صفحات المستقبل

يا معاذ لا تفرح…


الأخ معاذ الخطيب:

تحياتي, محسوبك أحد مناصري الثورة السورية في بلاد الاغتراب, بدايةً أتمنى منك ألا تعتبر ما ستقرأه لاحقاً هجوم على شخصك الكريم, فليس بيننا معرفة سابقة ولم أكن لأهتم بنقدك لو لم تتقلد منصبك الحالي.

يبدو أن تاريخك كخطيب لجامع بني أمية والوسطية في طروحاتك كداعية قد ساعدت في تسويق اسمك لدى أطياف واسعة من المعارضين ذوي الصبغة الاسلامية, كما كانت سبباً مبدئياً ليرفضك رعيل آخر منهم ولعلك تدرك أن انتخابك جاء مفاجأة وأثار العديد من اشارات الاستفهام خاصةً بعد المعمعة التي أثيرت عن مبادرة رياض سيف ومقدار الدعم الأمريكي والأوروبي لها, وعليه كان من الطبيعي أن يكون هو قائداً لهذا الائتلاف, ولكن يبدو أن حسابات الحقل اختلفت مع حسابات البيدر (على الأقل بالنسبة له). يبدو أن الاخوان ما زالوا يفضلون الشخص “الحباب” على “النمرود” تماماً كما فعل حزب الله في لبنان حين دعم ميقاتي وأسقط حكومة الحريري… وماحدا أحسن من حدا

اذا كان ولا بد أن يتصرف الاخوان في الائتلاف كما فعلوا في المجلس (يعني استفراد بالقرار وحكومة ضمن حكومة) فليكن, “أيامهم يا عمي”… دعم تركي قطري وكتائب مقاتلة تابعة لهم مباشرة على الأرض, يعني الجماعة “عم يلعبوها صح”… طيب ما علينا, ولكن هل فكرت كيف ستتفادى أن تتحول إلى “غليون آخر”؟… أقول غليون وليس سيدا آخر لأنه كان من الواضح أن الأخير لا يتمتع حتى بكاريزما لعب دور المتحدث باسم الاخوان كما فعل سلفه

وحتى لا تظن أني ممن يضع العصي في الدواليب سأشرح لك ما قصدته بـ  ”غليون آخر”: لا بد أنك تتذكر كل “الهيصة” التي رافقت تشكيل المجلس الوطني لدرجة أن بعض الكتاب “الصناديد” اعتبروا تشكيله المسمار الأول في نعش الأسد.

وبعد أن بنى السوريون في الداخل آمالاً كبيرة على هذا الكيان السياسي, حتى أن “الساروت” هتف بأعلى صوته في حمص المنكوبة: “برهان غليون… مانك سمعان… الشعب بده… حظر طيران”, طبعاً لم يعرف المسكين يومها أن الغليون لا يمون على رياض الشقفة حتى يمون على المجتمع الدولي!

وبعد أن حصرت الرؤية السياسية “الواعية” لكتلة الاخوان دور هذا الكيان بطلب السلاح والحظر الجوي كان من الواضح لـ “الغليون” أن تركيزه على الاسلوب الخطابي في إعلان المناطق المنكوبة هو أكثر ما يمكنه عمله لتعزيز دوره “التاريخي” كأحد قادة الثورة السورية, وكأي مركب يغرق سرعان ما بدأ المعارضون بالقفز منه وتتابعت مسيرة الانحطاط و الانشقاقات ونشر الغسيل الوسخ حتى لم تعد عواصم القرار مهتمة باستقبال ممثليه إلى أن أطلقت عليه الست “كلينتون” رصاصة الرحمة في زغرب.

بعد كل هذا “اللت والعجن” أخبرني, هل درست عوامل فشل المجلس وكيفية تلافيها في الائتلاف الجديد؟, هل فكرت كيف ستكون قادراً على إدارة الدفة نحو الاتجاه الصحيح فيما لو وضعتنا كتلة الاخوان في مأزق آخر؟ ما الذي ستقوله للسيد “أولاند” بعد أن رفض الاتحاد الأوروبي تزويد المعارضة بالسلاح؟ أم ستدعه يقود ثورتنا “ببلاش”؟ هل ستعاتب الست “كلينتون” عتاب الأحبة لأن الدعم المفترض الامريكي تبين أنه مجرد “إبرة بنج” وأنهم لا يزالون “يضحكون على ذقننا”؟

بصراحة, عندما قرأت أول رسالة منك للشعب السوري بعد انتخابك حيث دعوت فيها ليكون اسم الجمعة القادمة: “يا أوباما لا تخاف… كلنا مع الائتلاف”! قلت في نفسي: “أحييييه”, وعندما اعتبرت في نفس الرسالة أن تصريحاً صحفياً في غير محله من أي معارض قد يؤثر على مصير الأمة بكاملها!! قلت في نفسي: “أحييييه…. أحيييه”

إن ممارسة السياسة يا أخ معاذ لا تحتاج لرجل أخلاقي (والكل يشهد بهذا لك), بل هي فن يحتاج لشخصية قوية و لينة… حسب الظروف, براغماتية و أخلاقية… حسب القضية, راديكالية ومعتدلة… حسب المصلحة, فهل تتوافر فيك هذه الصفات؟… وهل أنت مدرك حقاً لحجم المسئولية الملقاة عليك؟… بكل الأحوال ضع في اعتبارك أن التاريخ لا يرحم وأن الشعوب تمجد المنتصرين فقط وتذكر المثل الانكليزي الذي يقول: “It takes a thief to catch one”

فهل أنت مستعد لمواجهة الأسد؟!

لو استطعت اقتراح اسم للجمعة القادمة لكان اقتراحي:

يا معاذ لا تفرح ….. مو دايملك هالمطرح

ولو دامت لغيرك (يعني للغليون) ما وصلتلك!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى