صفحات العالم

تحولت إلى أبو بكر البشاراتي

 

 

 

الوسط العربي في إسرائيل يقول: اذا لم تكن مؤيدا لنظام بشار الأسد فإنت مؤيد لداعش

صحف عبرية

في الوقت الذي يقوم فيه الجيش السوري وحلفاؤه بالمذبحة ضد سكان حلب، وجد بشار الأسد الوقت والرغبة في الحديث الفلسفي. فقد قال إن الزمن يتحول إلى تاريخ وإن المعركة على تحرير حلب ستكون حدثا تاريخيا مفصليا – سيتم الحديث عنه لاحقا عن «قبل وبعد تحرير حلب». لقد ظهر الأسد مسرورا، وفي اماكن اخرى غنوا لتحرير حلب. إن هذا المجد بني على جبل من الجماجم.

في شبكات التلفاز بثوا المشهد العبثي: في مركز الدمار والهدوء الذي تقشعر له الابدان، ظهر عدد من الاشخاص الذين يرقصون ويغنون. وهذا الامر ذكرني بمشهد مشابه قرأته في كتاب «القوقعة» الذي صدر قبل الأحداث في سوريا. ومؤلف الكتاب هو مصطفى خليفة الذي كان سجينا مدة 13 سنة. وبعد انتهاء مدة حكمه تم إحضاره مع مجموعة إلى ميدان مركزي في دمشق، لاظهار التأييد للأسد الأب وكأن هذه مظاهرة «عفوية» مؤيدة للنظام.

في الوقت الحالي تسللت روح البعث إلى إسرائيل. صحيفة «الاتحاد» رفضت نشر مقالات كتبتها ضد الأسد. والآن كل من ينتقد النظام السوري يعتبر نشيطا في داعش، بما في ذلك كاتب هذه السطور. حيث تحولت إلى أبو بكر البشاراتي. «هل أنت لا تؤيد الأسد؟ اذا أنت تؤيد داعش»، قال لي أحد الاشخاص. من الذي أسس هؤلاء الاصوليين اذا لم يكن حزب البعث وأشباهه، حيث حولوا سوريا باسم العلمانية إلى دولة شرطة. وايضا الممثل السوري دريد لحام المؤيد للنظام في سوريا، اعتاد على القول بأنه يمكن فتح الفم فقط في عيادة طبيب الاسنان.

إن الاحداث التي بدأت في آذار 2011 لم تسع لإسقاط النظام. فقد طالب المتظاهرون بالإصلاحات. وكان رد النظام اطلاق النار عليهم. «إما الأسد وإما دمار البلد». وفقط بعد سنة وربع سنة في مدينة حلب نفسها بدأ الصراع المسلح الاول، حيث تصادم منشقون عن النظام السوري مع جنود النظام. ومنذ ذلك الحين بدأ الاصوليون، في دخول الدولة الدامية. لقد تحقق حلم بشار الأسد: تحويل الشعب السوري الذي هو علماني في معظمه إلى مجموعة من الاصوليين الظلاميين، وبهذا يمكنه أن يخلق معادلة كاذبة «إما داعش أو الأسد» وما عدا ذلك فهو تاريخ. وقد قال يعقوب بن افرات حول ما يحدث الآن في حلب: «مشكوك فيه أن حلب كانت ستسقط لولا جولة التسلية التي قام بها اردوغان في اعقاب الانقلاب الفاشل ضده في تموز/يوليو الماضي». اذا الحديث يدور هنا عن معركة اقليمية وليس معركة سورية داخلية. والمفارقة هنا هي أن اللاعب الاضعف في اللعبة الدموية هو الأسد. فهو أسير لروسيا، وبشكل أقل لإيران. روسيا تقصف من الجو وإيران وحزب الله يستمران في العمل. وما يسميه هؤلاء الاسياد «تحرير» يبدو في الميدان جرائم حرب بكل معنى الكلمة.

لكن لنتحدث نحن العرب مواطني الدولة فيما بيننا، ما الذي يمكننا أن نفعله من اجل اخواننا في سوريا، باستثناء المؤازرة في هذه الاوقات الصعبة، وبذلك نعيد لهم ما قدموه لنا في ايام النكبة القبيحة عندما استقبلوا اخواننا اللاجئين. ونظام الأسد بالتحديد هو الذي تصرف بشكل سيء تجاه الفلسطينيين – بدءاً بمذبحة تل الزعتر وانتهاء باحتضان قيادة بديلة لياسر عرفات.

اضافة إلى ذلك، يحظر علينا، نحن الذين نطلب من العالم عدم تبني الاخلاق المزدوجة، أن نبرر جرائم المثلث روسيا – الأسد – إيران، ولاعب الاحتياط تركيا. إن إسرائيل تستخدم مفاهيم مشابهة لتبرير الهجوم على غزة – الحرب ضد الإرهاب والقضاء على مواقع المخربين – الشاعر أبو الطيب المتنبي الذي قضى معظم حياته في حلب قال قبل ألف سنة: «لا خيل عندك تهديها ولا مالُ فليسعد الشعر إلم تسعد الحالُ. لا تقلقوا يا أحفاد المتنبي، فهذا النظام سيطير. لأن وجوده معاكس لاتجاه التاريخ.

عودة بشارات

هآرتس 19/12/2016

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى