صفحات الحوار

وليد جنبلاط: ليت الطبقة السياسية تتنحى … والصوت التفضيلي يفرض تسويات

 

 

 

بيروت – زهير قصيباتي ووليد شقير

قال رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط إنه «لا تجوز تحت شعار محاربة الإرهاب معاملة جميع السوريين كإرهابيين»، مكرراً المطالبة بالتحقيق في وفاة 4 موقوفين سوريين.

واعتبر جنبلاط في حديث أجرته «الحياة» معه أول من أمس، أن «التواصل موجود مع الحكومة السورية… لذلك كفى مزايدة. تبقى حدود التواصل، وأن يكون أمنياً لمحاربة الإرهاب»، في تعليقه على السجال حول التنسيق بين الحكومتين في شأن إعادة النازحين السوريين.

وعن قانون الانتخاب قال: «أعترف بعجزي عن فهم الصوت التفضيلي… وإذا هناك لائحة توافقية في الشوف وعاليه تؤمّن الشراكة وتجنِّب معارك جانبية، يكون أفضل».

وعن السجال حول كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله عن استقدام مقاتلين من الخارج لمواجهة إسرائيل، تمنى جنبلاط «أن تطبق الخطة الدفاعية التي أقرت نظرياً أيام الرئيس ميشال سليمان (بأن يصبح سلاح المقاومة تحت إمرة الجيش)، لكن هذا يحتاج إلى وقت طويل، عندما تكون هناك ملامح تسوية إقليمية».

وتحدث جنبلاط عن زيارته الأخيرة إلى موسكو، كاشفاً أن الخلاف مع الجانب الروسي «مر بكلمة اعتذار على الملاحظات الشخصية» تجاه الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف، الذي مازحه بطريقته الديبلوماسية: «هل صحيح أنك هاجمتني شخصياً».

ورد جنبلاط على أسئلة «الحياة» حول التطورات في سورية فقال: «لا أحد يعرف بالضبط ما هو الموقف الأميركي من سورية».

وتساءل عن مرحلة ما بعد «داعش»: «ما هو مصير ملايين العرب السنة الذين هجروا في العراق وفي سورية؟».

وهنا نص الحديث:

> زيارتك موسكو جاءت بعد انتقادات كثيرة لانحيازها إلى النظام السوري. هل اعتمدت مبدأ تنظيم الاختلاف مع أصدقائك الروس؟

– العلاقة مع موسكو تعود إلى 50 عاماً. أول مرة زرت الاتحاد السوفياتي مع والدي في العيد الخمسين للثورة البلشفية، ثم ذهبت وحدي بعد مقتل كمال جنبلاط عام 1977 في العيد الستين، ثم دخلنا في الحرب الأهلية. وكان لموسكو مساهمات استراتيجية في دعم الحزب الاشتراكي بالمنح الدراسية والتدريب والتسليح. موسكو – سورية، سورية – المختارة. وكان آنذاك الحلف المعروف في مواجهة اليمين اللبناني. اختلفنا عام 2011 على موضوع الثورة السورية السلمية، ثم على الحراك العسكري، واستخدمت في بعض تصريحاتي كلمات نابية وشخصية تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف. رأيت بعد مراجعة أن هذا الكلام الشخصي لا يفيد. قطعنا العلاقة مع دولة محورية في الشرق الأوسط كان لها تاريخ ولها مستقبل. وقطعنا العلاقة مع سند رئيسي للحزب الاشتراكي ولآل جنبلاط. ذهبت لتصحيح هذه العلاقة ومر الأمر بكلمة اعتذار على الملاحظات الشخصية. وكان جواب لافروف ديبلوماسياً، عندما قلت إني هاجمته شخصياً، فقال مازحاً: هل صحيح أنك هاجمتني شخصياً؟ يعني انطوت الصفحة.

> موسكو تسعى الآن إلى تثبيت مناطق خفض التوتر الأربع بحسب مؤتمر آستانة. البعض يرى فيها رسماً لحدود التقسيم الذي حذرتُ منه منذ سنوات. هل ما زلت على مخاوفك من تقسيم سورية؟

– حتى في موسكو لاحظت أن هناك مخاوف من أن يكون هناك تقسيم لسورية، ونرى كيف أن على الأرض يقوم كيان كردي مدعوم أميركياً في شمال سورية لضرب «داعش»، وكيف أنه في جنوب سورية، وهذا أخطر، هناك محاولة لإيجاد شريط حدودي مثل الذي كان في جنوب لبنان لحماية إسرائيل وعملاء إسرائيل، على حدود الجولان، وربما على حدود الأردن، فهذه كلها تثير المخاوف. لذلك فإن دعوة الروس إلى توحيد الجهود حول سورية موحدة ومتعددة، حيث وضعوا في آستانة- 3 دستوراً لسورية موحدة، لكن مع تنوع في الأقاليم، أفضل من التصارع على سورية. وحدة الرؤية حول سورية أهم بين أميركا وروسيا، كعاملين أساسيين. ثم تأتي طبعاً دول إقليمية لها مطامع وجداول أعمال مختلفة، أي إيران وتركيا.

> إذا ذهبنا إلى السيناريو الأسوأ بتقسيم سورية. هل هناك مخاوف جدية على لبنان؟

– لا أعتقد. لا أرى مخاوف على لبنان الذي مر بأزمة وجودية، وتقريباً كان هناك تقسيم للبنان بين الإدارة المدنية وبين المناطق العسكرية والأمنية لليمين اللبناني، لكن لبنان توحد، فهو صغير جداً، وكانت محاولات التقسيم والتفتيت كارثة على الجميع. ثم أتت حروب داخلية. حتى اليمين اللبناني دخل في حرب الإلغاء. ونحن في غرب بيروت لم تكن تجربتنا مشجعة مع الأحزاب التي من خلالها رفعنا وصاية الجيش بعد 6 شباط.

الخطأ الفادح في سورية

> الروس يعزون فشل الحلول إلى غموض الموقف الأميركي. هل لمست ذلك خلال زيارتك؟

– لا أحد يستطيع، حتى كبار المحللين، أن يعرف بالضبط ما هو الموقف الأميركي من سورية. هناك هدف عملاني واضح هو الدعم الأميركي للأكراد، وأيضاً للجيش العراقي والحشد الشعبي، أي لدولة العراق ومتفرعاتها، لضرب «داعش». لكن هناك موضوع الأكراد في سورية، وهناك جنوب سورية، أي الحدود مع الأردن، وخصوصاً الجولان. لكن لا بد من أن نكون حذرين لأنه يجب أن يكون هناك صوت للأكراد من داخل الوحدة السورية. ، ولا يجوز تعريب الأكراد، وهذا كان خطأ تاريخياً في العراق وفي سورية منذ عقود.

> تثبيت التهدئة قيل إنه غير ممكن من دون استقدام قوات محايدة من دول إسلامية، ومنها آسيا الوسطى. هل هذا مطروح؟ أم أنه ينتظر التوافق الروسي الأميركي؟

– لم أسمع بهذا في موسكو. أيدت لافروف وجهود روسيا في تثبيت مناطق التهدئة. لكن أصررت على الحل السياسي الانتقالي كما ورد في بيان جنيف. لا أدري إذا كان جنيف ما زال ساري المفعول. لكن كما تعرفون. أين كانت المعارضة السورية في البدء وأين أصبحت؟ فالدول العربية الداعمة وغير الدول العربية مثل تركيا، أجهضت، بدعمها تفرعات غريبة عجيبة على الأرض السورية، الحراك المدني السياسي السلمي الذي كان يريد سورية تعددية ديموقراطية ورفع سلطة النظام، لا استبدال سلطة النظام بسلطة مجموعات مسلحة قد توازي النظام في همجيتها.

أجندة إيران والخطأ التركي

> ألا يتحمل الروس مسؤولية في إضعاف المعارضة بقصف مواقعها؟

– قد يتحملون. هم استقبلوا المعارضة. لكني أتحدث عن 2013- 2014، حين كانت وعود الغرب، وحتى الأميركيين، بدعم المعارضة وشعارات أوباما أن بشار سيسقط. والوحيد الذي بقي على موقف مبدئي صريح لكن إمكاناته فردية هو الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. وتعلمون أنه كان مستعداً لضرب النظام عندما كان أوباما يريد نظرياً ذلك، ثم استبدلت الضربة بالصفقة على الكيماوي. وبعدها الآلاف المؤلفة من الجهاديين الذين أتوا من الغرب والدول العربية ومن كل حدب وصوب، مروا من مكان ما. الممر كان من تركيا. وهنا الخطأ الفادح في حق الشعب السوري.

> إيران حليفة لروسيا في سورية وهي لا تؤيد القرار 2254 وبيان جنيف حول الحكم الانتقالي. هل هذا التحالف هو الذي يعيق دفع الحل السياسي من قبل موسكو؟

– إيران لها جدول أعمال قد يختلف عن الروس، وهو تأييد النظام إلى اللحظة الأخيرة، ولولا التدخل الإيراني لكان ضعف النظام. ثم جاء التدخل الروسي. كل من التدخلين ساعد كثيراً النظام، لكن لإيران جدول أعمال مختلف.

> إلى أي مدى طرح نشر قوات إيرانية حول دمشق يشكل خطراً على مصير البلد؟

– نشر القوات يتم بموافقة النظام. هو الذي استقدم تلك القوات. لديك جيوش في سورية. الجيش السوري، الجيوش والميليشيات الإيرانية المتعددة، من باكستانية إلى أفغانية وعراقية، إلى «حزب الله». يجب أن تعود إلى التاريخ بين النظام السوري وإيران، منذ بداية الثورة الإسلامية في إيران. وإيران بلغت لبنان، أي البحر الأبيض المتوسط، وهذا هدف استراتيجي معروف وليس سراً.

ما بعد «داعش»

> ماذا تتوقع بعد إنهاء وجود «داعش» في العراق ثم في الرقة؟ هل القوى المتصارعة ستخوض حروباً بعضها مع بعض لملء الفراغ بعد «داعش»؟

– صحيح. لكن أين تذهب بقايا «داعش» والفكر الداعشي؟ وما هو مصير ملايين من العرب السنة الذين هجّروا في العراق وفي سورية؟ هذا سؤال استراتيجي. هجّروا من بيوتهم وممتلكاتهم. هل ستعود الموصل كما كانت؟ والمسيحيون في الموصل؟ والأنبار هل ستعود كما كانت؟ ما هي الصيغة السياسية لبناء عراق جديد؟ لم يطرح أحد الأمر. وماذا عن سورية؟ وإلا فإن ملايين اللاجئين من السوريين قد يزدادون، كذلك في العراق.

> حين قال لك لافروف إنه مسرور لتقدم لبنان على طريق استعادة الاستقرار على رغم استبعاده استقرار المنطقة، هل اطمأننتَ إلى استمرار الدول الكبرى في إبعاد لبنان عن أزمات المنطقة؟

– لم أطمئن في شكل كاف، لكن كلام لافروف مهم جداً. يبقى علينا كلبنانيين أن نحصن أنفسنا في الداخل ونعالج الأمور بعيداً من التشنجات. لا يمكن أن تركن فقط لكلام الدول الكبرى. عليك أنت أيضاً واجب في الداخل.

> هناك مخاوف طرحتها أخيراً تقارير إسرائيلية عن إنشاء مصنع إيراني للأسلحة لـ «حزب الله» في لبنان، وأن القادة الإسرائيليين يبحثون في تدميره؟ ماذا تتوقع؟

– إسرائيل تخترع دائما حجة من أجل العدوان. معروف أن هناك سلاحاً متقدماً لـ «حزب الله». إذا كان هناك مصنع للحزب فلن يقدم أو يؤخر. وهناك ضربات إسرائيلية دائمة على سورية وعلى الإمداد الإيراني لـ «حزب الله»، وهناك حرب مفتوحة. كما سبق أن ذكرنا، عندما يأتي الوقت المناسب، إذا أتى، أتمنى أن تطبق الخطة الدفاعية التي أقرت نظرياً أيام الرئيس ميشال سليمان. لكن هذا يحتاج إلى وقت طويل عندما تكون هناك ملامح تسوية إقليمية.

«لا نتحمل تبعات الصراع»

> تردد أن «حزب الله» يريد ثمناً في لبنان بعد سورية، بعقد مؤتمر تأسيسي لتركيب نظام حليف لإيران في لبنان. هل لديك مخاوف من ذلك؟

– ليست لدي حالياً تلك المخاوف. المؤتمر التأسيسي يتطلب تحضيراً، ويخرجنا من الطائف ويدخلنا في فوضى. أعتقد أن الواقع الحالي مناسب إلى حد ما، ليس للجميع، وهناك أمر واقع عليك أن تحسنه بتحصين الدولة وتبدأ بتفاصيل صغيرة جداً من دون أن نحكي بمؤتمر تأسيسي. لم نستطع أن نوقف أكثر من 24 ساعة، وربما أقل، الذين يطلقون النار عشوائياً ابتهاجاً بنتائج الامتحانات، ويصيبون الأبرياء. هناك اهتراء في الماكينة الإدارية والقضائية.

> السيد حسن نصر الله وحّد الساحتين السورية واللبنانية حين هدد باستقدام مقاتلين من الخارج في حال عدوان إسرائيلي على سورية ولبنان، وهناك حملة على كلامه، هل هذا من ضمن الحرب النفسية برأيك أم هو تهديد فعلي بعد أن بات الحشد الشعبي العراقي على الحدود مع سورية؟

– أيا كان الهدف سواء للمعنويات أو لغير ذلك، عدنا إلى نظرية ربط المسارات. مع احترامي لكلام السيد، لبنان دفع أثماناً هائلة في ربط المسارات مع سورية وفي الماضي مع الفلسطينيين وكنا نحن فاعلين فيها، يبقى أن نتواضع ونتكيف ونعود إلى الخطة الدفاعية. إذا سلاح الحزب لمواجهة العدوان الإسرائيلي ولتحرير ما تبقى من أراض محتلة، لكنْ في يوم ما، وعندما تكون الظروف مناسبة، عليه أن ينضوي تحت إمرة الدولة. ما الثمن السياسي؟ قد يكون هناك ثمن وقد لا يكون. لا أدري.

> في إطار الصراع الإقليمي قال السيد نصر الله كلاماً ضد السعودية وطُرح الأمر في مجلس الوزراء…

– أيضاً فلنبق بمنأى من الصراع الإيراني السعودي. لا نتحمل تبعات هذا الصراع. ينسى البعض أن هناك مئات الآلاف من اللبنانيين يعيشون في المملكة العربية والخليج. هذه الهجومات الشخصية على المملكة وغير المملكة غير محبذة وغير مستحبة.

> حذرت من انعكاسات العقوبات الأميركية ضد حزب الله على لبنان. هل تتخوف من حرب إسرائيلية على البلد أم من تأثر الاستقرار الداخلي وتشدد الحزب حيال المؤسسات إذا طبقت العقوبات؟

– العقوبات قد تكون عشوائية ضد كل مواطن له هوية شيعية، وهذا ظلم. في الوقت ذاته لا يمكن التنبؤ بسياسة ترامب. يقول بتحجيم إيران. وقد تُختصر هذه السياسة لاحقاً بضرب لبنان.

> الموقف الخليجي من لبنان ما زال بارداً بسبب ما يعتبرونه نفوذ «حزب الله» ومواقفه ضدهم. والانفتاح على البلد لا يبدو قريباً بسبب تدخلات الحزب في عدد من الساحات. ماذا تقترح لمعالجة الموضوع؟ هل تطرح الموضوع في اتصالاتك مع «حزب الله»؟

– عندي اتصالات مع «حزب الله» لكن لا أعتقد أنها تفيد في تخفيف هذا التوتر الإعلامي. القضية الكبرى هي حرب اليمن. كان لي موقف واضح بأن لا بد من تقارب عربي إيراني. الحرب بالواسطة مدمرة للجميع وانعكاسها على لبنان كبير.

> في قانون الانتخاب قبلت بالنسبية بعد أن ربطت تطبيقها بإلغاء الطائفية. ما سبب تنازلكم؟ الرئيس نبيه بري؟ إصرار حزب الله؟ أم النائب جورج عدوان؟

– رأينا أن الظروف لا تلائم العودة إلى قانون الستين، وأن غالبية الفرقاء يريدون النسبية، حسّنا شروطنا نسبياً بالنسبية بدعم من «حزب الله» والرئيس بري، لأنهم رفضوا التصويت (على إقرار القانون) ومشينا بالتوافق للخروج من المأزق.

اللائحة التوافقية

> يقال إن القادة سيواجهون مشكلة في توزيع الصوت التفضيلي على مرشحي لوائحهم؟ لماذا سيفضلون هذا على ذاك؟ كيف ستتصرفون؟

– شرحوا لي أكثر من مرة الصوت التفضيلي، وحتى الآن أعترف بعجزي عن فهمه. يحتاج الأمر إلى مدرسة خاصة، ليس لي فقط بل للمواطن أيضاً. وكل حزب سيقيم مدرسة، ومعنا 11 شهراً لفهم آلية الصوت التفضيلي وعمله. لأننا في نظام طائفي اخترعنا قانوناً غير موجود في كل دول العالم بالصوت التفضيلي، وهو غير موجود إلا في لبنان. إنه اختراع لبناني. لكن انتهينا وصار أمراً واقعاً.

> حصلت على ما تريد بجعل الشوف وعاليه دائرة واحدة…

– مكسب معنوي، للخروج من المزايدات التي كان بعضها طائفياً وإلغائياً. لكن أتمنى أن تكون هناك لائحة توافقية في الشوف وعاليه، لنا وللأفرقاء السياسيين المركزيين، إذا استطعنا.

> ترشح تيمور محسوم أم الأمر قابل للتغيير إذا اقتضت ظروف المعركة الانتخابية ذلك؟

– لا. محسوم منذ زمن، وكنت أنتظر الفرصة لتقديم استقالتي لكن الآن صار هناك قانون جديد وتيمور سيترشح.

> من هم حلفاؤك، في ظل تبدل المشهد السياسي؟

– باللائحة التوافقية القوى المركزية تقترع. هذه القوى هي «القوات اللبنانية»، «التيار الوطني الحر»، «تيار المستقبل»، «الحزب الديموقراطي» وطلال أرسلان، «الكتائب» وهناك غيرها أيضاً. إذا كانت هناك لائحة توافقية تؤمن الشراكة وتجنِّب معارك جانبية يكون أفضل، وإلا يحصل تشتيت ولوائح عدة.

التسويات بدل المحدلة الأكثرية

> عددت القوى الرئيسة. في المقاعد المسيحية هل ستستبعد حلفاءك التاريخيين؟

– لم أعد أستطيع كما في السابق تشكيل لائحة على قاعدة الأكثرية. ولا بد من القيام بتسويات من أجل المشاركة ويكون تمثيل للقوى المركزية، حيث «القوات اللبنانية» ممثلة و «التيار الوطني الحر» غير ممثل وعليك أن تعقد تسويات. ولذلك أقول باللائحة التوافقية، لأن العيش المشترك أهم بكثير من عدد النواب. ولا بد أيضاً، وهذا موجَّه إلى محازبي «الحزب التقدمي الاشتراكي»، من طلّة جديدة ، ومن تغيير الوجوه الحزبية، إذا لم نقل مئة في المئة فليكن 80 في المئة في الانتخابات. الصوت التفضيلي يفرض معادلة جديدة. المحدلة الأكثرية لم تعد تمشي. ويجب أن تستبق الأمور قبل أن تسبقك.

> هل تعتقد أن القانون يسمح للمستقلين والمجتمع المدني بأن يتمثل؟

– أعتقد نعم.

> هل أنتم خائفون كأحزاب…

– الذي يخاف يكون تقليدياً ورجعياً. هناك تغيّر كبير وجذري في الشارع والشباب. مثلاً مشهد فرنسا. جاء ماكرون واجتاح كل الأحزاب التقليدية، وحجّم اليمين الفرنسي. لماذا نكون نحن غير فرنسا؟ هناك طموحات من شباب وجيل جديد للوصول. وهذا القانون يعطيهم فرصة. ولا تنس أننا حكمنا عقوداً، نحن والأحزاب التقليدية.

> هل تعني تنحي الطبقة السياسية؟

– يا ليت الطبقة السياسية تتنحى، لتعطي فرصة. نحن اليوم نعاني فشلاً. رأينا كيف نتخبط بعدم القدرة على إنتاج حل للكهرباء أو للنفايات. ما يحصل تسويات آنية.

> الصراع على قانون الانتخاب قيل إنه صراع على تركيبة البرلمان الذي ينتخب رئيس الجمهورية المقبل.

– (ابتسم) الرئيس المقبل ينتخب شكلياً في لبنان لكن عملياً تنتخبه الصناديق الإقليمية.

> العلاقة مع الرئيس الحريري تراجعت بفعل الخلاف على قانون الانتخاب. هل انتهى تحالف السراء والضراء بينكما، أم أن الانتهاء من قانون الانتخاب يتيح استعادة العلاقة؟

– لا شيء في السياسة اسمه سراء وضراء. هذه عواطف. في النهاية هناك علاقة جديدة مع سعد الحريري. في الماضي بعد مقتل الرئيس الحريري العاطفة غلبت على الجميع. منذ 12 سنة اغتيل الرئيس الشهيد. اليوم هناك واقع جديد. له حساباته ولي حساباتي، وكل واحد يجب أن يعرف حجمه. أنا أعرف حجمي. أعتقد أن الأمور قد تعود لكن على أسس جديدة.

> محيطك يتهم محيط الحريري بتراجع العلاقة، ومحيطه يتهم محيطك، وهذا فتح المجال لإخضاع العلاقة للقيل والقال. هل هذا صحيح؟

– الذي يكون أسير محيطه لا يكون سياسياً ولا يكون فاعلاً وقائداً.

> تركز على معالجة الوضع الاقتصادي والمعيشي. هل لديكم اقتراحات واضحة أو خطة تقترحونها؟

– وضعت خطة عام 2000 أيام رفيق الحريري، بداية خطة إصلاحية في إطار مؤتمر باريس3 لمساعدة لبنان، فيها بعض الإصلاح الإداري وتطهير بعض الموظفين في بعض القطاعات، ثم نسينا هذا الأمر، واليوم نسير رويداً رويداً إلى الهوة المالية. نوظف بالآلاف في القطاعات الأمنية وغيرها، واليوم على مشارف انتخابات ليس من جهة سياسية أراها قادرة على ضبط الإنفاق، وكل سينفق لتحسين شروطه في المناطق. هريان الإدارة هائل، وأدنى شروط الإصلاح غير موجودة. لذلك هذا التضخم في العجز الذي قد يفوق تضخم اليونان، قد ينفجر في أي لحظة ولست أدري من سينقذ الليرة لاحقاً من الانهيار.

> يطرح على مجلس الوزراء موضوع الفساد. ألا تعتقد أنكم وفرقاء آخرين يمكنكم وقف الهدر…

– لم نستطع. نحن أقلية في مجلس الوزراء. نعترض لكن غيرنا لا يعترض، وكل يرفع شعار محاربة الفساد.

> حين نجح ماكرون هتفت عاشت فرنسا واعتبرت أن الأجواء العنصرية تراجعت…

– صحيح. فكرة أوروبا انتصرت وانهزم اليمين، ليس نهائياً. وعلى ماكرون أن يعالج أسباب التشنج مع شريحة كبيرة من المسلمين الفرنسيين. ولا بد من إعطائهم الحد الأدنى من الضمانات الاقتصادية واستيعاب 5 أو 6 ملايين.

> لكن ماكرون عاد فقال إن الأسد ليس عدواً لفرنسا. ألم يخذلك التغيير في كلامه؟

– نسي ماكرون الشعب السوري واستخدم تعابير مسيئة حين قال إنه لا يرى شرعية لأحد غير بشار. لا يحق له ذلك. شرعية بشار على ما فعله؟ لكن هذه السياسة الواقعية في الغرب. وهذا الفرق بينه وبين فرانسوا هولاند.

> مجلس الوزراء ناقش قبل يومين اقتراح التواصل مع الحكومة السورية لإعادة نازحين سوريين، نظراً إلى عبئهم…

– أولاً التواصل موجود. نخبئ أنفسنا بورقة التين. وهو بين الأجهزة وتفرضه الجغرافيا السياسية. وكان موجوداً حين أفرج عن المحتجزين من الجيش وقوى الأمن (لدى النصرة)، عندما قام بمهمته المشكور عليها ( المدير العام للأمن العام) اللواء عباس إبراهيم. لذلك كفى مزايدة. تبقى حدود التواصل، وأن يكون أمنياً لمحاربة الإرهاب. وقرأت في إحدى الصحف أن 7 وزراء يزورون سورية أسبوعياً. وبالعودة إلى ما حصل في عرسال طالب سعد الحريري بتحقيق، ونحن أيضاً نطالب بتحقيق. لا يجوز تحت شعار محاربة الإرهاب معاملة جميع السوريين كإرهابيين، وبهذه الطريقة في سَوْقهم إلى التحقيق. ولماذا مات أربعة منهم؟ جميعهم بالسكتة القلبية؟

تسجيل النقاط الاستراتيجية

> هل الطريق طويل أمام صفقة روسية أميركية تحدد خريطة شرق أوسط جديد؟

– السنة الماضية مرت مئة سنة على سايكس بيكو. الدول الوطنية التي أنشأها الفرنسيون والإنكليز تنهار بجغرافيتها السياسية والإنسانية، من الداخل. هناك نزوح هائل في العراق وفي سورية. في العراق دعا (رئيس إقليم كردستان مسعود) بارزاني إلى استفتاء، ورأيي أنه مستعجل ولا أنصحه بالاستفتاء. هو على رأس إقليم مستقل بالإمكانيات العسكرية والسياسية والمالية، لكن الاستفتاء لا يحل مشكلة ويعرّضه لمشكلات مع تركيا وإيران وحتى مع العرب العراقيين وبغداد. وفي سورية ملايين النازحين أيضاً، مع كلام عن استيطان الميليشيات وشراء أراضٍ حول دمشق. ما زلنا في أول الطريق، وكل من الدول يسجل نقاطاً. روسيا سجلت نقاطاً استراتيجية في سورية. تركيا سجلت نقطة استراتيجية في إدلب، ووفق الأنباء تريد استبدالها بمنطقة عفرين. الهم السوري التركي هو الأكراد. وفي العراق إيران سجلت نقاطاً استراتيجية. هذه السنة حزينة، وفي تشرين مئوية وعد بلفور، ولم تكن إسرائيل في أي وقت أقوى من اليوم، في التوسع والاستيطان وحرية الحركة. وآخر صفعة للعرب كانت زيارة رئيس وزراء الهند مودي القدس فقط، ولم يكترث بما تبقى من فلسطين في رام الله.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى