّسات السينمائية” و”الأسواق والشركات والاستوديوهات”، فقد سدّ بهما فراغا كبيراً في المجال السينمائي العربي هو مجال الاهتمام بالتسويق والمؤسسات المشتغلة بالسينما.

ستظل مسيرة سمير فريد ملهمة لأجيال ونقاد جاؤوا بعده، مسيرة غزيرة لم يفارقها الطموح ولا الجدية. ولم يعكر صفوها سوى لحظات قليلة مثل رئاسته لـ”مهرجان القاهرة السينمائي” في فترة عصيبة قبل فيها الرجل أن يساهم في إنقاذ سمعة المهرجان. لكن كانت هناك أحكام جاهزة تنتظر أي اسم لترميه بسهام النقد. سوى ذلك فلا شيء يمكن أن ينال من مسيرة ناقد كان يعيش للسينما ويفكر بها.

كان عمر سمير فريد 23 سنة عندما حضر لأوّل مرّة “مهرجان كان السينمائي” سنة 1967، وكان المهرجان يبلغ حينها دورته العشرين؛ الدورة نفسها التي شهدت فوز فيلم “بلو آب” لـ مايكل أنجلو أنتونيوني بالجائزة الكبرى. الوصول إلى هذا المهرجان في سنّ مبكرة كان يعني أنه اختار رهاناً صعباً، وقد جعلته هذه البداية يحبّ السينما ولا ينبهر بالسينمائيين. وستستمرّ علاقته بمهرجان كان دون انقطاع حيث شارك في كلّ دوراته لمدّة 45 عاماً.

الرقم 67 سيتكرّر في مهرجان آخر مهمّ في مشواره، فهي الدورة التي كرّم فيها “مهرجان برلين السينمائي” سمير فريد بـ”جائزة “كاميرا البرلينالي” في شباط/ فبرابر الماضي، وهو حدث لا يتكرّر كلّ دورة، إذ وضع هذا التكريم السينما المصرية والعربية في دائرة الضوء عن طريق النقد، وليس عن طريق فيلم أو ممثّل أو مخرج مثلما جرت العادة.

التكريم من جهة ثانية، جاء ليعترف بناقد قضى أكثر من نصف عمره في الكتابة عن السينما وأحوالها والتنقّل بين مهرجانات العالم للكتابة عنها وعن تفاصيلها، وأبرز ما في هذا التكريم أنه جاء أثناء حياته وليس بعد رحيله كما تجري العادة في العالم العربي.

العربي الجديد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى