صفحات الثقافة

يدعمون همجية الطغاة ويدينون حرية الثوار!

 


بول شاوول

عندما اندلعت الثورة في تونس وبعدها في مصر ضد النظامين السابقين، لم يبقَ قلم في لبنان أو صوت لم يدل بدلوه، داعماً الثوار، وداعياً إلى اسقاط بن علي وحسني مبارك: الطاغيتين بحسب وصف “الجميع”، 8 آذار كانت أشرس، وتداعت بفصائلها وأحزابها إلى رفع شعارات الحرية للشعب (!) وللثوار (!) ونتذكر ان السيد حسن نصرالله القى خطاباً نارياً ضد حسني مبارك (الطاغية) ومؤيداً لثورة الجياع في مصر (من أخبره انها كانت ثورة جياع!) رائع! وعندما اندلعت الثورة في البحرين، لم يٌفصّر حزب الله، إلى درجة ان السيد حسن نصرالله عرض على الثوار “خدماته” وامكاناته (كما عرضها على المصريين، وربما على التونسيين!) رائع! هذا ما فعلنا. وفعل الكثيرون من اللبنانيين! الانحياز إلى الثورة في مواجهة الاستبداديين والطغاةّ أكثر: نظَّم حزب الله تظاهرة إلى الأسكوا اعتراضاً على “قمع السلطات البحرينية للمنتفضين وتأييد للمنتفضين”. رائع! لكن عندما حلّت الثورة في ليبيا بدا ان هناك انفصاماً عند بتوع جماعة 8 آذار. في الداخل هيجان على القذافي ومتابعة يومية وتحريض وحث على استمرار، الانتفاضة ضده. عال! هذا كان شأن كثير من اللبنانيين سواء من المستقلين او 8 آذار و14 آذار ثمة اجماع. رائع! لكن الغريب ان إيران راحت بدورها تساند القذافي (ولو سراً) وتطالبه بتلبية مطالب الشعب، من دون أن تدعو إلى المطالبة برحيله، ومن دون أن تدين وحشيته. رائعّ فحزب الله أيّد بقوة وبشراسة وبثورية عالية و”بشغف مفاجئ بالحرية، الأنظمة في تونس ومصر والبحرين وسكت عن الكلام المباح في ليبيا (ولو رفع النبرة من باب رفع العتب او التعمية لأسباب داخلية متصلة باختفاء الامام موسى الصدر) من دون أن ننسى النظام الإيراني الذي فتك برموز الثورة الخضراء وخوّفَّهم وزجّ بعضهم إما في السجون أو في الإقامة الجبرية: فنظام ولاية الفقيه (دام ظله) مسموح له أن يقتل الناس ويقمع ويسجن ويمارس العنف والتكفير على نصف الشعب الإيراني بالنسبة إلى حزب “ولايته” (فرع لبنان) وإزاء مواقف حزب الله و8 آذار… لم يتهمهم أحد “بالتدخل” في الشؤون المصرية والتونسية والبحرينية أو “بمعاداة” هذه الدول. فهم عندهم كل “الحرية” في لبنان بأن يعلنوا المواقف التي يريدونها… اما منهجهم الذي لا يختلف عن مناهج طغاتهم، فيتمثل في منع اللبنانيين الآخرين عن التعبير عن مواقفهم، في ما تبقى من الثورات، من إيران إلى سواها: يمارسون القمع الذي يبرع فيه اولياؤهم العرب والأعاجم، وكذلك تشويه الحقائق، وإدانة الشعوب: تأملوا ان هؤلاء من حزب الله إلى كافة جماعات 8 آذار يبررون همجية الطغاة في حق شعوبهم، ويبررون المجازر، والاعتقالات ويخونون “الثوار” أإلى هذه الدرجة بلغت بهم “العمالة” أوليس كل هذا من عاداتهم: ألا يخونون اليوم من يخالفهم الرأي، تماماً كما تفعل أنظمة الطغاة: ألم يخونوا وما زالوا اكثرية الشعب اللبناني في تهمة العمالة (وهم العملاء بامتياز!) أي ناس هؤلاء الذين ينحازون للجلادين ويدينون الضحايا. أي ناس هؤلاء الذين ينسجمون مع جهات تحرم ناسها من حق الوجود والتعبير والحياة! ينبغي ان يعرف هؤلاء أن لبنان ليس لهم. وأن مصر ليست لهم ولا سوريا ولا ليبيا لهم. ولا اليمن. انها لشعوبها، وليست لأنظمتها. ولا لأحزابها. ولا لشللها. ولا لأحد سوى إرادة ناسها.

أي ناس هؤلاء. وفي هذا الزمن الجديد، يُعينون الطغاة على اهلهم والمستبدين على الأحرار!

انهم بكل بساطة مجرد عبيد! يجب ان يعرفوا ان التهديد بقمع اللبنانيين الذين يخالفونهم الرأي واتهامهم بمعاداة هذا البلد او ذاك.. لم يعد يجدي. لا بالكلام. ولا بالسلاح. ولا بالقمصان السود (المستوردة من ميليشيات الفاشية الايطالية).

بل ويجب أن يعرفوا أن الزمن يتقدم اليوم بسرعة كبيرة وهم يتخلفون بأسرع… فالشعوب هي التي ستنتصر. والإرادات الحرة هي ستنتصر. وإن الأحرار الذي حطموا جدران السجون الكبيرة… انضموا نهائياً إلى الحرية!

زمن الطغاة وحلفائهم… بات وراءَنا.

المستقبل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى