صفحات الحوار

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير:إيران أكبر راع للإرهاب في العالم… ولا دور للأسد في المرحلة الانتقالية

 

 

نيويورك – راغدة درغام

قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن إيران هي «أكبر راع للإرهاب في العالم»، وهي متورطة في «محاولات تهريب متفجرات إلى البحرين والمملكة العربية السعودية وبناء خلايا في الدول العربية من أجل التخريب». وأضاف في لقاء مع «الحياة» على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أن إيران تحوّلت «قوة احتلال» في سورية، وأنها يمكن أن تؤدي دوراً كبيراً في الحل السياسي فقط إن هي سحبت «القوات الإيرانية والميليشيات التي أحضرتها إلى سورية».

وشدد الجبير على ضرورة ألا يكون للرئيس السوري بشار الأسد دور في العملية الانتقالية، معتبراً أن «المبدأ الأول» المتفق عليه بموجب بيان جنيف١ هو أن «لا مستقبل لبشار الأسد في سورية». وعما إذا كانت روسيا توافق على هذا المبدأ قال إن «الحل لا يعتمد على روسيا»، لأن المبادئ هي «أن لا دور لبشار الأسد في مستقبل سورية، والمبدأ الثاني أن نحافظ على المؤسسات المدنية والعسكرية في سورية كي لا تعم الفوضى والانهيار ولكي تستطيع الحكومة السورية أن تحافظ على الأمن وتوفر الخدمات لشعبها ومواطنيها وتواجه التطرف الموجود»، مشدداً على أنه «لا خلاف حول ذلك».

وعن العلاقة بين المملكة العربية السعودية وروسيا قال الجبير إنها «يجب أن تكون أوسع مما هي عليه الآن»، إذ إن «حجم المملكة العربية السعودية وحجم روسيا اقتصادياً وسياسياً لا يتماشى وحجم العلاقات بين البلدين»، مؤكداً وجود اختلاف أساسي بين البلدين حول الأزمة السورية.

 

وهنا نص اللقاء:

> الاجتماع الوزاري الثاني عقد أو سيعقد بموضوع سورية، ويضم على مستوى الوزراء كلاً من معاليك وأيضاً وزراء خارجية بريطانيا وأميركا وفرنسا وألمانيا والأردن وتركيا…

– وقطر والإمارات.

> قطر والإمارات في هذا الاجتماع الوزاري؟ الاجتماع الأول أو الثاني؟

– الثاني.

> ما هدف هذا التجمع بالنسبة إلى الموضوع السوري، وماذا تبحثون على المستوى الوزاري؟ هل تبحثون في عملية مقايضات مع روسيا كي يتم التوصل إلى حل وسط أو استراتيجية في وجه التصعيد الروسي في سورية؟

– هذه الاجتماعات للتشاور بين الدول الصديقة لتنسيق المواقف بالنسبة إلى التعامل مع الأزمة في سورية وفي ما يتعلق بأي تحركات سياسية تجاه روسيا وأي دول أخرى.

> هل هناك خريطة طريق مقابل الوضوح الروسي في التمسك ببشار الأسد في البداية وفي النهاية أيضاً، كما في اعتباره حجر أساس في محاربة داعش؟ هل هناك من خريطة طريق بالموازاة مع التمسك الروسي والإصرار عليه؟

– هذه الاجتماعات هي لتبادل الآراء والتشاور حول كيفية التعامل مع الوضع في سورية ومع أي اقتراحات قد تنتج عن المجتمع الدولي، سواء من الأمم المتحدة أو روسيا أو غيرها. ولكن، هذا لا يعني أن كل الدول تسير في صف واحد. الفكرة هي أن نتشاور ونقرّب المواقف ونحاول الوصول إلى إجماع على كيفية التعامل مع المستجدات.

> وزير الخارجية البريطاني تحدث عن الاستعداد لتعديلٍ ما في مفهوم جنيف، بمعنى القبول ببشار الأسد كجزء من العملية الانتقالية. هذا تغيير في الموقف البريطاني. هل هذا ما تتجهون نحوه كمجموعة؟

– نعتقد أنه لا يوجد تغيير في المواقف في ما يتعلق بجنيف١، إنما ربما بالنسبة إلى تقويمهم لمعنى جنيف١. مبادئ جنيف١ تنص على إنشاء سلطة انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية تتشكل من المعارضة ومن الحكومة، وهذه السلطة ستتمتع بكل الصلاحيات وتضع دستوراً جديداً، وتُحضّر لانتخابات جديدة، وتحافظ على المؤسسات السورية العسكرية والمدنية، كي تستطيع سورية أن تكمل هذه المرحلة الانتقالية وتتوجه إلى مستقبل أفضل بإذن الله. من بداية أعمال هذا المجلس الانتقالي لا يكون هناك أي صلاحيات للرئيس بشار الأسد. المسألة هي متى يرحل؟ هل يرحل بعد يوم، بعد أسبوع، بعد شهر، بعد شهرين؟ أعتقد أن هذا هو قصد البريطانيين، وليس أن يستمر بشار الأسد في السلطة أو أن يتمتع بأي نفوذ أو أن يكون له أي دور سياسي خلال المرحلة الانتقالية.

> الأميركيون منفتحون على دور الأسد في البداية إنما يؤكدون على ألا ينتهي الأمر مع بقائه في السلطة. هذا جديد. هل أنتم مستعدون لتقبله؟

– التركيز يجب أن يكون على المبادئ. المبدأ الأول أنه لا مستقبل لبشار الأسد في سورية.

> هذا ما لا توافق عليه روسيا.

– الحل لا يعتمد على روسيا. المبادئ هي أولاً أن لا دور لبشار الأسد في مستقبل سورية. المبدأ الثاني هو أن نحافظ على المؤسسات المدنية والعسكرية في سورية كي لا تعم الفوضى والانهيار، ولكي تستطيع الحكومة السورية أن تحافظ على الأمن وتوفر الخدمات لشعبها ومواطنيها وتواجه التطرف الموجود. لا يوجد خلاف في هذا. النقطة الثالثة أن سورية لا تستطيع أن تصل إلى مستقبل جديد إلا إذا مرت بمرحلة انتقالية لتنتقل مما هي عليه الآن إلى مرحلة جديدة، وهذا يكون عن طريق المجلس الانتقالي الذي يشمل كل السوريين. وهذا متفق عليه. السؤال الآن هو هل يترك بشار الأسد الحكم في بداية المرحلة الانتقالية أو يبقى في سورية من دون أي صلاحيات أو امتيازات؟ أعتقد أن هذا هو ما يتكلم عنه الناس. دعونا لا نركّز على بقائه أسبوعاً أو شهراً أو شهرين، فلا بد أن نعرف النهاية. وحتى الآن ليس هناك اتفاق على النهاية. بشار الأسد يرفض أن يترك السلطة. وهذا معناه أنه ليس هناك اتفاق. مبادئ جنيف١ ليس لها معنى إن لم يكن هناك قبول بتنحي بشار الأسد من السلطة في سورية.

> سادت أجواء تفاؤل في مرحلة ما بعلاقة روسية- خليجية تؤدي إلى تفاهمات. زرت موسكو وزارها بعض المسؤولين الخليجيين الآخرين أيضاً. أنت تعرف بتلك الأجواء التي كانت سائدة قبل شهرين، ولكن فجأة صعّدت روسيا عسكرياً في سورية وأعلنت مواقفها السياسية المتمسكة بالأسد. ما الذي أدى بروسيا الى هذا التصعيد من وجهة نظرك؟

– هذا السؤال يوجّه إلى الروس وليس لي. العلاقات السعودية- الروسية، والعلاقات الخليجية- الروسية، يجب أن تكون أوسع مما هي عليه.

> بمعنى؟

– بمعنى أن حجم المملكة العربية السعودية وحجم روسيا اقتصادياً وسياسياً لا يتماشى وحجم العلاقات بين البلدين. يجب أن يكون هناك سعي إلى تعزيز هذه العلاقات وتقويتها في كل المجالات. بالطبع هناك اختلاف في مواقف وعلى أمور معينة، ولكن هذا لا يعني إننا لا نسعى الى تحسين العلاقات مع روسيا.

هناك خلاف أو عدم اتفاق بيننا وبينهم في موضوع سورية، لكننا متفاهمون على أهمية مراعاة الديانة الإسلامية في روسيا. قد يكون هناك عدم اتفاق في الرؤية في ما يتعلق بمد إيران بالسلاح، لكن لدينا مصالح مشتركة تتعلق بالبترول والزراعة. هناك تفاهم بيننا وبين روسيا في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. هناك أمور عديدة يمكن أن نبني عليها علاقات.

> هل ستزور روسيا مجدداً في الفترة المقبلة؟

– ليس هناك أي مانع من زيارة روسيا.

> بالنسبة إلى إيران، الرئيس باراك أوباما أعرب عن استعداده للقبول بالدور الإيراني وليس فقط الروسي في سورية. أنتم تحفظتم تقليدياً عن دور لإيران في المسألة السورية، هل تغيّر هذا الآن؟ هل هناك تفاهمات؟

– إيران جزء من المشكلة، إن لم تكن سبب المشكلة أساساً… إيران أرسلت آلافاً من قواتها من الحرس الثوري، فيلق القدس، وميليشيات شيعية مثل حزب الله وغيرها من المنطقة لدعم نظام بشار الأسد. هي أصبحت دولة محتلة في سورية. وإذا كانت تريد أن يكون لها دور في إيجاد حل سياسي يجب عليها أن تنسحب من الأراضي السورية.

> إذاً أنتم لا توافقون الرأي الأميركي بضرورة الدور الإيراني في ملف سورية في هذا المنعطف؟ هذه نقطة خلاف بينكم وبين الولايات المتحدة؟

– أنا أعتقد أن إيران تستطيع أن تؤدي دوراً كبيراً في سورية يبدأ بانسحاب القوات الإيرانية والميليشيات التي أحضرتها إلى سورية.

> إذن هذا شرطكم لكي يكون لإيران دور؟

– هذا ليس شرطاً، إنما هو أكبر دور ممكن أن تلعبه إيران في سبيل مساعدة سورية للخروج من الأزمة التي تمر بها الآن.

> قطر تتحدث عن استعداد خليجي للحوار مع إيران بشرط أن يكون بناء على أدوارها في مختلف المنطقة العربية. هل ترحب المملكة بهذا الطرح لحوار خليجي إيراني؟

– المسألة تتعلق بأفعال إيران وليس بأقوالها، منذ الثورة الإيرانية ونحن نواجه سياسة عدوانية من قبل إيران تجاه المملكة وتجاه دول الخليج. في المقابل نحن لا نقوم بأي عمل عدواني. هي تتدخل في شؤون المنطقة، في لبنان وسورية والعراق واليمن، وتحاول تهريب متفجرات إلى البحرين وإلى المملكة العربية السعودية وأن تبني خلايا في الدول العربية من أجل التخريب. إيران هي أكبر راع للإرهاب في العالم، وهي تعمل من أجل زعزعة الاستقرار في المنطقة. فإذا أرادت بناء علاقات طيبة مع جيرانها، يجب عليها أن تتعامل معهم على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤونهم، ونحن نرحب بذلك. إيران دولة عظيمة وعريقة ولها حضارة، وهي مجاورة لنا، ونأمل في أن يكون لنا أفضل العلاقات معها، وليس هناك ما يمنع من ذلك إلا تصرفاتها. عليها أن تحدد هل هي ثورة أو هي دولة. إذا كانت دولة، نستطيع التعامل معها، أما إذا كانت ثورة وتريد أن تصدّر ثورتها وتستعيد الإمبراطورية الفارسية -كما يصفها كبار المسؤولين فيها- فلا نستطيع التعامل معها.

> الولايات المتحدة لم تطرح هذه الأمور مع إيران على أساس أنها أرادت الفصل بين الملف النووي وسواه. هل هناك من تحرك الآن للاستعداد الأميركي لطرح هذه الأمور مع إيران؟ وكيف ستتأثر العلاقة السعودية- الأميركية أمام تطور العلاقة الأميركية- الإيرانية الجديدة؟

– لا أعتقد أن العلاقات الأميركية- الإيرانية ستتغير بالشكل الذي يتوقعه الناس والمحللون، بالذات عندنا في المنطقة. الولايات المتحدة تنظر إلى إيران كأكبر داعم للإرهاب في العالم، وتدرك تماماً دور إيران في دعم حزب الله وتدخلها في شؤون المنطقة وأساليبها في التعامل مع دول الجوار. لا أعتقد أن التغيير الذي يتوقعه بعض المحللين سيحدث بالشكل الذي يصفونه، فالولايات المتحدة عبّرت عن استعدادها للعمل مع حلفائها في المنطقة، وبالذات دول الخليج، للتصدي للتدخلات الإيرانية ولتعزيز قدراتهم الأمنية والدفاعية وغيرها ليتمكنوا من مواجهة أي تحركات إيرانية تجاههم.

> سمعت أن لقاءك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كان متوتراً، وقيل إنه عبّر عن استيائه من مسار العمليات العسكرية في اليمن. هل هذا صحيح؟

– أبداً. علاقاتي مع الأمين العام للأمم المتحدة وحديثنا دائماً صريح وشفاف. هو يعبّر لنا دائماً عن وجهة نظره بكل صراحة ونحن نقابله بالمثل. وهذا ما يجب أن يكون بين الأصدقاء والمفاوضين. مبدأ الشفافية مهم جداً وهو أحد المبادئ الأساسية للمملكة العربية السعودية.

> هل صحيح أن الحوثي هُزم جدياً لناحية قدراته على تهديد الأمن القومي السعودي؟ هذا كلام سمعته من مسؤولين كبار في الأمم المتحدة، هل هذا صحيح؟ وإذا كان صحيحاً لماذا استمرار العمليات العسكرية؟ وخصوصاً أنكم قلتم إن هدفكم الأول كان منع التطاول على الأمن القومي السعودي؟

– لا بالعكس، العمليات العسكرية بدأت نتيجة لانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية اليمنية بعدما استولى وقوات صالح على صعدة وعمران وصنعاء وتعز وعدن. احتلوا اليمن كلها وحبسوا الرئيس الشرعي ثم حاصروه في قصره في عدن وكانوا على وشك أن يقتلوه، فاستنجد بمساعدات من دول حليفة بموجب البند ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة، فاستجابت المملكة ودول التحالف لهذا الطلب وتدخلنا في العملية العسكرية. ومنذ اليوم الأول من العمليات كنا نقول إن الهدف منها هو الدفاع عن الشرعية في اليمن وإبعاد الخطر عن المملكة. لا تنسي أن الحوثيين ميليشيا استولت على صواريخ باليستية وعلى طيران حربي، وهذا لم يحدث أبداً في تاريخ العالم، وهو يشكل خطراً على المملكة، فالهدف هو إعادة الشرعية والدفاع عن المملكة وإبعاد الخطر الذي تشكله الصواريخ والطائرات على المملكة وفتح المجال للحل السياسي في اليمن. لا بد للحل في اليمن من أن يكون سياسياً وليس عسكرياً. وبعدما انتهت عاصفة الحزم، بدأت عاصفة إعادة الأمل، وصار الأمر بيد الحوثي. إذا تحركوا وقاموا بأعمال عدوانية، سيُرد عليهم. إذا أرادوا السلم فالباب مفتوح، والحل معروف، وهو مبني على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن ٢٢١٦. أتصور أن هناك مؤشرات إن شاء الله تبشّر بالخير وهناك محاولات من المبعوث الأممي أعتقد، بإذن الله، أنها قد تؤدي إلى نتيجة. في نهاية الأمر هناك حل سياسي، ونحن متفائلون بأنه إذا أدرك الحوثيون وقوات صالح أن مشروعهم لا يستطيع أن ينجح في اليمن، فهذا قد يجعلهم يقبلون بالعملية السياسية.

الحياة

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى