صفحات الرأي

2011: ثابتان في التغيير العربي


محمد ابرهيم

تنقضي السنة 2011 وقد تركز ثابتان اساسيان في عملية التغيير التي لا تزال جارية في العالم العربي: الأول هو أنه حيث التقى القراران، الخارجي والداخلي، على إحداث التغيير لم يستطع اي من الأنظمة المستهدفة الصمود وقلب الموجة التغييرية. واللقاء المقصود يتناول اساسا مدى التصميم في القرار الدولي على اطاحة نظام ما، باعتبار ان الأوضاع العربية الداخلية، بدون استثناء، تقدم معطيات ناضجة للتغيير. إذ ليس بين مكونات “النظام العربي” ما يمكن اعتباره في مرحلة صعود، او حتى في مرحلة قدرة على مواكبة تطلعات مجتمعه.

والقرار الدولي هو اولا القرار الغربي، الأميركي – الأوروبي، باعتبار ان مكوناته الأخرى تلتحق في مرحلة ما من الصراع بالقرار الغربي، مما لا يغير في مصير الأنظمة المستهدفة.

سوريا هي الآن مكان هذا اللقاء، الداخلي – الخارجي، فهل تستطيع ان تقلب الموجة، او تثبت انها استنفدت قوتها؟ يكفي في الجواب تفحّص نقطة القوة الأبرز في الصمود السوري، اي الموقف الروسي للقول بأن سوريا لن تشكل استثناء في وجه “المحدلة”. فروسيا التي نصحت سوريا بالإستجابة للمبادرة العربية، هي نفسها التي تطالب الدول الغربية بمعاملة سوريا معاملة اليمن، اي التغيير المبرمج الذي يترك مخرجا للمجموعة الحاكمة، في ما يمكن اعتباره انتقالا “سلسا” للسلطة.

اما حيث لم يحصل اللقاء، الخارجي-الداخلي، او حيث كان القرار الدولي استبعاد التغيير، او ربما تأجيله، فقد صمدت الأنظمة، لا بل تولت دورا في التغيير في المواقع الأخرى، كما يحصل بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي.

الثابت الثاني هو انه لم تترجم عمليا كل التوقعات الكارثية، والتهديدات بالإنهيار الشامل، في حال استمر الضغط التغييري، الداخلي-الخارجي. لا في ليبيا ولا في اليمن تحققت اسوأ التخوفات، فماذا عن سوريا؟

هنا ايضا المبالغة جزء من الصراع، ليس لأن المنطقة لا تتضمن عناصر انفجار “مدوية”، بل لأن العامل الدولي يلعب هنا ايضا دورا حاسما. إذ لا يمكن، كما يتبين تاريخيا، بدون وجود قرار من قوة دولية “قادرة”، تفكك كيانات تهدد كل ما حولها. وما نشاهده، هو توافق دولي على حد ادنى: التضحية بالأنظمة، لا بالكيانات.

حتى السيناريو الكارثي، المتمثل بوصول الإسلاميين الى السلطة، تبين انه ضمن الحسابات الدولية للتغيير او حتى المعترضة عليه. لذلك انتقل “السيناريو” الى التمييز بين وصول الإخوان ووصول السلفيين…

في كل ذلك تبدو المنطقة محكومة بما يقرّر خارجيا، رغم ان المرحلة تشهد لحظة نادرة من اندفاعات الجماهيرية العربية غير المنظمة، بل ربما بسبب ذلك.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى